بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 17 نوفمبر 2014

عباس محمود العقاد ( 5 )

طالعت زوجتى ماكتبته عن العرائس والشياطين ،فابتسمت ضاحكة وقالت :
عرائس وشياطين !كيف يجتمعان؟

فعدت من فورى إلى تمهيد العقاد لكتابه، فوجدته يقول:
"اتفقت الأساطير على أن الشعر من وحى العرائس أو من وحى الشياطين .
فاختار الأوربيون أن يتلقوا وحيهم من عروس ،
واختار العرب أن يتلقوا وحيهم من شيطان.
ولانراهم اختلفوا كثيراً فى نهاية المطاف ،
وإن اختلفوا قليلاً فى الخطوة الأولى .
فنهاية العروس أن تعمل بشيطان ،
ونهاية الشيطان أن يعمل بعروس .
وما نظنهما عملا قط منفردين فى فؤاد إنسان.
والرجاز الظريف "أبو النجم العجلى "يقرب الفجوة شيئاً مابين الفريقين حين يقول :
إنى وكل شاعر من البشر ***شيطانه أنثى وشيطانى ذكر
فما رآنى شاعر إلا واستسر ***فعل نجوم الليل عايّن القمر
فهو قد جعل الشياطين -ماعدا شيطاناً واحداً- أناثاً يتوارين خجلات ،
كما تتوارى النجوم من القمر .
تُرى هل أناث الشياطين جميلا ت كالعرائس المعشوقات؟
عند السعدى -الشاعر الفارسى - جوابٌ يحسم الخطاب. فهو يقول :
إن الشيطان نفسه جميل يغوى القلوب بجماله ،
وإن أبناء آدم إنما مسخوه فى الصور والتماثيل لأن حرم أباهم الفردوس فحرموه الجمال!
فالشيطانات إذن أحق بالجمال واقرب إلى العرائس ،وما هؤلاء وهؤلاء إلا كما قال المعرى -قريب حين تنظر من قريب."

وعرضت على زوجتى مانقلته عن العقاد ،لبيان الفرق بين العرائس والشياطين ،
فقالت بحسرة:
الأوربيون فازوا بكل شىء ولم يتركوا لنا شيئاً،حتى فى وحى الشعر أخذوا العرائس وتركوا لنا الشياطين تعيث بيننا وتنشر الفسادوتدمر الأخضر واليابس!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق