بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

مولانا جلال الدين الرومى




مستمتعاً وشغوفاً بمثنوى (جلال الدين الرومى )،ترجمة وشرح وتقديم الأستاذ الدكتور /إبراهيم الدسوقى شتا....

هذا التراث الإنسانى الخالد أصدره، فى ستة مجلدات ضخمة، المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة .سنة 1996م فى طبعة فخيمة .

"المولد : ولد سنة603هجرية - 1207ميلادية ،وتوفى فى سنة 672هجرية – 1273ميلادية . أى عاش حوالى 70عاماً.
الزمن: في سنة 616هجرية،1219 م، اجتاح جنكيزخان المشرق الإسلامي ، تحت ذريعة قتل الخوارزميين لمجموعة من تجارهم،وكدأب الممالك الرخوة ، في ذلك الوقت فقد وصفها المؤرخ الذهبي قائلاً:والزنا فيهم فاش، واللواط ليس بقبيح..والغدر خلق لا يزايلهم).
والهجوم الكاسح للمغول ،كان من نتائجه الوخيمة ، أن حولوا حواضر الإسلام الزاهرة في إيران والعراق وآسيا الوسطى عموما إلى كتل من اللهب وركام من التراب، وراح جنكيز خان يسأل الناس عن دينهم فيجيبونه:"ديننا الاسلام، ويقولون كذا وكذا.."، فيرد عليهم بقسوة وغلظة :"لا أرى أنكم تقيمون دينكم، أنا نقمة ربكم عليكم".أما السلطان الخوارزمي علاء الدين محمد فقد تمكن المغول من القبض على نسائه ووالدته وأصبحن خادمات في بيوت قادة المغول ، هذا السلطان المهزوم
_الذى غاص وحنوده فى حمئة الشهوات والراذئل ولم يدركوا خطر التحلل والعربدة فتركوا البلاد والعباد لقمة سائغة لكلاب جنكيزخان _ هرب قاصداً إحدى الجزر البحرية النائية في بحر قزوين، حيث مات ذليلاً، طريداً، قبيل وفاته قال كلاماً بليغاً يدل على شدة ندمه على ما فرط في جنب الله سبحانه وتعالى، قال السلطان:"لم يبق لنا مما ملكناه من أقاليم الأرض قدر ذراعين، تُحفَر فنُقبر، فما الدنيا لساكنها بدار، ولا ركونه إليها سوى انخداع واغترار، ما هي إلا رباط ، يدخل من باب ويخرج من باب ، فاعتبروا يا أولي الألباب".
من الطفولة إلى لقاء شمس الدين التبريزى : في هذا الجو التاريخي المؤلم عاش الشاعرالفارسي ( جلال الدين الرومي) الطفولة وبسبب الاجتياح المغولي لمنطقة(بلخ)حالياً (افغانستان)، تركت عائلته موطنها واستقرت في قونية التركية، وأصبح والده بهاء الدين استاذا يدرس في جامعة قونية، الأمر الذى نال به إهتماماً عظيماً من والده ،ثم من صديق والده سيد برهان الدين البلخي.واصل جلال الدين الرومى التعلم عن أستاذه سيد برهان الدين إلى جانب مكابدة أربعينيات صارمة من العبادة والصوم، بعد ذلك قضى أكثرمن اربع سنوات في دمشق وغيرها حيث درس مع نخبة من أعظم العقول الفقهية والعلمية في ذلك الوقت، مما مكنه في النهاية من اكتساب تكوين متين في الفقه والتصوف.‏ حين أدرك البلخى أنه أكمل مسؤولياته تجاه تلميذه جلال الدين الرومى،أخبره باعتزاله بقية حياته ، وفي عمر السابعة والثلاثين التقى جلال الدين بالدرويش الأمي المتجول شمس الدين التبريزي الملقب بشمس المغربي ، فكانت ولادة جديدة لجلال الدين الرومي، أنشد بعدها للبشرية أرق وأجمل أناشيد الحب الخالدة.
حب إلهى وميراث إنساني : باقتراح من تلميذه حسام الدين شرع مولانا في بداية الخمسينيات من عمره باملاء ديوانه الشعري الصوفي الضخم(المثنوى) على هذا التلميذ الذي أخذ على عاتقه مهمة تدوين أكبر ديوان صوفي في التاريخ الانساني،ويتكون هذا العمل الروحى الضخم من 27ألف بيت من الشعر والذى يتضمن كل مناحي الشخصية الإنسانية، كما يتميز بالغزارة والتفاصيل الدقيقة في عالم الطبيعة والتاريخ والجغرافيا.والقصص الرمزى الشيق والمعبر عن صفاء الروح،

يفتتح المثنوى بأبيات تحكي شوق الروح الانسانية إلى خالقها، تحت غطاء رمز الناي الذي يئن حنيناً إلى منبته،إنها وكما أسميها أنين أو أنات الناى،
 أقدم هذه الأبيات ،عساها تكون حافزاً للإطلاع على هذا العمل الخالد.




أنين الناى 

استمع إلى هذا الناى يأخذ فى الشكاية ، ومن الفرقات يمضى فى الحكاية
- منذ أن كان من الغاب اقتلاعى ، ضج الرجال والنساء فى صوت إلتياعى
- أبتغى صدراً يمزقه الفراق ، كى أبث شرح آلام الفراق.
- كل من يبقى بعيدا عن أصوله ، لايزال يروم أيام وصاله
.


5- نائحاً صرتُ على كل شهود، وقرينا للشقى والسعيد.
- ظن كل إمرىء أن صار رفيقى ، لكنه لم يبحث من داخلى عن أسرارى .
- وليس سرى ببعيد عن نواحى ، لكنه العين والأذن قد حُرمتا هذا النور .
- وليس الجسد مستوراً عن الروح ولا الروح مستورة عن الجسد، لكن أحداً لم يؤذن له بمعاينة الروح.
- وأن هذا الأنين نار وليس هواء ، وكل من ليست لديه هذه النار ليكن هباءً
.

10- ونار العشق هى التى نشبت فى الناى ، وغليان العشق هو الذى سرى فى الخمر.
- والناى صديق لكل من إفترق عن أليفه ،ولقد مزقت أنغامه الحجب عنا.
- فمن رأى كالناى سما وترياقا؟،ومن رأى كالناى نجياً ومشتاقا؟.
- إن الناى يتحدث عن الطريق الملىء بالدماء ، والناى هو الذى يروى قصص عشق المجنون.
- وهذا الوعى محرم إلا على من فقد وعيه ، كما أنه لا مشترٍ للسان إلا الأذن.


15- لقد صارت الأيام تسعى فى أحزاننا بغير وقت ،وأصبحت قرينة للأحزان والمحن.
- فإن مضت الأيام فقل لها إذهبى ولاخوف ، ولتبق أنت يامن لا مثيل لك فى الطهر.
- ولقد ملءهذا الماء من ليس بحوته ، وطويلُ يوم من لاقوت له منه.
- أن أحوال الكمل العارفين لا يدركها فج ساذج.ومن ثم يبتغى أن نقصر فى الكلام ...فسلاما.
- ولتحطم القيد ولتكن حراً يابنى ، فحتام تظل عبدا للفضة وعبدا للذهب ؟


20- وإنك إن تصب البحر فى إناء ، فكم يسع؟ نصيباً يكفيك ليوم واحد.
- وإن آنية أعين الحريصين لم تمتلىء قط، وما لم يقنع الصدف لا يمتلىء بالدر.
- وكل من مزق ثوبه من عشق ما،فقد برىء من الحرص ومن كل العيوب.
- ولتسعد إذن أيها العشق الطيب، ياهوسنا ، ياطبيباً لكل عللنا .
- يادواءً لكبريائنا وعنجهيتنا ، يامن أنت لنا بمثابة أفلاطون وجالينوس .


25- لقد سما الجسد الترابى من العشق حتى الأفلاك ، وحتى الجبل بدأ فى ارقص وخف.
- أيها العاشق ، لقد حل العشق بروح طور سيناء ، فثمل الطور وخر موسى صعقا.
- وأنا لو كنت قرينا للحبيب ، لكنت كالناى ، أبوح بما ينبغى البوح به.
- لكن كل من إفترق عمن يتحدثون لغته، ظل بلا لسان ، وإن كان لديه ألف صوت .
- والورد عندما مضى " أوانه" وماتت روضته ،فلن تسمع البلبل بعد يروى سيرته.

30- والكل معشوق ،والعاشق مجرد حجاب ،والمعشوق حى ،والعاشق إلى موت.
- ولو لم يقم العشق برعايته، يبقى كطائر بلا جناح ،ويل له.
- فكيف يكون لى علم بما أمامى وبما ورائى ،إن لم يكن نور حبيبى أمامى وورائى.
- إن العشق يريد أن يصدر منى هذا الشعر ،وإن لم تكن المرآة مُنبئة فماذا تكون ؟
- أتدرى لماذا لا تنبىء مرآتك ؟ ذلك لأن الصدأ لم يُجل عن وجهها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق