الأدب الإسلامى؟؟؟!

من المدهش حقاً ،أن تكون رابطة العالم الإسلامى، صاحبة نظرية الأدب الإسلامى ،وتضع لها الشروط والمواصفات القياسية، وما يُكتب وما لا يُكتب.؟!

حقيقةً ..أنا مندهش كل الإندهاش مما قرأته.

الإسلام شريعة وعقيدة .
أما الأدب فهو وليد تجارب البشر فى حياتهم ،أعلم أن هناك نظرية يدرسها الطلاب فى الجامعات تُسمى نظرية الأدب .
لكن ماهو الأدب،وما الذى يُقصدبه؟؟
هل الأدب منظومة قيم ومبادىء أم هو بحث الإنسان عما يعتوره من هموم ومايشغله من أحداث الحياة ؟
هل الأدب هو منظومة دينية عقائدية أم هو منتج بشرى يبحث عن أغوار النفس ؟

من الملفت للنظر فى هذا الموضوع المطروح ،أن كافة الآراء تٌبدى الإستحسان وفقط.

ولم أجد رأياً واحداً.. يتساءل عن ماهية الأدب؟

هناك فرق بين الإسلام كدين وعقيدة وبين خبايا النفس البشرية اللوامة والمطمئنة والأمارة بالسوء.

الأدب عبر عصوره المختلفة ،تتغير أنواعه وروافده بل وأشكاله.
هل الأدب ينحصر فى الوعظ والإرشاد؟
هل الأدب قاسم مشترك مع منظومة القيم السائدة فى المجتمع والدين الذى يعتنقه الناس؟؟
هل أزعم لنفسى أن هناك أدباً يهودياً وأدباً مسيحياً؟ هذا بالنسبة للأديان السماوية الثلاثة .
وبالنسبة لديانات وعقائد الآخرين الذين يعتنقون عقائد أخرى كالسيخ فى الهند والبهائيين وعبادة الشيطان والملاحدة ....إلخ إلخ .هل لهم أدب يبدعونه ؟؟

حتى الشعر وباعتباره أحد فروع الأدب ،هو منتج بشرى، بل أظن أن هناك دراسات جادة ،أعطت الشاعر ..حرية القول وحرية الفكر وحرية الإبداع.
الأدب وكما هو معروف الآن ،زادت دائرة مواضيعه ومسمياته إلى الحد الذى لم يعد القارىء النهم ،محيطاً به وبمدارسه المختلفة .

الأدب فى صدر الإسلام، كان أدباً وعظياً من الدرجة الأولى ،ولحين ثبوت قيمه ومبادئه فى المؤمنين به.
كان الشعر.. هو فارس الميدان ولاشىء سواه.

وباتساع الفتوحات وانتشار الإسلام فى بلاد وبلدان لها ثقافات وفلسفات تتباين مع منظومة القيم الدينية الإسلامية ،كان الإقتراب منها بحذر شديد ..ولا أنسى عصر الترجمة التى نُقلت فيه مجلدات الفكر والإبداع اليونانى القديم،وترجمات الشعر والخطابة والسياسة والقوانين لأرسطو وأفلاطون وآخرين .

كان الأدب المتواجد على الساحة العربية الإسلامية وكما قلت لايعدو إلا أن يكون شعراً.

وبدخول الإسلام فى البلدان الأخرى كما سبق القول ،اتسعت رويداً رويداً دائرة الأدب فظهرت المقامات ،وكتب الحكمة والنثر والرسائل والخطابة والموسوعات الأدبية الضخمة والموسوعات التاريخية .
كانت جميعها أى ماسلف بيانه ،تحاول البحث عن روافد ثقافية أخرى فوجدنا الحديث عن الثقافة الفارسية والثقافة اليونانية ،وأمتلئت الكتب بأقوال أرسطو وأفلاطون وكسرى أنو شروان وكليلة ودمنة والأدب الكبير لابن المقفع. والفلسفة الإسلامية ،التى كانت من تأثير الفلسفات الأخرى ،وسماها الفلاسفة المسلمون ،علم الكلام . ثم الحديث عن الموسيقى والألحان والغناء و الرسم والفنون التشكيلية والنحت والتصوير والأرابيسك وفن الخط والمنممات...إلخ
ثم تواصلت عصور الأدب ،وكل عصر له همومه ومشاكله وروافد ثقافاته المختلفة .
ظهر الأدب القصصى ثم الأدب الروائى ثم الأدب المسرحى ثم الشعر المسرحى ثم الادب الملحمى ،ثم مدارس الشعر المتعددة وعالم الموسيقى والأوبرا والباليه ..............إلخ
ثم ظهرت السينما ووانتشرت انتشاراً ملأ الدنيا وشغل الناس ثم الإذاعة ثم التليفزيون ..وكان لكل فن من الفنون ،رواده ومنتقدوه ،عوالم ثقافية مبهرة وتفرض نفسها على أذواق الناس فرضاً.

من من لم يقرأ لتولستوى وتورجنيف وبوشكين وشكسبير وبودلير ومالارميه والملاحم القديمة وطاغور وإقبال وجوته ؟؟؟
ألوف الكتّاب ، وفى كل فروع الأدب والفكر والفلسفة والتصوير والموسيقى والفنون التشكيلية ، من جميع البدان والأقطار.. يسعون إلى الفضيلة والحرية والعدالة والجمال والرفعة .

أزعم ،وتقديرى واحترامى لكل الآراء، أن الثقافات الرفيعة ،هى منظومة قيم .

وأؤكد أن الأدب الفاحش والبورنوجرافيا ،يرفضها الإنسان الحر فى أى مكان وأى زمان.
والأدب الرفيع.. تصبو إليه كل نفس شريفة عفيفة ،تبحث عن إجابات وتهفو لتحقيق السلام والأمن.
الأدب الرفيع لايستمد وجوده من شروط مسبقة ولاحدود مرسومة.


**********
15/3/2009م
هذه السطور كتبتها ،ذات يومٍ،ونشرتها فى إحدى المجلات المصرية .
كان لقاءً أدبياً ،بشأن مناقشة رواية لنجيب الكيلانى ،وهو أحد الدعاة إلى الأدب الإسلامى ،الذى تدعو إليه.. رابطة العالم الإسلامى .