قيّض الله لهذه الأمة رجالاً أفنوا أعمارهم فى خدمتها ، وتركوا لنا تراثاً أدبياً وفكرياً شامخاً فى شتى نواحى العلوم والآداب والمعارف .
وهذا التراث الضخم الذى آل إلينا من أسلافنا العظام صانعى الثقافة ، لجدير بنا أن نقف أمامه بشموخ وكبرياء ، وأن نعى مابه، ونستبطن مافيه ،ونستظهر معانيه وخباياه ، فيه الحكايات المشرقة والطرافة الساخرة والنوادر اللاذعة والحكمة البليغة .
وجميعنا يطالع هذه الذخائر النادرة ، والموسوعات الخالدة .
وأذكر هذه الحكايةالإنسانيةالعظيمة (قال سرى السقطى ، وكان أوحد زمانه فى الورع وعلوم التوحيد :منذ ثلاثين سنة أنا فى الإستغفار من قولى مرة : الحمدلله .قيل له : وكيف ذلك ؟ قال : وقع ببغداد حريق ، فاستقبلنى واحد وقال : نجا حانوتك ! فقلت الحمد لله ! فأنا نادم من ذلك الوقت حيث أردت لنفسى خيراً من دون الناس ) كتاب. الوافى بالوفيات للصفدى .
وهذه الحكاية الظريفةالطريفة(حدثنا المدائنى قال :كان المطلب بن محمد الحنظى على قضاء مكة ،وكان عنده إمرأة قد مات عندها أربعة أزواج ، فمرض مرض الموت ، فجلست عند رأسه تبكى ، وقالت : إلى من توصى بى ؟قال : السادس الشقى !!! . ) كتاب الأذكياء. لأبى فرج بن على بن الجوزى .فلماذا لانستفيد منها ، وأن نقتبس من نور هذه الحكايات ما يهذب الوجدان ويوقد الذكاء ويشفى الصدور وينير العقول ؟
ما رأ يكم ؟
قعد الخليفة المهدى قعودا عاما للناس ، فدخل رجل وفى يده نعل فى منديل ، فقال : ياأمير المؤمنين ، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك ،فقال :هاتها ! فدفعها إليه فقبل المهدى باطنها ووضعها على عينيه ، وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم .
فلما أخذها وا نصرف ، قال المهدى لجلسائه : أترون أنى لم أعلم أن رسول الله لم ير النعل هذه ، فضلا عن أن يكون لبسها ، غير أننا لو كذبناه قال للناس : أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله فردها على ، وكان من يصدقه أكثر مما يدفع خبره ، إذ كان من شان العامة الميل إلى أ شكالها ، والنصرة للضعيف على القوى وإن كان الضعيف ظالما ،فاشترينا لسانه ، وقبلنا هديته ، وصدقنا قوله ، ورأينا الذى فعلناه أنجح وأرجح ) كتاب. تاربخ بغداد . للخطيب البغدادى
قال ابن دراج الطفيلى : مرت بى جنازة ومعى ابنى ، ومع الجنازة امرأة تبكى الميت وتقول :
بك يذهبون إلى بيت لا فرش فيه ولاوطاء ، ولا ضيافة ولاغطاء ، ولاخبز فيه ولا ماء !!
فقال لى ابنى : يا أبة ، إلى بيتنا والله يذهبون بهذه الجنازة !!
كتاب .الأغانى . أبو فرج الأصفهانى
قيل للمتنبى : قد شاع عنك البخل فى الآفاق ، ما قد صار سمراً بين الرفاق وأنت تمدح فى شعرك الكرم وأهله ، وتذم البحل وأهله .
ألست القائل : ومن ينفق الساعات فى جمع ماله ***مخافة فقر ، فالذى فعل الفقر
ومعلوم أن البخل قبيح ، ومنك أقبح ، فإنك تتعاطى كبر النفس ، وعلو الهمة ، وطلب الملك ، والبخل ينافى ذلك ،
فقال :إن للبخل سببا ،وذلك أنى أذكر أنى وردت فى صباى من الكوفة إلى بغداد .فأخذت خمسة دراهم بجانب منديلى ، وخرجت أمشى فى أسواق بغداد .فمررت بصاحب دكان يبيع الفاكهة ، ورأيت عنده خمسة من البطيخ باكورة ،فاستحسنتها ، ونويت أن أشتريها بالدراهم التى معى .
فتقدمت إليه وقلت : بكم تبيع هذه الخمسة بطاطيخ؟ فقال بغيرإكتراث: اذهب فليس هذا من أكلك!!
تماسكت معه وقلت : ياهذا ، دع مايغيظ واقصد الثمن. قال: ثمنها عشرة دراهم ! فلشدة ما جبهنى به ما استطعت أن أخاطبه فى المساومة ،وقفت حائراً، ودفعت له خمسة دراهم فلم يقبل .
وإذا بشيخ من التجار قد خرج من الخان ذاهباً إلى داره ،فوثب إليه صاحب البطيخ من الدكان ، ودعا له ، وقال : يامولاى ، هذا بطيخ باكورة بإذنك أحمله إلى البيت .
فقال الشيخ : ويحك ، بكم هذا ؟قال: خمسة دراهم .قال : بل درهمين ! فباعه الخمسة بدرهمين ، وحملها إلى داره ، ودعا له ، وعاد إلى دكانه مسروراً بما فعل .فقلت : ياهذا ، مارأيت أعجب من جهلك!استمت على فى هذا البطيخ ، وفعلت فعلتك التى فعلت.وكنت قد أعطيتك فى ثمنه خمسة دراهم ،فبعته بدرهمين محمولاً ! فقال : اسكت! هذا يملك مائة ألف دينار !فعلمت أن الناس لايكرمون أحداً إكرامهم من يعتقدون أنه يملك مائة ألف دينار .
وأنا لا أزال على ما تراه حتى أ سمع الناس ، يقولون إن أبا الطيب قد ملك مائة ألف دينار .
كتاب .الصبح المنبى عن حيثية المتنبى .يوسف البديعى
كان رجل يدعى الشعر ويستبرده قومه ،فقال لهم : إنما تستبردوننى من طريق الحسد .
قالوا : فبيننا وبينك بشار العقيلى .فارتفعوا إليه ، فقال له : أنشدنى .فأنشده .فلما فرغ قال له بشار : إنى لأظنك من أهل بيت النبوة!!
قال له : وماذاك ؟قال : إن الله تعالى يقول : وما علمناه الشعر وما ينبغى له .
كتاب .العقد الفريد. ابن عبد ربه الأندلسى
دخل بشار بن برد على الخليفة المهدى وعنده خاله يزيد بن منصور الحميرى ، فأنشده قصيدة يمدحه بها ، فلما أتمها
قال له يزيد : ماصناعتك أيها الشيخ ؟
فقال له : أثقب اللؤلؤ ،
فقال له المهدى : أتهزأ بخالى؟
فقال : ياأمير المؤمنين ما يكون جوابى له وهو يرانى شيخا أعمى ينشد شعرا ،فضحك المهدى وأجازه .
كتاب. الكشكول . بهاء الدين العاملى
التقى أبونواس مع أبى العتاهية يوما فى حانوت عمرو الوراق فتشاجرا فى الصناعة ،
فقا ل له أبو نواس : كم قافية تعقد فى اليوم ؟
قا ل : على قدر تأتى النشاط لى ؟
قال : فأنشط ماتكون كم تقول .
قال : مئة بيت .قال: لكنى ربما قلت دون عشرة أبيات ، فأتعطل من أجلها عن أشغالى .
قال: لما ؟
قا ل لأنى أقول :تنبوعن الماء حتى ما يمازجها وتستطيل حمياها على الماء
رقت فليس يحيط الواصفون بها إذا تشعشع إلا وصف إيماء
وأنت تقول : ياوجه غيرك البلى وجعلت مأكلة الثرى
قد طال حبسك فى التراب مغيبا فمتى اللقا
من ديوان أبى نواس الحسن بن هانىء الحكمى .
حدثنى شيخ لنا عن وكيع عن ابن ذئب عن محمد بن قيس عن عبد الحمن ابن يزيد عن ثوبان
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من يتقبل لى بواحدة وأتقبل له بالجنة .
فقال ثوبان :
أنا يا رسول الله
قال :
لا تسأل الناس شيئا.فكان ثوبان إذا سقط سوطه من يده نزل فأخذه ولم يسأل أحدا أن يناوله إياه .
عيون الأخبار لابن قتيبة الدينورى
قيل ،لعلي بن الحسين رضي الله عنه،
ما بالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة؟
فقال:
أكره أن آخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أعطي مثله.
من كتاب (الشكوى والعتاب )للثعالبى
اللهمّ لك أذلّ، وبك أعز، وإليك أشتاق، ومنك أفرق، وتوحيدك أعتقد، وعليك أعتمد، ورضاك أبتغي، وسخطك أخاف، ونقمتك أستشعر، ومزيدك أمتري، وعفوك أرجو، وفيك أتحيّر ومعك أطمئنّ، وإياك أعبد، إيّاك أستعين، لا رغبة إّلا ما نيط بك، ولا عمل إّلا ما زكّي لوجهك، ولا طاعة إّلا ما قابله ثوابك، ولا سالم إّلا ما أحاط به لطفك، ولا هالك إّلا من قعد عنه توفيقك، ولا مغبوط إّلا من سبقت له الحسنى منك.
إلهي، من عرفك قاربك، ومن نكرك حرم نصيبه منك، ومن أثبتك سكن معك، ومن نفاك قلق إليك، ومن عبدك أخلص لك، ومن أحبّك غار عليك، ومن عظّمك ذهل فؤاده عند جلالك، ومن وثق بك ألقى مقاليده إليك.
إلهي، ظهرت بالقدرة فوجب الاعتراف بك، وبطنت بالحكمة فوجب التّسليم لك، وبدأت بالإحسان فسارت الآمال إليك، وكنت أهلاً للتّمام فوقفت الأطماع عليك، وبحثت العقول عنك فنكصت على أعقابها بالحيرة فيك، وذلك أنّ سرّكلا يرام حوزه، وشأنك لا يحول كنهه، وفعلك لا يجحد تأثيره؛ لك الأمارة والعلامة، وبك السّلامة والاستقامة، وإليك الشوق والحنين، وفيك الشّكّ واليقين.
من كتاب (البصائر والذخائر )للتوحيدى
كان أبو الحارث حسين يظهر لجارية من المحبة أمرا عظيما ،فدعته وأخرت الطعام إلى أن ضاق ،
فقال :يا سيدتى ، مالى لا أسمع للغداء ذكرا؟
فقالت : يا سبحان الله ! أما يكفيك النظر إلى وما ترغبه فى من أن تقول هذا.
فقال : يا سيدتى ، لو جلس جميل وبثينة من بكرة إلى هذا الوقت لا يأكلان طعاما لبصق كل منهما فى وجه صاحبه .
من كتاب.جمع الجواهر فى الملح والنوادر .للحصرى
ادعى رجل النبوة فى مدينة إصبهان فى زمن الحسين بن سعد ،فأتى به ، وأحضر العلماء والعظماء والكبراء كلهم .
وقيل له : من أنت ؟
فقال : أنا نبى مرسل.
فقيل له : ويلك ! إن لكل نبى آية ،فما آيتك وحجتك ؟
فقال : معى من الحجج ما لم لأحد قبلى من الأنبياء والرسل .
فقيل له : أظهرها .
فقال : من كان له زوجة حسناء ، أو بنت جميلة ، أو أخت صبيحة ، فليحضرها إلىّ أحبلها بابن فى ساعة واحدة .
فقال أبو الحسين بن سعد : أما أنا فأشهد أنك رسول، واعفنى من ذلك .وقال له رجل : نساء ما عندنا ،ولكن عندى عنزة حسناء ، فأحبلها لى .
فقام الرجل يمضى.
فقيل له : إلى أين؟قال : أمضى إلى جبرائيل وأعرفه أن هؤلاء يريدون تيسا ولا حاجة بهم إلى نبى .
من كتاب .معجم الأدباء .لياقوت الحموى
كان أبونواس يحب جنان ، جارية آل عبد الوهاب بن عبد الحميد الثقفى المحدث ،وعرف أنها عزمت سنة على الحج ،
فقال : والله لا يفوتنى المسير معها والحج عامى هذا ، فسبقها إلى الخروج ، بعد أن علم أنها خارجة إلى الحج ، وما كان نوى الحج ،
ولا سبب خروجه إلى الحج إلا عزمها ، وقال فى ذلك _:
كان الوزير على بن عيسى متزمتاً ومتخشناً ،وكان يحب أن يبين فضله فى هذا على كل أحد .
دخل عليه يوماً أبو عمر القاضى، وعليه قميصاً فاخراً ،فأراد الوزير أن يخجله ، فقال له :
ياأبا عمر ، بكم اشتريت هذا القميص ؟
فقال :بمائتى دينار .
فقال الوزير : ولكنى ا شتريت لى هذه الدرعة وهذ القميص الذى تحتها بعشرين دينارا .
فقال له أبو عمر مسرعاكأنه قد أعد له الجواب :
الوزير أعزه الله يجمل الثياب ، ولايحتاج إلى المبالغة فيها ، والكل يعلم أنه يدع هذا عن قدرة ،ونحن نتجمل بالثياب فنحتاج إلى المبالغة فيها ، لأنانلابس العوام ومن نحتاج إلى التفخيم عليه ، وإقامة الهيبة فى نفسه بها ،فكأنما ألقم الوزير حجرا ، فسكت عنه.
كتاب . نشوار المحاضرة . للتنوخى
كذبتم عليه ،قد صح عندى عدله فيكم وإحسانه إليكم .
فقال شيخ منهم :
ياأمير المؤمنين ، فما هذه المحبة لنا دون سائر رعيتك ؟قد عدل فينا خمس سنين ، فانقله إلى غيرنا حتى يشمل عدله الجميع ، وتريح معنا الكل !فضحك المأمون وصرفه عنهم.
كتاب جمع الجواهر فى الملح والنوادر .للحصرى
ذكر أن عائشة بنت طلحة _أمها أم كلثوم بنت أبى بكر الصديق _ ، تزوجت مصعب ابن الزبير ، وقد غضبت عليه يوماً، وكان أشعب يألفه ، فشكا ذلك مصعب إلى أشعب ،
فقال : مالى إن رضيت ؟
قال :حكمك .
قال : عشرة آلاف درهم .
قال : هى لك.فانطلق أشعب حتى أتى عائشة ،
فقال: جعلت فداك !!قد عرفت حبى لك وميلى قديماً وحديثاً إليك من غير فائدة ولا منالة ، وهذه حاجة قد عرضت تقضين بها حقى ، وترتهنين بها شكرى .
قالت : وما عندك؟
قال : قد جعل لى الأمير عشرة آلاف درهم إن رضيت عنه .
قالت: ويحك !!لا يمكننى ذلك .
قال : بأبى أنت وأمى !!فارضى عنه حتى يعطينى ثم عودى إلى ما عودك الله من سوء الخلق .فضحكت منه ورضيت عن مصعب .
تجريد الأغانى لا بن واصل الحموى
قال الهيثم بن عدى:بينما أنا بكناسة الكوفة ، إذا برجل مكفوف البصر قد و قف على نخاس من نخاسى الدواب .
فقال له: ابغنى حماراً ليس بالصغير المحتقر ، ولا بالكبير المشتهر ، إذا خلا له الطريق تدفق ، وإذا كثر الزحام ترفق ، وإذا أقللت علفه صبر ، وإذا أكثرته شكر ، وإذا ركبته هام ،وإذا ركبه غيرى نام !
فقال له النخاس : ياعبد الله اصبر،إذا مسخ الله القاضى حماراً أصبت به حاجتك إن شاء الله !!!!
كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه
عن أنس رضى الله عنه ، قال :
أقبل النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مردفاً أبا بكر شيخاً يُعرف ، ورسول الله شاب لابُعرف ، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول :
يا أبا بكر ، من هذا الرجل الذى بين يديك ؟
فيقول : هذا الرجل يهدينى السبيل ، فيحسب السامع أنه يهديه الطريق ، وإنما يعنى سبيل الخير .
عيون الأخبار ابن قتيبة الدينورى
روى ثعلب عن ابن الأعرابى قال :
أول خطبة خطبها السفاح _أبو العباس عبدالله _ أول خلفاء الدولة العباسية ،فى قرية يقال لها العباسية ، فلما صار إلى موضع الشهادة من الخطبة ،
قام رجل من آل أبى طالب فى عنقه مصحف ، فقال : أذكرك الله الذى ذكرته ألا أنصفتنى من خصمى ، وحكمت بينى وبينه بما فى هذا المصحف ،
فقال له : ومن ظلمك ؟
قال : أبو بكر الذى منع فاطمة فدكا _قرية بخيبر _
قال : وهل كان أحد بعده ؟
قال: نعم ،
قال: من ؟
قال : عمر ،
قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : نعم ،
قال: وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم .
قال: من ؟
قال : عثمان ،
قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : نعم ،
قال : وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم ، قال : من ؟
قال : على، قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : فسكت الرجل ، وجعل يتلفت إلى ورائه يطلب مخلصا ،
فقال له : والله الذى لا إله غيره لولا أنه أول مقام قمته ، ثم لم أكن تقدمت إليك فى هذا قبل لأخذت الذى فيه عيناك ، اقعد وأقبل على الخطبة.
كتاب الأذكياء ابن الجوزى .
ما يمنعكم أن تعاودوا ما كنتم فيه ؟
قالوا :وأين بك وأنت فى عرفات ؟؟
فقال: حمار بدرهم، وقد صرتم على الأمن والنزهة ،ففعلوا ، وكانوا يركبون إليه حتى فسدت أحداث(شباب) مكة .
فعادوا بشكايته إلى والى مكة فأرسل إليه وأتى به .فقال الرجل :
يكذبون على ، أصلح الله الأمير .
فقالوا : دليلنا على ما نقول أن تأمر بحمير مكة فتجمع وترسل بها أمناء إلى عرفات ، ثم يرسلونها ، فإن لم تقصد لمنزله من بين ا لمنازل كعادتها إذا ركبها السفهاء فنحن غير مبطلين .
فقال الوالى : إن فى هذا لدليلا وشاهدا عدلا .فأمر بحمير من حمير الكراء فجمعت ثم أرسلت ، فصارت إلى منزله كماهى من غير دليل ..فأعلمه بذلك أمناؤه، فقال :ما بعد هذا شىء ..جردوه ! فلما نظر الرجل إلى السياط، قال :لابد أصلحك الله من ضربى ؟!!
قال : نعم . قال : والله ما فى ذلك شىء هوأ شد على من أن يشمت بنا أهل العراق ويضحكوا منا ويقولوا : أهل مكة يجيزون شهادة الحمير !!
فضحك الوالى وخلى سبيله .
كتاب العقد الفريد ابن عبد ربه
قال يحيى بن معين :
كنت عند أبى يوسف ،فجاءته هدية من ثياب ديبقى وطيب وغير ذلك ،
فذاكرنى رجل فى إسناد حديث "من أهديت له هدية وعنده قوم جلوس فهم شركاؤه "
فقال أبويوسف :
إنما ذاك فى الأقط والتمر والزبيب ، ولم تكن الهدايا فى ذلك الوقت ماترونه .
ياغلام ارفع هذا إلى الخزائن ،ولم يعطهم منها شيئا .
البداية والنهاية
أبوالفداء إسماعيل بن كثير
وذكر أن عائشة بنت طلحة حجت سنة ، وحجت تلك السنة سكينة الحسين بن على ،
وكانت ضرتها عند مصعب بن الزبير، وكانت عائشة أحسن منها ثقلا وآلة ،
فقال حاديها :
عائش يا ذات البغال الستين لازلت ما عشت كذا تحجين
وشق ذلك على سكينة ، فنزل حاديها فقال :
عائش هذى ضرة تشكوك لولا أبوها ما اهتدى أبوك
فأمرت عائشة حاديها أن يكف .
تجريد الأغانى
ابن واصل الحموى
يحكى أن أبا نواس مر يوماً على مكتب فسمع صبياً يقول لمعلمه:
ياسيدى أتدرى ما أراد أبو نواس بقوله:
فقال له :
لا .
فقال الصغير :
أراد أن تكمل له لذة الحواس الخمس، فإنه إذا شربها حصلت له حاسة البصر واللمس والشم والذوق .
وذلك مستفاد من قوله ألا فاسقنى خمراً وتعطلت حاسة السمع فلما قال وقل لى هى الخمر شنف سمعه بوصفها فكملت له الحواس الخمس .
فقال أبو نواس للصبى :
والله لقد أفهمتنى من شعرى مالم أقصده .
حلبة الكميت لابن الحسن النواجى
كان أبو جعفر النحاس ، النحوى المصرى ، من أهل العلم بالفقه والقرآن ، رحل إلى العراق وسمع من الزجاج، وأخذ عنه النحو وأكثر .
وله مصنفات فى القرآن ، منها كتاب الإعراب، وكتاب المعانى وهما كتابان جليلان أغنيا عما صنف قبلهما فى معناهما .
وكتاب تفسير أبيات كتاب سيبويه ولم يسبق إلى مثله ، وكل من جاء بعده استمد منه .
جلس يوماً على درج القياس بمصر على شاطىء النيل وهو فى مده وزيادته ومعه كتاب العروض وهو يقطع منه بحراً،
فسمعه بعض العوام فقال :
هذا يسحر النيل حتى لا يزيد ، فتغلو الأسعار !!!
ثم دفع النحاس برجله فذهب فى المد فلم يعثر له على خبر .
إنباة الرواة على أنباه النحاة
للقفطى
ركب يحيى بن خالد البرمكى يوما مع هارون الرشيد ، فرأى الرشيد فى طريقه أحمالا ، فسأل عنها ،فقيل له : هذه هدايا خراسان بعث بها إليك واليها على بن عيسى بن ماهان .وكان ابن ماهان وليها بعد الفضل بن يحيى البرمكى .
فقال الرشيد ليحيى : أين كانت هذه الأحمال فى ولاية ابنك ؟
فقال يحيى : كانت فى بيوت أصحابها !
فأفحم الرشيد وسكت .
معجم الأدباء لياقوت
كان الخوارج إذا أصابوا فى طريقهم مسلماً على خلاف معتقدهم ، قتلوه لأنه عندهم كافر ، وإذا أصابوا نصرانيا استوصوا به وقالوا : احفظوا ذمة نبيكم !
وقد حكى.. أن واصل بن عطاء أقبل فى رفقة ، فأحسوا بالخوارج .
فقال واصل لأهل الرفقة :
إن هذا ليس من شأنكم ، فاعتزلوا ودعونى وإياهم.
وكانوا قد اشرفوا على العطب ،
فقالوا :
ماشأنك !
فخرج واصل إلى الخوارج فقالوا له :
ما أنت وأصحابك ؟
قال :
قوم مشركون مستجيرون بكم ليسمعوا كلام الله ويفهموا حدوده .
قالوا :
قد أجرناكم .
قال :
فعلمونا.
فجعلوا يعلمونه أحكامهم .
ويقول واصل : قد قبلنا أنا ومن معى .قالوا :
فامضوا مصاحبين فقد صرتم إخواننا .
فقال:
بل تبلغوننا مأمننا لأن الله يقول : " وإن أحداً من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه "
فنظر بعضهم إلى بعض ، ثم قالوا:
لكم ذلك .فساروا معهم بجمعهم حتى أبلغوهم المأمن .
الكامل للمبرد
فقال : إن فعلت ذلك فلك كذا وكذا .
ثم أحضر هشام فقال له : ناشدتك الله أبا محمد ، أما تعلم أن عليا نازع العباس عند أبى بكر ؟
قال : نعم
قال: فمن الظالم منهما ؟
فكره هشام أن يقول : العباس ، فيواقع سخط الخليفة ، أو يقول على ، فينقض أصله .
قال : ما منهما ظالم؟
قال :
فكيف يتنازع إثنان فى شىء لا يكون أحدهما ظالما ؟
قال : قد تنازع الملكان عند داود عليه السلام وما فيهما من ظالم ، ولكن لينبها داود على الخطيئة.
وكذلك هذان أرادا تنبيه أبى بكر من خطيئته .
فأسكت الرجل ،
وأمر الخليفة لهشام بصلة عظيمة .العقد الفريد لابن عبد رب
لما قتل مصعب بن الزبير بالكوفة ، أرادت زوجته سكينة بنت الحسين الرجوع إلى المدينة ،
فاجتمع عليها أهل الكوفة ،
وقالوا :
حسن الله صحابتك يا ابنة رسول الله !
فقالت :
لا جزاكم الله عنى خيراً ولا أحسن إليكم الخلافة ، قتلتم
أبى وجدى وعمى وأخى !
أيتمتونى صغيرة وأرملتمونى كبيرة .
آثار البلاد وأخبار البلاد لابن محمود القزوينى
وهذا التراث الضخم الذى آل إلينا من أسلافنا العظام صانعى الثقافة ، لجدير بنا أن نقف أمامه بشموخ وكبرياء ، وأن نعى مابه، ونستبطن مافيه ،ونستظهر معانيه وخباياه ، فيه الحكايات المشرقة والطرافة الساخرة والنوادر اللاذعة والحكمة البليغة .
وجميعنا يطالع هذه الذخائر النادرة ، والموسوعات الخالدة .
وأذكر هذه الحكايةالإنسانيةالعظيمة (قال سرى السقطى ، وكان أوحد زمانه فى الورع وعلوم التوحيد :منذ ثلاثين سنة أنا فى الإستغفار من قولى مرة : الحمدلله .قيل له : وكيف ذلك ؟ قال : وقع ببغداد حريق ، فاستقبلنى واحد وقال : نجا حانوتك ! فقلت الحمد لله ! فأنا نادم من ذلك الوقت حيث أردت لنفسى خيراً من دون الناس ) كتاب. الوافى بالوفيات للصفدى .
وهذه الحكاية الظريفةالطريفة(حدثنا المدائنى قال :كان المطلب بن محمد الحنظى على قضاء مكة ،وكان عنده إمرأة قد مات عندها أربعة أزواج ، فمرض مرض الموت ، فجلست عند رأسه تبكى ، وقالت : إلى من توصى بى ؟قال : السادس الشقى !!! . ) كتاب الأذكياء. لأبى فرج بن على بن الجوزى .فلماذا لانستفيد منها ، وأن نقتبس من نور هذه الحكايات ما يهذب الوجدان ويوقد الذكاء ويشفى الصدور وينير العقول ؟
ما رأ يكم ؟
(1)
دهاء الحاكم
دهاء الحاكم
قعد الخليفة المهدى قعودا عاما للناس ، فدخل رجل وفى يده نعل فى منديل ، فقال : ياأمير المؤمنين ، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك ،فقال :هاتها ! فدفعها إليه فقبل المهدى باطنها ووضعها على عينيه ، وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم .
فلما أخذها وا نصرف ، قال المهدى لجلسائه : أترون أنى لم أعلم أن رسول الله لم ير النعل هذه ، فضلا عن أن يكون لبسها ، غير أننا لو كذبناه قال للناس : أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله فردها على ، وكان من يصدقه أكثر مما يدفع خبره ، إذ كان من شان العامة الميل إلى أ شكالها ، والنصرة للضعيف على القوى وإن كان الضعيف ظالما ،فاشترينا لسانه ، وقبلنا هديته ، وصدقنا قوله ، ورأينا الذى فعلناه أنجح وأرجح ) كتاب. تاربخ بغداد . للخطيب البغدادى
(2)
الفقرالدكر
الفقرالدكر
قال ابن دراج الطفيلى : مرت بى جنازة ومعى ابنى ، ومع الجنازة امرأة تبكى الميت وتقول :
بك يذهبون إلى بيت لا فرش فيه ولاوطاء ، ولا ضيافة ولاغطاء ، ولاخبز فيه ولا ماء !!
فقال لى ابنى : يا أبة ، إلى بيتنا والله يذهبون بهذه الجنازة !!
كتاب .الأغانى . أبو فرج الأصفهانى
(3)
قوة المال
قوة المال
قيل للمتنبى : قد شاع عنك البخل فى الآفاق ، ما قد صار سمراً بين الرفاق وأنت تمدح فى شعرك الكرم وأهله ، وتذم البحل وأهله .
ألست القائل : ومن ينفق الساعات فى جمع ماله ***مخافة فقر ، فالذى فعل الفقر
ومعلوم أن البخل قبيح ، ومنك أقبح ، فإنك تتعاطى كبر النفس ، وعلو الهمة ، وطلب الملك ، والبخل ينافى ذلك ،
فقال :إن للبخل سببا ،وذلك أنى أذكر أنى وردت فى صباى من الكوفة إلى بغداد .فأخذت خمسة دراهم بجانب منديلى ، وخرجت أمشى فى أسواق بغداد .فمررت بصاحب دكان يبيع الفاكهة ، ورأيت عنده خمسة من البطيخ باكورة ،فاستحسنتها ، ونويت أن أشتريها بالدراهم التى معى .
فتقدمت إليه وقلت : بكم تبيع هذه الخمسة بطاطيخ؟ فقال بغيرإكتراث: اذهب فليس هذا من أكلك!!
تماسكت معه وقلت : ياهذا ، دع مايغيظ واقصد الثمن. قال: ثمنها عشرة دراهم ! فلشدة ما جبهنى به ما استطعت أن أخاطبه فى المساومة ،وقفت حائراً، ودفعت له خمسة دراهم فلم يقبل .
وإذا بشيخ من التجار قد خرج من الخان ذاهباً إلى داره ،فوثب إليه صاحب البطيخ من الدكان ، ودعا له ، وقال : يامولاى ، هذا بطيخ باكورة بإذنك أحمله إلى البيت .
فقال الشيخ : ويحك ، بكم هذا ؟قال: خمسة دراهم .قال : بل درهمين ! فباعه الخمسة بدرهمين ، وحملها إلى داره ، ودعا له ، وعاد إلى دكانه مسروراً بما فعل .فقلت : ياهذا ، مارأيت أعجب من جهلك!استمت على فى هذا البطيخ ، وفعلت فعلتك التى فعلت.وكنت قد أعطيتك فى ثمنه خمسة دراهم ،فبعته بدرهمين محمولاً ! فقال : اسكت! هذا يملك مائة ألف دينار !فعلمت أن الناس لايكرمون أحداً إكرامهم من يعتقدون أنه يملك مائة ألف دينار .
وأنا لا أزال على ما تراه حتى أ سمع الناس ، يقولون إن أبا الطيب قد ملك مائة ألف دينار .
كتاب .الصبح المنبى عن حيثية المتنبى .يوسف البديعى
(4)
من أهل بيت النبوة
من أهل بيت النبوة
كان رجل يدعى الشعر ويستبرده قومه ،فقال لهم : إنما تستبردوننى من طريق الحسد .
قالوا : فبيننا وبينك بشار العقيلى .فارتفعوا إليه ، فقال له : أنشدنى .فأنشده .فلما فرغ قال له بشار : إنى لأظنك من أهل بيت النبوة!!
قال له : وماذاك ؟قال : إن الله تعالى يقول : وما علمناه الشعر وما ينبغى له .
كتاب .العقد الفريد. ابن عبد ربه الأندلسى
(5)
ذكاء نادر
ذكاء نادر
دخل بشار بن برد على الخليفة المهدى وعنده خاله يزيد بن منصور الحميرى ، فأنشده قصيدة يمدحه بها ، فلما أتمها
قال له يزيد : ماصناعتك أيها الشيخ ؟
فقال له : أثقب اللؤلؤ ،
فقال له المهدى : أتهزأ بخالى؟
فقال : ياأمير المؤمنين ما يكون جوابى له وهو يرانى شيخا أعمى ينشد شعرا ،فضحك المهدى وأجازه .
كتاب. الكشكول . بهاء الدين العاملى
(6)
خارج القطيع
عن شعيب بن حرب ،قال : رأيت الرشيد فى مكة ، فقلت فى نفسى : وجب عليك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، فخوفتنى نفسى فقالت : إنه الآن يضرب عنقك .فقلت : لابد من ذلك ، فناديته فقلت ياهارون ، قد أتعبت الأمة والبهائم .فقال :خذوه .فأدخلت عليه وفى يده لت من حديد يلعب به وهوجالس على كرسى ، فقال : ممن الرجل ؟فقلت : رجل من المسلمين ،فقال : ثكلتك أمك ، ممن أنت ؟ فقلت من الأنبار ، فقال ما حملك على أن دعوتنى بإسمى ؟ قال : فخطر ببالى شىء لم يخطر من قبل .فقلت : أنا أدعو الله بإسمه يا الله ، أفلا أدعوك باسمك ! وهذا الله سبحانه قد دعا أحب خلقه إليه بأسمائهم : يا آدم ، يانوح ، ياصالح ، ياموسى ، ياعيسى ، يامحمد ، وكنى أبغض خلقه إليه فقال : تبت يدا أبى لهب ، فقال : الرشيد : أخرجوه ..أخرجوه .كتاب. البداية والنهاية .أبو الفداء إسما عيل بن كثيرخارج القطيع
(7)
ثمن العبقرية
ثمن العبقرية
التقى أبونواس مع أبى العتاهية يوما فى حانوت عمرو الوراق فتشاجرا فى الصناعة ،
فقا ل له أبو نواس : كم قافية تعقد فى اليوم ؟
قا ل : على قدر تأتى النشاط لى ؟
قال : فأنشط ماتكون كم تقول .
قال : مئة بيت .قال: لكنى ربما قلت دون عشرة أبيات ، فأتعطل من أجلها عن أشغالى .
قال: لما ؟
قا ل لأنى أقول :تنبوعن الماء حتى ما يمازجها وتستطيل حمياها على الماء
رقت فليس يحيط الواصفون بها إذا تشعشع إلا وصف إيماء
وأنت تقول : ياوجه غيرك البلى وجعلت مأكلة الثرى
قد طال حبسك فى التراب مغيبا فمتى اللقا
من ديوان أبى نواس الحسن بن هانىء الحكمى .
(8)
المربى الأعظم
المربى الأعظم
حدثنى شيخ لنا عن وكيع عن ابن ذئب عن محمد بن قيس عن عبد الحمن ابن يزيد عن ثوبان
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من يتقبل لى بواحدة وأتقبل له بالجنة .
فقال ثوبان :
أنا يا رسول الله
قال :
لا تسأل الناس شيئا.فكان ثوبان إذا سقط سوطه من يده نزل فأخذه ولم يسأل أحدا أن يناوله إياه .
عيون الأخبار لابن قتيبة الدينورى
(9)
عظمة وكبرياء
عظمة وكبرياء
قيل ،لعلي بن الحسين رضي الله عنه،
ما بالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة؟
فقال:
أكره أن آخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أعطي مثله.
من كتاب (الشكوى والعتاب )للثعالبى
(10)
تضرع وخشوع
تضرع وخشوع
اللهمّ لك أذلّ، وبك أعز، وإليك أشتاق، ومنك أفرق، وتوحيدك أعتقد، وعليك أعتمد، ورضاك أبتغي، وسخطك أخاف، ونقمتك أستشعر، ومزيدك أمتري، وعفوك أرجو، وفيك أتحيّر ومعك أطمئنّ، وإياك أعبد، إيّاك أستعين، لا رغبة إّلا ما نيط بك، ولا عمل إّلا ما زكّي لوجهك، ولا طاعة إّلا ما قابله ثوابك، ولا سالم إّلا ما أحاط به لطفك، ولا هالك إّلا من قعد عنه توفيقك، ولا مغبوط إّلا من سبقت له الحسنى منك.
إلهي، من عرفك قاربك، ومن نكرك حرم نصيبه منك، ومن أثبتك سكن معك، ومن نفاك قلق إليك، ومن عبدك أخلص لك، ومن أحبّك غار عليك، ومن عظّمك ذهل فؤاده عند جلالك، ومن وثق بك ألقى مقاليده إليك.
إلهي، ظهرت بالقدرة فوجب الاعتراف بك، وبطنت بالحكمة فوجب التّسليم لك، وبدأت بالإحسان فسارت الآمال إليك، وكنت أهلاً للتّمام فوقفت الأطماع عليك، وبحثت العقول عنك فنكصت على أعقابها بالحيرة فيك، وذلك أنّ سرّكلا يرام حوزه، وشأنك لا يحول كنهه، وفعلك لا يجحد تأثيره؛ لك الأمارة والعلامة، وبك السّلامة والاستقامة، وإليك الشوق والحنين، وفيك الشّكّ واليقين.
من كتاب (البصائر والذخائر )للتوحيدى
(11)
البصقة
البصقة
كان أبو الحارث حسين يظهر لجارية من المحبة أمرا عظيما ،فدعته وأخرت الطعام إلى أن ضاق ،
فقال :يا سيدتى ، مالى لا أسمع للغداء ذكرا؟
فقالت : يا سبحان الله ! أما يكفيك النظر إلى وما ترغبه فى من أن تقول هذا.
فقال : يا سيدتى ، لو جلس جميل وبثينة من بكرة إلى هذا الوقت لا يأكلان طعاما لبصق كل منهما فى وجه صاحبه .
من كتاب.جمع الجواهر فى الملح والنوادر .للحصرى
(12)
العنزة الحسناء
العنزة الحسناء
ادعى رجل النبوة فى مدينة إصبهان فى زمن الحسين بن سعد ،فأتى به ، وأحضر العلماء والعظماء والكبراء كلهم .
وقيل له : من أنت ؟
فقال : أنا نبى مرسل.
فقيل له : ويلك ! إن لكل نبى آية ،فما آيتك وحجتك ؟
فقال : معى من الحجج ما لم لأحد قبلى من الأنبياء والرسل .
فقيل له : أظهرها .
فقال : من كان له زوجة حسناء ، أو بنت جميلة ، أو أخت صبيحة ، فليحضرها إلىّ أحبلها بابن فى ساعة واحدة .
فقال أبو الحسين بن سعد : أما أنا فأشهد أنك رسول، واعفنى من ذلك .وقال له رجل : نساء ما عندنا ،ولكن عندى عنزة حسناء ، فأحبلها لى .
فقام الرجل يمضى.
فقيل له : إلى أين؟قال : أمضى إلى جبرائيل وأعرفه أن هؤلاء يريدون تيسا ولا حاجة بهم إلى نبى .
من كتاب .معجم الأدباء .لياقوت الحموى
(13)
الحب الصادق
الحب الصادق
كان أبونواس يحب جنان ، جارية آل عبد الوهاب بن عبد الحميد الثقفى المحدث ،وعرف أنها عزمت سنة على الحج ،
فقال : والله لا يفوتنى المسير معها والحج عامى هذا ، فسبقها إلى الخروج ، بعد أن علم أنها خارجة إلى الحج ، وما كان نوى الحج ،
ولا سبب خروجه إلى الحج إلا عزمها ، وقال فى ذلك _:
ألم تر أننى أفنيت عمرى بمطلبها ومطلبها عسير
فلما لم أجد سببا إليها يقربنى وأعيتنى الأمور
حججت وقلت قد حجت جنان فجمعنى وإياها المسير
وذكر أنه لما حج لبى بشعر ورفع به صوته ، فكان يطرب كل من سمعه ، ويقول : فلما لم أجد سببا إليها يقربنى وأعيتنى الأمور
حججت وقلت قد حجت جنان فجمعنى وإياها المسير
إلآهنا ما أعدلك مليك كل من ملك
لبيك قد لبيت لك لبيك إن الحمد لك
والحمد والنعمة لك ما خاب عبد سألك
أنت له حيث سلك لولاك يارب هلك
لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك
والليل لما أن حلك والسابحات فى الفلك
على مجارى المنسلك كل نبى وملك
وكل من أهل لك سبح أو لبى لك
يا مخطئا ما أغفلك عجل وبادر أجلك
واختم بخير عملك
ويقال إن أبا نواس لم يصدق فى حب إمرأة غير جنان .
من كتاب الأغانى .للأصفهانى
لبيك قد لبيت لك لبيك إن الحمد لك
والحمد والنعمة لك ما خاب عبد سألك
أنت له حيث سلك لولاك يارب هلك
لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك
والليل لما أن حلك والسابحات فى الفلك
على مجارى المنسلك كل نبى وملك
وكل من أهل لك سبح أو لبى لك
يا مخطئا ما أغفلك عجل وبادر أجلك
واختم بخير عملك
ويقال إن أبا نواس لم يصدق فى حب إمرأة غير جنان .
من كتاب الأغانى .للأصفهانى
(14)
الملبس الرسمى
الملبس الرسمى
كان الوزير على بن عيسى متزمتاً ومتخشناً ،وكان يحب أن يبين فضله فى هذا على كل أحد .
دخل عليه يوماً أبو عمر القاضى، وعليه قميصاً فاخراً ،فأراد الوزير أن يخجله ، فقال له :
ياأبا عمر ، بكم اشتريت هذا القميص ؟
فقال :بمائتى دينار .
فقال الوزير : ولكنى ا شتريت لى هذه الدرعة وهذ القميص الذى تحتها بعشرين دينارا .
فقال له أبو عمر مسرعاكأنه قد أعد له الجواب :
الوزير أعزه الله يجمل الثياب ، ولايحتاج إلى المبالغة فيها ، والكل يعلم أنه يدع هذا عن قدرة ،ونحن نتجمل بالثياب فنحتاج إلى المبالغة فيها ، لأنانلابس العوام ومن نحتاج إلى التفخيم عليه ، وإقامة الهيبة فى نفسه بها ،فكأنما ألقم الوزير حجرا ، فسكت عنه.
كتاب . نشوار المحاضرة . للتنوخى
(15)
العدل !!
شكا أهل بلدة إلى المأمون واليا عليهم ، فقال :العدل !!
كذبتم عليه ،قد صح عندى عدله فيكم وإحسانه إليكم .
فقال شيخ منهم :
ياأمير المؤمنين ، فما هذه المحبة لنا دون سائر رعيتك ؟قد عدل فينا خمس سنين ، فانقله إلى غيرنا حتى يشمل عدله الجميع ، وتريح معنا الكل !فضحك المأمون وصرفه عنهم.
كتاب جمع الجواهر فى الملح والنوادر .للحصرى
(16)
سوء الخلق
سوء الخلق
ذكر أن عائشة بنت طلحة _أمها أم كلثوم بنت أبى بكر الصديق _ ، تزوجت مصعب ابن الزبير ، وقد غضبت عليه يوماً، وكان أشعب يألفه ، فشكا ذلك مصعب إلى أشعب ،
فقال : مالى إن رضيت ؟
قال :حكمك .
قال : عشرة آلاف درهم .
قال : هى لك.فانطلق أشعب حتى أتى عائشة ،
فقال: جعلت فداك !!قد عرفت حبى لك وميلى قديماً وحديثاً إليك من غير فائدة ولا منالة ، وهذه حاجة قد عرضت تقضين بها حقى ، وترتهنين بها شكرى .
قالت : وما عندك؟
قال : قد جعل لى الأمير عشرة آلاف درهم إن رضيت عنه .
قالت: ويحك !!لا يمكننى ذلك .
قال : بأبى أنت وأمى !!فارضى عنه حتى يعطينى ثم عودى إلى ما عودك الله من سوء الخلق .فضحكت منه ورضيت عن مصعب .
تجريد الأغانى لا بن واصل الحموى
(17)الحمار الفصيح
قال الهيثم بن عدى:بينما أنا بكناسة الكوفة ، إذا برجل مكفوف البصر قد و قف على نخاس من نخاسى الدواب .
فقال له: ابغنى حماراً ليس بالصغير المحتقر ، ولا بالكبير المشتهر ، إذا خلا له الطريق تدفق ، وإذا كثر الزحام ترفق ، وإذا أقللت علفه صبر ، وإذا أكثرته شكر ، وإذا ركبته هام ،وإذا ركبه غيرى نام !
فقال له النخاس : ياعبد الله اصبر،إذا مسخ الله القاضى حماراً أصبت به حاجتك إن شاء الله !!!!
كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه
(18)
يهدينى السبيل
يهدينى السبيل
عن أنس رضى الله عنه ، قال :
أقبل النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مردفاً أبا بكر شيخاً يُعرف ، ورسول الله شاب لابُعرف ، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول :
يا أبا بكر ، من هذا الرجل الذى بين يديك ؟
فيقول : هذا الرجل يهدينى السبيل ، فيحسب السامع أنه يهديه الطريق ، وإنما يعنى سبيل الخير .
عيون الأخبار ابن قتيبة الدينورى
(19)
الرد المفحم
الرد المفحم
روى ثعلب عن ابن الأعرابى قال :
أول خطبة خطبها السفاح _أبو العباس عبدالله _ أول خلفاء الدولة العباسية ،فى قرية يقال لها العباسية ، فلما صار إلى موضع الشهادة من الخطبة ،
قام رجل من آل أبى طالب فى عنقه مصحف ، فقال : أذكرك الله الذى ذكرته ألا أنصفتنى من خصمى ، وحكمت بينى وبينه بما فى هذا المصحف ،
فقال له : ومن ظلمك ؟
قال : أبو بكر الذى منع فاطمة فدكا _قرية بخيبر _
قال : وهل كان أحد بعده ؟
قال: نعم ،
قال: من ؟
قال : عمر ،
قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : نعم ،
قال: وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم .
قال: من ؟
قال : عثمان ،
قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : نعم ،
قال : وهل كان بعده أحد ؟
قال : نعم ، قال : من ؟
قال : على، قال : وأقام على ظلمكم ؟
قال : فسكت الرجل ، وجعل يتلفت إلى ورائه يطلب مخلصا ،
فقال له : والله الذى لا إله غيره لولا أنه أول مقام قمته ، ثم لم أكن تقدمت إليك فى هذا قبل لأخذت الذى فيه عيناك ، اقعد وأقبل على الخطبة.
كتاب الأذكياء ابن الجوزى .
(20)
شهادة الحمير
كان بمكة رجل يجمع بين الرجال والنساء ، ويحمل لهم الشراب .فشكى إلى عامل بمكة ،فنفاه إلى عرفات ، فبنى بها منزلا ، وأرسل إلى إخوانه فقال: شهادة الحمير
ما يمنعكم أن تعاودوا ما كنتم فيه ؟
قالوا :وأين بك وأنت فى عرفات ؟؟
فقال: حمار بدرهم، وقد صرتم على الأمن والنزهة ،ففعلوا ، وكانوا يركبون إليه حتى فسدت أحداث(شباب) مكة .
فعادوا بشكايته إلى والى مكة فأرسل إليه وأتى به .فقال الرجل :
يكذبون على ، أصلح الله الأمير .
فقالوا : دليلنا على ما نقول أن تأمر بحمير مكة فتجمع وترسل بها أمناء إلى عرفات ، ثم يرسلونها ، فإن لم تقصد لمنزله من بين ا لمنازل كعادتها إذا ركبها السفهاء فنحن غير مبطلين .
فقال الوالى : إن فى هذا لدليلا وشاهدا عدلا .فأمر بحمير من حمير الكراء فجمعت ثم أرسلت ، فصارت إلى منزله كماهى من غير دليل ..فأعلمه بذلك أمناؤه، فقال :ما بعد هذا شىء ..جردوه ! فلما نظر الرجل إلى السياط، قال :لابد أصلحك الله من ضربى ؟!!
قال : نعم . قال : والله ما فى ذلك شىء هوأ شد على من أن يشمت بنا أهل العراق ويضحكوا منا ويقولوا : أهل مكة يجيزون شهادة الحمير !!
فضحك الوالى وخلى سبيله .
كتاب العقد الفريد ابن عبد ربه
(21)
العبرة بواقع النص
العبرة بواقع النص
قال يحيى بن معين :
كنت عند أبى يوسف ،فجاءته هدية من ثياب ديبقى وطيب وغير ذلك ،
فذاكرنى رجل فى إسناد حديث "من أهديت له هدية وعنده قوم جلوس فهم شركاؤه "
فقال أبويوسف :
إنما ذاك فى الأقط والتمر والزبيب ، ولم تكن الهدايا فى ذلك الوقت ماترونه .
ياغلام ارفع هذا إلى الخزائن ،ولم يعطهم منها شيئا .
البداية والنهاية
أبوالفداء إسماعيل بن كثير
(22)
الضرائر
الضرائر
وذكر أن عائشة بنت طلحة حجت سنة ، وحجت تلك السنة سكينة الحسين بن على ،
وكانت ضرتها عند مصعب بن الزبير، وكانت عائشة أحسن منها ثقلا وآلة ،
فقال حاديها :
عائش يا ذات البغال الستين لازلت ما عشت كذا تحجين
وشق ذلك على سكينة ، فنزل حاديها فقال :
عائش هذى ضرة تشكوك لولا أبوها ما اهتدى أبوك
فأمرت عائشة حاديها أن يكف .
تجريد الأغانى
ابن واصل الحموى
(23)
ذكاء صبى
ذكاء صبى
يحكى أن أبا نواس مر يوماً على مكتب فسمع صبياً يقول لمعلمه:
ياسيدى أتدرى ما أراد أبو نواس بقوله:
ألا فاسقنى خمراً وقل لى هى الخمر
وما الفائدة فى ذلك؟فقال له :
لا .
فقال الصغير :
أراد أن تكمل له لذة الحواس الخمس، فإنه إذا شربها حصلت له حاسة البصر واللمس والشم والذوق .
وذلك مستفاد من قوله ألا فاسقنى خمراً وتعطلت حاسة السمع فلما قال وقل لى هى الخمر شنف سمعه بوصفها فكملت له الحواس الخمس .
فقال أبو نواس للصبى :
والله لقد أفهمتنى من شعرى مالم أقصده .
حلبة الكميت لابن الحسن النواجى
(24)
ساحر النيل
ساحر النيل
كان أبو جعفر النحاس ، النحوى المصرى ، من أهل العلم بالفقه والقرآن ، رحل إلى العراق وسمع من الزجاج، وأخذ عنه النحو وأكثر .
وله مصنفات فى القرآن ، منها كتاب الإعراب، وكتاب المعانى وهما كتابان جليلان أغنيا عما صنف قبلهما فى معناهما .
وكتاب تفسير أبيات كتاب سيبويه ولم يسبق إلى مثله ، وكل من جاء بعده استمد منه .
جلس يوماً على درج القياس بمصر على شاطىء النيل وهو فى مده وزيادته ومعه كتاب العروض وهو يقطع منه بحراً،
فسمعه بعض العوام فقال :
هذا يسحر النيل حتى لا يزيد ، فتغلو الأسعار !!!
ثم دفع النحاس برجله فذهب فى المد فلم يعثر له على خبر .
إنباة الرواة على أنباه النحاة
للقفطى
(25)
اغتصاب
اغتصاب
ركب يحيى بن خالد البرمكى يوما مع هارون الرشيد ، فرأى الرشيد فى طريقه أحمالا ، فسأل عنها ،فقيل له : هذه هدايا خراسان بعث بها إليك واليها على بن عيسى بن ماهان .وكان ابن ماهان وليها بعد الفضل بن يحيى البرمكى .
فقال الرشيد ليحيى : أين كانت هذه الأحمال فى ولاية ابنك ؟
فقال يحيى : كانت فى بيوت أصحابها !
فأفحم الرشيد وسكت .
معجم الأدباء لياقوت
(26)
ماأشبه اليوم بالبارحة "بمصر المحروسة"
ماأشبه اليوم بالبارحة "بمصر المحروسة"
كان الخوارج إذا أصابوا فى طريقهم مسلماً على خلاف معتقدهم ، قتلوه لأنه عندهم كافر ، وإذا أصابوا نصرانيا استوصوا به وقالوا : احفظوا ذمة نبيكم !
وقد حكى.. أن واصل بن عطاء أقبل فى رفقة ، فأحسوا بالخوارج .
فقال واصل لأهل الرفقة :
إن هذا ليس من شأنكم ، فاعتزلوا ودعونى وإياهم.
وكانوا قد اشرفوا على العطب ،
فقالوا :
ماشأنك !
فخرج واصل إلى الخوارج فقالوا له :
ما أنت وأصحابك ؟
قال :
قوم مشركون مستجيرون بكم ليسمعوا كلام الله ويفهموا حدوده .
قالوا :
قد أجرناكم .
قال :
فعلمونا.
فجعلوا يعلمونه أحكامهم .
ويقول واصل : قد قبلنا أنا ومن معى .قالوا :
فامضوا مصاحبين فقد صرتم إخواننا .
فقال:
بل تبلغوننا مأمننا لأن الله يقول : " وإن أحداً من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه "
فنظر بعضهم إلى بعض ، ثم قالوا:
لكم ذلك .فساروا معهم بجمعهم حتى أبلغوهم المأمن .
الكامل للمبرد
(27)
التنبيه على الخطيئة
قال رجل لبعض ولاة بنى العباس :أنا أجعل هشام بن الحكم "كان من مشايخ الرافضة"يقول فى "على "رضى الله عنه إنه ظالم .التنبيه على الخطيئة
فقال : إن فعلت ذلك فلك كذا وكذا .
ثم أحضر هشام فقال له : ناشدتك الله أبا محمد ، أما تعلم أن عليا نازع العباس عند أبى بكر ؟
قال : نعم
قال: فمن الظالم منهما ؟
فكره هشام أن يقول : العباس ، فيواقع سخط الخليفة ، أو يقول على ، فينقض أصله .
قال : ما منهما ظالم؟
قال :
فكيف يتنازع إثنان فى شىء لا يكون أحدهما ظالما ؟
قال : قد تنازع الملكان عند داود عليه السلام وما فيهما من ظالم ، ولكن لينبها داود على الخطيئة.
وكذلك هذان أرادا تنبيه أبى بكر من خطيئته .
فأسكت الرجل ،
وأمر الخليفة لهشام بصلة عظيمة .العقد الفريد لابن عبد رب
(28)
ميراث الدم
ميراث الدم
لما قتل مصعب بن الزبير بالكوفة ، أرادت زوجته سكينة بنت الحسين الرجوع إلى المدينة ،
فاجتمع عليها أهل الكوفة ،
وقالوا :
حسن الله صحابتك يا ابنة رسول الله !
فقالت :
لا جزاكم الله عنى خيراً ولا أحسن إليكم الخلافة ، قتلتم
أبى وجدى وعمى وأخى !
أيتمتونى صغيرة وأرملتمونى كبيرة .
آثار البلاد وأخبار البلاد لابن محمود القزوينى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق