بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

أنا وهاملت وشكسبير .


(1)
وليم شكسبير .....فخر بريطانيا على مر العصور ، لم يخفت بريقه لحظة واحدة ، الدراسات الأكاديمية عنه تتوالى وكل يوم لابد من دراسة جديدة تطرح مفهوما مبتكرا وتفسيرا نقديا وشرحا مسهبا لمسرحياته وحياته وعصره وأشعاره ( السوناتات ) .
تُرجمت مسرحياته وأشعاره إلى اللغة العربية مرارا وتكرارا حتى لنجد مسرحية ( هاملت) مترجمة لأكثر من مترجم فى عالمنا العربى .
فى السنوات الأخيرة تصدى لترجمة بعض مسرحياته(روميو وجولييت ،تاجر البندقية ،يوليوس قيصر ،الملك لير ،هنرى الثامن ،الملك ريتشارد الثانى ،العاصفة ،هاملت ،عطيل ،حلم ليلة صيف ،مأساة الملك ريتشارد الثالث ) الدكتور/ محمد عنانى أستاذ الأدب الإنجليزى والمترجم ذو الخبرة الواسعة فى الترجمة من الإنجليزية وإليها وأخذ على عاتقه جهد الترجمة الدقيقة المنقطعة النظير، من الإنجليزية إلى العربية بلغة راقية وبيان ناصع وأسلوب عربى مبين ،حافظ فيه على روح شكسبير الإبداعية ،وقدًم كل مسرحية بدراسة مستفيضة عميقة وشروح وحواشى تتجاوز أحيانا نص المسرحية. وقامت الهيئة المصرية العامة للكتاب بنشر هذه الترجمات بطباعة فاخرة وبثمن زهيد.
فى بداية القرن العشرين وما تعارف عليه آنذاك بعصر النهضة أو التنوير العربى ،ومسرح شوقى الشعرى والنثرى والبداية الحقيقية لمسرح عربى جاد يحمل أفكارا وطروحات معاصرة ويعالج المشاكل والهموم السياسية والإجتماعية وريادة توفيق الحكيم بمسرحيته الشهيرة( أهل الكهف)، حاول خليل مطران ترجمة بعض مسرحيات شكسبير لكنها والحق يقال ترجمة جارت على النص وهدمت موضوعه وشتت هدفه وأضاعت مبتغاه ، قرأت هذه الترجمة لكن لم أستفد منها إلا بألفاظ فخيمة رنانة .
دخل عباس محمود العقاد تحت مظلة شكسبير وامتشق الحسام وكتب دراسة (التعريف بشكسبير) مجموعة من المقالات عن حياة و مسرح شكسبير، ربما وفى حينها ذاع صيتها، والعقاد ملء العين والبصر ،إنما بالتدقيق فهى محاولة بدائية للكتابة عن شكسبير ،كعادة العقاد عندما يؤكد لمن حوله أنه يتحدى وعلى استعداد أن يكتب عن الله وإبليس ،والشيوعية والإسلام ، والشعر والنثر بنفس القوة والتدفق والحماس والإقناع.
أليس هو الكاتب الجبار ??
(2)
هاملت
من مسرحيات الثأر ولايُذكر اسم شكسبير إلا مقترنا بها .
كُتب عنها دراسات مطوًلة وأبحاث لاتُعد ولاتُحصى فى شتى أنحاء المعمورة .
وأنبش فى ذاكرتى مستخرجا وقائع حقيقية سمعتها صغيرا من كبار الشيوخ بالقرية ،يلتحم بها الواقع بالخيال والصدق بالخرافة وتنشط المخيلة فى الحكى والقص والسرد الطويل فى ليالى الحصاد على ضوء القمر وفى أجران الدريس والمجلس يتسع ويسع الجميع مع أكواب الشاى الغامق والسجائر اللف وتداول غابة الجوزة (النرجيلة وفقا للفصحى ) .
كنت أندس بينهم وألبد بجوار عمى أصغر أشقاء والدى ، رحمهما الله ، ويحكون عن فلان الفلانى الذى قتله قتًال القتلة فلان الفلانى نظير أجر تعاطاه من عائلة ما، للحرب القائمة بينهم بسبب النزاع على قطعة أرض أو تعرضه لبنت من بنات العائلة أو للثأر والإنتقام 0
ومما تعيه الذاكرة واقعة أن فلان ابن فلان كان قادما من الغيط ليلا وعند تابوت يوسف (الساقية ) وتحت شجرة الجميزالعتيقة 0خرج عليه فلان الأجير للقتل وتحدث معه وقتله بطلق نارى بندقية ميزر بخرطوشين ، وأن هذا القتل قد أصاب القرية بالفزع والرعب وخشى كل إنسان على نفسه إذ كان معروفا أن عائلة ما من القرية هى وراء القتل ولكن لادليل يمسك بخناقها ويدينها .
وكان القاتل معروفا للجميع و خارجا على القانون ومطاردا من السلطة وصدرت ضده أحكام غيابية متعددة ومطلوب القبض عليه ، وأن القتيل رجل طيب ليس له مشاكل أو عداوات مع أحد وعلاقاته طبيعية لا مشاجرات فيها ولانزاعات ولاخصومات، إلا أخيرا تصادمه مع فلان ابن فلان من عائلة (......) الذين شاع بالقرية والقرى المجاورة ،تخلصهم منه بالقتل ،وحتى يخشاهم الجميع ويخافوا منهم ويخضعوا لسطوتهم ولايقفوا أمامهم فيما يسعون إليه .
وأن شبحه كان يظهر كل ليلة فى ساعة ومكان قتله وتعقبه صرخات مفزعة قاسية تطلب التأر ممن قتله أو وزً عليه، وأن روحه لن تهدأ وتختفى إلا بعد أخذ الثأر له .
وأن السلطات حققت فى موضوع القتل ولم تصل للقاتل أو المحرضين عليه إذ كانت الظروف والقرائن والدلائل تؤكد طهارة أيديهم من الدم المسفوح غدرا وغيلة ،وتم قيد الجريمة ضد مجهول .
لكن هذه الروح القلقة لن تهدأ حتى يُؤخذ لها الثأر من القاتل والمحرضين عليها وعندئذ سوف تختفى ، وشاءت الظروف وتصادف أن هذه العائلة التى تشير إليها الأصابع بالتحريض على القتل أن اشتعلت النار، بأحد بيوت أفرادها ، من شرارة انطلقت من فرن الخبيز وأمسكت بالحطب وقش الأرز والدريس الناشف وأتت على الكثير من الأشياء وأصابت البعض بالحروق بل توفى واحد منهم إختنق من الدخان الكثيف أثناء محاولة الإطفاء وقبل وصول عربة المطافىء التى دائما تصل بعد فوات الآوان ، وبعد هذه الواقعة بعدة سنوات مات القاتل المشبوه إثر مرض خبيث بعد الإمساك به ومحاكمته على بعض الجرائم الأخرى.
ولم يتوقف المتحدث عن القص والحكى وأنا مشدود بكل قواى إلى هذا الحديث الشائق والمرعب والمفزع وباقى الرجال جلوس والصمت يحلق فوق الرؤوس والآذان صاغية والأعين مفتوحة .
وسأله أحد الجالسين وهل اختفت الروح بعد ذلك ??يقصد الشبح ، وبكل ثقة أكد المتحدث وكان شيخا كبيرا على اختفاء الشبح وهدؤ الروح لأن الله عز وجل أخذ حقها من القاتل والمحرضين على قتله .
لم أكن قد اطلعت بعد على أعمال شكسبير فلم أكن تجاوزت من عمرى عشر سنوات ولم يكن الجلوس الأميون قد قرأوا شكسبير وهم الذين لم يفارقوا القرية منذ مولدهم ولم يكن لدى الكثيرين منهم حتى راديو (مذياع )والجرائد والمجلات متوفرة فقط لأهل البندر أولاد المدارس
(3)
شغفت بمسرحية (هاملت )صغيرا وكبيرا ،وقرأتها مترجمة لأكثر من مترجم ،وأخيرا للمرحوم الدكتور /محمدعوض محمد ، ونشرتها دار المعارف المصرية ،الذى أبدع فى ترجمته ،وحافظ على لغة شكسبير وعبقريته الفنية ،والتساؤلات فى داخلى ،متوهجة لم تنطفىء بعد ،عن شخصية هاملت القلقة ،وعن أوفيليا ونهايتها المؤسفة .
أحيانا تتولانى الرغبة فى معرفة دقائق نفسية هاملت ،وأقرأ المسرحية من جديد ،وأتوقف عند كلمات هاملت الغامضة والمبهمة وأتصوره هائما شريدا يبحث عن سبب مُقنع لما أقدمت عليه أُمه وعمه ،فرغم أن الأم كانت ملكة ،وبعد جريمة القتل وتزوجها من شقيق الملك المقتول ،وهى ملكة لم تزل ، فلماذا أقدمت على فعل القتل ???????
بالتأكيد هناك من الأسباب ،لديها، ما تبرر به فعلها الآثم .
وكأنى بشكسبير يقول :الجزاء من جنس العمل ،وشربت السم من يد من ساعدته فى اقتراف جريمة القتل .
سأكتفى بتقديم المنظر من الفصل الأول ،عساه يكون دافعا لقراءتها وتبيان سر عبقريتها .
الفصل الأول
المنظر الأول
لإفريز أمام القلعة
( فرانسيسكو في مرقبه، يدخل برناردو)
برناردو : من هنــاك ?
فرانسيسكو : بل أجبني أنت ، قف وأنبئ عن نفسك !
برناردو : عاش الملك !
فرانسيسكو : برناردو ?
برناردو : أجل .
فرانسيسكو : حضرت في موعدك بغية الدقة .
برناردو : دقت الساعة الثانية عشرة فانطلق إلى فراشك يا فرانسيسكو .
فرانسيسكو : لك الشكر على هذا الإخلاص . إن البرد قارس وقلبي متعب عليل .
برناردو : هل ساد الهدوء أثناء رقابتك ?
فرانسيسكو : لم تتحرك فأرة واحدة .
برناردو : إذن طاب ليلك . إذا قابلت هواشيو ومرسيلوس فقل لهما ان يسرعا . إنهما زميلاي في المراقبة .
فرانسيسكو : كأني أسمعهما قادمين . قفوا . من هنـــاك?
يدخل هوراشيو ومرسيلوس
هوراشيو : صديقان للوطن .
مرسيلوس : ومن رعايا ملك دانمركة .
فرانسيسكو : إذن طابت ليلكمـا .
مرسيلوس : وداعا أيها الجندي الأمين . من بديلك في المراقبة .
يخرج
فرانسيسكو : حل برناردو محلي .
مرسيلوس : مرحبا برناردو !
برناردو : قل : أهذا هو هوراشيو ?
هوراشيو : قطعة منه .
برناردو : مرحبا بهوراشيو ومرحبا بمرسيلوس .
مرسيلوس : ترى هل ظهر ذلك الشيء مرة أخرى في هذه الليلة ?
برناردو : لم أر شيئا قط .
مرسيلوس : يزعم هوراشيو أن هذا كله من تخيلاتنا .
ويأبى أن يصدق نبأ ذلك المنظر المخيف ، الذي شهدناه مرتين .
لهذا توسلت إليه أن يصحبني
لكي يرقب معنا دقائق هذا الليل
حتى إذا ما عاد الشبح للظهور
استطاع أن يؤمن بما رأته أعيننا
ولعله أن يتحدث إليه .
هوراشيو : دع هذا السخف فإن شيئا لن يظهر
برناردو : فلتجلس برهة ، ودهنا مرة أخرى نهاجم أذنيك
التين حصنتهما بحيث لا تنفد إليهما قصتنا
وما شهدناه كلانا ليلتين .
هوراشيو : حسنا ، فلنجلس ونستمع لما يحدثنا به برناردو .
برناردو : في الليلة الماضية قد مال ذلك النجم بعينه
إلى الغرب من القطب وهو يسري في فلكه
لكي يضيء ذلك الجزء من السماء الذي يتوهج فيه الآن
إذا بي و بمرسلوس ، حين دقت الساعة الواحدة ..
مرسيلوس : صه . اقطع حديثك !
انظر من أين يعود مرة أخرى !
يدخل الشبح
برناردو : إنه يتخذ نفس الصورة . صورة الملك الراحل .
مرسيلوس : إنك من أهل العلم . تحدث يا هوراشيو .
برناردو : أليس شديد الشبه بالملك . تأمل يا هوراشيو .
هوراشيو : يشبهه جدا : إن قلبي يخفق رعبا ودهشة .
برناردو : إنه يريد أن يتحدث إليه .
مرسيلوس : سائله يا هوراشيو .
هوراشيو : من انت يامن اغتصبت هذه الساعة من الليل ?
كما اغتصبت القوام والجميل والزي العسكري
الذي كان يرفل فيه من قبل جلالة ملك دانمركة الدقيق ?
أستحلفك بحق السماء أن تتكلم .
مرسيلوس : بدا عليه الاستياء
ربناردو : انظر كيف يتراجع مبتعدا .
هوراشيو : قف ! تكلم ، تكلم ! إني أدعوك أن تتكلم .
يخرج الشبح
مرسيلوس : لقد ولى ولم يرد أن يجيب .
برناردو :ما خطبك يا هوراشيو ? أراك ترتعد وقد علاك الشحوب
أليس هذا أكثر من مجرد وهم أو خيال
ما رأيك فيه الآن ?
هوراشيو : اقسم أمام الله أني ما كنت لأصدق هذا .
لولا ما شهدته عيناي في رؤية صادقة وحس سليم .
مرسيلوس : ألأا تراه شبيها بالملك ?
هوراشيو : كما تشبه أنت نفسك
إن ذلك الدرع هو بعينه الذي كان يرتديه
وهو يقاتل ملك النرويج الطموح
وقد أبدى مثل هذا العبوس مرة حين احتدم النضال .
وأخذ يصرع البولنديين الذي كانوا يركبون المزالق .
والقاهم فوق الجليد . إن هذا لأمر عجيب
مرسيلوس : وقد حدث هذا مرتين من قبل في نفس الساعة الكئيبة
رايناه يتجول بخطاه العسكرية
أثناء قيامنا بالمراقبة .
هوراشيو : لست أعرف لي رايا خاصا أسير بمقتضاه
ولكن يخيل إلي بوجه عام
أن هذا نذير بانفجار غريب في دولتنا
مرسيلوس : حسنا ، أجلي اذن وقل لي الآن
وأنت العليم بالامور : لم كل هذا السهر
والمراقبة الدقيقة البالغة منتهى الشدة
يضطلع بها كل ليلة رعية هذه البلاد ?
ولماذا تصب كل يوم مدافع من النحاس
وتجلب الاسلحة من السوق الاجنبية
ولماذا يسخر صناع السفن للعمل الشاق كل يوم
لا فرق بين الآحاد وغيرها من الايام ?
ما الخطر الداهم الذي استوجب هذه العجلة الحامية
التي تضطرنا لأن نصل عمل الليل بالنهار ?
من يستطيع أن يخبرني بسر هذا العمل ?
هوراشيو : أنا أستطيع . أو على الألقل سمعت أحاديث يهمس بها ،
إن ملكنا الراحل الذي ظهرت لنا صورته منذ قليل
تحداه للقتال فيما مضى فورتنبراس ملك نروج .
وقد دفعه إلى ذلك ما انطوى عليه من حسد وكبرياء .
فلم يلبث فورتنبراس هذا أن خر صريعا
بيد ملكنا الباسل هملت (الأب)الذي يعرف بسالته جميع سكان المعمورة
وخسر القتيل بذلك حياته
وخسر معها تلك الأراضي التي كان يملكها
وقد آلت كلها للفائز المنتصر
طبقا لاتفاق قانوني مكتوب ومحتوم
كما ان ملكنا من ناحيته
كان قد جنب من أملاكه جزءا يعادل أملاك فورتنبراس
ليكون من نصيبه لو كتب له هو النصر
هكذا استولى ملكنا بمقتضى هذا الاتفاق على أراضيه
والآن ظهر فورتنبراس الصغير ، الجرئ المتهور
وأخذ يحشد على حدود نروج ، وفي غيرها من الجهات
عصابات من الافاقين والمتشردين
يسوقهم نظير القوت ، إلى مشروع
ينطوي على الجرأة والإقدام
وما هذا المشروع كما يبدو جليا لرجال حكومتنا
سوى أن يستردوا منا بالقوة القاهرة
وبشروط ملؤها البطش والجبروت
تلك الأراضي التي فقدها والده
على النحو الذي أشرت إليه
ذلك ما يبدو لي انه السبب الاكبر لهذه الاستعدادات .
وهو السر في تكليفنا هذه الرقابة الساهرة
والدافع الاكبر لكل ما يسود البلاد من حركة ونشاط.
لرناردو : يخيل إلي أن الأمر لا يعدو ما ذكرت
وهو ما يتفق مع ظهزر هذا الشبح الرهيب
مدججا بالسلاح أثناء سهرنا في صورة الملك الراحل
إنه أمر كان ولا يزال يسبب هذه الحروب .
هوراشيو : أمر صغير لكنه يقلق البال كالقذى في العين .
لقد حدثت في روما ابان مجدها وازدهارها أحداث
قبيل الساعة التي لقي فيها يوليوس قيصر مصرعه
إذا خلت المقابر من ساكنيها وانطلق الموتى في شوارع روما
وعليهم أكفانهم يصيحون ويهذون
وبدت في السماء أنجم بأذناب النار
وتساقط الندى دما قانيــا .
وانتابت الشمس كوارث وخسف القمر الكوكب الندي
الذي يعتمد عليه نبتون في عزه وسلطانه
واعتراه الوهن مش شدة الخسوف حتى كاد ان يفني
وهكذا تسبق النذر قبل حلول الخطوب
كأنها طلائع تسبق الأقدار
وتمهد السبيل لما يليها من نوائب
كذلك تظهر الارض والسماء الخوارق
لسكان هذا الاقليم وللمواطنين جميعا
يعود الشبح
ولكن مهلا إنظرا ، إنظرا من أين يرجع مرة أخرى !
سأعترض طريقه وإن كان في ذلك حتفي . قف ايها الخيال !
إذا كان لك صوت وتستطيع النطق
فتحدث إلي
وإذا كان هنالك خير نعمله
فيه راحة لك وثواب لي
فتحدث إلي
وإذا كنت عليما بما قدر لوطنك من خطب
وامكننا أن نتفاداه إذا عرفناه
فتكلم
وإذا كنت في حياتك قد جمعت مالا ودفنت كنزا في بطن الثرى
بعد ان اغتصبته ظلما وبغيا
ومن أجل ذلك تهيم الأرواح قلقة بعد الموت كما يزعمون
فتكلم يصيح الديك .
قف ويحك وتكلم . أوقفه يا مرسيلوس!
مرسيلوس : هل أطعنه برمحي
هوراشيو افعل ، إذا أابى أن يقف
برناردو : إنه ها هنــا
هوراشيو ها هنـا .
يخرج الشبح
مرسيلوس : انصرف . لقد أسأنا إليه بأن أظهرنا له العنف
وهو يبدو في مثل هذا الجلال
إنه كالهواء لطفا فلا نستطيع امساكه
وما ضرباتنا إلا عبث يستحق السخرية
برناردو : كان يهم بالكلام عندما صاح الديك .
هوراشيو : ثم مضى سريعا كمن أتى ذنبا . تلبية لنداء رهيب
وقد سمعت أن الديك للصباح بمثابة البوق
فهو الذي يوقظ إله النهار
بحنجرته ذات الصوت العالي المديد
فلا تكاد الارواح تسمع صوت هذا النذير
حتى تعود مسرعة إلى مستقرها
سوااء أكان مسراها في البحار أم في النار
ام كانت تجول في الارض ام في الجو
ولا شك أن فيما رأيناه الساعة
شاهد بصدق هذا القول
مرسيلوس : لقد تلاشى عندما صاح الديك
ويزعمون أنه عندما يجيء الأوان
لإحياء ذكرى مولد سيدنا المسيح
لا ينقطع الديك عن الغناء طول الليل
ومن أجل ذلك لاتبرح الأرواح مستقرها
ويكون الليل كله أمنا وكواكبه لا تتصادم
والعفاريت لا تؤذي أحدا والساحرات يبطل سحرهن
لأن الزمان كله يمن وبركة .
هوراشيو : سمعت هذا أيضا وأصدقه بعض التصديق
لكن انظر الى مطلع الفجر مرتديا كساءه الأحمر
وهو يطل من فوق الندى المتساقط على ذلك الكثيب الشرقي
لقد آن لنا أن ننهي رقابتنا
ومن رأي أن ننقل إلى هملت الشاب ما شهدناه الليلة
فلعمري إن هذا الشبح الأبكم أمامنا . سيتحدث إليه
هل توافقان على أن نطلعه على هذا الأمر
لما نكنه له من الحب ولما يمليه علينا الواجب
مرسيلوس : أجل لعمري ، وإني لأعلم المكان الملائم
الذي نستطيع أن نلقاه فيه اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق