مايجرى فى عالمنا العربى ،وخاصةًً مايجرى فى مصر ،من أحداث ،شىءٌ محيّرٌ للغاية .
تاهت فيها العقول ،وعجزت الدراسات فى الوصول إلى نتائج حاسمة .
وانقسم الشعب نصفين ،واستحلت الدماء بينهما فسالت،وتعطلت لغة الكلام فتكلمت البنادق والخناجر والحرائق.
وعميت العيون فأصبحت لاترى إلا أعداءاً وعملاءاً وثواراً وخونةً وفلولاً ومنفذين لأجندات أجنبية وشواذاً وعاهراتِ وبلطجية ،
ومسلمين وكفرة، وعلمانيين مهدورين الدماء وليبراليين ملحدين.
وصار الضحايا شهداء وقتلى .
وأصبحنا على شفير حرب أهلية ،قد تشتعل فى أى لحظة بل اشتعلت وسقط الضحايا ..
ورفع القضاء راية العصيان وهوت السلطة فى مستنقع آسن فلم تعد تدرى الصواب والخطأ .
وتوقفت الحياة وجف الضرع ومات الزرع وصرخ الرضيع وبكى الضجيع وأمطرت السماء ظلاماً دامساً ..
وهتفت بى نفسى :
متى يطلع الفجر ؟
متى ينزاح الظلام ؟
متى تشرق الشمس؟
وماتت على لسانى الأسئلة.
وحملت مصباحى وعدوت فى الشوراع والحارات والمدن والقرى..
أبحث عن الحقيقة.
أبحث عن شمس أبت أن تسطع علينا.
أبحث عن مصر الضائعة فى ليل طويل .
أبحث عن حضارة وعن تاريخ.
ابحث عن نهرالنيل غاضت مياهه.
أبحث عن أرضِ حضراء تصحرّت
أبحث عن أشجار غادرت بلادنا.
أبحث عن قمرِ ترك سماءنا.
أبحث عن نفسى.
وعن وطنى .
وعن تاريخى ..
أضاعوه ..أضاعوه ..أضاعوه
التتار الجدد .هاهو صلاح عبدالصبور يتكلم بلسانى :حزنى ثقيلٌ فادحٌ هذا المساءُ
كأنه عذابُ مصفدين فى السعير
حزنى غريب الأبوين
لأنه تكون ابن لحظة مفاجئة
ما مخضته بطن
أراه فجأة إذا يمتد وسط ضحكى
مكتمل الخلقة ،موفور البدن
كأنه استيقظ من تحت الركام
بعد سبات فى الدهور.
مقطع من "أغنيةإلى الله"ديوان "أحلام الفارس القديم"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق