الروائى الفرنسى فرنسوادى شاتوبريان...

(1)
وكنت سابقاً ،وقبل أكثر ربع قرن من الزمن ، قرأت له رواية "الناتشز""،والتى يقول عنها:
(كنت لا أزال فتيا غض الإهاب يوم فكرت فى أن أضع ملحمة عن رجل الطبيعة أو أرسم صورة لأخلاق المتوحشين،على أن أصلها بحادث من الحوادث المعروفة ،وبعد اكتشاف أمريكا لم أجد موضوعا أكثر إثارة لاهتمام القراء ولاسيما الفرنسيين ،من مذبحة مستعمرة الناتشز _تلك التى وقعت فى لويزيانا سنة 1727م،فإن إجماع القبائل الهندية على التآمر _بعد قرنين من كبت وعسف_لكى يعيدوا الحرية إلى العالم الجديد،بدا لى موضوعا يقابل بالارتياح ما قوبل به موضوع فتح المكسيك،فبدأت أخط على الورق بعض عناصر هذا الكتاب).

هذا الكتاب الذى يصفه مؤلفه(إن وصف أمريكا المتوحشة يستدعى بالطبع رسم صورة لأمريكا المتحضرة ،لكن رسم مثل هذه اللوحة يبدو فى غير محله،فى مقدمة كتاب هو من نسج الخيال 0وفى الكتاب المتضمن ذكريات أسفارى إلى أمريكا سأبين _بعد أن أصف القفار _ما صار إليه العالم الجديد وما يمكن أن ينتظره من المستقبل ،...)
 (2)

شاتوبريان.. ظن نفسه أحد الرحالة العظام بل كان يقول ( أنه لامفر من أن أزور الشعوب التى أعتزم تصويرها إذا كنت أريد أن أرسم منها صورة صادقة أمينة ، مقتدياً فى ذلك بمثل هوميروس).

ويستطرد أنه فى سنة 1789م قد أفضى إلى السيد"ماليزرب(محام نابغة استوزره الملك لويس السادس عشر،وقد أعدمته الثورة الفرنسية )بعزمه على ارتياد ربوع أمريكا ، بل يقول أنه عقد النية على الإستفادة من هذه الرحلة من اكتشاف وبطريق البر الممر القطبى الى طالما بحث عنه رواد البحار والذى قدر المكتشف كوك إمكان وجوده ،ونحقق عزمه وتمت الموافقة على طلبه فسافر ورأى الغرلات الأمريكية ، وعاد من سفره واضعاً خططه.. العودة مرة ثانية فى رحلة تستغرق تسع سنين يعتزم فيها اجتياز القارة الشمالية كلها ..

وفى هذه الأثناء شبت الثورة الفرنسية التى قضت على كل مشروعات شاتوبريان الاكتشافية فراح يهيم فى بلاد الغربة ، بعد ما شاهد مصرع أخيه الوحيد وأخته ووالدهما الشيخ الجليل وموت والدته وشقيقةأخرى تحظى بمواهب عدة ، قد تعجلهم الموت من جراء ما قاستاه من شقاء وعذاب فى ظلمات السجون.

ويصف كتابه الناتشز بقوله(وهكذا فن القارىء يجد فى الجزء الأول من التاشز كل عجيب مدهش ..فى كل نوع ومن كل جنس؛فالمسيحى المدهش وسرد الأساطير المدهش والهندى العجيب ،كمايلتقى بآلهة الوح وعرائس الشعر والفنون وبالملائكة والشياطين والعباقرة والمعارك ويلم بالأشخاص الرمزية كمثل الشهرة والوقت والليل والنهار والموت والصداقة ،كما يستعرض من هذا الجزء مناشدة الأرواح وذبائح الهنود والأعاجيب 0ويتضمن التشبيهات الكثيرة والموازنات العديدة ،من قصيرة موجزة وطويلة مسهبة،فتكون صوراًً قلمية ولوحات صغيرة ،على طريقة هوميروس.
وفى الجزء الثانى يختفى العجيب المدهش ،ولكن حبكة الرواية تزداد تعقداًوتتكاثر أشخاصها،وبعضها مأخوذ من طبقات الشعب الدنيا ،وهكذا فإن الرواية تحل محل القصيدة ،دون أن ينحط الأسلوب ،عن مستوى روايتى"" رنيه وأتالا""، بل إن الانشاء قد يعلو أحياناً إلى درجة إنشاء الملاحم وفقاً لطبيعة الموضوع ،أو طابع الأشخاص أو وصف الأماكن .
ويتضمن الجزء الأول تتمة حديث شكتاس وفره إلى باريس 0والغرض الذى نوخيته من الحديث إظهار التناقض بين أخلاق الشعوب التى تعتمد فى معيشتها على صيدالطيور والأسماك والحيوان ورعى السائمة ،وبين أخلاق أكثر شعوب الأرض حضارة وفى هذا،وفى وقت واحد،نقد لعصر لويس الربع عشر وثناء عليه،ومناظرة بين حال الحضارة وحال الطبيعة ،سنرى من يكون الحكم فى هذه القضية ؟؟؟)

نلاحظ فيما يقوله شاتوبريان ...نزعة التعصب الأعمى لحضارة الرجل الأبيض، (أكثر شعوب الأرض حضارةً) وماعداهم شعوب همجية !!!!!!

بل نلاحظ أن شاتوبريان... لايتذكر سوى هوميروس أبو الملاحم (الإلياذة والأوديسا )ويسير على نهجه ويحتذى خطاه.
 2006م