ثلوج سانت كاترين(4)

سانت كاترين 1982م

أتانى مصطفى والقلب مجروح والعقل مكدود وحولى جبالٌ شاهقةٌ ورمالٌ وهضابٌ وسرابٌ لاحدودله وفضاءٌ لاتحده الحدود وملايين النجوم.

أعيش فوق جبالٍ ترتفع عن سطح البحر 2500م.

جنودٌ فى خيامهم وضباط ٌيلعبون الورق ،وأنا هائم على وجهى معذبٌ بأفكارى .

أتانى مصطفى وشعرت أن جزءً منى عاد إلىّ فى هذا الفضاء الشاسع .

أتانى مصطفى وهو يحمل فى رأسه ،ما أسعدنى وأشقانى .

فى الكارفان وعلى سريرين متقابلين يدور الحديث ولاينقطع .
ويأتى الليل ولاينتهى الحديث .
ماركس وتروتسكى وإنجلز وفرويد ونجيب محفوظ والسلام والحرب لتولستوى ودستوفيسكى ومايكوقسكى وجوركى وعبد الصبور ويوسف إدريس وحجازى ودنقل ومنيف وطه حسين والعقاد وسلامة موسى ولويس عوض والمتنبى والمعرى وشوقى وحافظ والشيرازى ووايلد وشو وبريخت وبيكيت وموليير وبودلير وسارتر وكامى وبروست ....................................و....

شهورٌ طويلةٌ وأنا وحيدٌ لا أجد من يشاركنى عقلى .
ليلٌ موصولٌ بنهارٍ.
ونهارٌ موصولٌ بليلٍ طويل ٍدامسٍ.
ومابين الليل والنهار خوف ٌجاثم فوق الصدور .
ومابين النهار والليل ترقبٌ واستعدادٌ لقوات التفتيش الدولى أن تهبط علينا فى أى وقت.
تدريبات فى تبة ضرب النار .
شق حفر برميلية فى صخر سيناء.

أقتنص سويعات الليل وأذناى مع الجنود فى خيامهم وعلى ضوء البيلادوسة "ضوءٌ شحيحٌ من بطارية " أحاول القراءة .
نجيب محفوظ وتحفته ملحمة الحرافيش..وفى كراسة أكتب وأكتب وأكتب .
يوسف إدريس وأعماله الكاملة .
صلاح عبدالصبور وأشعاره ومسرحياته .
لكن هناك من يراقبنى ويكتب تقارير أمنية ولايجب التحرك من مكان إلى مكان آخر .
فالمراقب أحد الضباط والتقارير تُرسل يومياً.

ويأتى مصطفى.

وأجد من يشاركنى اهتماماتى ويبدد وحشة الوحدة والمراقبة.

ونقرأ معاً .
ونحكى ونحكى عن أحلامنا وعن مستقبل فى بطن الغيب.