الرسم
بالكلمات ..براعة لاحدود لها ونبوغ قلّ أن يبرع فيه إلا المتميزون الذين
يمتلكون الموهبة الحقة والثقافة المتنوعة والمقدرة الفذة على الرسم
بالكلمات .
كنت فى سنوات الإخضرار، أحرص على تجميع اللوحات العالمية منبهراً بالريشة التى ترسم الوجوه والأشجار والحيوان و..............و..........وتضم مكتبتى نماذج مصورة لكل الفنانين فى عصور الفن المختلفة ..بدءً من دافينشى وأنتهاءً بصلاح طاهر .
وقرأتُ الكثير فى كتب الفن والدراسات النقدية ،بل أكاد أحفظ كتاب دافينشى "نظرية التصوير" .
الألوان تبهجنى وتثير فىّ جمالاً لامثيل له ومتعةً تسرى فى مسام روحى .
ولم أكف حتى اللحظة عن السعى وراء إقتناص هذه المتعة فى كتابات الأدباء ودواوين الشعراء .
وتملكتنى رغبة جارفة.. أن أبحث عن الألوان فى كتابات الأدباء وودواوين الشعراء، ليس فى عالمنا العربى بل فى العالم أجمع .
كانت رغبة ملحة لكنها مرهقة جداً ،وبدأتُ فى التجميع فى كل ما أطالعه وأسجله، عسى أن يأتى اليوم الذى أصنفه فيه وأكتب عنه .
وتأتى إيمان الدرع لترسم بالكلمات صورة رائعة ورائدة ،وأجد فيها صورة جميلة جداً.
"البناء فارغ،معتم، إلا من ضوء شحيحٍ ينسرب خلسة من إحدى الشقق.."وتوقفتُ طويلاً أمام هذا البناء الفارغ المعتم الفاقد الحياة ثم يبين ضوءٌ شحيحٌ يتسرب خلسة من إحدى الشقق.
وكأنى بهذه الصورة المعتمة وقد أشرق فيها بصيصٌ من الأمل،فالنور فى هذه البناء المعتم الفارغ يشى عن وجود حياة .
لن أفقد الأمل فى غد مشرق ،مادام هناك ضوء شحيح يبدو فى الأفق،ومادام هناك ذاكرة تأبى النسيان.
فلنقرأ كل هذا الجمال وهذه المتعة وفتنة القص ولذة القراءة وموهبة الرسم بالكلمات .
ولنتمعن فى هذا البناء المعتم الفارغ وقد بدا فيه هذا الضوء الشحيح.
كنت فى سنوات الإخضرار، أحرص على تجميع اللوحات العالمية منبهراً بالريشة التى ترسم الوجوه والأشجار والحيوان و..............و..........وتضم مكتبتى نماذج مصورة لكل الفنانين فى عصور الفن المختلفة ..بدءً من دافينشى وأنتهاءً بصلاح طاهر .
وقرأتُ الكثير فى كتب الفن والدراسات النقدية ،بل أكاد أحفظ كتاب دافينشى "نظرية التصوير" .
الألوان تبهجنى وتثير فىّ جمالاً لامثيل له ومتعةً تسرى فى مسام روحى .
ولم أكف حتى اللحظة عن السعى وراء إقتناص هذه المتعة فى كتابات الأدباء ودواوين الشعراء .
وتملكتنى رغبة جارفة.. أن أبحث عن الألوان فى كتابات الأدباء وودواوين الشعراء، ليس فى عالمنا العربى بل فى العالم أجمع .
كانت رغبة ملحة لكنها مرهقة جداً ،وبدأتُ فى التجميع فى كل ما أطالعه وأسجله، عسى أن يأتى اليوم الذى أصنفه فيه وأكتب عنه .
وتأتى إيمان الدرع لترسم بالكلمات صورة رائعة ورائدة ،وأجد فيها صورة جميلة جداً.
"البناء فارغ،معتم، إلا من ضوء شحيحٍ ينسرب خلسة من إحدى الشقق.."وتوقفتُ طويلاً أمام هذا البناء الفارغ المعتم الفاقد الحياة ثم يبين ضوءٌ شحيحٌ يتسرب خلسة من إحدى الشقق.
وكأنى بهذه الصورة المعتمة وقد أشرق فيها بصيصٌ من الأمل،فالنور فى هذه البناء المعتم الفارغ يشى عن وجود حياة .
لن أفقد الأمل فى غد مشرق ،مادام هناك ضوء شحيح يبدو فى الأفق،ومادام هناك ذاكرة تأبى النسيان.
فلنقرأ كل هذا الجمال وهذه المتعة وفتنة القص ولذة القراءة وموهبة الرسم بالكلمات .
ولنتمعن فى هذا البناء المعتم الفارغ وقد بدا فيه هذا الضوء الشحيح.
إيمان الدرع
****
عيون قدسياااااا
************
في
لحظةٍ، جلجل بها الحنين إلى بيتي، قرّرت العودة، بعد أن أمضيت أسبوعين
بعيداً عنه، عقب تهشّم الزجاج، وتكسّر النوافذ، والأبواب ــ مثل ما حصل
للعديد من بيوتات الحي الذي نقطنه ــ إثر ارتداد جمرات حرب طاحنة، فُرِضتْ
علينا، ونحن لها كارهون، حدّ الوجع، والـتأرجح بين الموت، والحياة.البناء
فارغ،معتم، إلا من ضوء شحيحٍ ينسرب خلسة من إحدى الشقق..وفي
الصالة..عانقتني جدراني التي شكت لي عن وحدتها.****
عيون قدسياااااا
************
البلاط بارد، والأبواب، والنوافذ المعدّة للصيانة، مركونة على جانب واحد.
لن أخون بيتي، وأتركه عند تمزّقه، ومرضه، ووحدته...شمّرتُ عن ساعدي، أرمّم من أوصاله الحزينة ما استطعت.الصمت المطبق، لغة سائدة، إثر فداحة موقفٍ، أربك فينا الحياة، وأطفأ جذوتها.على نارهادئة رحت أتأمّل قهوتي وهي تفور، وتنشر في الحواس نكهتها المستفزّة ..وعلى كرسيّ قصيّ من الشرفة، أبحرت في الشارع الهامد، بعد أن كان يضجّ بالحركة، والنشاط..
أين جيراني؟؟
أينهم؟؟
كلهم تبعوا قوافل الجراح، تاركين أثر نزفهم على الطرقات التي سلكوها، واجهات بيوتهم تنبي عن استصراخ الزوايا الناحبة، الموجوعة...
أين من كان يقيم طقوس إطعام الطيور عند كل صباح، ينظّف الأقفاص، و يسقي أصص نباتاته بعناية فائقة، يحفل بكل برعم جديد، ويدق له على الحائط خيوطا كي يتعرّش مرتاحاً..؟؟!!
أين ضحكات السمّار، و أكواب شايهم الساخن، ونراجيلهم ؟؟؟
أين صوت أطباق العشاء، حين تعدّه الأمهات، وسط مشاغبات أطفالهن، وحبال غسيلهن المزدحمة بالثياب، بكلّ ألوانها، ومقاييسها.. ؟؟
أين بائع الفطائر، والشاورما، و صاحب محل الوجبات الجاهزة الذي أتى بعراضة شامية عند افتتاحه، على وقع السيف والترس، والأضواء الملونة، والضيافة المفتوحة...؟؟
أين تاجر الموبيليا، والدهان؟؟
بل أين رتل السيارات المتزاحمات في الاصطفاف، أحادياً، وثنائياً..اشتقت إلى جارتي في البناء المجاور...المتقاعدة منذ زمن بعيد، وبقيتْ محافظة على مظهرها الأنيق، وتسريحة شعرها المميزة.. حتى داخل بيتها..عندما تطلّ على الشرفة كانت تتطلّع إلى البعيد، البعيد..وهي تنفث دخان تبغها مثل سلطانة واثقة، ولما تصطدم أطراف أناملها ببعض غبار، عالقة على ( الدرابزون ) يصيبها الكدر، وهي تقلّص أنفها امتعاضاً، لتفرك ما بين أصابعها، وتسارع بجلب فوطة نظيفة، لتمسح الرخام مراراً حتى ترضى..؟؟؟
عاد النور، تعمّدتُ أن أضيء منافذ البيت المطلّة على الشارع، وأنشر الأغطية المغسولة للتوّ ..كي أعلن شارة العودة.
الستائر المعدنيّة تهتزّ بعنف لعدم وجود زجاج يحميها.نال مني التعب، البرد المسائيّ في بواكير أيام نيسان له لسعة عقربيّة الملمس.
ثمّة مناوشات عسكريّة، على أطراف الجبال البعيدة، المنظورة.. تذكّرني بأصوات مشابهة، عشنا تفاصيلها المرعبة منذ أيام، وتستحضر في مخيلتي.. شهقات موت لأرواح بريئةٍ، وعويل مستغيث، وأبنية تتناثر.. وطلقات حمقاء، بيد طائشة.. وعقلٍ متهوّرٍ، غائب ..فالتجأت إلى السماء، ألوذ بنورها، مستعيضة عن الظلام الذي حلّ ،لما عاودت الكهرباء الانقطاع...صمتٌ..صمتٌ..وتوتر..لابدّ من حبة دواء تعينني على النوم..أدنيت الغطاء مني، أطوي ذاتي في حلمٍ بعيدٍ لا يفارقني: أن أصحو يوماً على سلام..الورشة منذ الساعات الأولى للنهار ..كانت تقوم بحملة إصلاح شاملة لكلّ الأضرار...تسرّبت إلى الروح بعض آمال..وأنا أتصفّح الشاشة الفضائية..لألتقط البشائر، في تسوية تفاهميّة بين الأطراف، كنت قد سمعت عنها، متناقلة على ألسن القاطنين، المتعبين من الحصار، واليأس، وأفانين من الذعر، فاقت احتمال صبر أيوب.
وماهي إلا أيام حتى بانت أولى مراحل الانفراج: والحمد لله: فقد تمّ فتح الطريق، وهدأت أصوات الرصاص، وعادت السيارات تباعاً، الأنوار تضاء كالنجوم المتخفيّة تارة، والظاهرة حيناً، عجلة تصليح الممتلكات تدور على قدمٍ، وساق، والجوار يتساعدون، يعانقون بعضهم حمداً لله على السلامة، مناوبات ذاتية، وغير معلنة، تتمّ فيما بينهم، لحماية بيوت من لم يصل بعد منهم..أجمل مشهد كان هذه الليلة..حين شرع أهل الحيّ في تنظيف الشارع، كبيرهم قبل صغيرهم..آخرون طفقوا يغسلون الأرصفة بخراطيم المياه، الحميّة تهبّ في كلّ النفوس دفعة واحدة، فتضخّ الحياة في الجسد المتهالك حزناً، وشتاتاً..صاحب (السوبرماركت) يشمّر بنطاله، يغسل أدراجه العريضة، يعود إلى إطلاق دعاباته المرحة،ناثراً الألفة، والمودة على أسماع زبائنه.
وعند أذان العشاء..توجّه نفر من الرجال لتأدية الصلاة في المسجد القريب ..الساطع بأضوائه الخضراء ..وأنواره الرحمانيّة.ثمة شيء يثلج الصدر، يعطي بعض الطمأنينة، في نفوس لم يصبها عطب الموت، كنبع متجدّد دفّاق بالإيمان، والصبر، والأمل..كنت فرحة إلا من غصّتين:
ــ الخوف من مفاجأة قاسية، رعناء، لا مسؤولة،مباغتة، لم يعد يحتملها القلب.
والثانية: اشتياقي لجارتي الأنيقة، وهي تمسح غبار رخام الشرفة، علّها تمسح معها كلّ ماعلق في زوايا القلب من حزنٍ..كي ننسى..ونبدأ من جديد..حتى نرضى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق