(1)
لويجى برندلو.. المسرح العالمى الإيطالى الذى حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1934م .
كتب مسرحيته ودرته الأولى" ست شخصيات تبحث عن مؤلف" وعرضت على مسرح "فاللى دى روما" سنة 1921م"وأثارت ضجة كبيرةوانقسم الجمهور حيالها إلى فريقين ،فريق يصفق وفريق يُصفر صفيراًعالياًويرغى ويزبد ويلعن المؤلف ويصمه بالجنون.
وظلت هذه المسرحية فترة طويلة حديث النقاد فى إيطاليا وأوروبا على حد سواء بين التقييم والتثريب ،الأمر الذى دعا بيرانللو لأن يكتب بحثاً يرد فيه على النقاد ويشرح فيه مذهبه المسرحى ."
كانت هذه المسرحية ثورة فى كتابة المسرحية وفتحاً مبيناً لمسرحيات أخرى على مستوى العالم قاطبةً .
لويجى بيرانللو .. أحفظ اسمه وأردده ،فأول ماقرأت له مسرحيته المرعبة "هنرى الرابع" الذى لم أنم ليلة قراءتها ، أول مرة ،منذ مايقرب من أربعين عاماً .
قد اختلط لدىّ الحقيقة بالخيال ،والوهم بالصدق ،وعشتُ أياماً أتحسس خطاى مع هنرى الرابع ، وأعماله الأخرى المعصرة وأداء الأدوار وأبو زهرة فى فمهوتتبعت أعماله ومعظمها موجود بمكتبتى .
لكن مسرحيته "ست شخصيات تبحث عن مؤلف " درة أعماله على الإطلاق ،وماقدمته سابقاً جزءاً من الفقرة الأولى من المسرحية .
فبرانديللو لم يتبع التقسيم الثلاثى الكلاسيكى لمسرحيته ،وإنما جعلها وحدة واحدة وراحات بين أحداثها .
شخصيات تبحث عن مؤلف مما استدعى الدهشة والعجب من مدير المسرح والممثلين الذين يتدربون على مسرحية أخرى. ثم يٌفاجئون بست شخصيات تدخل عليهم (الأم ،الأب،الابن،ابنة الزوجة،الولد"شخصية غير متكلمة" ،الفتاة الصغيرة"شخصية غير متكلمة" ).هذه المسرحية ترجمها من الإيطالية محمد إسماعيل محمد ونشرتها دار النهضة العربية سنة 1967م
ومايحدث فى مصر الآن.. استدعى إلى ذهنى هذه المسرحية ..التى سيطرت وبقوة على فكرى وشغلتنى ،ورأيت أنها شعبنا يقف ويبحث عن رئيس ،فلقد أظلمت أمام عينيه الدنيا ،وضاقت به الحياة ..قام بثورة ،ولم يجن ثمرة من ثمارها ..
شعبٌ تائهٌ حزينٌ محبطٌ ..سالت بين أبنائه الدماء العزيزة ،وتخربت النفوس وعشش فيها الانتقام ،وهانت الأرواح ورخصت الأبدان.
شعبٌ يبحث عن قيادة ،عن رئيس ،عن هدف ،عن مصير،عن استقرار ،عن أمن .. فلقد تفرقت به السبل .
آه ٍ ....يامصرنا العظيمة .
(3)
من الصدف الغريبة.. أن شخصيات بيرانديللو التى تبحث عن مؤلف كى تبثه شكواها ومآسيها وآلامها ،رسمها بصورة محزنة جداً ،وبائسة جداً..حالة حداد تسيطر على نفوسهم وثيابهم ، وهناك فى عمق المأساة والحداد بارقة أمل تبدو فى ابنة الزوجة والابن.
فهلموا معى كى نرى أوصاف الشخصيات ،وسيكون لنا معهم وقفات عبر أحداث المسرحية .الأب.. رجل أشرف على الخمسين ليس أصلع الرأس تماماً ولكن شعره الأحمر يبدو خفيفاً عند السوالف،محمر البشرة.شاربه كث يغطى فمه الذى مازالت تبدو عليه سمات الشباب .وكثيراً ماتتدلى شفاة هذا الفم فى ابتسامة غير ذى معنى .لونه يميل إلى الاصفرارويبدو ذلك واضحاً عندما تتاح الفرصة للنظر إلى جبهته العريضة .عيناه زرقاوان لهما نظرة حادة متفحصة .يرتدى سترة داكنة . وسروالاً فاتح اللون. أحياناً يتصرف برقة وأحياناً أخرى يبدو جافاً خشناً.الأم.. تبدو كإمرأة حطمها ثقل كبير من الخزى والعار تضع على وجهها نقاباً أسود داكن اللون كنقاب الأرامل وترتدى ثوباً متواضعاً اسود.عندما نرفع هذا النقاب يبدو وجهها كأنه قُد من الشمع. لاتبدو على وجهها أية صورة من صور المرض أو الهزال تنظر بعينيها إلى الأرض طوال الوقت.ابنة الزوجة .. فتاة فى الثامنة عشرة من عمرها .يبدو عليها التحدى والجرأة بلا خجل. جميلة للغاية.ترتدى كذلك ثياب الحداد ولكنها تتعمد أن تبدو رشيقة فى هذا الرداء. تبدى كذلك احتقارها لتصرف أخيها الصغير الذى يتسم بالجبن والانعزال والخجل .وأخوها ولد صغير يبلغ الرابعة عشرة من العمريرتدى كذلكثياب الحداد .ومن ناحية أخرى تبدى عطفاً على أختها الصغيرة ،وهى طفلة فى حوالى الرابعة ترتدى ثوباً ابيض تحليه بشريط أسود من الحرير حول خصرها .الابن.. فتى طويل القامة فى الثانية والعشرين.يبدو كأنه مملوء بشعور من الاحتقار للأب وعدم المبالاة تجاه الأم .يرتدى معطفاً بنفسجى اللون ويضع حول عنقه وشاحاً أخضر.
26/3/2013م
(1)
من الصدف الغريبة.. أن شخصيات بيرانديللو التى تبحث عن مؤلف كى تبثه شكواها ومآسيها وآلامها ،رسمها بصورة محزنة جداً ،وبائسة جداً..حالة حداد تسيطر على نفوسهم وثيابهم ، وهناك فى عمق المأساة والحداد بارقة أمل تبدو فى ابنة الزوجة والابن.
فهلموا معى كى نرى أوصاف الشخصيات ،وسيكون لنا معهم وقفات عبر أحداث المسرحية .الأب.. رجل أشرف على الخمسين ليس أصلع الرأس تماماً ولكن شعره الأحمر يبدو خفيفاً عند السوالف،محمر البشرة.شاربه كث يغطى فمه الذى مازالت تبدو عليه سمات الشباب .وكثيراً ماتتدلى شفاة هذا الفم فى ابتسامة غير ذى معنى .لونه يميل إلى الاصفرارويبدو ذلك واضحاً عندما تتاح الفرصة للنظر إلى جبهته العريضة .عيناه زرقاوان لهما نظرة حادة متفحصة .يرتدى سترة داكنة . وسروالاً فاتح اللون. أحياناً يتصرف برقة وأحياناً أخرى يبدو جافاً خشناً.الأم.. تبدو كإمرأة حطمها ثقل كبير من الخزى والعار تضع على وجهها نقاباً أسود داكن اللون كنقاب الأرامل وترتدى ثوباً متواضعاً اسود.عندما نرفع هذا النقاب يبدو وجهها كأنه قُد من الشمع. لاتبدو على وجهها أية صورة من صور المرض أو الهزال تنظر بعينيها إلى الأرض طوال الوقت.ابنة الزوجة .. فتاة فى الثامنة عشرة من عمرها .يبدو عليها التحدى والجرأة بلا خجل. جميلة للغاية.ترتدى كذلك ثياب الحداد ولكنها تتعمد أن تبدو رشيقة فى هذا الرداء. تبدى كذلك احتقارها لتصرف أخيها الصغير الذى يتسم بالجبن والانعزال والخجل .وأخوها ولد صغير يبلغ الرابعة عشرة من العمريرتدى كذلكثياب الحداد .ومن ناحية أخرى تبدى عطفاً على أختها الصغيرة ،وهى طفلة فى حوالى الرابعة ترتدى ثوباً ابيض تحليه بشريط أسود من الحرير حول خصرها .الابن.. فتى طويل القامة فى الثانية والعشرين.يبدو كأنه مملوء بشعور من الاحتقار للأب وعدم المبالاة تجاه الأم .يرتدى معطفاً بنفسجى اللون ويضع حول عنقه وشاحاً أخضر.
26/3/2013م
لويجى برندلو.. المسرح العالمى الإيطالى الذى حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1934م .
كتب مسرحيته ودرته الأولى" ست شخصيات تبحث عن مؤلف" وعرضت على مسرح "فاللى دى روما" سنة 1921م"وأثارت ضجة كبيرةوانقسم الجمهور حيالها إلى فريقين ،فريق يصفق وفريق يُصفر صفيراًعالياًويرغى ويزبد ويلعن المؤلف ويصمه بالجنون.
وظلت هذه المسرحية فترة طويلة حديث النقاد فى إيطاليا وأوروبا على حد سواء بين التقييم والتثريب ،الأمر الذى دعا بيرانللو لأن يكتب بحثاً يرد فيه على النقاد ويشرح فيه مذهبه المسرحى ."
كانت هذه المسرحية ثورة فى كتابة المسرحية وفتحاً مبيناً لمسرحيات أخرى على مستوى العالم قاطبةً .
لويجى بيرانللو .. أحفظ اسمه وأردده ،فأول ماقرأت له مسرحيته المرعبة "هنرى الرابع" الذى لم أنم ليلة قراءتها ، أول مرة ،منذ مايقرب من أربعين عاماً .
قد اختلط لدىّ الحقيقة بالخيال ،والوهم بالصدق ،وعشتُ أياماً أتحسس خطاى مع هنرى الرابع ، وأعماله الأخرى المعصرة وأداء الأدوار وأبو زهرة فى فمهوتتبعت أعماله ومعظمها موجود بمكتبتى .
لكن مسرحيته "ست شخصيات تبحث عن مؤلف " درة أعماله على الإطلاق ،وماقدمته سابقاً جزءاً من الفقرة الأولى من المسرحية .
فبرانديللو لم يتبع التقسيم الثلاثى الكلاسيكى لمسرحيته ،وإنما جعلها وحدة واحدة وراحات بين أحداثها .
شخصيات تبحث عن مؤلف مما استدعى الدهشة والعجب من مدير المسرح والممثلين الذين يتدربون على مسرحية أخرى. ثم يٌفاجئون بست شخصيات تدخل عليهم (الأم ،الأب،الابن،ابنة الزوجة،الولد"شخصية غير متكلمة" ،الفتاة الصغيرة"شخصية غير متكلمة" ).هذه المسرحية ترجمها من الإيطالية محمد إسماعيل محمد ونشرتها دار النهضة العربية سنة 1967م
ومايحدث فى مصر الآن.. استدعى إلى ذهنى هذه المسرحية ..التى سيطرت وبقوة على فكرى وشغلتنى ،ورأيت أنها شعبنا يقف ويبحث عن رئيس ،فلقد أظلمت أمام عينيه الدنيا ،وضاقت به الحياة ..قام بثورة ،ولم يجن ثمرة من ثمارها ..
شعبٌ تائهٌ حزينٌ محبطٌ ..سالت بين أبنائه الدماء العزيزة ،وتخربت النفوس وعشش فيها الانتقام ،وهانت الأرواح ورخصت الأبدان.
شعبٌ يبحث عن قيادة ،عن رئيس ،عن هدف ،عن مصير،عن استقرار ،عن أمن .. فلقد تفرقت به السبل .
آه ٍ ....يامصرنا العظيمة .
(3)كتب مسرحيته ودرته الأولى" ست شخصيات تبحث عن مؤلف" وعرضت على مسرح "فاللى دى روما" سنة 1921م"وأثارت ضجة كبيرةوانقسم الجمهور حيالها إلى فريقين ،فريق يصفق وفريق يُصفر صفيراًعالياًويرغى ويزبد ويلعن المؤلف ويصمه بالجنون.
وظلت هذه المسرحية فترة طويلة حديث النقاد فى إيطاليا وأوروبا على حد سواء بين التقييم والتثريب ،الأمر الذى دعا بيرانللو لأن يكتب بحثاً يرد فيه على النقاد ويشرح فيه مذهبه المسرحى ."
كانت هذه المسرحية ثورة فى كتابة المسرحية وفتحاً مبيناً لمسرحيات أخرى على مستوى العالم قاطبةً .
لويجى بيرانللو .. أحفظ اسمه وأردده ،فأول ماقرأت له مسرحيته المرعبة "هنرى الرابع" الذى لم أنم ليلة قراءتها ، أول مرة ،منذ مايقرب من أربعين عاماً .
قد اختلط لدىّ الحقيقة بالخيال ،والوهم بالصدق ،وعشتُ أياماً أتحسس خطاى مع هنرى الرابع ، وأعماله الأخرى المعصرة وأداء الأدوار وأبو زهرة فى فمهوتتبعت أعماله ومعظمها موجود بمكتبتى .
لكن مسرحيته "ست شخصيات تبحث عن مؤلف " درة أعماله على الإطلاق ،وماقدمته سابقاً جزءاً من الفقرة الأولى من المسرحية .
فبرانديللو لم يتبع التقسيم الثلاثى الكلاسيكى لمسرحيته ،وإنما جعلها وحدة واحدة وراحات بين أحداثها .
شخصيات تبحث عن مؤلف مما استدعى الدهشة والعجب من مدير المسرح والممثلين الذين يتدربون على مسرحية أخرى. ثم يٌفاجئون بست شخصيات تدخل عليهم (الأم ،الأب،الابن،ابنة الزوجة،الولد"شخصية غير متكلمة" ،الفتاة الصغيرة"شخصية غير متكلمة" ).هذه المسرحية ترجمها من الإيطالية محمد إسماعيل محمد ونشرتها دار النهضة العربية سنة 1967م
ومايحدث فى مصر الآن.. استدعى إلى ذهنى هذه المسرحية ..التى سيطرت وبقوة على فكرى وشغلتنى ،ورأيت أنها شعبنا يقف ويبحث عن رئيس ،فلقد أظلمت أمام عينيه الدنيا ،وضاقت به الحياة ..قام بثورة ،ولم يجن ثمرة من ثمارها ..
شعبٌ تائهٌ حزينٌ محبطٌ ..سالت بين أبنائه الدماء العزيزة ،وتخربت النفوس وعشش فيها الانتقام ،وهانت الأرواح ورخصت الأبدان.
شعبٌ يبحث عن قيادة ،عن رئيس ،عن هدف ،عن مصير،عن استقرار ،عن أمن .. فلقد تفرقت به السبل .
آه ٍ ....يامصرنا العظيمة .
من الصدف الغريبة.. أن شخصيات بيرانديللو التى تبحث عن مؤلف كى تبثه شكواها ومآسيها وآلامها ،رسمها بصورة محزنة جداً ،وبائسة جداً..حالة حداد تسيطر على نفوسهم وثيابهم ، وهناك فى عمق المأساة والحداد بارقة أمل تبدو فى ابنة الزوجة والابن.
فهلموا معى كى نرى أوصاف الشخصيات ،وسيكون لنا معهم وقفات عبر أحداث المسرحية .الأب.. رجل أشرف على الخمسين ليس أصلع الرأس تماماً ولكن شعره الأحمر يبدو خفيفاً عند السوالف،محمر البشرة.شاربه كث يغطى فمه الذى مازالت تبدو عليه سمات الشباب .وكثيراً ماتتدلى شفاة هذا الفم فى ابتسامة غير ذى معنى .لونه يميل إلى الاصفرارويبدو ذلك واضحاً عندما تتاح الفرصة للنظر إلى جبهته العريضة .عيناه زرقاوان لهما نظرة حادة متفحصة .يرتدى سترة داكنة . وسروالاً فاتح اللون. أحياناً يتصرف برقة وأحياناً أخرى يبدو جافاً خشناً.الأم.. تبدو كإمرأة حطمها ثقل كبير من الخزى والعار تضع على وجهها نقاباً أسود داكن اللون كنقاب الأرامل وترتدى ثوباً متواضعاً اسود.عندما نرفع هذا النقاب يبدو وجهها كأنه قُد من الشمع. لاتبدو على وجهها أية صورة من صور المرض أو الهزال تنظر بعينيها إلى الأرض طوال الوقت.ابنة الزوجة .. فتاة فى الثامنة عشرة من عمرها .يبدو عليها التحدى والجرأة بلا خجل. جميلة للغاية.ترتدى كذلك ثياب الحداد ولكنها تتعمد أن تبدو رشيقة فى هذا الرداء. تبدى كذلك احتقارها لتصرف أخيها الصغير الذى يتسم بالجبن والانعزال والخجل .وأخوها ولد صغير يبلغ الرابعة عشرة من العمريرتدى كذلكثياب الحداد .ومن ناحية أخرى تبدى عطفاً على أختها الصغيرة ،وهى طفلة فى حوالى الرابعة ترتدى ثوباً ابيض تحليه بشريط أسود من الحرير حول خصرها .الابن.. فتى طويل القامة فى الثانية والعشرين.يبدو كأنه مملوء بشعور من الاحتقار للأب وعدم المبالاة تجاه الأم .يرتدى معطفاً بنفسجى اللون ويضع حول عنقه وشاحاً أخضر.
26/3/2013م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق