مسائي حزين
قصة قصيرة
قصة قصيرة
مسائي
موجع حزين...يغرقني في عتمة نفسي...يشعرني بالاختناق... القهوة التي
تعوّدت أن أترشّفها كانت في هذا المساء بنكهة الظّلم...شديدة المرارة...هي
مرارة القهر...أكاد أفقد هدوئي المعتاد...يشعرني ذلك بالخوف...يمزّقني
الإحساس بأنّني أتخلّى عن طبعي الهادئ لأدرأ عنّي الظّلم...
تنشطر ذاتي...أراني في مرآة نفسي...عاجزة عن تنظيف تلك البقع السّوداء التّي خلّفتها قسوة الآخرين... أستسلم للسكينة التي تملأ نفسي...أنتظر دون أن أفقد الأمل معالجة مشكلتي في العمل...أنتظر أسبوعا دون جدوى...
اليوم يتخلّى عنّي صبري...تسلمني سكينتي لعصبيّة غير معتادة...يستفزّني ظلم تلك السّيدة وهي تخاطبني بلامبالاة...أتمرّد على عجزي وأواجه قسوتها...
تنشطر ذاتي...تعتب عليّ عصبيّتي غير المعتادة...تلومني على تخلّي عن هدوئي...لكنّه الظّلم الذّي أقضّ مضجعي...
_____________________
قراءة شديدة المرارة
ساعات وأنا أتجول بين حدائق القصة القصيرة ،هذا النوع الأدبى المتميز .
ساعاتٌ طويلاتٌ وأنا أقرأ إبداعاً حقيقىاً ناضجاً ثرىاً.
وعترثُ أثناء بحثى على قصةٍ موجعة ٍ أثارت مكامنى وتدفق فىّ طوفانٌ يحمل قهر السنين وألم الروح وعذاب الضمير.
نادية البرينى ..تكتب بدمائها ،بنزيف روحها ،بضميرها الذى يأبى الظلم .
نادية البرينى ..تخط على الصفحات نزيف الروح .
عبقرى القصة العالمى أنطوان تشيكوف عندما يكتب ويبنى قصته لايتوقف عند إنتهاء الحدث الرئيسى أو طرح حلاً له ،وإنما يستمر فى الكتابة كمرحلة تالية تعمق من تأثير القصة ورؤيتها .
نادية الرينى تلمح ضمنياً أن حل مشكلة البطلة لاتتمثل فى حل مشكلتها"القهر الوظيفى"،ولكن بالتغيير الشامل للظروف الإجتماعية التى تسود وتخلق هذه المشاكل والقسوة الغير مبررة والتعالى الممقوت .
القصة تنتهى عند"أتمرد على عجزى وأواجه قسوتها"لكنها تضيف سطرين آخريين لتؤكد الظلم والمواجهة له والتنديد به.
فى رائعة تشيكوف "موت موظف" كان القهر الوظيفى قد صنع إنساناً رعديداً مذعوراً محبطاً مقهوراً، ليس فقط على المستوى الوظيفى ،وإنما على مستوى الحياة.
وهذا التشوه أصاب البطل فى مقتل ،وكانت نهايته مفجعة.
أما بطلة البرينى ..وقد عصفت بها رياح القهر وتمكنت من إرادتها وسيطرت عليها ،فلم تجد حلاً سوى المواجهة وأياً كانت النتائج .
هى مصالحة مع الذات ومجاهدة لرأب الصدع المتنامى بداخلها .
هى مواجهة شرسة بين أعلى وأدنى فى السلك الوظيفى .
هى محاولة جادة لتطهير الروح من أدران القسوة والظلم .
هى مواجهة صعبة لكنها قد تؤتى ثمارها فى إستيلاد العدالة المفقودة .
وفى تعدد مستويات القراءة تصرخ فينا "الثورة على الظلم لانتظام الحياة"
صناعة القهر،وعلى كافة المستويات ، صناعة عالمية وداء مستشرى فى كل البلدان ،هو القهر التراتبى من أعلى لأسفل وأمراض تستعصى على الحل الفورى .
نادية البرينى تكتب ببراعة وتألق وموهبة ،فاللغة شديدةالوجع ،حادة ومدببة ،موحية وعظيمة الثراء .
ويُحسب للقاصة الموهوبة براعتها فى استخدام علامات الترقيم (...)والتى اصطلح اللغويون على أن ثلاث نقاط تعنى أن فى موضعها كلاماً محذوفاً ،مقدراً أو غير مقدر.
وأرى أن حذف هذا الكلام قد أفسح المجال أمام المتلقى فى ملء الفراغات،ولم يكن انتقاصاً من السرد القصصى .
وهنا لم تأت علامات الترقيم اعتباطاً ،وإنما لعلة ولسبب أرادته القاصة وحرصت عليه وصادفها التوفيق.
تنشطر ذاتي...أراني في مرآة نفسي...عاجزة عن تنظيف تلك البقع السّوداء التّي خلّفتها قسوة الآخرين... أستسلم للسكينة التي تملأ نفسي...أنتظر دون أن أفقد الأمل معالجة مشكلتي في العمل...أنتظر أسبوعا دون جدوى...
اليوم يتخلّى عنّي صبري...تسلمني سكينتي لعصبيّة غير معتادة...يستفزّني ظلم تلك السّيدة وهي تخاطبني بلامبالاة...أتمرّد على عجزي وأواجه قسوتها...
تنشطر ذاتي...تعتب عليّ عصبيّتي غير المعتادة...تلومني على تخلّي عن هدوئي...لكنّه الظّلم الذّي أقضّ مضجعي...
_____________________
قراءة شديدة المرارة
ساعات وأنا أتجول بين حدائق القصة القصيرة ،هذا النوع الأدبى المتميز .
ساعاتٌ طويلاتٌ وأنا أقرأ إبداعاً حقيقىاً ناضجاً ثرىاً.
وعترثُ أثناء بحثى على قصةٍ موجعة ٍ أثارت مكامنى وتدفق فىّ طوفانٌ يحمل قهر السنين وألم الروح وعذاب الضمير.
نادية البرينى ..تكتب بدمائها ،بنزيف روحها ،بضميرها الذى يأبى الظلم .
نادية البرينى ..تخط على الصفحات نزيف الروح .
عبقرى القصة العالمى أنطوان تشيكوف عندما يكتب ويبنى قصته لايتوقف عند إنتهاء الحدث الرئيسى أو طرح حلاً له ،وإنما يستمر فى الكتابة كمرحلة تالية تعمق من تأثير القصة ورؤيتها .
نادية الرينى تلمح ضمنياً أن حل مشكلة البطلة لاتتمثل فى حل مشكلتها"القهر الوظيفى"،ولكن بالتغيير الشامل للظروف الإجتماعية التى تسود وتخلق هذه المشاكل والقسوة الغير مبررة والتعالى الممقوت .
القصة تنتهى عند"أتمرد على عجزى وأواجه قسوتها"لكنها تضيف سطرين آخريين لتؤكد الظلم والمواجهة له والتنديد به.
فى رائعة تشيكوف "موت موظف" كان القهر الوظيفى قد صنع إنساناً رعديداً مذعوراً محبطاً مقهوراً، ليس فقط على المستوى الوظيفى ،وإنما على مستوى الحياة.
وهذا التشوه أصاب البطل فى مقتل ،وكانت نهايته مفجعة.
أما بطلة البرينى ..وقد عصفت بها رياح القهر وتمكنت من إرادتها وسيطرت عليها ،فلم تجد حلاً سوى المواجهة وأياً كانت النتائج .
هى مصالحة مع الذات ومجاهدة لرأب الصدع المتنامى بداخلها .
هى مواجهة شرسة بين أعلى وأدنى فى السلك الوظيفى .
هى محاولة جادة لتطهير الروح من أدران القسوة والظلم .
هى مواجهة صعبة لكنها قد تؤتى ثمارها فى إستيلاد العدالة المفقودة .
وفى تعدد مستويات القراءة تصرخ فينا "الثورة على الظلم لانتظام الحياة"
صناعة القهر،وعلى كافة المستويات ، صناعة عالمية وداء مستشرى فى كل البلدان ،هو القهر التراتبى من أعلى لأسفل وأمراض تستعصى على الحل الفورى .
نادية البرينى تكتب ببراعة وتألق وموهبة ،فاللغة شديدةالوجع ،حادة ومدببة ،موحية وعظيمة الثراء .
ويُحسب للقاصة الموهوبة براعتها فى استخدام علامات الترقيم (...)والتى اصطلح اللغويون على أن ثلاث نقاط تعنى أن فى موضعها كلاماً محذوفاً ،مقدراً أو غير مقدر.
وأرى أن حذف هذا الكلام قد أفسح المجال أمام المتلقى فى ملء الفراغات،ولم يكن انتقاصاً من السرد القصصى .
وهنا لم تأت علامات الترقيم اعتباطاً ،وإنما لعلة ولسبب أرادته القاصة وحرصت عليه وصادفها التوفيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق