(1)
ليه يابنفسج بتبهج وأنت ورد حزين
ليه يابنفسج بتبهج وأنت ورد حزين
................................
ليه
يابنفسج بتبهج وانت ورد حزين ؟؟
كنت
صغيرا غض الإهاب ، ولم نكن نمتلك راديو (مذياع)كما يقول مجمع اللغة العربية ،وأحد
جيراننا يمتلك مذياعاً ضخماً ضخامة ملحوظة ويدار ببطاريات بدائية وصوته كله حشرجة
وزعيق وشوشرة إنما يعتبر عز ومركز متقدم فى السلك الإجتماعى الفقير المتهالك ، إنه
يمتلك راديو!!
وكعادتى
المتلصصة التى لم أبرء منها ،حتى اللحظة ، أحاول معرفة هذا الجهاز الضخم وكيف يعمل
وماذا يقول ؟
فأندس وسط أطفال هذا المنزل وأنحشر بينهم ،حتى أستمع لما ينطق
به هذا الدولاب الذى قد يقل عن حجمى قليلاً وأطرطق أذناى وأمد رأسى كى تبقى على
مقربة من الراديو .
وسمعت
أغنية بصوت رجل أجش ،وفقاً لقدرتى على السمع ولتهالك الراديو وهو يردد بشجن وعذوبة
ويقول :
ليه يابنفسج بتبهج وأنت ورد حزين .
وصرت أردد كلما تقدم بى العمر هذا المقطع من أغنية الطفولة المحفورة بوجدانى .
صحيح ..معلوماتى آنذاك قاصرة على ما تراه عينى من أشجار ونباتات ومحاصيل زراعية والورد البلدى بلونه الأحمر وزهرة الفل والريحان ، أما البنفسج فلم يكن من ضمن الزراعات.. والحديث يدور عن البنفسج الذى أسمع عنه ولا أراه .
ليه يابنفسج بتبهج وأنت ورد حزين .
وصرت أردد كلما تقدم بى العمر هذا المقطع من أغنية الطفولة المحفورة بوجدانى .
صحيح ..معلوماتى آنذاك قاصرة على ما تراه عينى من أشجار ونباتات ومحاصيل زراعية والورد البلدى بلونه الأحمر وزهرة الفل والريحان ، أما البنفسج فلم يكن من ضمن الزراعات.. والحديث يدور عن البنفسج الذى أسمع عنه ولا أراه .
البهجة
والفرحة تغمرنى وأنا أشم الورد البلدى وأحتفظ بأوراقه بين أوراق كتبى المدرسية ،
أما الآن فقد فقدت حاسة الشم نهائيا وبعد عدة عمليات جراحية للجيوب الأنفية
والحساسية المزمنة والمرضية ،لم أعد أشم وتوكلت على الله وسكت وانشغلت بأشياء أخرى
، هذا الورد البلدى المتوافر أمامى ليل نهار
.
وحفظت
كلامًا لا أدرى من قائله يقول :
لاتحسبوا رقصى بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألم
لاتحسبوا رقصى بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألم
وهذا
الكلام يفكرنى بالبنفسج الذى يبهج الناس وهو حزين.
وعشت
مع الورود، مراهقة طويلة وأحببت قريبة لى ، وسطرت فيها كلمات كثيرة وكراسات عديدة
وسميت الكلمات
( بستان الأمل )وأهتف وأصرخ
:
ياوردتى البيضاء فى بستان الأمل
كم
أنا مشتاق لثغرك والقبل
.....
لولاكى أنتى لولاكى لعشت أبد الدهر أبحث عن لقياكى
.........
.....
لولاكى أنتى لولاكى لعشت أبد الدهر أبحث عن لقياكى
.........
ذكرتك
فى الدجى والناس هجع وطيفك يمر فى خيالى ويسرع
أيا وردتى البيضاء تعالى ولاتجزعى وأنت زهور فى مكان بلقع
أيا وردتى البيضاء تعالى ولاتجزعى وأنت زهور فى مكان بلقع
وحوالى 16بيت كلهم على حرف العين المفتوحة أو المضمومة أو المجرورة .
طبعاً كلام مالوش معنى، إنما تجارب المراهقة الأولى وخرابيش مالهاش فايدة .
ودارت الأيام ومرت الأيام وأصبح عندنا راديو ونط قلبى من الفرحة وزغردت عصافير مخى بالسعادة وأرتبط مصيرى بالراديو .
أسمع الأغانى والموسيقى
والقرآن .وعرفت من الذى يغنى أغنية البنفسج ،الشيخ زكريا أحمد، الملحن الفذ
لأغنيات أم كلثوم .
الآن ....أعود للبنفسج الحزين.
الآن ....أعود للبنفسج الحزين.
وسؤالى آنذاك الذى رددته
أمام أهلى .
إزاى البنفسج يبهج وهو ورد حزين ؟؟
(2)
عسل
النحل
كنت
وفى طفولتى الأولى أذهب إلى الحقل أو الغيط كما هو معروف لدينا بالريف ، أمتطى ظهر
الحمار ، وأسحب حبل الجاموسة التى تسير خلفى بتؤدة وتأن ، هذه الجاموسة أستريح لها
عن با قى حيوانات الحظيرة،فالبقر لا أستريح له ولا أشرب لبنه ولا زبدته وسمنه ،
والعجول الجاموسى شرسة ، لا تخضع بسهولة ليد طفل غض ، والجمل أسحبه فقط بالخزام
(حلقة نحاسية تركب بعد خرم الشفةالعليا والقريبة من الأنف ) ولها حبل من نوع خاص
مع الحكمة التى تحيط برأسه ، وأعتقد أن هذا الخزام كان من الشدة أن يخضع الجمل له
كأنه أرنب ، وأذهب إلى الغيط وأربط الجاموسة بالوتد وأقوم بحش البرسيم وأجمعه
أمامها .
وفى يوم ما كنت وحدى ، وأتت أسراب النحل ، ولا أدرى إلا وهى تكاد تحيط بى
، وأصرخ من اللدغات ، والتهب الظاهر من جسمى وتورم ورماً شديدا وعانيت من آثاره
الكثير ، بل لم أذهب إلى المدرسة فى اليوم التالى ، وألقى الجميع الذنب علىّ ولم
يصدقنى أحد،أننى لم أتعرض للنحل مطلقا ،وقال أحد العالمين ببواطن لأبى :
يمكن يكون
النحل هايج وابنك مالوش ذنب .
ولكن من يصدق شقاوة طفل يحاول أن ينقذ نفسه ؟
و صرت أتحاشى مستقبلاً التواجد فى مكان به نحل
، بل ربما وبعقلية الطفولة الساذجة حرمت على نفسى أكل عسل النحل ، وبرعت كل
البراعة فى أكل العسل الأسود (قصب السكر ) وهذا عقاب للنحل الذى آذانى دون جريرة
تذكر ، أو تعدى عليه.ومضى قطار العمر ولم تحاول نفسى التراجع عن هذا التحريم الطفولى لعسل النحل ، ولكنى ونظير ذلك ،قدمت لأولادى عسل نحل شهى ، وأصبحت أحضره لهم من مناحل أصدقائى ، بل وأشترط من القطفة الأولى ، وأراهم وهم يأكلونه بمتعة وشهية ،فأحمد الله وأشكر فضله ،أن جعلهم يستمتعون بأكله .
وكم أكون سعيداً وهم يطلبون منى شراءه ، بل أخيرا طلب منى أحد الأقارب أن أتوسط له عند أكبر صاحب مناحل فى مصر وهو صديق عزيز،أن يبيعه عسل نحل ومن القطفة الأولى وبأى سعر يرتضيه.
(3)
أمى
وأخواتها
وصغيرا
كنت أسير بجوار أمى، وهى شا مخة الرأس ، يجللها الوقار وتسربلها الطمأنينة ،
وتتكلم بجدية ، ويحكمها المنطق الصارم ، بها حياء الأنوثة ، وقوة الشخصية ،
يحترمها والدى رحمه الله ، ويقدرها الأهل والجيران ، بل تستدعى للفصل فى بعض
المشكلات البسيطة بين نسا ء العائلة
.
ثبت
فى يقينى آنذاك ، المساواة بين الرجل والمرأة ،وأنهما معا يشكلان مسيرة الحياة ،
وأنهما الساقان للجسد الواحد يتوازن بهما ويسير عليهما ولا بد أن يكونا قويين
متماسكين وألا تتراجع إحداهما عن الأخرى إلا بمقدار، حفاظا للتوزان وشموخ الجسد
واستقامة القوام .
وكم
من المرات وجدت أكثر آراء أمى صائبة ، ويعمل بها واستطاعت أن تعبر بنا بر الآمان (بنتان
وخمسة أولاد ) وكنت أنا أكبرهم ، فالمشاركة الجادة فى زراعة الأرض وجنى المحاصيل
ورعاية المواشى وتربية الأولاد ومتابعة الدروس ، كانت آخر من تنام وأول من تصحو .
والدى
رحمه الله ، لم أجد بينه وبين أمى سوى التقدير والحرص على التعاون ، وحل العراقيل
بهدوء ، لا أقول أنهما مثالييان ، بل كثيرا ما تثور المشاكل ثم يتم حلها بالطرق
السلمية .
التقدير
للمرأة يتزايد بمرور الأيام ونضوجى الفكرى والعقلى ،و لم يدخل حياتى سوى النساء
الجادات المتعلمات الحريصات على إدراك الصواب والتماس الصحيح
.
ومن
المصادفات الكثيرة التى قابلتنى وجود المرأة ، فالأبلة(المُدرسة)كنا نسميها
بالتعليم الإبتدائى ، تعلمنى وتدرس لى ، وبالتعليم الإعدادى ( الأستاذة )، ولن
أنسى وهى تعلمنى نطق اللغة الفرنسية لأنها لغتى الأجنبية الأولى وبرعت بفضلها وحسن
رعايتها ، وبجامعة القاهرة ، أذكر أستاذتى الدكتورة / فوزية عبدالستار والتى ذاعت
شهرتها فى مجلس الشعب ، والدكتورة / سعاد الشرقاوى ، والدكتور ة / سميحة القليوبى
,والكثيرات اللواتى لهن الكثير من الأفضال على وعلى جيلى من الذين يعملون بالحقل
القانونى .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول( ما
أكرم المرأة إلا كريم وما أهانها إلا لئيم أو كما قال) .وما أجمل القول وأحسنه إذا سمعناه أو قرأناه من المثقفات ، وظنى يؤكد لى أن المرأة الحياة وهى الدنيا . وكلما نظرت إلى الحرية كانت المرأة .
وكلما اشتقت للعدل كانت المرأة .
وهفت روحى للجمال كانت المرأة .
وتذكرت الفلسفة ظهرت هيباشيا فيلسوفة الأسكندرية أمام عينى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق