إلى ..بياتريس
"ليس فى الدنيا كلها رجال كإخوتك ،
الذين من أمك وأبيك،
يتعاركون معاً وراء أسوار البيوت،
لكنهم عصبة واحدة فى وجه الغريب،
بينما أعز أصدقائك،
مهما كانوا قبائل وعشائر ،
فلن يحاربوا حربك ،
ولن يدحروا لك عدوك.." شعر صينى
كلما طالعت هذه الأبيات ،أهتز من الأعماق وأحنى الرأس، تقديراً، لهذه الأبيات الخالدة .
إنها من "كاثاى" الصين ..وما أدراك ما الصين !!
هذه القارة الشاسعة ،ملايين من البشر ،تقترب من ألفى مليون .
حضارة ذات تاريخ ،ضارب فى القدم .
لست أدرى مدى صحة هذا القول الذى يطن بأذنى ،أحياناً، والمنسوب صدوره عن نابليون بونابرت :
"احذروا هذا النائم ،إذا ما انتفض هز العالم "وكان يقصد الصين .
المهم.. أن الصين تاريخ وحضارة ونفوذ وسيطرة .خلبت لبى وأسرتنى منذ يفاعتى ونضجى.
وهل منا من ينسى سور الصين العظيم وكونفشيوس والثورةالشيوعية والثقافية الصينية والماوية ؟
الهوس بالصين "كاثاى" ويعتبر فولتير "1694م-1778م" الرائد الفرنسى لنزعة هذا الهوس ،وقدم قصة يتيم الصين "l orphelin de la chin"
ثم زاديج "zadig" .
وانتهج منهج الإستشراق ،وحاول من خلال رؤيته الفلسفية،أن تخيل شرقاً عظيماً رائعاً،وأن يوجه ،من خلاله ،المطاعن نحو الثقافة الأوروبية .كماأثبته فى زاديج أو صادق ،كما يقال ويشاع.
وقام الدكتور طه حسن بترجمة الرواية الأخيرة ،نشرت أكثر من مرة ،وكان لى شرف قرائتها مرات عديدة .
بل استخدم فولتير الصين سلاحاً ضد الكاثوليكية التى تصدى لها وحاول النيل منها ،معتبراً إياها سبباً مباشراً فى إنكسار أوروبا.
كان زمن الهوس بالشرق وديانات الشرق وفلسفة الشرق ..
منذ أعوام طويلة ،وقعت فى يدى ترجمة لبعض فصول الطاو للاتسو ،وأظنها تُرجمت عن الإنجليزية .قراتها بتأنِ وروية ،وغيّرت فىّ مفاهيم كثيرة ،
وتعلقت بها أيما تعلق .
وأيضاً ماتم ترجمته عن كونفشيوس من أشعار لأحد الأستاذة الأجلاء نسيت اسمه ،أصدرتها الهيئة العامة المصرية للكتاب فى سلسلة الألف كتاب الثانى .
ومرت السنوات ثم أصدرالمجلس الأعلى للثقافة فى سنة 2005م بالعدد872 .
هذا الكتاب الخالد "كتاب الطاو " لمؤلفه الفيلسوف الصينى لاتسو ،والمترجم عن اللغة الصينية مباشرة .
يقول مترجم" الطاو "محسن فرجانى"فى مقدمته:
" .............وكان الطاو طريقاً ،اجتازه لاتسو ،ذات يوم ،بعد أن ضاقت به الحياة وسط أجواء مضطربة ،قاصداً العزلة ،فلما بلغ إحدى نقاط الحراسة على حدود الدولة،وهو فى طريق الرحيل،أوقفه قائد الحرس ،وكان واحداً من المثقفين الفاهمين لقدر ومكانة شيخ الفلاسفة والحكماء ،وطلب إليه أن يضع له بخطه كتاباً يحوى خلاصة أفكاره (بما أنه ذاهب هذه المرة وبلاعودة) وهكذا جلس لاتسو وتناول دواة وقلماً وراح يسجل فى خمسة آلاف كلمة (81فصلاً) أشهر مدونة فى تاريخ الصين ثم مضى فى طريقه إلى منتهاه."
ستكون رحلتى مع "هذا الكتاب وهومن أهم الكتب القديمة ليس فقط فى التراث الصينى، لكن أيضاً فى التراث الفكرى الإنسانى عموماً"
ونغوص"معاً" فى بحار الفكر والفلسفة والحكمة والأدب والشعرالصينى .اللّهم يّسرواعِن .
حتى لا أنسى ،وأنا متوجس فى نفسى خيفة ،من الذكرى الثانية لثورة 25يناير 2011م ،وما يمكن أن تسفر عنه هذه الذكرى من أحداث دامية .
سيما والأفق ممتلىء وملبد بالغيوم والعواصف والنذر الكارثية ،وتفاقم الأوضاع السيئة فى شتى نواحى الحياة ،
آمل أن تخيب الظنون ،وتهدأ الأمور ،خشية من ثورة الجوع التى لن تُبقى ولن تذر ،وتدخل مصر المحروسة ،إلى نفق مظلم لا نهاية له .
وأنقل الفصل السابع عشر من كتاب التاو أو الطاو ،لما فيه من صدق النصيحة ،لكل حاكم اعتلى سدة الحكم .
أعظم عهود الحكم السياسى هى تلك التى ،
تمر كنسمة هادئة ل[لايكاد يستشعر أحد بثقلها]،
تليها عهودرضاالمحكوم عن الحاكم ، ثم عهود إجلال الحاكم ،
توقياً لبطشه وآخر درجة منها،
زمن يسقط فيه السادة من عين رعاياهم .
فمن لم يصدق قومه ،
كذبته المقاصد ،
واجترأ عليه المجترىء،
فأفضل الولاة طرّاً،
من تدبر الأمور ملياً ،
فأبصر طبع الطبائع ،
وأرخى للحلم عنان الإمهال ،
فتدبر وتفكر ،
قبل الشروع فى تصريف جريان الأحوال ،
حتى إذا دعا داعى الجد والعمل ،
قال الناس ،
تلك أمور ،
أيسر من الماء والهواء.
لاتسو ..الفيلسوف الصينى الذى يعود وجوده إلى القرن الخامس قبل الميلاد ،ويعده الكثيرون أعظم الفلاسفة فى الصين قبل كونفوشيوس، ومعنى اسمه "المعلم العجوز" وهو مؤسس التاوية .
وكتابه الذى نتجول فى رحابه "tao te ching" والذى ترجمه د.عبد الغفار مكاوى باسم "الطريق إلى الفضيلة "وراجعه د. مصطفى ماهر، وصدر فى القاهرة سنة 1967م فى سلسلة الألف كتاب "الأولى "تحت رقم 643،ويزعم البعض أنه شخصية أسطورية إلا بعض المراجع الموثوق بصحتها تؤكد على وجوده وتحدد تاريخ ميلاده فى 604ق.م ووفاته فى 517ق.م
حاولت العثور على نسخة منه،لدى بعض الأصدقاء ،إلا أنهم أكدوا لى بعدم وجود أى نسخ . وسأرتكن على ترجمة الأستاذ محسن فرجانى ،كما سبق فى تقديمى ،ومراجع أخرى عن الفكر الصينى ،والتاوية بصفة خاصة.ويطول الحديث عن التاوية وما تركته من أثر عميق فى التراث الإنسانى ومكانتها المقدسة فى الصين منذ القرن الرابع عشر.
وأؤكد للأستاذ الفاضل "غسان إخلاصى "أن هناك فروقاً عديدة بين الكونفوشيوسية والتاوية ،برغم تزامن وجودهما،فكلتا الفلسفتين ظهرتا فى عصر اتسم بالتفكك السياسى والإجتماعى والتردى الواسع النطاق للأخلاق،وكان من الطبيعى وفى ظل هذه الأوضاع السيئة ،أن يقوم كل من كونفوشيوس ولاتسو بحركة إصلاح شاملة لحال المجتمع .
لكن كلاهما كان ينظر للإصلاح بصورة مختلفة ،فالأسس الفكرية لكل من الفلسفتين بمنأى عن الأخرى ، والفروق ،بينهما ،مهولة
وسياحتى بين فصول التاو ،أحاول بها أن ألم ّ بالأفكار الأساسية، تمهيداً للغوص فى عمق فلسفة لاتسو والصراع المتأجج بينها وبين الكونفوشسية .
ولاأطلت مخايل المكر والدهاء ،
إلا من بين ثنايا الوعى والحكمة والنجابة ؛
فلولا العقوق والجفاء والشحناء ،
ماكان البر والود والتراحم .
ثم إن أجواء الفساد والخيانة والفوضى ،
هى التى ألهمت نفوس الوطنيين ،
إرادة النقاء والإخلاص والنظام .
ويُعلق الأستاذ محسن فرجانى "مترجم الكتاب"على هذا الفصل :
نلاحظ أن مقولة الفضائل والأخلاقيات تنتنمى أكثر إلى التيار الكنفوشسى ،وهو نمط يلقى انتقادات حادة عند لاتسو والمدرسة الطاوية عموماً،وهى ترى أن الدعوة إلى الأخلاق لاتقوم أساسً إلا وسط ظروف انهيار وتفسخ ةانحلال عارم ؛ ذلك أن المجتمع الملتزم بالمنهج الطبيعى ،لن يصيبه الفساد ،وان تتدنى أخلاقياته إلى الدرجة التى يحتاج معها إلى المناداة بمكام الأخلاق.
أنا واحدٌ ممن شبوا وترعرعوا بين عائلة كبيرة ،لها ماضٍ عريق،حاولت أن يكون لها أهمية وضرورة فى حياة الآخرين ،وأن تمسك بين يديها بالسلطات والمراكز التى تضفى عليها غلبة وسيطرة وسلطان .
دامت لها السيطرة أياماً طويلة ثم تغيرت الدنيا وتبدلت .
فلم يكن لدى شيوخها النظرة العميقة فى التحوط من تبدل الأحوال وفقاً لقوانين الوجود.
"لكل شىء إذا ماتم نقصان***فلايُغر بطيب العيش إنسان"
كانت نظرة قاصرة ،لم تصل لجوهر الأشياء ،فظلت نظرة سطحية .
حاولوا أن يتملكوا كل شىء ،وبمرور الزمن تسربت من بين أصابعهم منابع ثرواتهم واضمحلت قوتهم وضاع ريحهم.
ظهرت عائلات أخرى تتمتع بالجاه فطغت على قوتها وأشرأبت بأعناقهن ،تصارعها على الجاه والقوة والسلطان.
وهكذا حال الدنيا "فتلك الأيام نداولها بين الناس" .
وبلهفة وبعنف وبشتى الطرق المشروعة والغير مشروعة ..يحاول تتار العصر الحديث، فى هذه الأيام التى تسودها الفوضى وتشتبك فيها الأحداث ويتوه فيها العقل وانقسام الشعب إلى شيع وأحزاب وطوائف وجماعات، السيطرة على مصرنا المحروسة وامتلاك كل شىء والتحكم فى كل شىء والعبث بكل شىء.
وسوف يفشلون فى كل شىء ،فهم واهمون واهمون.
ويأتينا من أعماق الماضى السحيق الفيلسوف الصينى العبقرى لاتسو ..صاحب الطريق.
وفى الفصل التاسع والعشرين:
يقول لنا وبقوة . تعسٌ من ابتغى امتلاك الدنيا،
بمجمع قبضته،
ضل من تصور أنه مُسيّرها،
وفق هوى قلبه.
الدنيا ملكوت قاهر يتأبى عن أن يذعن لعبث الأهواء،
من تسلط على الدنيا بالقهر ،
نازعته بالخسران ،
من نازعها بالغلبة ،
نازعته بالخذلان؛
ذلك بان غالبها مغلوب ،
وآخذها مأخوذ بضياع جنى مسعاه.
للدنيا سرمدٌ طبعٍ جارٍ لايتبدل:
إقبالها إدبار ،
الهمس فى كهف أسرارها ،
دوى عاصف ملء الأقطار ،
ممكن قدرتها عين بلاء أقدارها،
وافر كثرتها نقصان؛
لذلك ،
ينبغى على العاقل أن يلزم مقام الاعتدال،
دون شطط أو إفراط.
"ليس فى الدنيا كلها رجال كإخوتك ،
الذين من أمك وأبيك،
يتعاركون معاً وراء أسوار البيوت،
لكنهم عصبة واحدة فى وجه الغريب،
بينما أعز أصدقائك،
مهما كانوا قبائل وعشائر ،
فلن يحاربوا حربك ،
ولن يدحروا لك عدوك.." شعر صينى
كلما طالعت هذه الأبيات ،أهتز من الأعماق وأحنى الرأس، تقديراً، لهذه الأبيات الخالدة .
إنها من "كاثاى" الصين ..وما أدراك ما الصين !!
هذه القارة الشاسعة ،ملايين من البشر ،تقترب من ألفى مليون .
حضارة ذات تاريخ ،ضارب فى القدم .
لست أدرى مدى صحة هذا القول الذى يطن بأذنى ،أحياناً، والمنسوب صدوره عن نابليون بونابرت :
"احذروا هذا النائم ،إذا ما انتفض هز العالم "وكان يقصد الصين .
المهم.. أن الصين تاريخ وحضارة ونفوذ وسيطرة .خلبت لبى وأسرتنى منذ يفاعتى ونضجى.
وهل منا من ينسى سور الصين العظيم وكونفشيوس والثورةالشيوعية والثقافية الصينية والماوية ؟
الهوس بالصين "كاثاى" ويعتبر فولتير "1694م-1778م" الرائد الفرنسى لنزعة هذا الهوس ،وقدم قصة يتيم الصين "l orphelin de la chin"
ثم زاديج "zadig" .
وانتهج منهج الإستشراق ،وحاول من خلال رؤيته الفلسفية،أن تخيل شرقاً عظيماً رائعاً،وأن يوجه ،من خلاله ،المطاعن نحو الثقافة الأوروبية .كماأثبته فى زاديج أو صادق ،كما يقال ويشاع.
وقام الدكتور طه حسن بترجمة الرواية الأخيرة ،نشرت أكثر من مرة ،وكان لى شرف قرائتها مرات عديدة .
بل استخدم فولتير الصين سلاحاً ضد الكاثوليكية التى تصدى لها وحاول النيل منها ،معتبراً إياها سبباً مباشراً فى إنكسار أوروبا.
كان زمن الهوس بالشرق وديانات الشرق وفلسفة الشرق ..
منذ أعوام طويلة ،وقعت فى يدى ترجمة لبعض فصول الطاو للاتسو ،وأظنها تُرجمت عن الإنجليزية .قراتها بتأنِ وروية ،وغيّرت فىّ مفاهيم كثيرة ،
وتعلقت بها أيما تعلق .
وأيضاً ماتم ترجمته عن كونفشيوس من أشعار لأحد الأستاذة الأجلاء نسيت اسمه ،أصدرتها الهيئة العامة المصرية للكتاب فى سلسلة الألف كتاب الثانى .
ومرت السنوات ثم أصدرالمجلس الأعلى للثقافة فى سنة 2005م بالعدد872 .
هذا الكتاب الخالد "كتاب الطاو " لمؤلفه الفيلسوف الصينى لاتسو ،والمترجم عن اللغة الصينية مباشرة .
يقول مترجم" الطاو "محسن فرجانى"فى مقدمته:
" .............وكان الطاو طريقاً ،اجتازه لاتسو ،ذات يوم ،بعد أن ضاقت به الحياة وسط أجواء مضطربة ،قاصداً العزلة ،فلما بلغ إحدى نقاط الحراسة على حدود الدولة،وهو فى طريق الرحيل،أوقفه قائد الحرس ،وكان واحداً من المثقفين الفاهمين لقدر ومكانة شيخ الفلاسفة والحكماء ،وطلب إليه أن يضع له بخطه كتاباً يحوى خلاصة أفكاره (بما أنه ذاهب هذه المرة وبلاعودة) وهكذا جلس لاتسو وتناول دواة وقلماً وراح يسجل فى خمسة آلاف كلمة (81فصلاً) أشهر مدونة فى تاريخ الصين ثم مضى فى طريقه إلى منتهاه."
ستكون رحلتى مع "هذا الكتاب وهومن أهم الكتب القديمة ليس فقط فى التراث الصينى، لكن أيضاً فى التراث الفكرى الإنسانى عموماً"
ونغوص"معاً" فى بحار الفكر والفلسفة والحكمة والأدب والشعرالصينى .اللّهم يّسرواعِن .
حتى لا أنسى ،وأنا متوجس فى نفسى خيفة ،من الذكرى الثانية لثورة 25يناير 2011م ،وما يمكن أن تسفر عنه هذه الذكرى من أحداث دامية .
سيما والأفق ممتلىء وملبد بالغيوم والعواصف والنذر الكارثية ،وتفاقم الأوضاع السيئة فى شتى نواحى الحياة ،
آمل أن تخيب الظنون ،وتهدأ الأمور ،خشية من ثورة الجوع التى لن تُبقى ولن تذر ،وتدخل مصر المحروسة ،إلى نفق مظلم لا نهاية له .
وأنقل الفصل السابع عشر من كتاب التاو أو الطاو ،لما فيه من صدق النصيحة ،لكل حاكم اعتلى سدة الحكم .
أعظم عهود الحكم السياسى هى تلك التى ،
تمر كنسمة هادئة ل[لايكاد يستشعر أحد بثقلها]،
تليها عهودرضاالمحكوم عن الحاكم ، ثم عهود إجلال الحاكم ،
توقياً لبطشه وآخر درجة منها،
زمن يسقط فيه السادة من عين رعاياهم .
فمن لم يصدق قومه ،
كذبته المقاصد ،
واجترأ عليه المجترىء،
فأفضل الولاة طرّاً،
من تدبر الأمور ملياً ،
فأبصر طبع الطبائع ،
وأرخى للحلم عنان الإمهال ،
فتدبر وتفكر ،
قبل الشروع فى تصريف جريان الأحوال ،
حتى إذا دعا داعى الجد والعمل ،
قال الناس ،
تلك أمور ،
أيسر من الماء والهواء.
لاتسو ..الفيلسوف الصينى الذى يعود وجوده إلى القرن الخامس قبل الميلاد ،ويعده الكثيرون أعظم الفلاسفة فى الصين قبل كونفوشيوس، ومعنى اسمه "المعلم العجوز" وهو مؤسس التاوية .
وكتابه الذى نتجول فى رحابه "tao te ching" والذى ترجمه د.عبد الغفار مكاوى باسم "الطريق إلى الفضيلة "وراجعه د. مصطفى ماهر، وصدر فى القاهرة سنة 1967م فى سلسلة الألف كتاب "الأولى "تحت رقم 643،ويزعم البعض أنه شخصية أسطورية إلا بعض المراجع الموثوق بصحتها تؤكد على وجوده وتحدد تاريخ ميلاده فى 604ق.م ووفاته فى 517ق.م
حاولت العثور على نسخة منه،لدى بعض الأصدقاء ،إلا أنهم أكدوا لى بعدم وجود أى نسخ . وسأرتكن على ترجمة الأستاذ محسن فرجانى ،كما سبق فى تقديمى ،ومراجع أخرى عن الفكر الصينى ،والتاوية بصفة خاصة.ويطول الحديث عن التاوية وما تركته من أثر عميق فى التراث الإنسانى ومكانتها المقدسة فى الصين منذ القرن الرابع عشر.
وأؤكد للأستاذ الفاضل "غسان إخلاصى "أن هناك فروقاً عديدة بين الكونفوشيوسية والتاوية ،برغم تزامن وجودهما،فكلتا الفلسفتين ظهرتا فى عصر اتسم بالتفكك السياسى والإجتماعى والتردى الواسع النطاق للأخلاق،وكان من الطبيعى وفى ظل هذه الأوضاع السيئة ،أن يقوم كل من كونفوشيوس ولاتسو بحركة إصلاح شاملة لحال المجتمع .
لكن كلاهما كان ينظر للإصلاح بصورة مختلفة ،فالأسس الفكرية لكل من الفلسفتين بمنأى عن الأخرى ، والفروق ،بينهما ،مهولة
الفصل الثامن عشر
ما تأسست الفضائل إلا لرأب صدع الأخلاقيات المتداعية ،ولاأطلت مخايل المكر والدهاء ،
إلا من بين ثنايا الوعى والحكمة والنجابة ؛
فلولا العقوق والجفاء والشحناء ،
ماكان البر والود والتراحم .
ثم إن أجواء الفساد والخيانة والفوضى ،
هى التى ألهمت نفوس الوطنيين ،
إرادة النقاء والإخلاص والنظام .
ويُعلق الأستاذ محسن فرجانى "مترجم الكتاب"على هذا الفصل :
نلاحظ أن مقولة الفضائل والأخلاقيات تنتنمى أكثر إلى التيار الكنفوشسى ،وهو نمط يلقى انتقادات حادة عند لاتسو والمدرسة الطاوية عموماً،وهى ترى أن الدعوة إلى الأخلاق لاتقوم أساسً إلا وسط ظروف انهيار وتفسخ ةانحلال عارم ؛ ذلك أن المجتمع الملتزم بالمنهج الطبيعى ،لن يصيبه الفساد ،وان تتدنى أخلاقياته إلى الدرجة التى يحتاج معها إلى المناداة بمكام الأخلاق.
أنا واحدٌ ممن شبوا وترعرعوا بين عائلة كبيرة ،لها ماضٍ عريق،حاولت أن يكون لها أهمية وضرورة فى حياة الآخرين ،وأن تمسك بين يديها بالسلطات والمراكز التى تضفى عليها غلبة وسيطرة وسلطان .
دامت لها السيطرة أياماً طويلة ثم تغيرت الدنيا وتبدلت .
فلم يكن لدى شيوخها النظرة العميقة فى التحوط من تبدل الأحوال وفقاً لقوانين الوجود.
"لكل شىء إذا ماتم نقصان***فلايُغر بطيب العيش إنسان"
كانت نظرة قاصرة ،لم تصل لجوهر الأشياء ،فظلت نظرة سطحية .
حاولوا أن يتملكوا كل شىء ،وبمرور الزمن تسربت من بين أصابعهم منابع ثرواتهم واضمحلت قوتهم وضاع ريحهم.
ظهرت عائلات أخرى تتمتع بالجاه فطغت على قوتها وأشرأبت بأعناقهن ،تصارعها على الجاه والقوة والسلطان.
وهكذا حال الدنيا "فتلك الأيام نداولها بين الناس" .
وبلهفة وبعنف وبشتى الطرق المشروعة والغير مشروعة ..يحاول تتار العصر الحديث، فى هذه الأيام التى تسودها الفوضى وتشتبك فيها الأحداث ويتوه فيها العقل وانقسام الشعب إلى شيع وأحزاب وطوائف وجماعات، السيطرة على مصرنا المحروسة وامتلاك كل شىء والتحكم فى كل شىء والعبث بكل شىء.
وسوف يفشلون فى كل شىء ،فهم واهمون واهمون.
ويأتينا من أعماق الماضى السحيق الفيلسوف الصينى العبقرى لاتسو ..صاحب الطريق.
وفى الفصل التاسع والعشرين:
يقول لنا وبقوة . تعسٌ من ابتغى امتلاك الدنيا،
بمجمع قبضته،
ضل من تصور أنه مُسيّرها،
وفق هوى قلبه.
الدنيا ملكوت قاهر يتأبى عن أن يذعن لعبث الأهواء،
من تسلط على الدنيا بالقهر ،
نازعته بالخسران ،
من نازعها بالغلبة ،
نازعته بالخذلان؛
ذلك بان غالبها مغلوب ،
وآخذها مأخوذ بضياع جنى مسعاه.
للدنيا سرمدٌ طبعٍ جارٍ لايتبدل:
إقبالها إدبار ،
الهمس فى كهف أسرارها ،
دوى عاصف ملء الأقطار ،
ممكن قدرتها عين بلاء أقدارها،
وافر كثرتها نقصان؛
لذلك ،
ينبغى على العاقل أن يلزم مقام الاعتدال،
دون شطط أو إفراط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق