لمرور ثلاث سنوات ،على وفاة المرحوم الأستاذ الدكتور نصر حامد أبو زيد ..سأقوم بنشر كل ماكتبته عنه فى المواقع الأدبية منذ 2005م وحتى تاريخه .
واضعاً فى الاعتبار أن الكاتب سواء أكان مبدعاً فى أى مجال من مجالات الأدب والشعر والموسيقى والمسرح و.... ،أو باحثاً فى العلوم الإنسانية ،أو ناقداً أومترجماً أو مؤرخاًأو .....يظل حتى بعد مماته عرضةً للنقد سواء اختلفنا معه أو شايعناه فيما انتهى إليه .
فهو وإن فارق الدنيا ،ولحق بالرفيق الأعلى ،فكتاباته وأبحاثه حيةً بيننا لا تموت ،مهما تعاقبت السنون والأيام.
ولنا الحق كل الحق فى مناقشتها ونقدها .
ساعة الفجر الحزينة
***************
عبدالرؤوف النويهى
6 - يوليو - 2010
موقع الوراق
************
وليهنأ الجبناء ..هكذا قالت لى نفسى ،لما آتانى الخبر الذى هزنى .
مات الدكتور نصر .
لم أستوعب الخبر ،وعاودت التساؤل ،من مات؟؟
فقال لى محدثى :مات الدكتور نصر حامد أبو زيد،.اليوم الإثنين 5/7/2010م وسيدفن بقحافة بطنطا.
أحسست برعدة تشملنى ودموع حارقة تسيل على وجهى ،وقلت لمحدثى :
إنا لله وإنا إليه راجعون .
رحم الله الدكتور نصر.. وجزاه خيراً لما عاناه من ألم الغربة والحسرة من غلاظ القلب ،أنصاف المثقفين وسدنة الفكر المتحجر ،لا أكثر الله منهم، وقصّر أعمارهم .
عانى الكثير والكثير ،وشاركته آلامه وأحزانه وخيبة أمله ،من عقول خربة ونفوس مريضة وألسن حداد وأقوال سقيمة ،
إنها السيدة الفاضلة الدكتورة إبتهال يونس ،زوجة الدكتور نصر ، جزاها الله بكل خير .
والله ..نصر حامد أبو زيد ، أكثر منى إيماناً،وأكثر منى تديناً ،وأكثر منى إلتزاما بالدين وأحكامه.
والله ..عرفتُ هذا الرجل، وكم كنت سعيداُ به وبأبحاثه وكتبه وصحبته.
لكن تسييس الدين وهجومه الشرس على مرتزقة الفكر البين بين ورجال كل العصور وشركات توظيف الأموال وشيوخ ملوك البترول الذين يحرمون ويحللون متى اقتضت الحاجة ..كانت الشرارة التى ألبتهم عليه وسددوا السهام إلى نحره ،بدعوى أقامها أحد الذين لم يقرأوا ولم يفهموا ماكتبه هذا الباحث القدير وأساؤوا فهم كل ما كتبه .
ورغم ماحدث من حكم هو والبطلان سواء .
ورغم قوله مراراً وتكراراً ونشره بالصحف ،أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ..إلا أن أصحاب المصالح والملتحفين بدين الله ،زوراً وبهتاناً ،أصموا السمع وكفروه ونددوا به على المنابر .
ودارت الدوائر على من قاد هذه الحملة الشعواء "عبدالصبور شاهين "وكتابه" أبى آدم "وتقديمه إلى المحاكمة بذات الأسباب التى حوكم بها نصر حامد أبو زيد ، وتداولت الدعوى بالجلسات ،وكاد الحبل أن يلتف حول عنقه بالردة والتفريق ،إلا أن السلطة لم ترد أن يزداد الطين بلة،فأصدرت تشريعاً يقصر دعاوى الحسبة على شكوى يتم تقديمها للنائب العام، ثم يتم التحقيق فيها بمعرفته ،وله أن يصدر القرار بالحفظ أو المحاكمة . وطلب الأزهر فى تقريره من عبدالصبور شاهين بتعديل بعض السطور ..وما أشبه الليلة بالبارحة وما حدث للشعر الجاهلى لطه حسين ، ببعض التعديلات ..وصدر الحكم برفض الدعوى ..
فى لحظة ما ،وأثناء محاكمة الدكتور/ نصر حامد أبو زيد،شعرتُ بهزيمة ماحقة، طالت روحى وعلقمت فمى ،فلم أعد استطعم شيئاً ،وأبت بطنى هضم الطعام.
الليل موعدنا..شعارنا الذى نختم به أحاديثناالليلية ..فقد كان الدكتور نصر ،يقتطع من وقته الثمين ،دقائق قد تستمر إلى ساعة أو أقل قليلاً. نتكلم فيها عما يجرى حولنا ،وآخر ما قرأنا .....إلخ.
كان كتابه "التفكير فى زمن التكفير " من كتبه التى أهدانيها ،بإهداء جليل من مفكر جليل
.( إلى الأخ العزيز الأستاذ
عبدالرؤوف النويهى
مع المودة والإعزاز.
نصر
19/4/1995م)
وحكى لى حكاية : فى يوم من الأيام ،قام أحد أصدقائى بدعوتى لأذهب معه عند أقاربه الذين غاب عنهم طويلاً ،ويرغب فى رؤيتهم والإطمئنان على أحوالهم،وصمم وبقوة على اصطحابى معه، فحددت له يوماً،وكان يوم جمعة.
وذهبت معه وجلسنا عند أقاربه الذين إحتفوا بنا إحتفاءً لانظير له.
ثم دعى الداعى إلى صلاة الجمعة ،فقمنا جميعاً للصلاة ،فى المسجد الكبير بالقرية ..وتبين لى أن هناك بعض من كان يدرسون فى الكلية (كلية الآداب جامعةالقاهرة )من أهل القرية.
وطلبوا منى إعتلاء المنبر لإلقاء خطبة الجمعة ،تكريماً لى ولكونى أستاذاً لهم ،فى قسم الدراسات العربية الإسلامية،ولم تكن زوبعة القضايا قد اشتعلت بعد ،فامتنعت ..لأننى لم أكن مستعداً بموضوع الخطبة.
وقام خطيب المسجد بإعتلاء المنبر ،وأخذ يخطب ويتشدق ويحكى عن القصص القرآنى ،والحكايات الخرافية التى جمعها المفسرون من بطون الروايات التوراتية ،والتى لايقبلها عقل ولايحكمها منطق.
وأكثر من نصف ساعة.. لم أجد كلمة واحدة عاقلة، اللهم إلا الخرافات والأباطيل والحكايات التى لارأس لها ولاذنب.
ودار بذهنى آنذاك ..بقى إنت يانصر وأمثالك...عايزين تدعو الناس إلى طرح كل هذه الخرافات والحكايات والتفاهات!! دا من يوم كتاب الشعر الجاهلى لطه حسين حتى اللحظة ،لم نستطع أن نلمس القشرة الخارجية لعقول الناس،إذن كم يكفى من الزمن ..حتى نخترق هذه القشرة لنصل إلى عقولهم!!!
فقلت له على الفور :طيب والعمل؟؟
هل سنترك الخرافة تتحكم فينا ؟
قال لى :أبداً هى محاولات فردية ،المجتمع فى حاجة إلى يقظة ،يعنى عمك (الدكتور /محمد النويهى)لما كتب بعض المقالات فى مجلة الآداب البيروتية وكان بيطالب فيها بثورة فكرية دينية إجتماعية تربوية ،إتهموه بالكفر."
هذه الحكاية لم أنسها أبداً،لأننى كنت_ أخيراً_أصلى الجمعة فى أحد المساجد وقام خطيب المسجد وأخذ يخطب خطبة الجمعة ،وكان يتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وفجأة قال :حتى الصحابة رضوان الله عليهم .كانوا يقتمسون مخاط النبى !!بل بوله أيضاً ويدعكون به وجوههم بل ويشربونه!!
وظهرت كلمات د/نصر ..تملأ عقلى وتهزنى هزاً ..وسيل الفتاوى المريضة، إرضاع الكبير ،وغيرها من خرافات وخزعبلات !!
فى عصر الوراق الذهبى ،لم يكن يمر وقت إلا وكانت الحوارات الجادة والمواضيع المتميزة هى المطروحة على بساط البحث ،مما جعل الوراق مقصداً مرغوباً للشعراء والكتاب والباحثين بل وقصده الأساتذة الكبار ومنهم على سبيل المثال الأستاذ الدكتور أبو يعرب المرزوقى أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية ورده على الأستاذ يحيى رفاعى ،ولن أطيل فجميع مواضيع هذا العصر الذهبى موجودة وتحت عين الجميع .
من يقتل الغذامى تقرباً لله؟ هذا الملف الرائع الذى فتحه على صفحات الوراق الأخ والصديق الشاعر الكبير زهير ظاظا ،بمجلس أصوات من العالم،يوم 29/6/2006م كتبتُ فيه عن ا"غتيال مثقف عربى "ولم يكن دفاعاً عن الأخ والكبير المرحوم بإذن الله نصر حامد أبو زيد ،وإنما سطور قليلة عنه وعن حياته وعن مؤلفاته .
اليوم ..وبعد موته فى ساعة الفجر الجزينة صباح الإثنين 5/7/2010م ،أحاول الحديث عنه ،فلقد أخطأ قارئوه القراءة ،وأضافوا من عندهم مالم يقله ، وكانت القراءات المبتسرة والمغرضة هى السائد والمألوف . بل ركن بعضهم بحسن نية إلى بعض هذه الكتابات دون الرجوع إلى المصدر المنقول عنه لتبيان صحة ماقيل والثابت كتابةً ،بل الإرتكان عليه ،فلايُعقل أن يؤخذ من كتاب تبلغ عدد صفحاته مايقرب من 400من القطع الكبير ،كلمات لاتزيد سطوره عن صفحة ،ثم ينهال السيل الجارف تحقيراً وتزييفاً وطعناً فى الشرف والعرض والدين .
ألا يكفى قول الله تعالى "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "
فكتابه مفهوم النص ..دراسة فى علوم القرآن الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1990م عن سلسلة دراسات أدبية ،قد أخذ حقه فى الكتابة عنه ولم يكن بالكتاب المشهور آنذاك ،وكما قرر لى صديق بالهيئة "طبعة احسن كتاب بالهيئة لاتزيد عن 2000أو 3000نسخة ،بل هناك مرتجع من النسخ "
قامت الحرب بين نصر والتيار الإسلامى الذى يُحلل ويحرم ،متى اقضت الحاجة ،ولوى عنق الفتاوى إرضاءأ لأصحاب السلطة و أصحاب الجاه ،وأصحاب شركات توظيف الأموال والحضور والمباركة لمشاريعهم الوهمية وسلب أموال الناس بشعارات براقة وأساليب قذرة ،وكشوف البركة التى نشرتها الجرائد، "الريان والسعد وسواهم" وشن حملة قاسية ضد هؤلاء العلماء الأفذاذ الذين باركوا الصلح مع العدو الصهيونى باسم الإسلام وكانوا من قبل يدعوننا للجهاد والتضحية والقتال وبذل الدم والروح والمال باسم الإسلام والعدو هو العدو لم يتغير ولم يكف عن سحق وحرق وهدم وقتل وتعذيب المواطن العربى فى فلسطين ولبنان وكطاردة الثوار فى شتى بقاع الأرض وتصفيتهم جسدياً واحتلال الأرض وانتهاك العرض ويظل الأقصى حبيسا وحزيناً تحت ثلة الأوغاد الصهاينة.
ويظل كتاب مفهوم النص فى فترينات مكتبات الهيئة يلتمس من يقرأ ولكن لاجدوى .ويظهر كتاب نقد الخطاب الدينى ويرصد فيه نصر أبو زيد مهازل علماء الدين الذين وسعت بطونهم وعقولهم كل شيىء، فهم المؤيدون لأكثر الأنظمة العربية رجعية واستبداداً وتستغلهم الحكومات وتغدق عليهم بالمناصب المرموقة والجاه والمال، كى يكونوا الخطاب الدينى باسم الإسلام فى كتم الأنفاس للمطالبين بالعدل وقطع ألسنة المعارضين لإستبداد القياصرة الجدد والطغيان والقهر.
وأصبح كتاب نقد الخطاب الدينى من الكتب التى كشفت عورة علماء توظيف الأموال،واستغلال الدين لمصلحة هذه الشركات النصابة والمتاجرة باسم الإسلام عياناً جهاراً وتحت سمع وبصر الحكومة .
أصبح كتاب نقد الخطاب الدينى ودراسات نصر حامد أبو زيد فى مجلة قضايا فكرية التى أصدرها وأشرف عليها محمود أمين العالم ،النار الحارقة لأفكار مسمومة تهدد الوطن وتغتصب أموال الناس بالباطل .
أصبح كتاب نقد الخطاب الدينى من الكتب التى لابد من حرقها وقطع لسان كاتبها ويده .
وهكذا تم تبييت النية للقضاء على نصر حامد أبو زيد .
وأقيمت الدعوى 5991لسنة 1993شرعى كلى للتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة إبتهال يونس وذلك لردة نصر حامد أبو زيد عن الدين الإسلامى .
وصار الأمر كما رسمه العلماء الأفذاذ!!!!
نحن أمة لا تقرأ وإذا وجدنا كتاباً طرحناه جانباً ، ومن المؤكد أننا نعتمد على الآخرين فيما يجب أن نعرفه .
وما أشبه اليوم بالبارحة ،وما حدث من ثورة ضد رواية حيدر حيدر "وليمة لأعشاب البحر " وتأكيد الأعلام الذين هتفوا ضد الرواية ، أنهم لم يطلعوا على هذه القذارة !!!!!
قلتُ ..أن كتاب مفهوم النص ..دراسة فى علوم القرآن قد تلفقه المغرضون وشنوا حملة تكفير وتحقير لمؤلفه وأنهالوا سباً وقذفاً وأشك فى أنهم لم ينظروا صفحاته، وإنما هى قراءات إنتقائية لما يخدم الغرض ويحقق الهدف ،ويعتمد على النقل دون أن يعرف من الكاتب بل ننقل من ويكبيبيديا المعلومات، وكأن ماكتب فيها هو الحق و الصدق المبين.
وسبق أن عرض الأستاذ الكريم الدكتور يحيى مصرى ماكتبته الويكيبيديا ،والثابت بها أن الأقوال المنسوب صدورها من الدكتور نصر.. أتت غفلاً من ذكر المراجع والصفحات كما تقتضى الأمانة والدقة العلمية .
وكتاب مفهوم النص و نقد الخطاب الدينى والكثير من دراسات الدكتور نصر ،موجودة عندى ،فمن كان قريباً من طنطا فليكتب لى ويشرفنى بحضوره ليقوم بتصوير ما يشاء من كتب ودراسات ،حتى يكون على بينة من الأمر ،ويرتكن إلى ما خطته يد نصر ،دون الإفتئات عليه أو وصمه بما ليس فيه،فلقد قرأت معظم ماكتبه الدكتور نصر ،مراراً وتكراراً ،ولم أجد فيه سوى ما قاله :
"لم تعد قضيتنا اليوم حماية تراثنا من الضياع وثقافتنا من التشتت .وإن كانت تلك قضية مهمة فى كل زمان بالنسبة لكل الأمم .لكن الذى نريد أن نقوله أنها ليست القضية الأولى فى هذه المرحلةالذى وصل فيهاالتهديد إلى "الوجود "ذاته.
لقد أصبح التحالف بين العدو الخارجى متمثلاً فى الإمبريالية العالمية والصهيونية الإسرائيلية وبين القوى الرجعية المسيطرة فى الداخل حقيقة بارزة لكل ذى عينين.
وعلى ذلك أصبح موقفنا اليوم هو الدفاع عن وجودنا ذاته بعد أن أفلح العدو أو كاد فى اختراق الصفوف فى محاولة نهائية لتشكيل وعينا،أو بالأحرى فى محاولة لسلبنا وعينا الحقيقى ليزودنا _عبر مؤسساته الثقافية والإعلامية _ بوعى زائف يضمن استسلامنا النهائى لخططه وتبعيتنا المطلقة له على جميع المستويات"
مفهوم النص ص 16 طبعة 1990م الهيئة المصرية العامة للكتاب .مصر .
"أصبح فى حكم الحقائق المسلم بصحتها أن الفكر البشرى ،أى فكر بما فى ذلك الفكر الدينى ،نتاج طبيعى لمجمل الظروف التاريخية والحقائق الإجتماعية لعصره.
وليس معنى ذلك أنه نتاج سلبى ،بل الأحرى القول إن الفكر الجدير حقاص بهذا الاسم هو الفكر الإيجابى الذى يتصدى لحقائق العصر الذى ينتمى إليه بالتحليل والتفسير والتقويم ،ويسعى إلى الكشف عن عناصر التقدم ومساندتها ،وعزل عناصر التخلف ومحاربتها .
والفكر الذى يكتفى بتبرير الواقع والدفاع عنه ،إنما ينتمى إلى مجال الفكر على سبيل المجاز لا الحقيقة .
ولامجال هنا للحديث عن الفكر الذى يسعى إلى الارتداد بالواقع الاجتماعى والتاريخى إلى عصور سابقة .
فليس ذلك فكراً على الاطلاق ،إذ الفكر فى جوهره وحقيقته حركة لاكتشاف المجهول إنطلاقاً من آفاق المعلوم.
وليس الفكر الدينى بمعزل عن القوانين التى تحكم حركة الفكر البشرى عموماً ذلك أنه لايكتسب من موضوعه -الدين -قداسته وإطلاقه.
ولابد هنا من التمييز بين" الدين " والفكر الدينى ،فالدين هو مجموعة النصوص المقدسة الثابتة تاريخياً ،فى حين أن الفكر الدينى هو الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص وتأويلها واستخراج دلالتها.
ومن الطبيعى أن تختلف الاجتهادات من عصر إلى عصر ،بل ومن الطبيعى أيضاً أن تختلف من بيئة -واقع اجتماعى تاريخى جغرافى عرقى محدد -إلى بيئة فى غطار بعينه ،وأن تتعدد الالجتهادات بنفس القدر من مفكر إلى مفكر داخل البيئة المعينة .
كل ذلك اصبح فى حكم الحقائق المسلم بصحتها،والتى كافح رواد النهضة والتنوير طويلاً من اجل إقرارها وتثبيتها فى تربة ثقافتنا. فعل ذلك - كل فى مجال نشاطه المعرفى وتخصصه - الطهطاوى والافغانى ومحمد عبده ولطفى السيد وطه حسين وعلى عبد الرازق وقاسم امين وسلامة موسى والعقاد واحمد أمين وأمين الخولى وغيرهم كثيرون .
لكن ثمة سؤالاً مؤلماً جارحاً يفرض نفسه ونحن فى زخم الاحتفال بأولئك الرواد أو ببعضهم :
كيف استطاع الفكر الدينى المعاصر أن يخفى تلك الحقائق ويحاول أن يهيل عليها تراب النسيان لحساب إطلاقية تقارب حدود القداسة بنسبها إلى نفسه بطريقة غير مباشرة ؟؟"
نقد الخطاب الدينى .. الدكتور نصر حامد أبو زيد ..سينا للنشر ..الطبعة الثانية 1994م ص 197
حاول الدكتور نصر حامد أبو زيد ،المضى قدمأ فى مشروعه الفكرى ،فقد كانت دراسته الأولى عن الاتجاه العقلى فى التفسير (دراسة فى قضية المجاز عند المعتزلة )..
كان العقل رائده وإمامه متخذاً من أبى العلاء المعرى أستاذاً (كذب الظن لا إمام سوى العقل) .
وكثيراً ما أكد- لى - على قيادة العقل والتمسك به ،ناقداً ما انتهى إليه الإمام الغزالى (حجة الإسلام ) فيما قرره من أن الغزالى أراد العودة فى إحيائه إلى الماضى لحل معضلات الحاضر وأن النص القرآنى بحر من الأسرار والعلوم لايكاد يحيط بها العقل الإنسانى، فهى تبدو لديه كقشور يلتقط منها بعض السوانح السطحية ،وكان صدامه مع ابن رشد فى كتابه تهافت الفلاسفة والنيل من العقل.
ويؤكد الدكتور نصر فى مفهوم النص :
"إن البحث عن مفهوم النص ليس فى حقيقته إلا بحثاً عن ماهية القرآن وطبيعته بوصفه نصاً لغوياً.وهو بحث عن القرآن من حيث "هو كتاب العربية الأكبر ،وأثرها الأدبى الخالد...
فالقرآن كتاب الفن العربى الأقدس ،سواء نظر إليه الناظر على أنه كذلك فى الدين أم لا.
وهذا الدرس الأدبى للقرآن فى ذلك المستوى الفنى ،دون نظر إلى اعتبار دينى ، هو مانعتده وتعتده معنا الأمم العربية أصلاً ،العربية اختلاطاً،مقصداً أول ،وغرضاً أبعد ،يجب أن يسبق كل غرض ويتقدم كل مقصد.
ثم لكل ذى غرض أو صاحب مقصد بعد الوفاء بهذا الدرس الأدبى ان يعمد إلى ذلك الكتاب فيأخذ منه مايشاء ويقتبس منه مايريد فيما أحب من تشريع ،أو اعتقاد،أو أخلق ،أو اصلاح اجتماعى ،أو غير ذلك.
وليس من شيىء من هذه الأغراض الثانية يتحقق على وجهه إلا حين يعتمد على تلك الدراسة الأدبية لكتاب العربية الأوحد دراسة صحيحة كاملة مفهمة له"
أمين الخولى :دائرة المعارف الإسلامية ،مادة تفسير ) ص 13،12 من مفهوم النص طبعة 1990 الهيئة المصرية العامة للكتاب.
وفى محاولة الدكتور نصر الدؤوبة فى تجديد الفكر الدينى و الابتعاد عن الاجابات الجاهزة المتداولة والمألوفة والتى لاتعطى جديداً وتقف عند حدود الدراسات التى طال عليها الأمد
نراه يواصل شرحه وتوضيحه لما يسعى إليه ،مع إداركه الكامل أن مايسعى إليه قد يصطدم مع جمود الفكر وركود العقل وسوف يعاقب على مايقوله
وتأكيده مراراً وتكراراً ،على أنه لايمتلك الحقيقة ولايزعمها ،وإنما هو إجتهاد قد يشوبه الخطأ ويعتريه النقصان ،إلا أن الجمود الفكرى وركود العقل قد أعدا العدة للنيل من محاولته ، وقد كان .
يقول الدكتور نصر مواصلاً دفاعه عن فكره وفكرته :
"إن البحث عن عن مفهوم النص لايزعم الإجابة عن كل هذه الهموم والتصدى لها تصدياً شاملاً ،ولكنه بداية للبحث العلمى فى مجال شائك يبدو أنه لم يعد فيه مجال لقول جديد .
سيقول المغرضون وأصحاب الكراسى المزورة - على حد قول الكندى فيلسوف الإسلام الأول- ليس لهذه التساؤلات من معنى إلا التشكيك فى العقيدة ،وسيقولون أن هذه ليست أسئلة جديدة ،بل هى قديمة أجاب عنها العلماء كل فى مجال تخصصه فالاجابة عنها من قبيل تحصيل الحاصل ،ولكن على الباحث أن يعرض عن كل ذلك،ويمضى فى طريقه طارحاً السؤال تلو السؤال باحثاًعن إجابة لكل سؤال ،متباعداً قدر الإمكان عن الاجابات الجاهزة التى لاتضيف إلى وعينا بموضوع الدرس جديداً .
والباحث هنا لايزعم امتلاكه للحقيقة بألف ولام العهد ،وإنما يزعم أنه بسبيله للبحث عنها ومقاربتها بالقدر الممكن علمياً وإنسانياً .
وغنى عن القول أن الباحث على وعى بخطر التشويش الأيدلوجى النابع من موقفه من الواقع الذى يعيش فيه ويتفاعل معه بوصفه مواطناً .
ويدرك أن عليه أن يقلل من تاثير هذا الخطر على قدر مايستطيع . ويكفى الوعى الدائم به مانعاً من الانزلاق إلى مهاوى التحليلات الأيدلوجية ،إذ لايقع فيه حتى الأذقان إلا من ينكرونه ويزعمون لأنفسهم تجرداً وموضوعية ونزاهة لاتليق إلا بالحق المطلق المجرد،وأنى لنا ذلك!!!)
المرجع السابق ص27،26
فات على منتقدى _الدكتور نصر _ ومكفريه ،القراءة الجادة والمتزنة ،قراءة أهل العلم والأدب والإختصاص ، وإنما سمعوا وماعقلوا ،وقرأوا سطور بُتترت من سياقها ، وأقاموا الدنيا وأقعدوها بل حملوا مشاعر الغوغاء وأفكارهم ومسحوا باسمه وكتاباته الطرقات والشوارع والحارات ،ونالوا منه ويؤسفنى جداً جداً ما قرأته لأحد منتقديه وهو أحد من يزعمون أنهم أهل العلم وحراس العقيدة ألا وهو الدكتور إسماعيل سالم فى كتيبه "نقض مطاعن نصر أبو زيد فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين "
"إن نصر أبوزيد كافر يخرج عن الملة " ص59
"على كل مسلم غيور على دينه أن يرفع دعوى أو يشارك فى إقامتها ضد الدكتور نصر حامد أبوزيد لإيقافه عن التدريس ،لأنه يدرس الكفر فى قسم اللغة العربية"ص60
" على جميع الطلاب -طلاب الدكتور نصر أبو زيد - أن يمتثلوا أمر الله فلا يجالسوه للعلم ولا للتلقى على يديه مادام معتقداً فى هذه الطعون ضد القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين فليمتثل طلاب الدكتور نصر أمر الله نفسه بعدم الجلوس بين يدى المستهزئين بكتاب الله وآياته هذا ليس مستهزئاً فقط بل طاعناً فى الدين وإلا صاروا كفاراً مثله "ص59-60
لم يتمهل الدكتور الجليل المكفراتى ويدافع دفاع العلماء عما يعتقده وعما يؤمن به ولكنه جمع فى سلة واحدة بين القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين وساوى بينهم فى القداسة والتبجيل ،ولهذا لعمرى تفاهة النقد وإنحطاط الأسلوب .
يذكر التاريخ أن الأستاذ الجليل العالم الفاضل محمد فريد وجدى وقد أصدر أحد الكتاب كتاباً"أنا ملحد" فقام الأستاذ العالم الجليل بالرد عليه فى كتابه"لماذا أنا مؤمن "ولم يقل كلمة سيئة فى كاتب كتاب "أنا ملحد" بل ينعته بالأخ الفاضل والأستاذ الكريم.
فى طبعته الأولى 1993م والتصدير بالمقدمة فى 19من ديسمبر 1993 قدم الدكتور إسماعيل سالم الأستاذ المساعد للفقه المقارن بكلية العلوم جامعة القاهرة ،أطناناً من السباب المقذع والاتهامات الباطلة .
ويطالب بمحاكمة هذا المؤلف (د.نصر حامد أبوزيد)أمام القضاء واستتابته فإن تاب وإلا حكم القضاء بقتله حداً وأخذت أمواله لبيت المسلمين!!!
وتلقف الأمر وتمت الاستجابة الفورية من رواد مسجد النور ومسجد الخلفاء الراشدين ،بل يتمادى ويكتب:
"ثم يتلقف الحلقة أخيراً من سمى بنصر أبو زيد وهو يدرس لأبناء المسلمين وبناتهم علوم القرآن وطرفاً من أصول الفقه فيطعن فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين ويخرج جيلاً كافراً آخذاً راتبه من أموال المسلمين"
وفى طبعته الثانية سنة 1994م والتصدير بالمقدمة للطبعة الثانية المكتوبة فى يوم الأحد 19من ديسمبر 1994 ص8 يكتب الدكتور المكفراتى وبثقة:
"وكان لابد لى أن أرجع بنفسى إلى كتب نصر أبو زيد هذا وحصلت على كتابى (مفهوم النص، والإمام الشافعى ) وهالنى مافيها من كفر صراح ،وردة ظاهرة وتطاول على القرآن والسنة ،بل وعلى الله ذاته!!! والأدهى والأمر أن المؤلف الزنديق يدرس هذا الكفر لطلبته !!ولايزال!!"
أنا فى دهشة من أمرى ،من هذا النابغة المكفراتى الذى يقرر وبكل يقين أنه تحصل على كتابى مفهوم النص والإمام الشافعى وهالنى .............إلخ
إذن كيف أثار الدنيا ولم يقعدها وسيل الطوفان السبابى والإتهامات بالجملة لكتابين لم يقرأهما ولم يكن قد تحصل عليهما ؟؟؟؟!!
كيف يتم إصدار الحكم دون الإطلاع على أوراق الدعوى ؟؟؟
من الصعب على أستاذ مساعد الفقه المقارن أن يكون بهذه السذاجة والغفلة التى لايقع فيها تلميذ فى التعليم الأساسى !!!
لكن ماعلينا ..ونعود إلى ماكتبه الدكتور نصر حامد أبو زيد :
" وإذاكان النص القرآنى هو نص القرآن فإن الهدف الثانى لهذه الدراسة يتمثل فى محاولة تحديد موضوعى للإسلام ،مفهوم يتجاوز الطروح الأيديولوجية من القوى الإجتماعية والسياسية المختلفة فى الواقع السياسى العربى الإسلامى .
إن الباحث فى مجال الدراسات الإسلامية أو فى مجال علوم القرآن لايستطيع أن يتجاهل هذا الصراع الدائر أو يغمض عينيه عنه تحت أى دعوى أكاديمية .
وهل يستطيع الباحث أن يتجاهل المد المتزايد لفكر الجماعات الإسلامية فى المجتمع رغم كل ماتلقاه هذه الجماعات من اضطهاد وماتحاصرها به المؤسسات الرسمية من تشويش إعلامى ؟؟
وهل يمكن للباحث أن يتجاهل أن الدعوة للدين تتحول على يد هذه الجماعات أحياً إلى نونع من الإرهاب الفكرى ؟؟
وهل يستطيع الباحث أن يتجاهل تلك النابتة التى نبتت تناقش قضايا عفى عليها الزمن ،وصارت من التراث القديم ،وذلك حين يوضع الدين مقابلاً للعلم فى مناقشات ومحاضرات وندوات ومؤلفات عن الإسلام والعلمانية حيث ينبرى رجال الدين لمهاجمة العلمانية وينبرى العلمانيون للدفاع عنها ؟؟
وهل يستطيع الباحث أخيرأ أن يتجاهل الإعلام الرسمى الدينى بكل مايمارسه من تخريب فى وعى الناس حين يحاصرهم بالأحاديث والمناقشات والأفلام والفتاوى التى تُغيّب الناس عن قضاياهم الحقيقية ،وتُفسر الدين لصالح القوى المسيطرة المتحالفة مع أعداء الوطن والدين؟؟
أليس مما له دلالته فى هذا الصدد أن تكون القدس - وبها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثانى الحرمين- تحت سيطرة الصهاينة ،ويبارك علماؤنا الصلح مع العدو أو مباركة صامتة ؟؟
ولكن حين يتجرأ مفكر على إنكار "حديث الذبابة " يتصدى لهم كبيرهم فيقيم الدنيا ولايقعدها . وحين يناجى كاتب فى بلواء المرض ومحنته ربه وينشر مناجاته تلك تثور ثائرة الشيوخ لأن الإنسان تجرأ على ربه.
هؤلاء العلماء الأفذاذ باركوا الصلح مع العدو باسم الإسلام وكانوا من قبل يدعوننا للجهاد والتضحية باسم الإسلام والعدو هو العدو لم يتغير ولم يكف عن عدوانه على الأنفس والأرض.
أليس هؤلاء العلماء ذاتهم هم الذين عقدوا المؤتمرات ودبجوا الخطب والمقالات لإثبات ان الإسلام دين الإشتراكية والعدالة الإجتماعية ،وهم ذاتهم الذين عادوا فى عصر الإنفتاح يؤكدون لنا أن الله جعل بعضنا فوق بعض درجات ليتخذ بعضنا بعضاً سخريا ،ولايجدون للدرجات تأويلاً سوى التفاوت الإقتصادى والإجتماعى ؟؟
أليس هؤلاء العلماء هم الذين يؤيدون أكثر الأنظمة العربية رجعية وتحالفاً مع أعداء الإسلام ،ولايجدون غضاضة فى الأخذ من أموالهم وهم يعلمون أنها أموال المسلمين الذين تستغلهم هذه الحكومات وتقهرهم باسم الإسلام . أو بالأحرى بالتفسير الرجعى للإسلام ؟؟
إن من حقنا -والحال كذلك- أن تساءل فى جدية وإخلاص وموضوعية :ماهو الإسلام ؟؟
والسؤال يكتسب مشروعيته من تلك الفوضى الفكرية التى تسيطر على المفاهيم الدينية فى ثقافتنا نتيجة الإختلاف الرؤى والتوجهات فى الواقع الثقافى من جهة،ونتيجة لتعدد الاحتهادات والتأويلات فى التراث من جهة أخرى . وإذا كانت مثل هذه الاختلافات قد أدت فى الماضى إلى نوع من اللادرية انتههت إلىىتحريم الفكر ذاته ،وغلق باب الإحتهاد ،فإن غايتنا من طرح السؤال الوصول إلى فهم موضوعى لماهية الإسلام .
كلنا يتحدث عن الإسلام ،وعن رأى الإسلام وحكم الإسلام ،ولكن يبدو من هذه الأحاديث أننا نتحدث عن مفهوم لم نتفق على تحديده ولو فى الحدود الدنيا من الإتفاق.
ولقد أدى هذا التعارض المفهومى فى الماضى إلى أن ذهب قاضى البصرة عبيد الله ابن الحسن إلى التسوية بين كل الآراء وبين كل الإجتهادات مهما تضاربت وتناقضت."
ص 24،23،22 مفهوم النص المرجع السالف الإشارة إليه.
استدراك على ماسبق ،فطبعة كتاب "نقض مطاعن نصر أبوزيد فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين " الطبعة الأولى سنة 1993م والمقدمة لهذه الطبعة مكتوبة فى 25إبريل سنة 1993م ،أما الطبعة الثانية مزيدة بتقارير العلماء المقدمة فى قضية نصر أبوزيد وكانت سنة 1994 م والمقدمة لهذه الطبعة مكتوبة 19ديسمبر 1993م .
عودة إلى الدكتور المكفراتى ولسانه الذى ينقط شهداً وعسلاً ورغم مقدمته للطبعة الأولى لكتيبه فى 25إبريل 1993م ،فقد أفاق من سباته العميق وتنبه أن هناك "مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى " وجاهد جهاد الأبطال والمناضلين والصالحين وحصل عليهما ،وامتشق سيفه الباتر وكتب تقريرأ عن بعض الأقوال التى فى كتب الدكتور نصر حامد أبوزيد المكتوبة فى 2/12/1993م
الدهشة تتملكنى والحيرة تهد كيانى ،ووجدتنى كاتباً تعليقاً على هذا التقرير الملحق بالطبعة الثانية سنة 1994م أقول فيه: كيف كتب الدكتور إسماعيل سالم كتيبه دون الإطلاع على الكتابين ؟؟
ثم وبعد خراب مالطة وبعد تهييج الدنيا ورفع الدعاوى يكتب تقريره !!!
حقاً وصدقاً.. هذا أحد العلماء الذين يسيرون فى الركب دون تبيان إلى أين يؤدى الطريق، إنه أحد أصحاب الغرض وسوء الطوية .
يبدو أن كل من كتب عن مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى ودراسات الدكتور نصر ،حاول وبكل الوسائل القيام بعملية قص ولزق لكتاباته والتضليل فى النقل ولقد حاولت تتبع الأقوال المنسوبة للدكتور نصر فى كتابات السادة العلماء الأفاضل فما وجدت إلا التدليس والتزوير لأقواله والإضافة عليها وتحويرها بما يلائم الغرض والنية .
وخير مثال .. المقالة المذكورة فى المداخلة التى عرضها السيد الأستاذ تركى السفر .. فلقد إختلط الأمر على كاتبها بين كتاب مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى ،فما كتبه فى الفقرة الأولى خلطة بين أقوال الكاتب وتفسيراته السقيمة وبين كتاب مفهوم النص ونقد الفكر الدينى ، بل الصفحات التى ذكرها ليست صحيحة (أمامى الطبعة الأولى من كتاب مفهوم النص سنة 1990م وأيضا الطبعة الأولى والثانية لكتاب نقد الخطاب الدينى ). وأيضاً الفقرة الثانية ومانقله عن كتاب نقد الخطاب الدينى .
ويبدو أن السادة العلماء الذين شواهم الدكتور نصر وجلدهم فى مقالاته ودراساته وكتبه ومواقفهم المتذبذبة المزرية ،قد جمعتهم وجعلتهم كيدِ واحدة ولغةِ واحدة ولسانِ واحدِ للرد المغرض والفاسد على كتابات الدكتور نصر، بل وتكفيره وكما قال الدكتور إسماعيل سالم ""أن ماجاء بكتبه يحط به إلى درجة الزندقة ولايجعله فى درجة المرتد فقط
. فقد صرح مراراً فى الصحف أنه مسلم ينطق بالشهادتين مع مافى كتبه من أمور قاطعة بأنه من أعدى أعداء الإسلام المنكرين لما جاء فى القرآن والسنة مما علم بالضرورة " نقض مطاعن ...ص92
رجل يصرح بإسلامه وإيمانه - فى الصحف السيارة - ورغم النطق بالشهادتين إلا أن السادة العلماء أجمعوا جمعهم وخططوا لقتله معنوياً وأدبياً وفكرياً ،بل وتصفيته جسدياً إن أمكن!!!
."إن تركيز الخطاب الدينى على حاكمية النصوص فى مجالات الواقع والفكر كافة ،و مايعلنه من قصر الاجتهاد على الفروع دون الأصول،ومع تحديد مجال الاجتهاد على النصوص الفرعية -الأحاديث - دون النص الأساسى -القرآن - يؤدى إلى تحديد كل من النص والواقع معاً
فإذا أضفنا إلى ذلك مايطرحه الخطاب الدينى أحياناً من اجتهادات لا تخرج عن مجال الترجيح بين آراء الفقهاء واجتهاداتهم واختيار بعضها،أدركنا أن هذا الخطاب فى الواقع يريد أن يرتد بالمجتمع إلى الخلف لا أن يحقق تقدمه كما يزعم ،والماضى الذى يريدنا أن نرتد إليه ليس الماضى الذى كان مزدهراً بالحيوية الفكرية والعقلية ،التى تؤمن بالتعدد وتحتمل الخلاف ،بل الماضى الذى ارتضى التقليد بديلاً عن الاجتهاد ،واكتفى بالتكرار بديلاً عن الإبداع .
ولايظهر الماضى الجميل حين يظهر إلا فى معرض لتفاخر والزهو على العقل الأوروبى وحضارته المادية التى أقامها على مااستفاده من العقل الإسلامى ،كما مر بنا من تحليلاتنا .
وأخيراً ينتهى الخطاب الدينى إلى الانغلاق فى دائرة النصوص بعد أن جمدها وقضى على حيويتها ،ويصدق قول القائل "احتمينا بالنصوص فدخل اللصوص" وذلك حين يقضى على أهم وأخطر ما أقره الفقهاء من مبادئ عقلية : المصالح المرسلة والمقاصد الكلية ،،فيعيدها إلى النصوص مرة أخرى ،وبالمفهوم الذى يطرحه لها ،مع أنها مبادئ لتأويل النصوص.
الواقع إذن هو الأصل ولاسبيل لإهداره ،من الواقع ،تكون النص ،ومن لغته وثقافته صيغت مفاهيمه ،ومن خلال حركته بفعالية البشر تتجدد دلالته ،فالواقع أولاً والواقع ثانياً ،والواقع اخيراً.
وإهدار الواقع لحساب نص جامد ثابت المعنى والدلالة يحول كليهما إلى أسطورة ،يتحول النص إلى أسطورة عن طريق إهدار بعده الإنسانى والتركيز على بعده الغيبى ،الأمر الذى يفسح المجال لتساؤلات عقيمة عن طبيعة النص هناك،وعن شكله ونمط الخط المكتوببه،
وهل تنطقه الملائكة بالعربية أو بغيرها ،إلى لآخر ذلك من أسئلة عقيمة يمتلئ بها الخطاب الدينى الإعلامى بشكل خاص ،ويتحول الواقع إلى أسطورة نتيجة لتثبيت المعانى والدلالات ولإضفاء طابع نهائى عليها تأسيساً على مصدرها الغيبى ،ثم فرض المعنى الثابت الأزلى المفترض على الواقع الاجتماعى الإنسانى ،والنتيجة الحتمية لذلك إهدار النص والواقع معاً واستبدال الأسطورة بهما ،وهكذا يحكم علينا الخطاب الدينى أن ندور حول انفسنا فى دائة مفرغة ،ويقضى من ثم بكيفية حادة على إمكانات استقطار الدلالات الممكنة والملائمة لوضعنا التاريخى والاجتماعى ."
نقد الخطاب الدينى ..الطبعة الثانية ..سيناللنشر131،130
وقال له صاحبه وهو يحاوره : قرأت لك ماكتبته عن الدكتور نصر وأغبطك على هذ الحب والتقدير الذى تكنه للدكتور نصر ومحاولتك الجادة فى توضيح ماغمض فى مشروعه الفكرى وما تجتهد فيه من الرد على نظرية القص واللزق والتى سار على دربها منتقدو نصر ومكفروه ،لكننى وجدتك تقف كثيراً أمام ماكتبه الدكتور إسماعيل سالم،وكأنك تبرئ الآخرين من قضية تكفيره وردته .
قلت لصاحبى : لقد ظلم الدكتور نصر، ظلماً عظيماً وكما قال أستاذنا السعدى "موت فى الغربة وقتل مجانى داخل الوطن "
وما أعظم ما قاله ،ووالله لقد بكيت حين قرأت قصيدته ،فما أصدق هذه المشاعر الفياضة من شاعر كبير زهير ظاظا.
عـلـى قـبر نصرٍ كل مصرٍ حديقةٌ ***وكـلُّ شـريـف صـادق العبرات
وما أهمنى وأثّر فىّ ما كتبه الدكتور إسماعيل سالم ،واتهامه الدكتور نصر بالكفر والزندقة والردة . فلقد أنكر الدكتور عبد الصبور شاهين .. أنه لم يُكفر الدكتور نصر.!!!
يقول المكفراتى،ص101 "فإذا كانت النصوص تعنى بعبارة نصر أبو زيد نفسه القرآن والسنة فاسمعه يقول متمرداً على الله ورسوله ،داعياً لعصيان الإله ،منادياً بالتحرر الكامل من سلطة القرآن والسنة ،وهذا نص كلامه فى آخر صفحة من كتاب الإمام الشافعى : قد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان فى عالمنا،علينا أن نقوم بهذا الآن قبل أن يجرفنا الطوفان"
وأعود إلى ماكتبه الدكتور فى كتابه "الإمام الشافعى وتأسيس الأديولوجية الوسطية " طبعة أولى 1992م سينا للنشر ،ص 110
" ....فإذا أضفنا إلى ذلك مواقف الشافعى الاجتهادية تدور فى أغلبها فى دائرة المحافظة على الثابت والمستقر ،تسعى إلى تكريس الماضى بإضفاء طابع دينى أزلى - كما رأينا فى اجتهاداته فى ميراث العبد،وفى ميراث الأخت الوحيدة ،وفى مسألة الغراس- أدركنا السياق الأيديولوجى الذى يدور فيه خطابه كله.إنه السياق الذى صاغه الأشعرى من بعدفى نسق متكامل ،ثم جاء الغزالى بعد ذلك فأضفى عليه أبعاداً فلسفية أخلاقية كتب لها الاستمرر والشيوع والهيمنة على مجمل الخطاب الدينى حتى عصرنا هذا. وهكذا ظل العقل العربى الاسلامى يعتمد سلطة النصوص ، بعد أن تمت صياغة الذاكرة فى عصر التدوين -عصر الشافعى - طبقاً لآليات الاسترجاع والترديد .وتحولت الاتجاهات الأخرى فى بنية الثقافة -والتى أرادت صياغة الذكرة طبقاً لآليلت الاستنتاج الحر من الطبيعة والواقع الحى- كالاعتزال والفلسفة العقلية إلى اتجاهات هامشية . وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الانسان فى عالمنا .علينا أن نقوم بهذا الآن وفوراً قبل أن يجرفنا الطوفان ."
حقيقة الأمر أن مافعله أستاذ الفقه المقارن !!!،هى القراءة الخاطئة والمدلسة والتى لوت عنق كلمات الدكتور نصر وجعلتها مسخاً مشوهاً لايمت لأصل كلمات الدكتور نصر بثمة صلة .
فالنصوص التى قصدها الدكتور نصر واضحة كل الوضوح ولا تعنى بأى حال من الأحوال ،القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وإنما تعنى النصوص التى كتبها الشافعى والأشعرى والغزالى والتى حازت قوة وهيمنة وشيوعاً وسيطرة على العقل العربى الاسلامى، ليس فقط فى عصرها وإنما ظلت مسيطرة حتى العصر الحديث.
ويأمل الدكتور نصر التحرر ليس فقط من هذه النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة العقل العربى الإسلامى فى عالمنا المعاصر ،وعدم الاعتماد على ماسلف من نصوص كتبها السابقون ولأى سلطة معاصرة ترفع راية إلغاء العقل ورجعية الفكر وترديد أقوال السابقين .
فلكل عصر مفكروه وفقهاؤه وهمومه ومشاكله والحلول التى توافق مقتضيات العصر ، ولن يتجمد الفكر والاجتهاد وإلا توقفنا وتخلفنا عن الركب وجرفنا طوفان التخلف والجمود.
هذا ياصاحبى ما يريده الدكتور نصر ،أما ما كتبه الدكتور المكفراتى من قراءة سطحية متعجلة ومغرضة لاتلتمس الحق بل سيل من القاذورات التى لاتركن إلى الموضوعية والنقد العلمى .
بل وتتنافى مع سماحة الدين الإسلامى والسنة النبوية الشريفة .
وهذه بعض اتهاماته وجرائمه " فهل يقول مثل هذا القول إلا مرتد كافر ؟!!بل زنديق؟!! " ..
فانظر شدة حماسه ،وعاطفته الجياشة للتمرد على الله وعصيان أمره ،وقد غفل هذا المسكين الكفور ...."ص102،101
مرتد العصر الحديث ،صديقى وأخى الأستاذالدكتور /نصر أبو زيد.
هذا المفكر والمثقف الذى اغتالته مفاهيم فكرية رأت فى مفهوم نصه (مفهوم النص)كتابه.. الذى كان سبباً فى وقوفه فى وجه الريح العاصف ،وعلى إثره كانت الأحكام القضائية،وغربته خارج مصر و العالم العربى الإسلامى !!وإقامته فى إحدى البلاد الأوروبية، التى طالت وستطول.
حاول د.نصر.. أن يطرح النص القرآنى من خلال العقل ويناقشه وبنص كلامه"أن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً"
وقلت له _آنذاك _أن ما تطرحه مكمن الخطورة،ولن يتقبله العقل العربى الإسلامى بسهولة ،وستكون الحرب الضروس.
وقد تحقق وبشراسة ما كان يتوقعه وأتوقعه من حرب ضروس ،نالت منه ومن كتبه وأبحاثه.
ولا أنسى المرحوم الدكتور /محمد النويهى (ابن عم والدى يرحمهما الله)ومقالته الإصلاحية فى مجلة الآداب البيروتية ، التى فى حينها،ستينيات وسبعينيات القرن الماضى ،مثلت خطورة فكرية ،جنت على سمعته كباحث متميز ومثقف عربى لايبارى،وبعد وفاته سنة 1981م، صدرت هذه المقالات فى كتاب "نحو ثورة فى الفكر الدينى".
وفى أخريات حياته ،كان عضواً فى لجنة تعديل قوانين الأسرة التى طالبت بها السيدة جيهان زوجة الرئيس الراحل أنور السادات.
وقدم دراسة خطيرة ،طالب فيها بإعمال العقل وطرح المشكلات الحياتية وإيجاد الحلول لها وفقاً للواقع ...
وكانت لدىّ نسخة وحيدة ..وجدتها بمكتبته، أعطيتها للدكتور /نصر ،لقراءتها وكتابة دراسة حول ما طرحه الدكتور النويهى ،وقت حاولت فى منتصف التسعينيات ،إقامة مهرجان ثقافى وفكرى حول فكره وأبحاثه.
ثم جرت فى النهر مياه كثيرة وعلت الأمواج والحكم بارتداد د/نصر والتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة إبتهال يونس ،ثم توقف المهرجان ولأجل غير مسمى .
ولا أنسى ماكتبه فى "مفهوم النص"ص11 طبعة 1990م الهيئة المصرية العامة للكتاب .مصر
"لنا أن نقول أن الحضارة المصرية القديمة هى حضارة "مابعد الموت"، وأن الحضارة اليونانية هى حضارة "العقل"،أما الحضارة العربية والإسلامية فهى حضارة" النص".
وأشكر ابنتى بسمة.. المحامية.. لكتابة هذه السطور، التى تتجاوز صفحتين من ..مفهوم النص ..طبعة 1990م -ص29،28،27الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
."إن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذلك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً،واذا كانت هذه الحقيقة تبدو بديهية ومتفقا عليها.
فإن الإيمان بوجود ميتافيزيقى سابق للنص يعود لكى يطمس هذه الحقيقة البديهية ويعكر_من ثم_إمكانية الفهم العلمى لظاهرة النص.
أن الايمان بالمصدر الإلهى للنص, ومن ثم لامكانية أى وجود سابق لوجوده العينى فى الواقع والثقافة,أمر لايتعارض مع تحليل النص من خلال فهم الثقافة التى ينتمى اليها.
ولنقل بعبارة أخرى أن الله سبحانه وتعالى حين أوحى للرسول(صلى الله علية وسلم)بالقرآن اختار النظام اللغوى الخاص بالمستقبل الأول.
وليس اختيار اللغة اختياراً لوعاء فارغ وإن كان هذا مايؤكده الخطاب الدينى المعاصر, ذلك أن اللغة أهم أدوات الجماعة فى ادراك العالم وتنظيمه.
وعلى ذلك لايمكن أن نتحدث عن لغة مفارقة للثقافة والواقع, ولايمكن من ثم أن نتحدث عن نص مفارق للثقافة والواقع أيضا مادام أنه نص داخل اطار النظام اللغوى للثقافة.
ان ألوهية مصدر النص لاتنفى واقعية محتواه ولاتنفى من ثم انتماءه إلى ثقافة البشر.
إن القرآن يصف نفسه بأنه رسالة, والرسالة تمثل علاقة اتصال بين مرسل ومستقبل من خلال شفرة, أو نظام لغوى.
ولما كان المرسل فى حالة القرآن لايمكن أن يكون موضوعا للدرس العلمى, فمن الطبيعى أن يكون المدخل العلمى لدرس النص القرآنى مدخل الواقع والثقافة, الواقع الذى ينتظم حركة البشر المخاطبين بالنص وينتظم المستقبل الأول للنص وهو الرسول, والثقافة التى تتجسد فى اللغة.
بهذا المعنى يكون البدء فى دراسة النص بالثقافة والواقع بمثابة بدء بالحقائق الامبريقية, ومن تحليل هذه الحقائق يمكن أن نصل الى فهم علمى لظاهرة النص.
ان القول بأن النص منتج ثقافى يكون فى هذه الحالة قضية بديهية لاتحتاج لاثبات.
ومع ذلك فان هذه القضية تحتاج فى ثقافتنا الى تأكيد متواصل نأمل أن تقوم به هذه الدراسة.
لكن القول بأن النص منتج ثقافى يمثل بالنسة للقرآن مرحلة التكون والاكتمال, وهى مرحلة صار النص بعدها منتجا للثقافة, بمعنى أنه صار هو النص المهيمن المسيطر الذى تقاس عليه النصوص الأخرى وتتحدد به مشروعيتها.
إن الفارق بين المرحلتين فى تاريخ النص هو الفارق بين استمداده من الثقافة وتعبيره عنها وبين امداده للثقافة وتغييره لها.
ولكن علينا دائما أن نكون على وعى بأن القول بوجود مرحلتين فى تاريخ النص لايعنى أنهما مرحلتان متقابلتان متعارضتان, فالنص فى مرحلته الأولى_ فى تعبيره عن الثقافة_ لم يكن مجرد حامل سلبى لها, فقد كانت له فعاليته الخاصة_ بوصفه نصا _ فى تجسيد الثقافة والواقع, وهى فعالية لاتعكسهما عكسا آليا, بل تجسدهما تجسيدا بنائيا, أى تجسيدا يعيد بناء معطياتهما فى نسق جديد.
وفى المرحلة الثانية ليس المقصود بأن النص منتج للثقافة تحويل الثقافة الى صدى سلبى للنص, فللثقافة أيضا آلياتها الخاصة فى التعامل مع النص وذلك باعادة قراءته وتأويله.
ان العلاقة بين النص والثقافة علاقة جدلية معقدة تتجاوز كل الأطروحات الأيديولوجية فى ثقافتنا المعاصرة عن النص. ومن أجل الكشف عن بعض جوانب هذا التداخل العلاقى بين النص والثقافة تعتمد هذه الدراسة بصفة أساسية المدخل اللغوى.
ولما كانت اللغة نظاما للعلامات,فانها بالضرورة نظام يعيد تقديم العالم بشكل رمزى, انها وسيط من خلاله يتحول العالم المادى والأفكار الذهنية الى رموز.
والنصوص اللغوية ليست الا طرائق لتمثيل الواقع والكشف عنه بفعالية خاصة, لكن للغة وظيفة أخرى الى جانب وظيفتها العامة السابقة, تلك هى وظيفتها الاتصالية التى تفترض علاقة بين متكلم ومخاطب وبين مرسل ومستقبل.
واذا كانت الوظيفة الاعلامية الاتصالية للغة لاتنفصل عن طبيعتها الرمزية فان وظيفة النص فى الثقافة_ وهى وظيفة اعلامية بوصف النص رسالة كما سبقت الاشارة_ لاتنفصل كذلك عن النظام اللغوى الذى ينتمى اليه, ومن ثم لاتنفصل عن مجال الثقافة والواقع.
ان اختيار منهج التحليل اللغوى فى فهم النص والوصول الى مفهوم عنه ليس اختيارا عشوائيا نابعا من التردد بين مناهج عديدة متاحة, بل الأحرى القول انه المنهج الوحيد الممكن من حيث تلاؤمه مع موضوع الدرس ومادته.
ان موضوع الدرس هو ( الاسلام), ولاخلاف بين علماء الأمة على خلاف مناهجهم واتجاهاتهم قديما وحديثا ،أن الاسلام يقوم على أصلين هما ( القرآن) و( الحديث) النبوى الصحيح. هذه حقيقة لايمكن التشكيك فى سلامتها.
الحقيقة الثانية التى لايمكن التشكيك فى سلامتها كذلك أن هذه النصوص لم تلق كاملة ونهائية فى لحظة واحدة, بل هى نصوص لغوية تشكلت خلال فترة زادت على العشرين عاما.
وحين نقول (تشكلت) فأننا نقصد وجودها المتعين فى الواقع والثقافة بقطع النظر عن أى وجود سابق لهما فى العلم الالهى أو فى اللوح المحفوظ."
1-قضية المجاز فى القرآن عند المعتزلة .رسالة الماجستير جامة القاهرة كلية الآداب سنة 1976ونشرت تحت عنوان الإتجاه العقلى فى التفسير ،دار التنوير ببيروت سنة 1982
2-قلسفة التأويل ،دراسة فى تأويل القرآن عند محيى الدين بن عربى ،رسالة الدكتوراة ،جامعة القاهرة كلية الاداب ونشرت ببيروت دار التنوير سنة 1983
3-مفهوم النص ، دراسة فى علوم القرآن ، الهيئة المصرية للكتاب ، مصر سنة 1990
4-إشكاليات القراءة وآليات التأويل ،الهيئة العامة لقصورا لثقافة ،مصر سنة 1991
5-نقد الخطاب الدينى ، الطبعة الثانية 1994دار سينا للنشر ،مصر
6-الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية ،دارسينا للنشر 1992
7-التفكير فى زمن التكفير ،دارسينا للنشر 1995مصر
8-البوشيدو ، المكونات التقليدية للثقافة اليابانية ،ترجمة، دار سعاد الصباح مصر 1993
9-هكذا تكلم ابن عربى ،الهيئة المصريةالعامة للكتاب ،مصر 2002
10-دوائر الخوف وقضية المرأة،لم أستطع الحصول عليه .
دراسات أخرى كثيرة منشورة فى مجلة النهج تصدر فى سوريا ،وقضايا فكرية تصدر فى مصر ،ومجلة أدب ونقد تصدرعن حزب التجمع بمصر.
وهناك دراسة نقدية لمجمل أعمال الدكتور نصر ،للدكتور حسن حنفى ،مجلة الإجتهاد العدد23سنة 6 دار الإجتهاد ببيروت حوالى 90صفحة ونشرت فى سنة 1994
دارسة الدكتور نصر كما أكد فى مفهوم النص هذه الدراسة الفذة،وسببت المشاكل والنهاية المفجعة ..تؤكد على العقل فى فهم النص وطرح كل التفسيرات التى لصقت بالنص الأصلى وصارت مقدسة كالنص الأصلى،بمعنى آخر طرح سلطة النصوص ودراسة القرآن دراسة لغوية نصية بوصفه نصاً مقدساً ،له منبعه الإلهى ،وحركية النص فى المجتمع وتأثيره فى تشكيل ثقافة المجتمع .
الدكتور نصريؤمن بالمصدر الإلهى للقران ،وفى إحدى لقاءاتى معه سألته :
هل تعتقد بأن القرآن نص إلهى?
رد وبسرعة: إنه نص إلهى .
ومن الذين يؤمنون بعظمة الدين الإسلامى وتفوقه وعقلانيته وتفرده .
وصراعه مع العمائم والسلفيين كان الضربة القاصمة لمشروعه التحررى من سلطة التفاسير الرجعية والمكررة والمفروضة دون إتاحة تأويل جديد يتفق ومعطيات الثقافة المعاصرة .
وأؤكد بصفة شخصية ومن لقاءاتى به والحوارات المتعددة ..أن الدكتور نصر لو قدر له أن يستمر فى مشروعه التحررى وعقلنة النصوص وأن العقل فوق النقل وأن النص يظل مؤثراً مع حركية المجتمع وتطلعه إلى مثل جديدة وحضارة وتقدم.
كان صراعه يستند إلى كتاب الدكتور النويهى فى دراساته الخطيرة "نحو ثورة فى الفكر الدينى " والمتضمن إعادة النظر فى الكثير من القضايا واعتبار النص القرآنى نصاً فاعلاً وليس ثابتاً ،
مثال ذلك ، قضية الميراث وعدم الأخذ حاليا بنصفية الأنثى فى الميراث، لأن الواقع تجاوزه وأن المرأة ترث مثل الرجل ،وأيضا أن الإسلام دين الزوجة الواحدة ولاتعدد فى الإسلام إلا بشروط قاسية وأن الطلاق لايتم إلا على يد المحكمة ولايصبح حقاً مطلقاً للرجل ولابد من تقييده للظروف التى ألمت بالمجتمع.
و هناك دراسةغير منشورة كان الدكتور النويهى قد كتبها وقدمها إلى لجنة تشريعية ،فقد كان أحد أعضائها،بشأن قانون الأسرة وطالب بتغيير العديد من المواد المعمول بها، بل إلغاء القوانين السابقة وتقنين قوانين جديدة بعيدة عن الرجعية والسلفية وتحكم الفقه المالكى والشافعى والحنبلى والحنفى فى حياتنا .
ولابد من ثورة تشريعية ولايمكن الإرتكان فى حل مشاكلنا على تراث القدماء،إذ أنهم وبفقههم كانوا يقدمون حلولاً لمجتمعاتهم وليس لمجتمعاتنا ومشاكلنا ،لابد من الإجتهاد .
أما عن الردة المنسوبة للدكتور نصر ..خلص فى أنه يسب الصحابة الأطهار و الأئمة الصالحين وينادى بطرح تأويل جديد والخروج من سيطرة النصوص ،وأنه ينكر ألوهية المصدر القرآنى ،والدفاع عن الماركسية والعلمانية ونفى صفة الإلحاد عنهما ،الدفاع عن سليمان رشدى ،وإنكار مبدأ أن الله هو الخالق لكل شيىء وإنكار الغيب والعداوة الشديدة لنصوص القرآن والسنة .
30/11/2006م
موقع الوراق
فهو وإن فارق الدنيا ،ولحق بالرفيق الأعلى ،فكتاباته وأبحاثه حيةً بيننا لا تموت ،مهما تعاقبت السنون والأيام.
ولنا الحق كل الحق فى مناقشتها ونقدها .
ساعة الفجر الحزينة
***************
عبدالرؤوف النويهى
6 - يوليو - 2010
موقع الوراق
************
وليهنأ الجبناء ..هكذا قالت لى نفسى ،لما آتانى الخبر الذى هزنى .
مات الدكتور نصر .
لم أستوعب الخبر ،وعاودت التساؤل ،من مات؟؟
فقال لى محدثى :مات الدكتور نصر حامد أبو زيد،.اليوم الإثنين 5/7/2010م وسيدفن بقحافة بطنطا.
أحسست برعدة تشملنى ودموع حارقة تسيل على وجهى ،وقلت لمحدثى :
إنا لله وإنا إليه راجعون .
رحم الله الدكتور نصر.. وجزاه خيراً لما عاناه من ألم الغربة والحسرة من غلاظ القلب ،أنصاف المثقفين وسدنة الفكر المتحجر ،لا أكثر الله منهم، وقصّر أعمارهم .
عانى الكثير والكثير ،وشاركته آلامه وأحزانه وخيبة أمله ،من عقول خربة ونفوس مريضة وألسن حداد وأقوال سقيمة ،
إنها السيدة الفاضلة الدكتورة إبتهال يونس ،زوجة الدكتور نصر ، جزاها الله بكل خير .
والله ..نصر حامد أبو زيد ، أكثر منى إيماناً،وأكثر منى تديناً ،وأكثر منى إلتزاما بالدين وأحكامه.
والله ..عرفتُ هذا الرجل، وكم كنت سعيداُ به وبأبحاثه وكتبه وصحبته.
لكن تسييس الدين وهجومه الشرس على مرتزقة الفكر البين بين ورجال كل العصور وشركات توظيف الأموال وشيوخ ملوك البترول الذين يحرمون ويحللون متى اقتضت الحاجة ..كانت الشرارة التى ألبتهم عليه وسددوا السهام إلى نحره ،بدعوى أقامها أحد الذين لم يقرأوا ولم يفهموا ماكتبه هذا الباحث القدير وأساؤوا فهم كل ما كتبه .
ورغم ماحدث من حكم هو والبطلان سواء .
ورغم قوله مراراً وتكراراً ونشره بالصحف ،أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ..إلا أن أصحاب المصالح والملتحفين بدين الله ،زوراً وبهتاناً ،أصموا السمع وكفروه ونددوا به على المنابر .
ودارت الدوائر على من قاد هذه الحملة الشعواء "عبدالصبور شاهين "وكتابه" أبى آدم "وتقديمه إلى المحاكمة بذات الأسباب التى حوكم بها نصر حامد أبو زيد ، وتداولت الدعوى بالجلسات ،وكاد الحبل أن يلتف حول عنقه بالردة والتفريق ،إلا أن السلطة لم ترد أن يزداد الطين بلة،فأصدرت تشريعاً يقصر دعاوى الحسبة على شكوى يتم تقديمها للنائب العام، ثم يتم التحقيق فيها بمعرفته ،وله أن يصدر القرار بالحفظ أو المحاكمة . وطلب الأزهر فى تقريره من عبدالصبور شاهين بتعديل بعض السطور ..وما أشبه الليلة بالبارحة وما حدث للشعر الجاهلى لطه حسين ، ببعض التعديلات ..وصدر الحكم برفض الدعوى ..
فى لحظة ما ،وأثناء محاكمة الدكتور/ نصر حامد أبو زيد،شعرتُ بهزيمة ماحقة، طالت روحى وعلقمت فمى ،فلم أعد استطعم شيئاً ،وأبت بطنى هضم الطعام.
الليل موعدنا..شعارنا الذى نختم به أحاديثناالليلية ..فقد كان الدكتور نصر ،يقتطع من وقته الثمين ،دقائق قد تستمر إلى ساعة أو أقل قليلاً. نتكلم فيها عما يجرى حولنا ،وآخر ما قرأنا .....إلخ.
كان كتابه "التفكير فى زمن التكفير " من كتبه التى أهدانيها ،بإهداء جليل من مفكر جليل
.( إلى الأخ العزيز الأستاذ
عبدالرؤوف النويهى
مع المودة والإعزاز.
نصر
19/4/1995م)
وحكى لى حكاية : فى يوم من الأيام ،قام أحد أصدقائى بدعوتى لأذهب معه عند أقاربه الذين غاب عنهم طويلاً ،ويرغب فى رؤيتهم والإطمئنان على أحوالهم،وصمم وبقوة على اصطحابى معه، فحددت له يوماً،وكان يوم جمعة.
وذهبت معه وجلسنا عند أقاربه الذين إحتفوا بنا إحتفاءً لانظير له.
ثم دعى الداعى إلى صلاة الجمعة ،فقمنا جميعاً للصلاة ،فى المسجد الكبير بالقرية ..وتبين لى أن هناك بعض من كان يدرسون فى الكلية (كلية الآداب جامعةالقاهرة )من أهل القرية.
وطلبوا منى إعتلاء المنبر لإلقاء خطبة الجمعة ،تكريماً لى ولكونى أستاذاً لهم ،فى قسم الدراسات العربية الإسلامية،ولم تكن زوبعة القضايا قد اشتعلت بعد ،فامتنعت ..لأننى لم أكن مستعداً بموضوع الخطبة.
وقام خطيب المسجد بإعتلاء المنبر ،وأخذ يخطب ويتشدق ويحكى عن القصص القرآنى ،والحكايات الخرافية التى جمعها المفسرون من بطون الروايات التوراتية ،والتى لايقبلها عقل ولايحكمها منطق.
وأكثر من نصف ساعة.. لم أجد كلمة واحدة عاقلة، اللهم إلا الخرافات والأباطيل والحكايات التى لارأس لها ولاذنب.
ودار بذهنى آنذاك ..بقى إنت يانصر وأمثالك...عايزين تدعو الناس إلى طرح كل هذه الخرافات والحكايات والتفاهات!! دا من يوم كتاب الشعر الجاهلى لطه حسين حتى اللحظة ،لم نستطع أن نلمس القشرة الخارجية لعقول الناس،إذن كم يكفى من الزمن ..حتى نخترق هذه القشرة لنصل إلى عقولهم!!!
فقلت له على الفور :طيب والعمل؟؟
هل سنترك الخرافة تتحكم فينا ؟
قال لى :أبداً هى محاولات فردية ،المجتمع فى حاجة إلى يقظة ،يعنى عمك (الدكتور /محمد النويهى)لما كتب بعض المقالات فى مجلة الآداب البيروتية وكان بيطالب فيها بثورة فكرية دينية إجتماعية تربوية ،إتهموه بالكفر."
هذه الحكاية لم أنسها أبداً،لأننى كنت_ أخيراً_أصلى الجمعة فى أحد المساجد وقام خطيب المسجد وأخذ يخطب خطبة الجمعة ،وكان يتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وفجأة قال :حتى الصحابة رضوان الله عليهم .كانوا يقتمسون مخاط النبى !!بل بوله أيضاً ويدعكون به وجوههم بل ويشربونه!!
وظهرت كلمات د/نصر ..تملأ عقلى وتهزنى هزاً ..وسيل الفتاوى المريضة، إرضاع الكبير ،وغيرها من خرافات وخزعبلات !!
فى عصر الوراق الذهبى ،لم يكن يمر وقت إلا وكانت الحوارات الجادة والمواضيع المتميزة هى المطروحة على بساط البحث ،مما جعل الوراق مقصداً مرغوباً للشعراء والكتاب والباحثين بل وقصده الأساتذة الكبار ومنهم على سبيل المثال الأستاذ الدكتور أبو يعرب المرزوقى أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية ورده على الأستاذ يحيى رفاعى ،ولن أطيل فجميع مواضيع هذا العصر الذهبى موجودة وتحت عين الجميع .
من يقتل الغذامى تقرباً لله؟ هذا الملف الرائع الذى فتحه على صفحات الوراق الأخ والصديق الشاعر الكبير زهير ظاظا ،بمجلس أصوات من العالم،يوم 29/6/2006م كتبتُ فيه عن ا"غتيال مثقف عربى "ولم يكن دفاعاً عن الأخ والكبير المرحوم بإذن الله نصر حامد أبو زيد ،وإنما سطور قليلة عنه وعن حياته وعن مؤلفاته .
اليوم ..وبعد موته فى ساعة الفجر الجزينة صباح الإثنين 5/7/2010م ،أحاول الحديث عنه ،فلقد أخطأ قارئوه القراءة ،وأضافوا من عندهم مالم يقله ، وكانت القراءات المبتسرة والمغرضة هى السائد والمألوف . بل ركن بعضهم بحسن نية إلى بعض هذه الكتابات دون الرجوع إلى المصدر المنقول عنه لتبيان صحة ماقيل والثابت كتابةً ،بل الإرتكان عليه ،فلايُعقل أن يؤخذ من كتاب تبلغ عدد صفحاته مايقرب من 400من القطع الكبير ،كلمات لاتزيد سطوره عن صفحة ،ثم ينهال السيل الجارف تحقيراً وتزييفاً وطعناً فى الشرف والعرض والدين .
ألا يكفى قول الله تعالى "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "
فكتابه مفهوم النص ..دراسة فى علوم القرآن الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1990م عن سلسلة دراسات أدبية ،قد أخذ حقه فى الكتابة عنه ولم يكن بالكتاب المشهور آنذاك ،وكما قرر لى صديق بالهيئة "طبعة احسن كتاب بالهيئة لاتزيد عن 2000أو 3000نسخة ،بل هناك مرتجع من النسخ "
قامت الحرب بين نصر والتيار الإسلامى الذى يُحلل ويحرم ،متى اقضت الحاجة ،ولوى عنق الفتاوى إرضاءأ لأصحاب السلطة و أصحاب الجاه ،وأصحاب شركات توظيف الأموال والحضور والمباركة لمشاريعهم الوهمية وسلب أموال الناس بشعارات براقة وأساليب قذرة ،وكشوف البركة التى نشرتها الجرائد، "الريان والسعد وسواهم" وشن حملة قاسية ضد هؤلاء العلماء الأفذاذ الذين باركوا الصلح مع العدو الصهيونى باسم الإسلام وكانوا من قبل يدعوننا للجهاد والتضحية والقتال وبذل الدم والروح والمال باسم الإسلام والعدو هو العدو لم يتغير ولم يكف عن سحق وحرق وهدم وقتل وتعذيب المواطن العربى فى فلسطين ولبنان وكطاردة الثوار فى شتى بقاع الأرض وتصفيتهم جسدياً واحتلال الأرض وانتهاك العرض ويظل الأقصى حبيسا وحزيناً تحت ثلة الأوغاد الصهاينة.
ويظل كتاب مفهوم النص فى فترينات مكتبات الهيئة يلتمس من يقرأ ولكن لاجدوى .ويظهر كتاب نقد الخطاب الدينى ويرصد فيه نصر أبو زيد مهازل علماء الدين الذين وسعت بطونهم وعقولهم كل شيىء، فهم المؤيدون لأكثر الأنظمة العربية رجعية واستبداداً وتستغلهم الحكومات وتغدق عليهم بالمناصب المرموقة والجاه والمال، كى يكونوا الخطاب الدينى باسم الإسلام فى كتم الأنفاس للمطالبين بالعدل وقطع ألسنة المعارضين لإستبداد القياصرة الجدد والطغيان والقهر.
وأصبح كتاب نقد الخطاب الدينى من الكتب التى كشفت عورة علماء توظيف الأموال،واستغلال الدين لمصلحة هذه الشركات النصابة والمتاجرة باسم الإسلام عياناً جهاراً وتحت سمع وبصر الحكومة .
أصبح كتاب نقد الخطاب الدينى ودراسات نصر حامد أبو زيد فى مجلة قضايا فكرية التى أصدرها وأشرف عليها محمود أمين العالم ،النار الحارقة لأفكار مسمومة تهدد الوطن وتغتصب أموال الناس بالباطل .
أصبح كتاب نقد الخطاب الدينى من الكتب التى لابد من حرقها وقطع لسان كاتبها ويده .
وهكذا تم تبييت النية للقضاء على نصر حامد أبو زيد .
وأقيمت الدعوى 5991لسنة 1993شرعى كلى للتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة إبتهال يونس وذلك لردة نصر حامد أبو زيد عن الدين الإسلامى .
وصار الأمر كما رسمه العلماء الأفذاذ!!!!
نحن أمة لا تقرأ وإذا وجدنا كتاباً طرحناه جانباً ، ومن المؤكد أننا نعتمد على الآخرين فيما يجب أن نعرفه .
وما أشبه اليوم بالبارحة ،وما حدث من ثورة ضد رواية حيدر حيدر "وليمة لأعشاب البحر " وتأكيد الأعلام الذين هتفوا ضد الرواية ، أنهم لم يطلعوا على هذه القذارة !!!!!
قلتُ ..أن كتاب مفهوم النص ..دراسة فى علوم القرآن قد تلفقه المغرضون وشنوا حملة تكفير وتحقير لمؤلفه وأنهالوا سباً وقذفاً وأشك فى أنهم لم ينظروا صفحاته، وإنما هى قراءات إنتقائية لما يخدم الغرض ويحقق الهدف ،ويعتمد على النقل دون أن يعرف من الكاتب بل ننقل من ويكبيبيديا المعلومات، وكأن ماكتب فيها هو الحق و الصدق المبين.
وسبق أن عرض الأستاذ الكريم الدكتور يحيى مصرى ماكتبته الويكيبيديا ،والثابت بها أن الأقوال المنسوب صدورها من الدكتور نصر.. أتت غفلاً من ذكر المراجع والصفحات كما تقتضى الأمانة والدقة العلمية .
وكتاب مفهوم النص و نقد الخطاب الدينى والكثير من دراسات الدكتور نصر ،موجودة عندى ،فمن كان قريباً من طنطا فليكتب لى ويشرفنى بحضوره ليقوم بتصوير ما يشاء من كتب ودراسات ،حتى يكون على بينة من الأمر ،ويرتكن إلى ما خطته يد نصر ،دون الإفتئات عليه أو وصمه بما ليس فيه،فلقد قرأت معظم ماكتبه الدكتور نصر ،مراراً وتكراراً ،ولم أجد فيه سوى ما قاله :
"لم تعد قضيتنا اليوم حماية تراثنا من الضياع وثقافتنا من التشتت .وإن كانت تلك قضية مهمة فى كل زمان بالنسبة لكل الأمم .لكن الذى نريد أن نقوله أنها ليست القضية الأولى فى هذه المرحلةالذى وصل فيهاالتهديد إلى "الوجود "ذاته.
لقد أصبح التحالف بين العدو الخارجى متمثلاً فى الإمبريالية العالمية والصهيونية الإسرائيلية وبين القوى الرجعية المسيطرة فى الداخل حقيقة بارزة لكل ذى عينين.
وعلى ذلك أصبح موقفنا اليوم هو الدفاع عن وجودنا ذاته بعد أن أفلح العدو أو كاد فى اختراق الصفوف فى محاولة نهائية لتشكيل وعينا،أو بالأحرى فى محاولة لسلبنا وعينا الحقيقى ليزودنا _عبر مؤسساته الثقافية والإعلامية _ بوعى زائف يضمن استسلامنا النهائى لخططه وتبعيتنا المطلقة له على جميع المستويات"
مفهوم النص ص 16 طبعة 1990م الهيئة المصرية العامة للكتاب .مصر .
"أصبح فى حكم الحقائق المسلم بصحتها أن الفكر البشرى ،أى فكر بما فى ذلك الفكر الدينى ،نتاج طبيعى لمجمل الظروف التاريخية والحقائق الإجتماعية لعصره.
وليس معنى ذلك أنه نتاج سلبى ،بل الأحرى القول إن الفكر الجدير حقاص بهذا الاسم هو الفكر الإيجابى الذى يتصدى لحقائق العصر الذى ينتمى إليه بالتحليل والتفسير والتقويم ،ويسعى إلى الكشف عن عناصر التقدم ومساندتها ،وعزل عناصر التخلف ومحاربتها .
والفكر الذى يكتفى بتبرير الواقع والدفاع عنه ،إنما ينتمى إلى مجال الفكر على سبيل المجاز لا الحقيقة .
ولامجال هنا للحديث عن الفكر الذى يسعى إلى الارتداد بالواقع الاجتماعى والتاريخى إلى عصور سابقة .
فليس ذلك فكراً على الاطلاق ،إذ الفكر فى جوهره وحقيقته حركة لاكتشاف المجهول إنطلاقاً من آفاق المعلوم.
وليس الفكر الدينى بمعزل عن القوانين التى تحكم حركة الفكر البشرى عموماً ذلك أنه لايكتسب من موضوعه -الدين -قداسته وإطلاقه.
ولابد هنا من التمييز بين" الدين " والفكر الدينى ،فالدين هو مجموعة النصوص المقدسة الثابتة تاريخياً ،فى حين أن الفكر الدينى هو الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص وتأويلها واستخراج دلالتها.
ومن الطبيعى أن تختلف الاجتهادات من عصر إلى عصر ،بل ومن الطبيعى أيضاً أن تختلف من بيئة -واقع اجتماعى تاريخى جغرافى عرقى محدد -إلى بيئة فى غطار بعينه ،وأن تتعدد الالجتهادات بنفس القدر من مفكر إلى مفكر داخل البيئة المعينة .
كل ذلك اصبح فى حكم الحقائق المسلم بصحتها،والتى كافح رواد النهضة والتنوير طويلاً من اجل إقرارها وتثبيتها فى تربة ثقافتنا. فعل ذلك - كل فى مجال نشاطه المعرفى وتخصصه - الطهطاوى والافغانى ومحمد عبده ولطفى السيد وطه حسين وعلى عبد الرازق وقاسم امين وسلامة موسى والعقاد واحمد أمين وأمين الخولى وغيرهم كثيرون .
لكن ثمة سؤالاً مؤلماً جارحاً يفرض نفسه ونحن فى زخم الاحتفال بأولئك الرواد أو ببعضهم :
كيف استطاع الفكر الدينى المعاصر أن يخفى تلك الحقائق ويحاول أن يهيل عليها تراب النسيان لحساب إطلاقية تقارب حدود القداسة بنسبها إلى نفسه بطريقة غير مباشرة ؟؟"
نقد الخطاب الدينى .. الدكتور نصر حامد أبو زيد ..سينا للنشر ..الطبعة الثانية 1994م ص 197
حاول الدكتور نصر حامد أبو زيد ،المضى قدمأ فى مشروعه الفكرى ،فقد كانت دراسته الأولى عن الاتجاه العقلى فى التفسير (دراسة فى قضية المجاز عند المعتزلة )..
كان العقل رائده وإمامه متخذاً من أبى العلاء المعرى أستاذاً (كذب الظن لا إمام سوى العقل) .
وكثيراً ما أكد- لى - على قيادة العقل والتمسك به ،ناقداً ما انتهى إليه الإمام الغزالى (حجة الإسلام ) فيما قرره من أن الغزالى أراد العودة فى إحيائه إلى الماضى لحل معضلات الحاضر وأن النص القرآنى بحر من الأسرار والعلوم لايكاد يحيط بها العقل الإنسانى، فهى تبدو لديه كقشور يلتقط منها بعض السوانح السطحية ،وكان صدامه مع ابن رشد فى كتابه تهافت الفلاسفة والنيل من العقل.
ويؤكد الدكتور نصر فى مفهوم النص :
"إن البحث عن مفهوم النص ليس فى حقيقته إلا بحثاً عن ماهية القرآن وطبيعته بوصفه نصاً لغوياً.وهو بحث عن القرآن من حيث "هو كتاب العربية الأكبر ،وأثرها الأدبى الخالد...
فالقرآن كتاب الفن العربى الأقدس ،سواء نظر إليه الناظر على أنه كذلك فى الدين أم لا.
وهذا الدرس الأدبى للقرآن فى ذلك المستوى الفنى ،دون نظر إلى اعتبار دينى ، هو مانعتده وتعتده معنا الأمم العربية أصلاً ،العربية اختلاطاً،مقصداً أول ،وغرضاً أبعد ،يجب أن يسبق كل غرض ويتقدم كل مقصد.
ثم لكل ذى غرض أو صاحب مقصد بعد الوفاء بهذا الدرس الأدبى ان يعمد إلى ذلك الكتاب فيأخذ منه مايشاء ويقتبس منه مايريد فيما أحب من تشريع ،أو اعتقاد،أو أخلق ،أو اصلاح اجتماعى ،أو غير ذلك.
وليس من شيىء من هذه الأغراض الثانية يتحقق على وجهه إلا حين يعتمد على تلك الدراسة الأدبية لكتاب العربية الأوحد دراسة صحيحة كاملة مفهمة له"
أمين الخولى :دائرة المعارف الإسلامية ،مادة تفسير ) ص 13،12 من مفهوم النص طبعة 1990 الهيئة المصرية العامة للكتاب.
وفى محاولة الدكتور نصر الدؤوبة فى تجديد الفكر الدينى و الابتعاد عن الاجابات الجاهزة المتداولة والمألوفة والتى لاتعطى جديداً وتقف عند حدود الدراسات التى طال عليها الأمد
نراه يواصل شرحه وتوضيحه لما يسعى إليه ،مع إداركه الكامل أن مايسعى إليه قد يصطدم مع جمود الفكر وركود العقل وسوف يعاقب على مايقوله
وتأكيده مراراً وتكراراً ،على أنه لايمتلك الحقيقة ولايزعمها ،وإنما هو إجتهاد قد يشوبه الخطأ ويعتريه النقصان ،إلا أن الجمود الفكرى وركود العقل قد أعدا العدة للنيل من محاولته ، وقد كان .
يقول الدكتور نصر مواصلاً دفاعه عن فكره وفكرته :
"إن البحث عن عن مفهوم النص لايزعم الإجابة عن كل هذه الهموم والتصدى لها تصدياً شاملاً ،ولكنه بداية للبحث العلمى فى مجال شائك يبدو أنه لم يعد فيه مجال لقول جديد .
سيقول المغرضون وأصحاب الكراسى المزورة - على حد قول الكندى فيلسوف الإسلام الأول- ليس لهذه التساؤلات من معنى إلا التشكيك فى العقيدة ،وسيقولون أن هذه ليست أسئلة جديدة ،بل هى قديمة أجاب عنها العلماء كل فى مجال تخصصه فالاجابة عنها من قبيل تحصيل الحاصل ،ولكن على الباحث أن يعرض عن كل ذلك،ويمضى فى طريقه طارحاً السؤال تلو السؤال باحثاًعن إجابة لكل سؤال ،متباعداً قدر الإمكان عن الاجابات الجاهزة التى لاتضيف إلى وعينا بموضوع الدرس جديداً .
والباحث هنا لايزعم امتلاكه للحقيقة بألف ولام العهد ،وإنما يزعم أنه بسبيله للبحث عنها ومقاربتها بالقدر الممكن علمياً وإنسانياً .
وغنى عن القول أن الباحث على وعى بخطر التشويش الأيدلوجى النابع من موقفه من الواقع الذى يعيش فيه ويتفاعل معه بوصفه مواطناً .
ويدرك أن عليه أن يقلل من تاثير هذا الخطر على قدر مايستطيع . ويكفى الوعى الدائم به مانعاً من الانزلاق إلى مهاوى التحليلات الأيدلوجية ،إذ لايقع فيه حتى الأذقان إلا من ينكرونه ويزعمون لأنفسهم تجرداً وموضوعية ونزاهة لاتليق إلا بالحق المطلق المجرد،وأنى لنا ذلك!!!)
المرجع السابق ص27،26
فات على منتقدى _الدكتور نصر _ ومكفريه ،القراءة الجادة والمتزنة ،قراءة أهل العلم والأدب والإختصاص ، وإنما سمعوا وماعقلوا ،وقرأوا سطور بُتترت من سياقها ، وأقاموا الدنيا وأقعدوها بل حملوا مشاعر الغوغاء وأفكارهم ومسحوا باسمه وكتاباته الطرقات والشوارع والحارات ،ونالوا منه ويؤسفنى جداً جداً ما قرأته لأحد منتقديه وهو أحد من يزعمون أنهم أهل العلم وحراس العقيدة ألا وهو الدكتور إسماعيل سالم فى كتيبه "نقض مطاعن نصر أبو زيد فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين "
"إن نصر أبوزيد كافر يخرج عن الملة " ص59
"على كل مسلم غيور على دينه أن يرفع دعوى أو يشارك فى إقامتها ضد الدكتور نصر حامد أبوزيد لإيقافه عن التدريس ،لأنه يدرس الكفر فى قسم اللغة العربية"ص60
" على جميع الطلاب -طلاب الدكتور نصر أبو زيد - أن يمتثلوا أمر الله فلا يجالسوه للعلم ولا للتلقى على يديه مادام معتقداً فى هذه الطعون ضد القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين فليمتثل طلاب الدكتور نصر أمر الله نفسه بعدم الجلوس بين يدى المستهزئين بكتاب الله وآياته هذا ليس مستهزئاً فقط بل طاعناً فى الدين وإلا صاروا كفاراً مثله "ص59-60
لم يتمهل الدكتور الجليل المكفراتى ويدافع دفاع العلماء عما يعتقده وعما يؤمن به ولكنه جمع فى سلة واحدة بين القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين وساوى بينهم فى القداسة والتبجيل ،ولهذا لعمرى تفاهة النقد وإنحطاط الأسلوب .
يذكر التاريخ أن الأستاذ الجليل العالم الفاضل محمد فريد وجدى وقد أصدر أحد الكتاب كتاباً"أنا ملحد" فقام الأستاذ العالم الجليل بالرد عليه فى كتابه"لماذا أنا مؤمن "ولم يقل كلمة سيئة فى كاتب كتاب "أنا ملحد" بل ينعته بالأخ الفاضل والأستاذ الكريم.
فى طبعته الأولى 1993م والتصدير بالمقدمة فى 19من ديسمبر 1993 قدم الدكتور إسماعيل سالم الأستاذ المساعد للفقه المقارن بكلية العلوم جامعة القاهرة ،أطناناً من السباب المقذع والاتهامات الباطلة .
ويطالب بمحاكمة هذا المؤلف (د.نصر حامد أبوزيد)أمام القضاء واستتابته فإن تاب وإلا حكم القضاء بقتله حداً وأخذت أمواله لبيت المسلمين!!!
وتلقف الأمر وتمت الاستجابة الفورية من رواد مسجد النور ومسجد الخلفاء الراشدين ،بل يتمادى ويكتب:
"ثم يتلقف الحلقة أخيراً من سمى بنصر أبو زيد وهو يدرس لأبناء المسلمين وبناتهم علوم القرآن وطرفاً من أصول الفقه فيطعن فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين ويخرج جيلاً كافراً آخذاً راتبه من أموال المسلمين"
وفى طبعته الثانية سنة 1994م والتصدير بالمقدمة للطبعة الثانية المكتوبة فى يوم الأحد 19من ديسمبر 1994 ص8 يكتب الدكتور المكفراتى وبثقة:
"وكان لابد لى أن أرجع بنفسى إلى كتب نصر أبو زيد هذا وحصلت على كتابى (مفهوم النص، والإمام الشافعى ) وهالنى مافيها من كفر صراح ،وردة ظاهرة وتطاول على القرآن والسنة ،بل وعلى الله ذاته!!! والأدهى والأمر أن المؤلف الزنديق يدرس هذا الكفر لطلبته !!ولايزال!!"
أنا فى دهشة من أمرى ،من هذا النابغة المكفراتى الذى يقرر وبكل يقين أنه تحصل على كتابى مفهوم النص والإمام الشافعى وهالنى .............إلخ
إذن كيف أثار الدنيا ولم يقعدها وسيل الطوفان السبابى والإتهامات بالجملة لكتابين لم يقرأهما ولم يكن قد تحصل عليهما ؟؟؟؟!!
كيف يتم إصدار الحكم دون الإطلاع على أوراق الدعوى ؟؟؟
من الصعب على أستاذ مساعد الفقه المقارن أن يكون بهذه السذاجة والغفلة التى لايقع فيها تلميذ فى التعليم الأساسى !!!
لكن ماعلينا ..ونعود إلى ماكتبه الدكتور نصر حامد أبو زيد :
" وإذاكان النص القرآنى هو نص القرآن فإن الهدف الثانى لهذه الدراسة يتمثل فى محاولة تحديد موضوعى للإسلام ،مفهوم يتجاوز الطروح الأيديولوجية من القوى الإجتماعية والسياسية المختلفة فى الواقع السياسى العربى الإسلامى .
إن الباحث فى مجال الدراسات الإسلامية أو فى مجال علوم القرآن لايستطيع أن يتجاهل هذا الصراع الدائر أو يغمض عينيه عنه تحت أى دعوى أكاديمية .
وهل يستطيع الباحث أن يتجاهل المد المتزايد لفكر الجماعات الإسلامية فى المجتمع رغم كل ماتلقاه هذه الجماعات من اضطهاد وماتحاصرها به المؤسسات الرسمية من تشويش إعلامى ؟؟
وهل يمكن للباحث أن يتجاهل أن الدعوة للدين تتحول على يد هذه الجماعات أحياً إلى نونع من الإرهاب الفكرى ؟؟
وهل يستطيع الباحث أن يتجاهل تلك النابتة التى نبتت تناقش قضايا عفى عليها الزمن ،وصارت من التراث القديم ،وذلك حين يوضع الدين مقابلاً للعلم فى مناقشات ومحاضرات وندوات ومؤلفات عن الإسلام والعلمانية حيث ينبرى رجال الدين لمهاجمة العلمانية وينبرى العلمانيون للدفاع عنها ؟؟
وهل يستطيع الباحث أخيرأ أن يتجاهل الإعلام الرسمى الدينى بكل مايمارسه من تخريب فى وعى الناس حين يحاصرهم بالأحاديث والمناقشات والأفلام والفتاوى التى تُغيّب الناس عن قضاياهم الحقيقية ،وتُفسر الدين لصالح القوى المسيطرة المتحالفة مع أعداء الوطن والدين؟؟
أليس مما له دلالته فى هذا الصدد أن تكون القدس - وبها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثانى الحرمين- تحت سيطرة الصهاينة ،ويبارك علماؤنا الصلح مع العدو أو مباركة صامتة ؟؟
ولكن حين يتجرأ مفكر على إنكار "حديث الذبابة " يتصدى لهم كبيرهم فيقيم الدنيا ولايقعدها . وحين يناجى كاتب فى بلواء المرض ومحنته ربه وينشر مناجاته تلك تثور ثائرة الشيوخ لأن الإنسان تجرأ على ربه.
هؤلاء العلماء الأفذاذ باركوا الصلح مع العدو باسم الإسلام وكانوا من قبل يدعوننا للجهاد والتضحية باسم الإسلام والعدو هو العدو لم يتغير ولم يكف عن عدوانه على الأنفس والأرض.
أليس هؤلاء العلماء ذاتهم هم الذين عقدوا المؤتمرات ودبجوا الخطب والمقالات لإثبات ان الإسلام دين الإشتراكية والعدالة الإجتماعية ،وهم ذاتهم الذين عادوا فى عصر الإنفتاح يؤكدون لنا أن الله جعل بعضنا فوق بعض درجات ليتخذ بعضنا بعضاً سخريا ،ولايجدون للدرجات تأويلاً سوى التفاوت الإقتصادى والإجتماعى ؟؟
أليس هؤلاء العلماء هم الذين يؤيدون أكثر الأنظمة العربية رجعية وتحالفاً مع أعداء الإسلام ،ولايجدون غضاضة فى الأخذ من أموالهم وهم يعلمون أنها أموال المسلمين الذين تستغلهم هذه الحكومات وتقهرهم باسم الإسلام . أو بالأحرى بالتفسير الرجعى للإسلام ؟؟
إن من حقنا -والحال كذلك- أن تساءل فى جدية وإخلاص وموضوعية :ماهو الإسلام ؟؟
والسؤال يكتسب مشروعيته من تلك الفوضى الفكرية التى تسيطر على المفاهيم الدينية فى ثقافتنا نتيجة الإختلاف الرؤى والتوجهات فى الواقع الثقافى من جهة،ونتيجة لتعدد الاحتهادات والتأويلات فى التراث من جهة أخرى . وإذا كانت مثل هذه الاختلافات قد أدت فى الماضى إلى نوع من اللادرية انتههت إلىىتحريم الفكر ذاته ،وغلق باب الإحتهاد ،فإن غايتنا من طرح السؤال الوصول إلى فهم موضوعى لماهية الإسلام .
كلنا يتحدث عن الإسلام ،وعن رأى الإسلام وحكم الإسلام ،ولكن يبدو من هذه الأحاديث أننا نتحدث عن مفهوم لم نتفق على تحديده ولو فى الحدود الدنيا من الإتفاق.
ولقد أدى هذا التعارض المفهومى فى الماضى إلى أن ذهب قاضى البصرة عبيد الله ابن الحسن إلى التسوية بين كل الآراء وبين كل الإجتهادات مهما تضاربت وتناقضت."
ص 24،23،22 مفهوم النص المرجع السالف الإشارة إليه.
استدراك على ماسبق ،فطبعة كتاب "نقض مطاعن نصر أبوزيد فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين " الطبعة الأولى سنة 1993م والمقدمة لهذه الطبعة مكتوبة فى 25إبريل سنة 1993م ،أما الطبعة الثانية مزيدة بتقارير العلماء المقدمة فى قضية نصر أبوزيد وكانت سنة 1994 م والمقدمة لهذه الطبعة مكتوبة 19ديسمبر 1993م .
عودة إلى الدكتور المكفراتى ولسانه الذى ينقط شهداً وعسلاً ورغم مقدمته للطبعة الأولى لكتيبه فى 25إبريل 1993م ،فقد أفاق من سباته العميق وتنبه أن هناك "مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى " وجاهد جهاد الأبطال والمناضلين والصالحين وحصل عليهما ،وامتشق سيفه الباتر وكتب تقريرأ عن بعض الأقوال التى فى كتب الدكتور نصر حامد أبوزيد المكتوبة فى 2/12/1993م
الدهشة تتملكنى والحيرة تهد كيانى ،ووجدتنى كاتباً تعليقاً على هذا التقرير الملحق بالطبعة الثانية سنة 1994م أقول فيه: كيف كتب الدكتور إسماعيل سالم كتيبه دون الإطلاع على الكتابين ؟؟
ثم وبعد خراب مالطة وبعد تهييج الدنيا ورفع الدعاوى يكتب تقريره !!!
حقاً وصدقاً.. هذا أحد العلماء الذين يسيرون فى الركب دون تبيان إلى أين يؤدى الطريق، إنه أحد أصحاب الغرض وسوء الطوية .
يبدو أن كل من كتب عن مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى ودراسات الدكتور نصر ،حاول وبكل الوسائل القيام بعملية قص ولزق لكتاباته والتضليل فى النقل ولقد حاولت تتبع الأقوال المنسوبة للدكتور نصر فى كتابات السادة العلماء الأفاضل فما وجدت إلا التدليس والتزوير لأقواله والإضافة عليها وتحويرها بما يلائم الغرض والنية .
وخير مثال .. المقالة المذكورة فى المداخلة التى عرضها السيد الأستاذ تركى السفر .. فلقد إختلط الأمر على كاتبها بين كتاب مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى ،فما كتبه فى الفقرة الأولى خلطة بين أقوال الكاتب وتفسيراته السقيمة وبين كتاب مفهوم النص ونقد الفكر الدينى ، بل الصفحات التى ذكرها ليست صحيحة (أمامى الطبعة الأولى من كتاب مفهوم النص سنة 1990م وأيضا الطبعة الأولى والثانية لكتاب نقد الخطاب الدينى ). وأيضاً الفقرة الثانية ومانقله عن كتاب نقد الخطاب الدينى .
ويبدو أن السادة العلماء الذين شواهم الدكتور نصر وجلدهم فى مقالاته ودراساته وكتبه ومواقفهم المتذبذبة المزرية ،قد جمعتهم وجعلتهم كيدِ واحدة ولغةِ واحدة ولسانِ واحدِ للرد المغرض والفاسد على كتابات الدكتور نصر، بل وتكفيره وكما قال الدكتور إسماعيل سالم ""أن ماجاء بكتبه يحط به إلى درجة الزندقة ولايجعله فى درجة المرتد فقط
. فقد صرح مراراً فى الصحف أنه مسلم ينطق بالشهادتين مع مافى كتبه من أمور قاطعة بأنه من أعدى أعداء الإسلام المنكرين لما جاء فى القرآن والسنة مما علم بالضرورة " نقض مطاعن ...ص92
رجل يصرح بإسلامه وإيمانه - فى الصحف السيارة - ورغم النطق بالشهادتين إلا أن السادة العلماء أجمعوا جمعهم وخططوا لقتله معنوياً وأدبياً وفكرياً ،بل وتصفيته جسدياً إن أمكن!!!
."إن تركيز الخطاب الدينى على حاكمية النصوص فى مجالات الواقع والفكر كافة ،و مايعلنه من قصر الاجتهاد على الفروع دون الأصول،ومع تحديد مجال الاجتهاد على النصوص الفرعية -الأحاديث - دون النص الأساسى -القرآن - يؤدى إلى تحديد كل من النص والواقع معاً
فإذا أضفنا إلى ذلك مايطرحه الخطاب الدينى أحياناً من اجتهادات لا تخرج عن مجال الترجيح بين آراء الفقهاء واجتهاداتهم واختيار بعضها،أدركنا أن هذا الخطاب فى الواقع يريد أن يرتد بالمجتمع إلى الخلف لا أن يحقق تقدمه كما يزعم ،والماضى الذى يريدنا أن نرتد إليه ليس الماضى الذى كان مزدهراً بالحيوية الفكرية والعقلية ،التى تؤمن بالتعدد وتحتمل الخلاف ،بل الماضى الذى ارتضى التقليد بديلاً عن الاجتهاد ،واكتفى بالتكرار بديلاً عن الإبداع .
ولايظهر الماضى الجميل حين يظهر إلا فى معرض لتفاخر والزهو على العقل الأوروبى وحضارته المادية التى أقامها على مااستفاده من العقل الإسلامى ،كما مر بنا من تحليلاتنا .
وأخيراً ينتهى الخطاب الدينى إلى الانغلاق فى دائرة النصوص بعد أن جمدها وقضى على حيويتها ،ويصدق قول القائل "احتمينا بالنصوص فدخل اللصوص" وذلك حين يقضى على أهم وأخطر ما أقره الفقهاء من مبادئ عقلية : المصالح المرسلة والمقاصد الكلية ،،فيعيدها إلى النصوص مرة أخرى ،وبالمفهوم الذى يطرحه لها ،مع أنها مبادئ لتأويل النصوص.
الواقع إذن هو الأصل ولاسبيل لإهداره ،من الواقع ،تكون النص ،ومن لغته وثقافته صيغت مفاهيمه ،ومن خلال حركته بفعالية البشر تتجدد دلالته ،فالواقع أولاً والواقع ثانياً ،والواقع اخيراً.
وإهدار الواقع لحساب نص جامد ثابت المعنى والدلالة يحول كليهما إلى أسطورة ،يتحول النص إلى أسطورة عن طريق إهدار بعده الإنسانى والتركيز على بعده الغيبى ،الأمر الذى يفسح المجال لتساؤلات عقيمة عن طبيعة النص هناك،وعن شكله ونمط الخط المكتوببه،
وهل تنطقه الملائكة بالعربية أو بغيرها ،إلى لآخر ذلك من أسئلة عقيمة يمتلئ بها الخطاب الدينى الإعلامى بشكل خاص ،ويتحول الواقع إلى أسطورة نتيجة لتثبيت المعانى والدلالات ولإضفاء طابع نهائى عليها تأسيساً على مصدرها الغيبى ،ثم فرض المعنى الثابت الأزلى المفترض على الواقع الاجتماعى الإنسانى ،والنتيجة الحتمية لذلك إهدار النص والواقع معاً واستبدال الأسطورة بهما ،وهكذا يحكم علينا الخطاب الدينى أن ندور حول انفسنا فى دائة مفرغة ،ويقضى من ثم بكيفية حادة على إمكانات استقطار الدلالات الممكنة والملائمة لوضعنا التاريخى والاجتماعى ."
نقد الخطاب الدينى ..الطبعة الثانية ..سيناللنشر131،130
وقال له صاحبه وهو يحاوره : قرأت لك ماكتبته عن الدكتور نصر وأغبطك على هذ الحب والتقدير الذى تكنه للدكتور نصر ومحاولتك الجادة فى توضيح ماغمض فى مشروعه الفكرى وما تجتهد فيه من الرد على نظرية القص واللزق والتى سار على دربها منتقدو نصر ومكفروه ،لكننى وجدتك تقف كثيراً أمام ماكتبه الدكتور إسماعيل سالم،وكأنك تبرئ الآخرين من قضية تكفيره وردته .
قلت لصاحبى : لقد ظلم الدكتور نصر، ظلماً عظيماً وكما قال أستاذنا السعدى "موت فى الغربة وقتل مجانى داخل الوطن "
وما أعظم ما قاله ،ووالله لقد بكيت حين قرأت قصيدته ،فما أصدق هذه المشاعر الفياضة من شاعر كبير زهير ظاظا.
عـلـى قـبر نصرٍ كل مصرٍ حديقةٌ ***وكـلُّ شـريـف صـادق العبرات
وما أهمنى وأثّر فىّ ما كتبه الدكتور إسماعيل سالم ،واتهامه الدكتور نصر بالكفر والزندقة والردة . فلقد أنكر الدكتور عبد الصبور شاهين .. أنه لم يُكفر الدكتور نصر.!!!
يقول المكفراتى،ص101 "فإذا كانت النصوص تعنى بعبارة نصر أبو زيد نفسه القرآن والسنة فاسمعه يقول متمرداً على الله ورسوله ،داعياً لعصيان الإله ،منادياً بالتحرر الكامل من سلطة القرآن والسنة ،وهذا نص كلامه فى آخر صفحة من كتاب الإمام الشافعى : قد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان فى عالمنا،علينا أن نقوم بهذا الآن قبل أن يجرفنا الطوفان"
وأعود إلى ماكتبه الدكتور فى كتابه "الإمام الشافعى وتأسيس الأديولوجية الوسطية " طبعة أولى 1992م سينا للنشر ،ص 110
" ....فإذا أضفنا إلى ذلك مواقف الشافعى الاجتهادية تدور فى أغلبها فى دائرة المحافظة على الثابت والمستقر ،تسعى إلى تكريس الماضى بإضفاء طابع دينى أزلى - كما رأينا فى اجتهاداته فى ميراث العبد،وفى ميراث الأخت الوحيدة ،وفى مسألة الغراس- أدركنا السياق الأيديولوجى الذى يدور فيه خطابه كله.إنه السياق الذى صاغه الأشعرى من بعدفى نسق متكامل ،ثم جاء الغزالى بعد ذلك فأضفى عليه أبعاداً فلسفية أخلاقية كتب لها الاستمرر والشيوع والهيمنة على مجمل الخطاب الدينى حتى عصرنا هذا. وهكذا ظل العقل العربى الاسلامى يعتمد سلطة النصوص ، بعد أن تمت صياغة الذاكرة فى عصر التدوين -عصر الشافعى - طبقاً لآليات الاسترجاع والترديد .وتحولت الاتجاهات الأخرى فى بنية الثقافة -والتى أرادت صياغة الذكرة طبقاً لآليلت الاستنتاج الحر من الطبيعة والواقع الحى- كالاعتزال والفلسفة العقلية إلى اتجاهات هامشية . وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الانسان فى عالمنا .علينا أن نقوم بهذا الآن وفوراً قبل أن يجرفنا الطوفان ."
حقيقة الأمر أن مافعله أستاذ الفقه المقارن !!!،هى القراءة الخاطئة والمدلسة والتى لوت عنق كلمات الدكتور نصر وجعلتها مسخاً مشوهاً لايمت لأصل كلمات الدكتور نصر بثمة صلة .
فالنصوص التى قصدها الدكتور نصر واضحة كل الوضوح ولا تعنى بأى حال من الأحوال ،القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وإنما تعنى النصوص التى كتبها الشافعى والأشعرى والغزالى والتى حازت قوة وهيمنة وشيوعاً وسيطرة على العقل العربى الاسلامى، ليس فقط فى عصرها وإنما ظلت مسيطرة حتى العصر الحديث.
ويأمل الدكتور نصر التحرر ليس فقط من هذه النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة العقل العربى الإسلامى فى عالمنا المعاصر ،وعدم الاعتماد على ماسلف من نصوص كتبها السابقون ولأى سلطة معاصرة ترفع راية إلغاء العقل ورجعية الفكر وترديد أقوال السابقين .
فلكل عصر مفكروه وفقهاؤه وهمومه ومشاكله والحلول التى توافق مقتضيات العصر ، ولن يتجمد الفكر والاجتهاد وإلا توقفنا وتخلفنا عن الركب وجرفنا طوفان التخلف والجمود.
هذا ياصاحبى ما يريده الدكتور نصر ،أما ما كتبه الدكتور المكفراتى من قراءة سطحية متعجلة ومغرضة لاتلتمس الحق بل سيل من القاذورات التى لاتركن إلى الموضوعية والنقد العلمى .
بل وتتنافى مع سماحة الدين الإسلامى والسنة النبوية الشريفة .
وهذه بعض اتهاماته وجرائمه " فهل يقول مثل هذا القول إلا مرتد كافر ؟!!بل زنديق؟!! " ..
فانظر شدة حماسه ،وعاطفته الجياشة للتمرد على الله وعصيان أمره ،وقد غفل هذا المسكين الكفور ...."ص102،101
مرتد العصر الحديث ،صديقى وأخى الأستاذالدكتور /نصر أبو زيد.
هذا المفكر والمثقف الذى اغتالته مفاهيم فكرية رأت فى مفهوم نصه (مفهوم النص)كتابه.. الذى كان سبباً فى وقوفه فى وجه الريح العاصف ،وعلى إثره كانت الأحكام القضائية،وغربته خارج مصر و العالم العربى الإسلامى !!وإقامته فى إحدى البلاد الأوروبية، التى طالت وستطول.
حاول د.نصر.. أن يطرح النص القرآنى من خلال العقل ويناقشه وبنص كلامه"أن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً"
وقلت له _آنذاك _أن ما تطرحه مكمن الخطورة،ولن يتقبله العقل العربى الإسلامى بسهولة ،وستكون الحرب الضروس.
وقد تحقق وبشراسة ما كان يتوقعه وأتوقعه من حرب ضروس ،نالت منه ومن كتبه وأبحاثه.
ولا أنسى المرحوم الدكتور /محمد النويهى (ابن عم والدى يرحمهما الله)ومقالته الإصلاحية فى مجلة الآداب البيروتية ، التى فى حينها،ستينيات وسبعينيات القرن الماضى ،مثلت خطورة فكرية ،جنت على سمعته كباحث متميز ومثقف عربى لايبارى،وبعد وفاته سنة 1981م، صدرت هذه المقالات فى كتاب "نحو ثورة فى الفكر الدينى".
وفى أخريات حياته ،كان عضواً فى لجنة تعديل قوانين الأسرة التى طالبت بها السيدة جيهان زوجة الرئيس الراحل أنور السادات.
وقدم دراسة خطيرة ،طالب فيها بإعمال العقل وطرح المشكلات الحياتية وإيجاد الحلول لها وفقاً للواقع ...
وكانت لدىّ نسخة وحيدة ..وجدتها بمكتبته، أعطيتها للدكتور /نصر ،لقراءتها وكتابة دراسة حول ما طرحه الدكتور النويهى ،وقت حاولت فى منتصف التسعينيات ،إقامة مهرجان ثقافى وفكرى حول فكره وأبحاثه.
ثم جرت فى النهر مياه كثيرة وعلت الأمواج والحكم بارتداد د/نصر والتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة إبتهال يونس ،ثم توقف المهرجان ولأجل غير مسمى .
ولا أنسى ماكتبه فى "مفهوم النص"ص11 طبعة 1990م الهيئة المصرية العامة للكتاب .مصر
"لنا أن نقول أن الحضارة المصرية القديمة هى حضارة "مابعد الموت"، وأن الحضارة اليونانية هى حضارة "العقل"،أما الحضارة العربية والإسلامية فهى حضارة" النص".
وأشكر ابنتى بسمة.. المحامية.. لكتابة هذه السطور، التى تتجاوز صفحتين من ..مفهوم النص ..طبعة 1990م -ص29،28،27الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
."إن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذلك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً،واذا كانت هذه الحقيقة تبدو بديهية ومتفقا عليها.
فإن الإيمان بوجود ميتافيزيقى سابق للنص يعود لكى يطمس هذه الحقيقة البديهية ويعكر_من ثم_إمكانية الفهم العلمى لظاهرة النص.
أن الايمان بالمصدر الإلهى للنص, ومن ثم لامكانية أى وجود سابق لوجوده العينى فى الواقع والثقافة,أمر لايتعارض مع تحليل النص من خلال فهم الثقافة التى ينتمى اليها.
ولنقل بعبارة أخرى أن الله سبحانه وتعالى حين أوحى للرسول(صلى الله علية وسلم)بالقرآن اختار النظام اللغوى الخاص بالمستقبل الأول.
وليس اختيار اللغة اختياراً لوعاء فارغ وإن كان هذا مايؤكده الخطاب الدينى المعاصر, ذلك أن اللغة أهم أدوات الجماعة فى ادراك العالم وتنظيمه.
وعلى ذلك لايمكن أن نتحدث عن لغة مفارقة للثقافة والواقع, ولايمكن من ثم أن نتحدث عن نص مفارق للثقافة والواقع أيضا مادام أنه نص داخل اطار النظام اللغوى للثقافة.
ان ألوهية مصدر النص لاتنفى واقعية محتواه ولاتنفى من ثم انتماءه إلى ثقافة البشر.
إن القرآن يصف نفسه بأنه رسالة, والرسالة تمثل علاقة اتصال بين مرسل ومستقبل من خلال شفرة, أو نظام لغوى.
ولما كان المرسل فى حالة القرآن لايمكن أن يكون موضوعا للدرس العلمى, فمن الطبيعى أن يكون المدخل العلمى لدرس النص القرآنى مدخل الواقع والثقافة, الواقع الذى ينتظم حركة البشر المخاطبين بالنص وينتظم المستقبل الأول للنص وهو الرسول, والثقافة التى تتجسد فى اللغة.
بهذا المعنى يكون البدء فى دراسة النص بالثقافة والواقع بمثابة بدء بالحقائق الامبريقية, ومن تحليل هذه الحقائق يمكن أن نصل الى فهم علمى لظاهرة النص.
ان القول بأن النص منتج ثقافى يكون فى هذه الحالة قضية بديهية لاتحتاج لاثبات.
ومع ذلك فان هذه القضية تحتاج فى ثقافتنا الى تأكيد متواصل نأمل أن تقوم به هذه الدراسة.
لكن القول بأن النص منتج ثقافى يمثل بالنسة للقرآن مرحلة التكون والاكتمال, وهى مرحلة صار النص بعدها منتجا للثقافة, بمعنى أنه صار هو النص المهيمن المسيطر الذى تقاس عليه النصوص الأخرى وتتحدد به مشروعيتها.
إن الفارق بين المرحلتين فى تاريخ النص هو الفارق بين استمداده من الثقافة وتعبيره عنها وبين امداده للثقافة وتغييره لها.
ولكن علينا دائما أن نكون على وعى بأن القول بوجود مرحلتين فى تاريخ النص لايعنى أنهما مرحلتان متقابلتان متعارضتان, فالنص فى مرحلته الأولى_ فى تعبيره عن الثقافة_ لم يكن مجرد حامل سلبى لها, فقد كانت له فعاليته الخاصة_ بوصفه نصا _ فى تجسيد الثقافة والواقع, وهى فعالية لاتعكسهما عكسا آليا, بل تجسدهما تجسيدا بنائيا, أى تجسيدا يعيد بناء معطياتهما فى نسق جديد.
وفى المرحلة الثانية ليس المقصود بأن النص منتج للثقافة تحويل الثقافة الى صدى سلبى للنص, فللثقافة أيضا آلياتها الخاصة فى التعامل مع النص وذلك باعادة قراءته وتأويله.
ان العلاقة بين النص والثقافة علاقة جدلية معقدة تتجاوز كل الأطروحات الأيديولوجية فى ثقافتنا المعاصرة عن النص. ومن أجل الكشف عن بعض جوانب هذا التداخل العلاقى بين النص والثقافة تعتمد هذه الدراسة بصفة أساسية المدخل اللغوى.
ولما كانت اللغة نظاما للعلامات,فانها بالضرورة نظام يعيد تقديم العالم بشكل رمزى, انها وسيط من خلاله يتحول العالم المادى والأفكار الذهنية الى رموز.
والنصوص اللغوية ليست الا طرائق لتمثيل الواقع والكشف عنه بفعالية خاصة, لكن للغة وظيفة أخرى الى جانب وظيفتها العامة السابقة, تلك هى وظيفتها الاتصالية التى تفترض علاقة بين متكلم ومخاطب وبين مرسل ومستقبل.
واذا كانت الوظيفة الاعلامية الاتصالية للغة لاتنفصل عن طبيعتها الرمزية فان وظيفة النص فى الثقافة_ وهى وظيفة اعلامية بوصف النص رسالة كما سبقت الاشارة_ لاتنفصل كذلك عن النظام اللغوى الذى ينتمى اليه, ومن ثم لاتنفصل عن مجال الثقافة والواقع.
ان اختيار منهج التحليل اللغوى فى فهم النص والوصول الى مفهوم عنه ليس اختيارا عشوائيا نابعا من التردد بين مناهج عديدة متاحة, بل الأحرى القول انه المنهج الوحيد الممكن من حيث تلاؤمه مع موضوع الدرس ومادته.
ان موضوع الدرس هو ( الاسلام), ولاخلاف بين علماء الأمة على خلاف مناهجهم واتجاهاتهم قديما وحديثا ،أن الاسلام يقوم على أصلين هما ( القرآن) و( الحديث) النبوى الصحيح. هذه حقيقة لايمكن التشكيك فى سلامتها.
الحقيقة الثانية التى لايمكن التشكيك فى سلامتها كذلك أن هذه النصوص لم تلق كاملة ونهائية فى لحظة واحدة, بل هى نصوص لغوية تشكلت خلال فترة زادت على العشرين عاما.
وحين نقول (تشكلت) فأننا نقصد وجودها المتعين فى الواقع والثقافة بقطع النظر عن أى وجود سابق لهما فى العلم الالهى أو فى اللوح المحفوظ."
1-قضية المجاز فى القرآن عند المعتزلة .رسالة الماجستير جامة القاهرة كلية الآداب سنة 1976ونشرت تحت عنوان الإتجاه العقلى فى التفسير ،دار التنوير ببيروت سنة 1982
2-قلسفة التأويل ،دراسة فى تأويل القرآن عند محيى الدين بن عربى ،رسالة الدكتوراة ،جامعة القاهرة كلية الاداب ونشرت ببيروت دار التنوير سنة 1983
3-مفهوم النص ، دراسة فى علوم القرآن ، الهيئة المصرية للكتاب ، مصر سنة 1990
4-إشكاليات القراءة وآليات التأويل ،الهيئة العامة لقصورا لثقافة ،مصر سنة 1991
5-نقد الخطاب الدينى ، الطبعة الثانية 1994دار سينا للنشر ،مصر
6-الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية ،دارسينا للنشر 1992
7-التفكير فى زمن التكفير ،دارسينا للنشر 1995مصر
8-البوشيدو ، المكونات التقليدية للثقافة اليابانية ،ترجمة، دار سعاد الصباح مصر 1993
9-هكذا تكلم ابن عربى ،الهيئة المصريةالعامة للكتاب ،مصر 2002
10-دوائر الخوف وقضية المرأة،لم أستطع الحصول عليه .
دراسات أخرى كثيرة منشورة فى مجلة النهج تصدر فى سوريا ،وقضايا فكرية تصدر فى مصر ،ومجلة أدب ونقد تصدرعن حزب التجمع بمصر.
وهناك دراسة نقدية لمجمل أعمال الدكتور نصر ،للدكتور حسن حنفى ،مجلة الإجتهاد العدد23سنة 6 دار الإجتهاد ببيروت حوالى 90صفحة ونشرت فى سنة 1994
دارسة الدكتور نصر كما أكد فى مفهوم النص هذه الدراسة الفذة،وسببت المشاكل والنهاية المفجعة ..تؤكد على العقل فى فهم النص وطرح كل التفسيرات التى لصقت بالنص الأصلى وصارت مقدسة كالنص الأصلى،بمعنى آخر طرح سلطة النصوص ودراسة القرآن دراسة لغوية نصية بوصفه نصاً مقدساً ،له منبعه الإلهى ،وحركية النص فى المجتمع وتأثيره فى تشكيل ثقافة المجتمع .
الدكتور نصريؤمن بالمصدر الإلهى للقران ،وفى إحدى لقاءاتى معه سألته :
هل تعتقد بأن القرآن نص إلهى?
رد وبسرعة: إنه نص إلهى .
ومن الذين يؤمنون بعظمة الدين الإسلامى وتفوقه وعقلانيته وتفرده .
وصراعه مع العمائم والسلفيين كان الضربة القاصمة لمشروعه التحررى من سلطة التفاسير الرجعية والمكررة والمفروضة دون إتاحة تأويل جديد يتفق ومعطيات الثقافة المعاصرة .
وأؤكد بصفة شخصية ومن لقاءاتى به والحوارات المتعددة ..أن الدكتور نصر لو قدر له أن يستمر فى مشروعه التحررى وعقلنة النصوص وأن العقل فوق النقل وأن النص يظل مؤثراً مع حركية المجتمع وتطلعه إلى مثل جديدة وحضارة وتقدم.
كان صراعه يستند إلى كتاب الدكتور النويهى فى دراساته الخطيرة "نحو ثورة فى الفكر الدينى " والمتضمن إعادة النظر فى الكثير من القضايا واعتبار النص القرآنى نصاً فاعلاً وليس ثابتاً ،
مثال ذلك ، قضية الميراث وعدم الأخذ حاليا بنصفية الأنثى فى الميراث، لأن الواقع تجاوزه وأن المرأة ترث مثل الرجل ،وأيضا أن الإسلام دين الزوجة الواحدة ولاتعدد فى الإسلام إلا بشروط قاسية وأن الطلاق لايتم إلا على يد المحكمة ولايصبح حقاً مطلقاً للرجل ولابد من تقييده للظروف التى ألمت بالمجتمع.
و هناك دراسةغير منشورة كان الدكتور النويهى قد كتبها وقدمها إلى لجنة تشريعية ،فقد كان أحد أعضائها،بشأن قانون الأسرة وطالب بتغيير العديد من المواد المعمول بها، بل إلغاء القوانين السابقة وتقنين قوانين جديدة بعيدة عن الرجعية والسلفية وتحكم الفقه المالكى والشافعى والحنبلى والحنفى فى حياتنا .
ولابد من ثورة تشريعية ولايمكن الإرتكان فى حل مشاكلنا على تراث القدماء،إذ أنهم وبفقههم كانوا يقدمون حلولاً لمجتمعاتهم وليس لمجتمعاتنا ومشاكلنا ،لابد من الإجتهاد .
أما عن الردة المنسوبة للدكتور نصر ..خلص فى أنه يسب الصحابة الأطهار و الأئمة الصالحين وينادى بطرح تأويل جديد والخروج من سيطرة النصوص ،وأنه ينكر ألوهية المصدر القرآنى ،والدفاع عن الماركسية والعلمانية ونفى صفة الإلحاد عنهما ،الدفاع عن سليمان رشدى ،وإنكار مبدأ أن الله هو الخالق لكل شيىء وإنكار الغيب والعداوة الشديدة لنصوص القرآن والسنة .
30/11/2006م
موقع الوراق
واضعاً فى الاعتبار أن الكاتب سواء أكان مبدعاً فى أى مجال من مجالات الأدب والشعر والموسيقى والمسرح و.... ،أو باحثاً فى العلوم الإنسانية ،أو ناقداً أومترجماً أو مؤرخاًأو .....يظل حتى بعد مماته عرضةً للنقد سواء اختلفنا معه أو شايعناه فيما انتهى إليه .
فهو وإن فارق الدنيا ،ولحق بالرفيق الأعلى ،فكتاباته وأبحاثه حيةً بيننا لا تموت ،مهما تعاقبت السنون والأيام.
ولنا الحق كل الحق فى مناقشتها ونقدها .
ساعة الفجر الحزينة
***************
عبدالرؤوف النويهى
6 - يوليو - 2010
موقع الوراق
************
وليهنأ الجبناء ..هكذا قالت لى نفسى ،لما آتانى الخبر الذى هزنى .
مات الدكتور نصر .
لم أستوعب الخبر ،وعاودت التساؤل ،من مات؟؟
فقال لى محدثى :مات الدكتور نصر حامد أبو زيد،.اليوم الإثنين 5/7/2010م وسيدفن بقحافة بطنطا.
أحسست برعدة تشملنى ودموع حارقة تسيل على وجهى ،وقلت لمحدثى :
إنا لله وإنا إليه راجعون .
رحم الله الدكتور نصر.. وجزاه خيراً لما عاناه من ألم الغربة والحسرة من غلاظ القلب ،أنصاف المثقفين وسدنة الفكر المتحجر ،لا أكثر الله منهم، وقصّر أعمارهم .
عانى الكثير والكثير ،وشاركته آلامه وأحزانه وخيبة أمله ،من عقول خربة ونفوس مريضة وألسن حداد وأقوال سقيمة ،
إنها السيدة الفاضلة الدكتورة إبتهال يونس ،زوجة الدكتور نصر ، جزاها الله بكل خير .
(1)
سلام عليك ياصديق
سلام عليك ياصديق
والله ..نصر حامد أبو زيد ، أكثر منى إيماناً،وأكثر منى تديناً ،وأكثر منى إلتزاما بالدين وأحكامه.
والله ..عرفتُ هذا الرجل، وكم كنت سعيداُ به وبأبحاثه وكتبه وصحبته.
لكن تسييس الدين وهجومه الشرس على مرتزقة الفكر البين بين ورجال كل العصور وشركات توظيف الأموال وشيوخ ملوك البترول الذين يحرمون ويحللون متى اقتضت الحاجة ..كانت الشرارة التى ألبتهم عليه وسددوا السهام إلى نحره ،بدعوى أقامها أحد الذين لم يقرأوا ولم يفهموا ماكتبه هذا الباحث القدير وأساؤوا فهم كل ما كتبه .
ورغم ماحدث من حكم هو والبطلان سواء .
ورغم قوله مراراً وتكراراً ونشره بالصحف ،أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ..إلا أن أصحاب المصالح والملتحفين بدين الله ،زوراً وبهتاناً ،أصموا السمع وكفروه ونددوا به على المنابر .
ودارت الدوائر على من قاد هذه الحملة الشعواء "عبدالصبور شاهين "وكتابه" أبى آدم "وتقديمه إلى المحاكمة بذات الأسباب التى حوكم بها نصر حامد أبو زيد ، وتداولت الدعوى بالجلسات ،وكاد الحبل أن يلتف حول عنقه بالردة والتفريق ،إلا أن السلطة لم ترد أن يزداد الطين بلة،فأصدرت تشريعاً يقصر دعاوى الحسبة على شكوى يتم تقديمها للنائب العام، ثم يتم التحقيق فيها بمعرفته ،وله أن يصدر القرار بالحفظ أو المحاكمة . وطلب الأزهر فى تقريره من عبدالصبور شاهين بتعديل بعض السطور ..وما أشبه الليلة بالبارحة وما حدث للشعر الجاهلى لطه حسين ، ببعض التعديلات ..وصدر الحكم برفض الدعوى ..
(2)
ويبقى العقل مرشداَ ودليلاَ
ويبقى العقل مرشداَ ودليلاَ
فى لحظة ما ،وأثناء محاكمة الدكتور/ نصر حامد أبو زيد،شعرتُ بهزيمة ماحقة، طالت روحى وعلقمت فمى ،فلم أعد استطعم شيئاً ،وأبت بطنى هضم الطعام.
الليل موعدنا..شعارنا الذى نختم به أحاديثناالليلية ..فقد كان الدكتور نصر ،يقتطع من وقته الثمين ،دقائق قد تستمر إلى ساعة أو أقل قليلاً. نتكلم فيها عما يجرى حولنا ،وآخر ما قرأنا .....إلخ.
كان كتابه "التفكير فى زمن التكفير " من كتبه التى أهدانيها ،بإهداء جليل من مفكر جليل
.( إلى الأخ العزيز الأستاذ
عبدالرؤوف النويهى
مع المودة والإعزاز.
نصر
19/4/1995م)
وحكى لى حكاية : فى يوم من الأيام ،قام أحد أصدقائى بدعوتى لأذهب معه عند أقاربه الذين غاب عنهم طويلاً ،ويرغب فى رؤيتهم والإطمئنان على أحوالهم،وصمم وبقوة على اصطحابى معه، فحددت له يوماً،وكان يوم جمعة.
وذهبت معه وجلسنا عند أقاربه الذين إحتفوا بنا إحتفاءً لانظير له.
ثم دعى الداعى إلى صلاة الجمعة ،فقمنا جميعاً للصلاة ،فى المسجد الكبير بالقرية ..وتبين لى أن هناك بعض من كان يدرسون فى الكلية (كلية الآداب جامعةالقاهرة )من أهل القرية.
وطلبوا منى إعتلاء المنبر لإلقاء خطبة الجمعة ،تكريماً لى ولكونى أستاذاً لهم ،فى قسم الدراسات العربية الإسلامية،ولم تكن زوبعة القضايا قد اشتعلت بعد ،فامتنعت ..لأننى لم أكن مستعداً بموضوع الخطبة.
وقام خطيب المسجد بإعتلاء المنبر ،وأخذ يخطب ويتشدق ويحكى عن القصص القرآنى ،والحكايات الخرافية التى جمعها المفسرون من بطون الروايات التوراتية ،والتى لايقبلها عقل ولايحكمها منطق.
وأكثر من نصف ساعة.. لم أجد كلمة واحدة عاقلة، اللهم إلا الخرافات والأباطيل والحكايات التى لارأس لها ولاذنب.
ودار بذهنى آنذاك ..بقى إنت يانصر وأمثالك...عايزين تدعو الناس إلى طرح كل هذه الخرافات والحكايات والتفاهات!! دا من يوم كتاب الشعر الجاهلى لطه حسين حتى اللحظة ،لم نستطع أن نلمس القشرة الخارجية لعقول الناس،إذن كم يكفى من الزمن ..حتى نخترق هذه القشرة لنصل إلى عقولهم!!!
فقلت له على الفور :طيب والعمل؟؟
هل سنترك الخرافة تتحكم فينا ؟
قال لى :أبداً هى محاولات فردية ،المجتمع فى حاجة إلى يقظة ،يعنى عمك (الدكتور /محمد النويهى)لما كتب بعض المقالات فى مجلة الآداب البيروتية وكان بيطالب فيها بثورة فكرية دينية إجتماعية تربوية ،إتهموه بالكفر."
هذه الحكاية لم أنسها أبداً،لأننى كنت_ أخيراً_أصلى الجمعة فى أحد المساجد وقام خطيب المسجد وأخذ يخطب خطبة الجمعة ،وكان يتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وفجأة قال :حتى الصحابة رضوان الله عليهم .كانوا يقتمسون مخاط النبى !!بل بوله أيضاً ويدعكون به وجوههم بل ويشربونه!!
وظهرت كلمات د/نصر ..تملأ عقلى وتهزنى هزاً ..وسيل الفتاوى المريضة، إرضاع الكبير ،وغيرها من خرافات وخزعبلات !!
(3)
....وللحديث بقية
....وللحديث بقية
فى عصر الوراق الذهبى ،لم يكن يمر وقت إلا وكانت الحوارات الجادة والمواضيع المتميزة هى المطروحة على بساط البحث ،مما جعل الوراق مقصداً مرغوباً للشعراء والكتاب والباحثين بل وقصده الأساتذة الكبار ومنهم على سبيل المثال الأستاذ الدكتور أبو يعرب المرزوقى أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية ورده على الأستاذ يحيى رفاعى ،ولن أطيل فجميع مواضيع هذا العصر الذهبى موجودة وتحت عين الجميع .
من يقتل الغذامى تقرباً لله؟ هذا الملف الرائع الذى فتحه على صفحات الوراق الأخ والصديق الشاعر الكبير زهير ظاظا ،بمجلس أصوات من العالم،يوم 29/6/2006م كتبتُ فيه عن ا"غتيال مثقف عربى "ولم يكن دفاعاً عن الأخ والكبير المرحوم بإذن الله نصر حامد أبو زيد ،وإنما سطور قليلة عنه وعن حياته وعن مؤلفاته .
اليوم ..وبعد موته فى ساعة الفجر الجزينة صباح الإثنين 5/7/2010م ،أحاول الحديث عنه ،فلقد أخطأ قارئوه القراءة ،وأضافوا من عندهم مالم يقله ، وكانت القراءات المبتسرة والمغرضة هى السائد والمألوف . بل ركن بعضهم بحسن نية إلى بعض هذه الكتابات دون الرجوع إلى المصدر المنقول عنه لتبيان صحة ماقيل والثابت كتابةً ،بل الإرتكان عليه ،فلايُعقل أن يؤخذ من كتاب تبلغ عدد صفحاته مايقرب من 400من القطع الكبير ،كلمات لاتزيد سطوره عن صفحة ،ثم ينهال السيل الجارف تحقيراً وتزييفاً وطعناً فى الشرف والعرض والدين .
ألا يكفى قول الله تعالى "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "
فكتابه مفهوم النص ..دراسة فى علوم القرآن الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1990م عن سلسلة دراسات أدبية ،قد أخذ حقه فى الكتابة عنه ولم يكن بالكتاب المشهور آنذاك ،وكما قرر لى صديق بالهيئة "طبعة احسن كتاب بالهيئة لاتزيد عن 2000أو 3000نسخة ،بل هناك مرتجع من النسخ "
قامت الحرب بين نصر والتيار الإسلامى الذى يُحلل ويحرم ،متى اقضت الحاجة ،ولوى عنق الفتاوى إرضاءأ لأصحاب السلطة و أصحاب الجاه ،وأصحاب شركات توظيف الأموال والحضور والمباركة لمشاريعهم الوهمية وسلب أموال الناس بشعارات براقة وأساليب قذرة ،وكشوف البركة التى نشرتها الجرائد، "الريان والسعد وسواهم" وشن حملة قاسية ضد هؤلاء العلماء الأفذاذ الذين باركوا الصلح مع العدو الصهيونى باسم الإسلام وكانوا من قبل يدعوننا للجهاد والتضحية والقتال وبذل الدم والروح والمال باسم الإسلام والعدو هو العدو لم يتغير ولم يكف عن سحق وحرق وهدم وقتل وتعذيب المواطن العربى فى فلسطين ولبنان وكطاردة الثوار فى شتى بقاع الأرض وتصفيتهم جسدياً واحتلال الأرض وانتهاك العرض ويظل الأقصى حبيسا وحزيناً تحت ثلة الأوغاد الصهاينة.
ويظل كتاب مفهوم النص فى فترينات مكتبات الهيئة يلتمس من يقرأ ولكن لاجدوى .ويظهر كتاب نقد الخطاب الدينى ويرصد فيه نصر أبو زيد مهازل علماء الدين الذين وسعت بطونهم وعقولهم كل شيىء، فهم المؤيدون لأكثر الأنظمة العربية رجعية واستبداداً وتستغلهم الحكومات وتغدق عليهم بالمناصب المرموقة والجاه والمال، كى يكونوا الخطاب الدينى باسم الإسلام فى كتم الأنفاس للمطالبين بالعدل وقطع ألسنة المعارضين لإستبداد القياصرة الجدد والطغيان والقهر.
وأصبح كتاب نقد الخطاب الدينى من الكتب التى كشفت عورة علماء توظيف الأموال،واستغلال الدين لمصلحة هذه الشركات النصابة والمتاجرة باسم الإسلام عياناً جهاراً وتحت سمع وبصر الحكومة .
أصبح كتاب نقد الخطاب الدينى ودراسات نصر حامد أبو زيد فى مجلة قضايا فكرية التى أصدرها وأشرف عليها محمود أمين العالم ،النار الحارقة لأفكار مسمومة تهدد الوطن وتغتصب أموال الناس بالباطل .
أصبح كتاب نقد الخطاب الدينى من الكتب التى لابد من حرقها وقطع لسان كاتبها ويده .
وهكذا تم تبييت النية للقضاء على نصر حامد أبو زيد .
وأقيمت الدعوى 5991لسنة 1993شرعى كلى للتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة إبتهال يونس وذلك لردة نصر حامد أبو زيد عن الدين الإسلامى .
وصار الأمر كما رسمه العلماء الأفذاذ!!!!
(4)
دعوة كريمة
دعوة كريمة
نحن أمة لا تقرأ وإذا وجدنا كتاباً طرحناه جانباً ، ومن المؤكد أننا نعتمد على الآخرين فيما يجب أن نعرفه .
وما أشبه اليوم بالبارحة ،وما حدث من ثورة ضد رواية حيدر حيدر "وليمة لأعشاب البحر " وتأكيد الأعلام الذين هتفوا ضد الرواية ، أنهم لم يطلعوا على هذه القذارة !!!!!
قلتُ ..أن كتاب مفهوم النص ..دراسة فى علوم القرآن قد تلفقه المغرضون وشنوا حملة تكفير وتحقير لمؤلفه وأنهالوا سباً وقذفاً وأشك فى أنهم لم ينظروا صفحاته، وإنما هى قراءات إنتقائية لما يخدم الغرض ويحقق الهدف ،ويعتمد على النقل دون أن يعرف من الكاتب بل ننقل من ويكبيبيديا المعلومات، وكأن ماكتب فيها هو الحق و الصدق المبين.
وسبق أن عرض الأستاذ الكريم الدكتور يحيى مصرى ماكتبته الويكيبيديا ،والثابت بها أن الأقوال المنسوب صدورها من الدكتور نصر.. أتت غفلاً من ذكر المراجع والصفحات كما تقتضى الأمانة والدقة العلمية .
وكتاب مفهوم النص و نقد الخطاب الدينى والكثير من دراسات الدكتور نصر ،موجودة عندى ،فمن كان قريباً من طنطا فليكتب لى ويشرفنى بحضوره ليقوم بتصوير ما يشاء من كتب ودراسات ،حتى يكون على بينة من الأمر ،ويرتكن إلى ما خطته يد نصر ،دون الإفتئات عليه أو وصمه بما ليس فيه،فلقد قرأت معظم ماكتبه الدكتور نصر ،مراراً وتكراراً ،ولم أجد فيه سوى ما قاله :
"لم تعد قضيتنا اليوم حماية تراثنا من الضياع وثقافتنا من التشتت .وإن كانت تلك قضية مهمة فى كل زمان بالنسبة لكل الأمم .لكن الذى نريد أن نقوله أنها ليست القضية الأولى فى هذه المرحلةالذى وصل فيهاالتهديد إلى "الوجود "ذاته.
لقد أصبح التحالف بين العدو الخارجى متمثلاً فى الإمبريالية العالمية والصهيونية الإسرائيلية وبين القوى الرجعية المسيطرة فى الداخل حقيقة بارزة لكل ذى عينين.
وعلى ذلك أصبح موقفنا اليوم هو الدفاع عن وجودنا ذاته بعد أن أفلح العدو أو كاد فى اختراق الصفوف فى محاولة نهائية لتشكيل وعينا،أو بالأحرى فى محاولة لسلبنا وعينا الحقيقى ليزودنا _عبر مؤسساته الثقافية والإعلامية _ بوعى زائف يضمن استسلامنا النهائى لخططه وتبعيتنا المطلقة له على جميع المستويات"
مفهوم النص ص 16 طبعة 1990م الهيئة المصرية العامة للكتاب .مصر .
(5)
قراءة النصوص الدينية
قراءة النصوص الدينية
"أصبح فى حكم الحقائق المسلم بصحتها أن الفكر البشرى ،أى فكر بما فى ذلك الفكر الدينى ،نتاج طبيعى لمجمل الظروف التاريخية والحقائق الإجتماعية لعصره.
وليس معنى ذلك أنه نتاج سلبى ،بل الأحرى القول إن الفكر الجدير حقاص بهذا الاسم هو الفكر الإيجابى الذى يتصدى لحقائق العصر الذى ينتمى إليه بالتحليل والتفسير والتقويم ،ويسعى إلى الكشف عن عناصر التقدم ومساندتها ،وعزل عناصر التخلف ومحاربتها .
والفكر الذى يكتفى بتبرير الواقع والدفاع عنه ،إنما ينتمى إلى مجال الفكر على سبيل المجاز لا الحقيقة .
ولامجال هنا للحديث عن الفكر الذى يسعى إلى الارتداد بالواقع الاجتماعى والتاريخى إلى عصور سابقة .
فليس ذلك فكراً على الاطلاق ،إذ الفكر فى جوهره وحقيقته حركة لاكتشاف المجهول إنطلاقاً من آفاق المعلوم.
وليس الفكر الدينى بمعزل عن القوانين التى تحكم حركة الفكر البشرى عموماً ذلك أنه لايكتسب من موضوعه -الدين -قداسته وإطلاقه.
ولابد هنا من التمييز بين" الدين " والفكر الدينى ،فالدين هو مجموعة النصوص المقدسة الثابتة تاريخياً ،فى حين أن الفكر الدينى هو الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص وتأويلها واستخراج دلالتها.
ومن الطبيعى أن تختلف الاجتهادات من عصر إلى عصر ،بل ومن الطبيعى أيضاً أن تختلف من بيئة -واقع اجتماعى تاريخى جغرافى عرقى محدد -إلى بيئة فى غطار بعينه ،وأن تتعدد الالجتهادات بنفس القدر من مفكر إلى مفكر داخل البيئة المعينة .
كل ذلك اصبح فى حكم الحقائق المسلم بصحتها،والتى كافح رواد النهضة والتنوير طويلاً من اجل إقرارها وتثبيتها فى تربة ثقافتنا. فعل ذلك - كل فى مجال نشاطه المعرفى وتخصصه - الطهطاوى والافغانى ومحمد عبده ولطفى السيد وطه حسين وعلى عبد الرازق وقاسم امين وسلامة موسى والعقاد واحمد أمين وأمين الخولى وغيرهم كثيرون .
لكن ثمة سؤالاً مؤلماً جارحاً يفرض نفسه ونحن فى زخم الاحتفال بأولئك الرواد أو ببعضهم :
كيف استطاع الفكر الدينى المعاصر أن يخفى تلك الحقائق ويحاول أن يهيل عليها تراب النسيان لحساب إطلاقية تقارب حدود القداسة بنسبها إلى نفسه بطريقة غير مباشرة ؟؟"
نقد الخطاب الدينى .. الدكتور نصر حامد أبو زيد ..سينا للنشر ..الطبعة الثانية 1994م ص 197
(6)
سيقول المغرضون وأصحاب الكراسى المزورة
سيقول المغرضون وأصحاب الكراسى المزورة
حاول الدكتور نصر حامد أبو زيد ،المضى قدمأ فى مشروعه الفكرى ،فقد كانت دراسته الأولى عن الاتجاه العقلى فى التفسير (دراسة فى قضية المجاز عند المعتزلة )..
كان العقل رائده وإمامه متخذاً من أبى العلاء المعرى أستاذاً (كذب الظن لا إمام سوى العقل) .
وكثيراً ما أكد- لى - على قيادة العقل والتمسك به ،ناقداً ما انتهى إليه الإمام الغزالى (حجة الإسلام ) فيما قرره من أن الغزالى أراد العودة فى إحيائه إلى الماضى لحل معضلات الحاضر وأن النص القرآنى بحر من الأسرار والعلوم لايكاد يحيط بها العقل الإنسانى، فهى تبدو لديه كقشور يلتقط منها بعض السوانح السطحية ،وكان صدامه مع ابن رشد فى كتابه تهافت الفلاسفة والنيل من العقل.
ويؤكد الدكتور نصر فى مفهوم النص :
"إن البحث عن مفهوم النص ليس فى حقيقته إلا بحثاً عن ماهية القرآن وطبيعته بوصفه نصاً لغوياً.وهو بحث عن القرآن من حيث "هو كتاب العربية الأكبر ،وأثرها الأدبى الخالد...
فالقرآن كتاب الفن العربى الأقدس ،سواء نظر إليه الناظر على أنه كذلك فى الدين أم لا.
وهذا الدرس الأدبى للقرآن فى ذلك المستوى الفنى ،دون نظر إلى اعتبار دينى ، هو مانعتده وتعتده معنا الأمم العربية أصلاً ،العربية اختلاطاً،مقصداً أول ،وغرضاً أبعد ،يجب أن يسبق كل غرض ويتقدم كل مقصد.
ثم لكل ذى غرض أو صاحب مقصد بعد الوفاء بهذا الدرس الأدبى ان يعمد إلى ذلك الكتاب فيأخذ منه مايشاء ويقتبس منه مايريد فيما أحب من تشريع ،أو اعتقاد،أو أخلق ،أو اصلاح اجتماعى ،أو غير ذلك.
وليس من شيىء من هذه الأغراض الثانية يتحقق على وجهه إلا حين يعتمد على تلك الدراسة الأدبية لكتاب العربية الأوحد دراسة صحيحة كاملة مفهمة له"
أمين الخولى :دائرة المعارف الإسلامية ،مادة تفسير ) ص 13،12 من مفهوم النص طبعة 1990 الهيئة المصرية العامة للكتاب.
وفى محاولة الدكتور نصر الدؤوبة فى تجديد الفكر الدينى و الابتعاد عن الاجابات الجاهزة المتداولة والمألوفة والتى لاتعطى جديداً وتقف عند حدود الدراسات التى طال عليها الأمد
نراه يواصل شرحه وتوضيحه لما يسعى إليه ،مع إداركه الكامل أن مايسعى إليه قد يصطدم مع جمود الفكر وركود العقل وسوف يعاقب على مايقوله
وتأكيده مراراً وتكراراً ،على أنه لايمتلك الحقيقة ولايزعمها ،وإنما هو إجتهاد قد يشوبه الخطأ ويعتريه النقصان ،إلا أن الجمود الفكرى وركود العقل قد أعدا العدة للنيل من محاولته ، وقد كان .
يقول الدكتور نصر مواصلاً دفاعه عن فكره وفكرته :
"إن البحث عن عن مفهوم النص لايزعم الإجابة عن كل هذه الهموم والتصدى لها تصدياً شاملاً ،ولكنه بداية للبحث العلمى فى مجال شائك يبدو أنه لم يعد فيه مجال لقول جديد .
سيقول المغرضون وأصحاب الكراسى المزورة - على حد قول الكندى فيلسوف الإسلام الأول- ليس لهذه التساؤلات من معنى إلا التشكيك فى العقيدة ،وسيقولون أن هذه ليست أسئلة جديدة ،بل هى قديمة أجاب عنها العلماء كل فى مجال تخصصه فالاجابة عنها من قبيل تحصيل الحاصل ،ولكن على الباحث أن يعرض عن كل ذلك،ويمضى فى طريقه طارحاً السؤال تلو السؤال باحثاًعن إجابة لكل سؤال ،متباعداً قدر الإمكان عن الاجابات الجاهزة التى لاتضيف إلى وعينا بموضوع الدرس جديداً .
والباحث هنا لايزعم امتلاكه للحقيقة بألف ولام العهد ،وإنما يزعم أنه بسبيله للبحث عنها ومقاربتها بالقدر الممكن علمياً وإنسانياً .
وغنى عن القول أن الباحث على وعى بخطر التشويش الأيدلوجى النابع من موقفه من الواقع الذى يعيش فيه ويتفاعل معه بوصفه مواطناً .
ويدرك أن عليه أن يقلل من تاثير هذا الخطر على قدر مايستطيع . ويكفى الوعى الدائم به مانعاً من الانزلاق إلى مهاوى التحليلات الأيدلوجية ،إذ لايقع فيه حتى الأذقان إلا من ينكرونه ويزعمون لأنفسهم تجرداً وموضوعية ونزاهة لاتليق إلا بالحق المطلق المجرد،وأنى لنا ذلك!!!)
المرجع السابق ص27،26
(7)
أنا ملحد
أنا ملحد
فات على منتقدى _الدكتور نصر _ ومكفريه ،القراءة الجادة والمتزنة ،قراءة أهل العلم والأدب والإختصاص ، وإنما سمعوا وماعقلوا ،وقرأوا سطور بُتترت من سياقها ، وأقاموا الدنيا وأقعدوها بل حملوا مشاعر الغوغاء وأفكارهم ومسحوا باسمه وكتاباته الطرقات والشوارع والحارات ،ونالوا منه ويؤسفنى جداً جداً ما قرأته لأحد منتقديه وهو أحد من يزعمون أنهم أهل العلم وحراس العقيدة ألا وهو الدكتور إسماعيل سالم فى كتيبه "نقض مطاعن نصر أبو زيد فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين "
"إن نصر أبوزيد كافر يخرج عن الملة " ص59
"على كل مسلم غيور على دينه أن يرفع دعوى أو يشارك فى إقامتها ضد الدكتور نصر حامد أبوزيد لإيقافه عن التدريس ،لأنه يدرس الكفر فى قسم اللغة العربية"ص60
" على جميع الطلاب -طلاب الدكتور نصر أبو زيد - أن يمتثلوا أمر الله فلا يجالسوه للعلم ولا للتلقى على يديه مادام معتقداً فى هذه الطعون ضد القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين فليمتثل طلاب الدكتور نصر أمر الله نفسه بعدم الجلوس بين يدى المستهزئين بكتاب الله وآياته هذا ليس مستهزئاً فقط بل طاعناً فى الدين وإلا صاروا كفاراً مثله "ص59-60
لم يتمهل الدكتور الجليل المكفراتى ويدافع دفاع العلماء عما يعتقده وعما يؤمن به ولكنه جمع فى سلة واحدة بين القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين وساوى بينهم فى القداسة والتبجيل ،ولهذا لعمرى تفاهة النقد وإنحطاط الأسلوب .
يذكر التاريخ أن الأستاذ الجليل العالم الفاضل محمد فريد وجدى وقد أصدر أحد الكتاب كتاباً"أنا ملحد" فقام الأستاذ العالم الجليل بالرد عليه فى كتابه"لماذا أنا مؤمن "ولم يقل كلمة سيئة فى كاتب كتاب "أنا ملحد" بل ينعته بالأخ الفاضل والأستاذ الكريم.
(8)
هموم الفكر النصرى.
هموم الفكر النصرى.
فى طبعته الأولى 1993م والتصدير بالمقدمة فى 19من ديسمبر 1993 قدم الدكتور إسماعيل سالم الأستاذ المساعد للفقه المقارن بكلية العلوم جامعة القاهرة ،أطناناً من السباب المقذع والاتهامات الباطلة .
ويطالب بمحاكمة هذا المؤلف (د.نصر حامد أبوزيد)أمام القضاء واستتابته فإن تاب وإلا حكم القضاء بقتله حداً وأخذت أمواله لبيت المسلمين!!!
وتلقف الأمر وتمت الاستجابة الفورية من رواد مسجد النور ومسجد الخلفاء الراشدين ،بل يتمادى ويكتب:
"ثم يتلقف الحلقة أخيراً من سمى بنصر أبو زيد وهو يدرس لأبناء المسلمين وبناتهم علوم القرآن وطرفاً من أصول الفقه فيطعن فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين ويخرج جيلاً كافراً آخذاً راتبه من أموال المسلمين"
وفى طبعته الثانية سنة 1994م والتصدير بالمقدمة للطبعة الثانية المكتوبة فى يوم الأحد 19من ديسمبر 1994 ص8 يكتب الدكتور المكفراتى وبثقة:
"وكان لابد لى أن أرجع بنفسى إلى كتب نصر أبو زيد هذا وحصلت على كتابى (مفهوم النص، والإمام الشافعى ) وهالنى مافيها من كفر صراح ،وردة ظاهرة وتطاول على القرآن والسنة ،بل وعلى الله ذاته!!! والأدهى والأمر أن المؤلف الزنديق يدرس هذا الكفر لطلبته !!ولايزال!!"
أنا فى دهشة من أمرى ،من هذا النابغة المكفراتى الذى يقرر وبكل يقين أنه تحصل على كتابى مفهوم النص والإمام الشافعى وهالنى .............إلخ
إذن كيف أثار الدنيا ولم يقعدها وسيل الطوفان السبابى والإتهامات بالجملة لكتابين لم يقرأهما ولم يكن قد تحصل عليهما ؟؟؟؟!!
كيف يتم إصدار الحكم دون الإطلاع على أوراق الدعوى ؟؟؟
من الصعب على أستاذ مساعد الفقه المقارن أن يكون بهذه السذاجة والغفلة التى لايقع فيها تلميذ فى التعليم الأساسى !!!
لكن ماعلينا ..ونعود إلى ماكتبه الدكتور نصر حامد أبو زيد :
" وإذاكان النص القرآنى هو نص القرآن فإن الهدف الثانى لهذه الدراسة يتمثل فى محاولة تحديد موضوعى للإسلام ،مفهوم يتجاوز الطروح الأيديولوجية من القوى الإجتماعية والسياسية المختلفة فى الواقع السياسى العربى الإسلامى .
إن الباحث فى مجال الدراسات الإسلامية أو فى مجال علوم القرآن لايستطيع أن يتجاهل هذا الصراع الدائر أو يغمض عينيه عنه تحت أى دعوى أكاديمية .
وهل يستطيع الباحث أن يتجاهل المد المتزايد لفكر الجماعات الإسلامية فى المجتمع رغم كل ماتلقاه هذه الجماعات من اضطهاد وماتحاصرها به المؤسسات الرسمية من تشويش إعلامى ؟؟
وهل يمكن للباحث أن يتجاهل أن الدعوة للدين تتحول على يد هذه الجماعات أحياً إلى نونع من الإرهاب الفكرى ؟؟
وهل يستطيع الباحث أن يتجاهل تلك النابتة التى نبتت تناقش قضايا عفى عليها الزمن ،وصارت من التراث القديم ،وذلك حين يوضع الدين مقابلاً للعلم فى مناقشات ومحاضرات وندوات ومؤلفات عن الإسلام والعلمانية حيث ينبرى رجال الدين لمهاجمة العلمانية وينبرى العلمانيون للدفاع عنها ؟؟
وهل يستطيع الباحث أخيرأ أن يتجاهل الإعلام الرسمى الدينى بكل مايمارسه من تخريب فى وعى الناس حين يحاصرهم بالأحاديث والمناقشات والأفلام والفتاوى التى تُغيّب الناس عن قضاياهم الحقيقية ،وتُفسر الدين لصالح القوى المسيطرة المتحالفة مع أعداء الوطن والدين؟؟
أليس مما له دلالته فى هذا الصدد أن تكون القدس - وبها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثانى الحرمين- تحت سيطرة الصهاينة ،ويبارك علماؤنا الصلح مع العدو أو مباركة صامتة ؟؟
ولكن حين يتجرأ مفكر على إنكار "حديث الذبابة " يتصدى لهم كبيرهم فيقيم الدنيا ولايقعدها . وحين يناجى كاتب فى بلواء المرض ومحنته ربه وينشر مناجاته تلك تثور ثائرة الشيوخ لأن الإنسان تجرأ على ربه.
هؤلاء العلماء الأفذاذ باركوا الصلح مع العدو باسم الإسلام وكانوا من قبل يدعوننا للجهاد والتضحية باسم الإسلام والعدو هو العدو لم يتغير ولم يكف عن عدوانه على الأنفس والأرض.
أليس هؤلاء العلماء ذاتهم هم الذين عقدوا المؤتمرات ودبجوا الخطب والمقالات لإثبات ان الإسلام دين الإشتراكية والعدالة الإجتماعية ،وهم ذاتهم الذين عادوا فى عصر الإنفتاح يؤكدون لنا أن الله جعل بعضنا فوق بعض درجات ليتخذ بعضنا بعضاً سخريا ،ولايجدون للدرجات تأويلاً سوى التفاوت الإقتصادى والإجتماعى ؟؟
أليس هؤلاء العلماء هم الذين يؤيدون أكثر الأنظمة العربية رجعية وتحالفاً مع أعداء الإسلام ،ولايجدون غضاضة فى الأخذ من أموالهم وهم يعلمون أنها أموال المسلمين الذين تستغلهم هذه الحكومات وتقهرهم باسم الإسلام . أو بالأحرى بالتفسير الرجعى للإسلام ؟؟
إن من حقنا -والحال كذلك- أن تساءل فى جدية وإخلاص وموضوعية :ماهو الإسلام ؟؟
والسؤال يكتسب مشروعيته من تلك الفوضى الفكرية التى تسيطر على المفاهيم الدينية فى ثقافتنا نتيجة الإختلاف الرؤى والتوجهات فى الواقع الثقافى من جهة،ونتيجة لتعدد الاحتهادات والتأويلات فى التراث من جهة أخرى . وإذا كانت مثل هذه الاختلافات قد أدت فى الماضى إلى نوع من اللادرية انتههت إلىىتحريم الفكر ذاته ،وغلق باب الإحتهاد ،فإن غايتنا من طرح السؤال الوصول إلى فهم موضوعى لماهية الإسلام .
كلنا يتحدث عن الإسلام ،وعن رأى الإسلام وحكم الإسلام ،ولكن يبدو من هذه الأحاديث أننا نتحدث عن مفهوم لم نتفق على تحديده ولو فى الحدود الدنيا من الإتفاق.
ولقد أدى هذا التعارض المفهومى فى الماضى إلى أن ذهب قاضى البصرة عبيد الله ابن الحسن إلى التسوية بين كل الآراء وبين كل الإجتهادات مهما تضاربت وتناقضت."
ص 24،23،22 مفهوم النص المرجع السالف الإشارة إليه.
(9)
رجل يقول: ربى الله
استدراك على ماسبق ،فطبعة كتاب "نقض مطاعن نصر أبوزيد فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين " الطبعة الأولى سنة 1993م والمقدمة لهذه الطبعة مكتوبة فى 25إبريل سنة 1993م ،أما الطبعة الثانية مزيدة بتقارير العلماء المقدمة فى قضية نصر أبوزيد وكانت سنة 1994 م والمقدمة لهذه الطبعة مكتوبة 19ديسمبر 1993م .
عودة إلى الدكتور المكفراتى ولسانه الذى ينقط شهداً وعسلاً ورغم مقدمته للطبعة الأولى لكتيبه فى 25إبريل 1993م ،فقد أفاق من سباته العميق وتنبه أن هناك "مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى " وجاهد جهاد الأبطال والمناضلين والصالحين وحصل عليهما ،وامتشق سيفه الباتر وكتب تقريرأ عن بعض الأقوال التى فى كتب الدكتور نصر حامد أبوزيد المكتوبة فى 2/12/1993م
الدهشة تتملكنى والحيرة تهد كيانى ،ووجدتنى كاتباً تعليقاً على هذا التقرير الملحق بالطبعة الثانية سنة 1994م أقول فيه: كيف كتب الدكتور إسماعيل سالم كتيبه دون الإطلاع على الكتابين ؟؟
ثم وبعد خراب مالطة وبعد تهييج الدنيا ورفع الدعاوى يكتب تقريره !!!
حقاً وصدقاً.. هذا أحد العلماء الذين يسيرون فى الركب دون تبيان إلى أين يؤدى الطريق، إنه أحد أصحاب الغرض وسوء الطوية .
يبدو أن كل من كتب عن مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى ودراسات الدكتور نصر ،حاول وبكل الوسائل القيام بعملية قص ولزق لكتاباته والتضليل فى النقل ولقد حاولت تتبع الأقوال المنسوبة للدكتور نصر فى كتابات السادة العلماء الأفاضل فما وجدت إلا التدليس والتزوير لأقواله والإضافة عليها وتحويرها بما يلائم الغرض والنية .
وخير مثال .. المقالة المذكورة فى المداخلة التى عرضها السيد الأستاذ تركى السفر .. فلقد إختلط الأمر على كاتبها بين كتاب مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى ،فما كتبه فى الفقرة الأولى خلطة بين أقوال الكاتب وتفسيراته السقيمة وبين كتاب مفهوم النص ونقد الفكر الدينى ، بل الصفحات التى ذكرها ليست صحيحة (أمامى الطبعة الأولى من كتاب مفهوم النص سنة 1990م وأيضا الطبعة الأولى والثانية لكتاب نقد الخطاب الدينى ). وأيضاً الفقرة الثانية ومانقله عن كتاب نقد الخطاب الدينى .
ويبدو أن السادة العلماء الذين شواهم الدكتور نصر وجلدهم فى مقالاته ودراساته وكتبه ومواقفهم المتذبذبة المزرية ،قد جمعتهم وجعلتهم كيدِ واحدة ولغةِ واحدة ولسانِ واحدِ للرد المغرض والفاسد على كتابات الدكتور نصر، بل وتكفيره وكما قال الدكتور إسماعيل سالم ""أن ماجاء بكتبه يحط به إلى درجة الزندقة ولايجعله فى درجة المرتد فقط
. فقد صرح مراراً فى الصحف أنه مسلم ينطق بالشهادتين مع مافى كتبه من أمور قاطعة بأنه من أعدى أعداء الإسلام المنكرين لما جاء فى القرآن والسنة مما علم بالضرورة " نقض مطاعن ...ص92
رجل يصرح بإسلامه وإيمانه - فى الصحف السيارة - ورغم النطق بالشهادتين إلا أن السادة العلماء أجمعوا جمعهم وخططوا لقتله معنوياً وأدبياً وفكرياً ،بل وتصفيته جسدياً إن أمكن!!!
(10)
صفحات من كتاب "نقد الخطاب الدينى "
صفحات من كتاب "نقد الخطاب الدينى "
."إن تركيز الخطاب الدينى على حاكمية النصوص فى مجالات الواقع والفكر كافة ،و مايعلنه من قصر الاجتهاد على الفروع دون الأصول،ومع تحديد مجال الاجتهاد على النصوص الفرعية -الأحاديث - دون النص الأساسى -القرآن - يؤدى إلى تحديد كل من النص والواقع معاً
فإذا أضفنا إلى ذلك مايطرحه الخطاب الدينى أحياناً من اجتهادات لا تخرج عن مجال الترجيح بين آراء الفقهاء واجتهاداتهم واختيار بعضها،أدركنا أن هذا الخطاب فى الواقع يريد أن يرتد بالمجتمع إلى الخلف لا أن يحقق تقدمه كما يزعم ،والماضى الذى يريدنا أن نرتد إليه ليس الماضى الذى كان مزدهراً بالحيوية الفكرية والعقلية ،التى تؤمن بالتعدد وتحتمل الخلاف ،بل الماضى الذى ارتضى التقليد بديلاً عن الاجتهاد ،واكتفى بالتكرار بديلاً عن الإبداع .
ولايظهر الماضى الجميل حين يظهر إلا فى معرض لتفاخر والزهو على العقل الأوروبى وحضارته المادية التى أقامها على مااستفاده من العقل الإسلامى ،كما مر بنا من تحليلاتنا .
وأخيراً ينتهى الخطاب الدينى إلى الانغلاق فى دائرة النصوص بعد أن جمدها وقضى على حيويتها ،ويصدق قول القائل "احتمينا بالنصوص فدخل اللصوص" وذلك حين يقضى على أهم وأخطر ما أقره الفقهاء من مبادئ عقلية : المصالح المرسلة والمقاصد الكلية ،،فيعيدها إلى النصوص مرة أخرى ،وبالمفهوم الذى يطرحه لها ،مع أنها مبادئ لتأويل النصوص.
الواقع إذن هو الأصل ولاسبيل لإهداره ،من الواقع ،تكون النص ،ومن لغته وثقافته صيغت مفاهيمه ،ومن خلال حركته بفعالية البشر تتجدد دلالته ،فالواقع أولاً والواقع ثانياً ،والواقع اخيراً.
وإهدار الواقع لحساب نص جامد ثابت المعنى والدلالة يحول كليهما إلى أسطورة ،يتحول النص إلى أسطورة عن طريق إهدار بعده الإنسانى والتركيز على بعده الغيبى ،الأمر الذى يفسح المجال لتساؤلات عقيمة عن طبيعة النص هناك،وعن شكله ونمط الخط المكتوببه،
وهل تنطقه الملائكة بالعربية أو بغيرها ،إلى لآخر ذلك من أسئلة عقيمة يمتلئ بها الخطاب الدينى الإعلامى بشكل خاص ،ويتحول الواقع إلى أسطورة نتيجة لتثبيت المعانى والدلالات ولإضفاء طابع نهائى عليها تأسيساً على مصدرها الغيبى ،ثم فرض المعنى الثابت الأزلى المفترض على الواقع الاجتماعى الإنسانى ،والنتيجة الحتمية لذلك إهدار النص والواقع معاً واستبدال الأسطورة بهما ،وهكذا يحكم علينا الخطاب الدينى أن ندور حول انفسنا فى دائة مفرغة ،ويقضى من ثم بكيفية حادة على إمكانات استقطار الدلالات الممكنة والملائمة لوضعنا التاريخى والاجتماعى ."
نقد الخطاب الدينى ..الطبعة الثانية ..سيناللنشر131،130
(11)
وقال له صاحبه وهو يحاوره
وقال له صاحبه وهو يحاوره
وقال له صاحبه وهو يحاوره : قرأت لك ماكتبته عن الدكتور نصر وأغبطك على هذ الحب والتقدير الذى تكنه للدكتور نصر ومحاولتك الجادة فى توضيح ماغمض فى مشروعه الفكرى وما تجتهد فيه من الرد على نظرية القص واللزق والتى سار على دربها منتقدو نصر ومكفروه ،لكننى وجدتك تقف كثيراً أمام ماكتبه الدكتور إسماعيل سالم،وكأنك تبرئ الآخرين من قضية تكفيره وردته .
قلت لصاحبى : لقد ظلم الدكتور نصر، ظلماً عظيماً وكما قال أستاذنا السعدى "موت فى الغربة وقتل مجانى داخل الوطن "
وما أعظم ما قاله ،ووالله لقد بكيت حين قرأت قصيدته ،فما أصدق هذه المشاعر الفياضة من شاعر كبير زهير ظاظا.
عـلـى قـبر نصرٍ كل مصرٍ حديقةٌ ***وكـلُّ شـريـف صـادق العبرات
وما أهمنى وأثّر فىّ ما كتبه الدكتور إسماعيل سالم ،واتهامه الدكتور نصر بالكفر والزندقة والردة . فلقد أنكر الدكتور عبد الصبور شاهين .. أنه لم يُكفر الدكتور نصر.!!!
يقول المكفراتى،ص101 "فإذا كانت النصوص تعنى بعبارة نصر أبو زيد نفسه القرآن والسنة فاسمعه يقول متمرداً على الله ورسوله ،داعياً لعصيان الإله ،منادياً بالتحرر الكامل من سلطة القرآن والسنة ،وهذا نص كلامه فى آخر صفحة من كتاب الإمام الشافعى : قد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان فى عالمنا،علينا أن نقوم بهذا الآن قبل أن يجرفنا الطوفان"
وأعود إلى ماكتبه الدكتور فى كتابه "الإمام الشافعى وتأسيس الأديولوجية الوسطية " طبعة أولى 1992م سينا للنشر ،ص 110
" ....فإذا أضفنا إلى ذلك مواقف الشافعى الاجتهادية تدور فى أغلبها فى دائرة المحافظة على الثابت والمستقر ،تسعى إلى تكريس الماضى بإضفاء طابع دينى أزلى - كما رأينا فى اجتهاداته فى ميراث العبد،وفى ميراث الأخت الوحيدة ،وفى مسألة الغراس- أدركنا السياق الأيديولوجى الذى يدور فيه خطابه كله.إنه السياق الذى صاغه الأشعرى من بعدفى نسق متكامل ،ثم جاء الغزالى بعد ذلك فأضفى عليه أبعاداً فلسفية أخلاقية كتب لها الاستمرر والشيوع والهيمنة على مجمل الخطاب الدينى حتى عصرنا هذا. وهكذا ظل العقل العربى الاسلامى يعتمد سلطة النصوص ، بعد أن تمت صياغة الذاكرة فى عصر التدوين -عصر الشافعى - طبقاً لآليات الاسترجاع والترديد .وتحولت الاتجاهات الأخرى فى بنية الثقافة -والتى أرادت صياغة الذكرة طبقاً لآليلت الاستنتاج الحر من الطبيعة والواقع الحى- كالاعتزال والفلسفة العقلية إلى اتجاهات هامشية . وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الانسان فى عالمنا .علينا أن نقوم بهذا الآن وفوراً قبل أن يجرفنا الطوفان ."
حقيقة الأمر أن مافعله أستاذ الفقه المقارن !!!،هى القراءة الخاطئة والمدلسة والتى لوت عنق كلمات الدكتور نصر وجعلتها مسخاً مشوهاً لايمت لأصل كلمات الدكتور نصر بثمة صلة .
فالنصوص التى قصدها الدكتور نصر واضحة كل الوضوح ولا تعنى بأى حال من الأحوال ،القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وإنما تعنى النصوص التى كتبها الشافعى والأشعرى والغزالى والتى حازت قوة وهيمنة وشيوعاً وسيطرة على العقل العربى الاسلامى، ليس فقط فى عصرها وإنما ظلت مسيطرة حتى العصر الحديث.
ويأمل الدكتور نصر التحرر ليس فقط من هذه النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة العقل العربى الإسلامى فى عالمنا المعاصر ،وعدم الاعتماد على ماسلف من نصوص كتبها السابقون ولأى سلطة معاصرة ترفع راية إلغاء العقل ورجعية الفكر وترديد أقوال السابقين .
فلكل عصر مفكروه وفقهاؤه وهمومه ومشاكله والحلول التى توافق مقتضيات العصر ، ولن يتجمد الفكر والاجتهاد وإلا توقفنا وتخلفنا عن الركب وجرفنا طوفان التخلف والجمود.
هذا ياصاحبى ما يريده الدكتور نصر ،أما ما كتبه الدكتور المكفراتى من قراءة سطحية متعجلة ومغرضة لاتلتمس الحق بل سيل من القاذورات التى لاتركن إلى الموضوعية والنقد العلمى .
بل وتتنافى مع سماحة الدين الإسلامى والسنة النبوية الشريفة .
وهذه بعض اتهاماته وجرائمه " فهل يقول مثل هذا القول إلا مرتد كافر ؟!!بل زنديق؟!! " ..
فانظر شدة حماسه ،وعاطفته الجياشة للتمرد على الله وعصيان أمره ،وقد غفل هذا المسكين الكفور ...."ص102،101
(12)
قلت ذات يوم
قلت ذات يوم
مرتد العصر الحديث ،صديقى وأخى الأستاذالدكتور /نصر أبو زيد.
هذا المفكر والمثقف الذى اغتالته مفاهيم فكرية رأت فى مفهوم نصه (مفهوم النص)كتابه.. الذى كان سبباً فى وقوفه فى وجه الريح العاصف ،وعلى إثره كانت الأحكام القضائية،وغربته خارج مصر و العالم العربى الإسلامى !!وإقامته فى إحدى البلاد الأوروبية، التى طالت وستطول.
حاول د.نصر.. أن يطرح النص القرآنى من خلال العقل ويناقشه وبنص كلامه"أن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً"
وقلت له _آنذاك _أن ما تطرحه مكمن الخطورة،ولن يتقبله العقل العربى الإسلامى بسهولة ،وستكون الحرب الضروس.
وقد تحقق وبشراسة ما كان يتوقعه وأتوقعه من حرب ضروس ،نالت منه ومن كتبه وأبحاثه.
ولا أنسى المرحوم الدكتور /محمد النويهى (ابن عم والدى يرحمهما الله)ومقالته الإصلاحية فى مجلة الآداب البيروتية ، التى فى حينها،ستينيات وسبعينيات القرن الماضى ،مثلت خطورة فكرية ،جنت على سمعته كباحث متميز ومثقف عربى لايبارى،وبعد وفاته سنة 1981م، صدرت هذه المقالات فى كتاب "نحو ثورة فى الفكر الدينى".
وفى أخريات حياته ،كان عضواً فى لجنة تعديل قوانين الأسرة التى طالبت بها السيدة جيهان زوجة الرئيس الراحل أنور السادات.
وقدم دراسة خطيرة ،طالب فيها بإعمال العقل وطرح المشكلات الحياتية وإيجاد الحلول لها وفقاً للواقع ...
وكانت لدىّ نسخة وحيدة ..وجدتها بمكتبته، أعطيتها للدكتور /نصر ،لقراءتها وكتابة دراسة حول ما طرحه الدكتور النويهى ،وقت حاولت فى منتصف التسعينيات ،إقامة مهرجان ثقافى وفكرى حول فكره وأبحاثه.
ثم جرت فى النهر مياه كثيرة وعلت الأمواج والحكم بارتداد د/نصر والتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة إبتهال يونس ،ثم توقف المهرجان ولأجل غير مسمى .
ولا أنسى ماكتبه فى "مفهوم النص"ص11 طبعة 1990م الهيئة المصرية العامة للكتاب .مصر
"لنا أن نقول أن الحضارة المصرية القديمة هى حضارة "مابعد الموت"، وأن الحضارة اليونانية هى حضارة "العقل"،أما الحضارة العربية والإسلامية فهى حضارة" النص".
(13)
صفحتان ونصف صفحة
صفحتان ونصف صفحة
وأشكر ابنتى بسمة.. المحامية.. لكتابة هذه السطور، التى تتجاوز صفحتين من ..مفهوم النص ..طبعة 1990م -ص29،28،27الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
."إن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذلك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً،واذا كانت هذه الحقيقة تبدو بديهية ومتفقا عليها.
فإن الإيمان بوجود ميتافيزيقى سابق للنص يعود لكى يطمس هذه الحقيقة البديهية ويعكر_من ثم_إمكانية الفهم العلمى لظاهرة النص.
أن الايمان بالمصدر الإلهى للنص, ومن ثم لامكانية أى وجود سابق لوجوده العينى فى الواقع والثقافة,أمر لايتعارض مع تحليل النص من خلال فهم الثقافة التى ينتمى اليها.
ولنقل بعبارة أخرى أن الله سبحانه وتعالى حين أوحى للرسول(صلى الله علية وسلم)بالقرآن اختار النظام اللغوى الخاص بالمستقبل الأول.
وليس اختيار اللغة اختياراً لوعاء فارغ وإن كان هذا مايؤكده الخطاب الدينى المعاصر, ذلك أن اللغة أهم أدوات الجماعة فى ادراك العالم وتنظيمه.
وعلى ذلك لايمكن أن نتحدث عن لغة مفارقة للثقافة والواقع, ولايمكن من ثم أن نتحدث عن نص مفارق للثقافة والواقع أيضا مادام أنه نص داخل اطار النظام اللغوى للثقافة.
ان ألوهية مصدر النص لاتنفى واقعية محتواه ولاتنفى من ثم انتماءه إلى ثقافة البشر.
إن القرآن يصف نفسه بأنه رسالة, والرسالة تمثل علاقة اتصال بين مرسل ومستقبل من خلال شفرة, أو نظام لغوى.
ولما كان المرسل فى حالة القرآن لايمكن أن يكون موضوعا للدرس العلمى, فمن الطبيعى أن يكون المدخل العلمى لدرس النص القرآنى مدخل الواقع والثقافة, الواقع الذى ينتظم حركة البشر المخاطبين بالنص وينتظم المستقبل الأول للنص وهو الرسول, والثقافة التى تتجسد فى اللغة.
بهذا المعنى يكون البدء فى دراسة النص بالثقافة والواقع بمثابة بدء بالحقائق الامبريقية, ومن تحليل هذه الحقائق يمكن أن نصل الى فهم علمى لظاهرة النص.
ان القول بأن النص منتج ثقافى يكون فى هذه الحالة قضية بديهية لاتحتاج لاثبات.
ومع ذلك فان هذه القضية تحتاج فى ثقافتنا الى تأكيد متواصل نأمل أن تقوم به هذه الدراسة.
لكن القول بأن النص منتج ثقافى يمثل بالنسة للقرآن مرحلة التكون والاكتمال, وهى مرحلة صار النص بعدها منتجا للثقافة, بمعنى أنه صار هو النص المهيمن المسيطر الذى تقاس عليه النصوص الأخرى وتتحدد به مشروعيتها.
إن الفارق بين المرحلتين فى تاريخ النص هو الفارق بين استمداده من الثقافة وتعبيره عنها وبين امداده للثقافة وتغييره لها.
ولكن علينا دائما أن نكون على وعى بأن القول بوجود مرحلتين فى تاريخ النص لايعنى أنهما مرحلتان متقابلتان متعارضتان, فالنص فى مرحلته الأولى_ فى تعبيره عن الثقافة_ لم يكن مجرد حامل سلبى لها, فقد كانت له فعاليته الخاصة_ بوصفه نصا _ فى تجسيد الثقافة والواقع, وهى فعالية لاتعكسهما عكسا آليا, بل تجسدهما تجسيدا بنائيا, أى تجسيدا يعيد بناء معطياتهما فى نسق جديد.
وفى المرحلة الثانية ليس المقصود بأن النص منتج للثقافة تحويل الثقافة الى صدى سلبى للنص, فللثقافة أيضا آلياتها الخاصة فى التعامل مع النص وذلك باعادة قراءته وتأويله.
ان العلاقة بين النص والثقافة علاقة جدلية معقدة تتجاوز كل الأطروحات الأيديولوجية فى ثقافتنا المعاصرة عن النص. ومن أجل الكشف عن بعض جوانب هذا التداخل العلاقى بين النص والثقافة تعتمد هذه الدراسة بصفة أساسية المدخل اللغوى.
ولما كانت اللغة نظاما للعلامات,فانها بالضرورة نظام يعيد تقديم العالم بشكل رمزى, انها وسيط من خلاله يتحول العالم المادى والأفكار الذهنية الى رموز.
والنصوص اللغوية ليست الا طرائق لتمثيل الواقع والكشف عنه بفعالية خاصة, لكن للغة وظيفة أخرى الى جانب وظيفتها العامة السابقة, تلك هى وظيفتها الاتصالية التى تفترض علاقة بين متكلم ومخاطب وبين مرسل ومستقبل.
واذا كانت الوظيفة الاعلامية الاتصالية للغة لاتنفصل عن طبيعتها الرمزية فان وظيفة النص فى الثقافة_ وهى وظيفة اعلامية بوصف النص رسالة كما سبقت الاشارة_ لاتنفصل كذلك عن النظام اللغوى الذى ينتمى اليه, ومن ثم لاتنفصل عن مجال الثقافة والواقع.
ان اختيار منهج التحليل اللغوى فى فهم النص والوصول الى مفهوم عنه ليس اختيارا عشوائيا نابعا من التردد بين مناهج عديدة متاحة, بل الأحرى القول انه المنهج الوحيد الممكن من حيث تلاؤمه مع موضوع الدرس ومادته.
ان موضوع الدرس هو ( الاسلام), ولاخلاف بين علماء الأمة على خلاف مناهجهم واتجاهاتهم قديما وحديثا ،أن الاسلام يقوم على أصلين هما ( القرآن) و( الحديث) النبوى الصحيح. هذه حقيقة لايمكن التشكيك فى سلامتها.
الحقيقة الثانية التى لايمكن التشكيك فى سلامتها كذلك أن هذه النصوص لم تلق كاملة ونهائية فى لحظة واحدة, بل هى نصوص لغوية تشكلت خلال فترة زادت على العشرين عاما.
وحين نقول (تشكلت) فأننا نقصد وجودها المتعين فى الواقع والثقافة بقطع النظر عن أى وجود سابق لهما فى العلم الالهى أو فى اللوح المحفوظ."
(14)
اغتيال مثقف عربى
اغتيال مثقف عربى
أخا وصديقا ومثقفا وباحثا لايشق له غبار.
إنسانا يشع صدقا وحبا وذكاءا نادرا وعبقرية .
مصريا عربيا مسلما ، ريفيا أصيلا وابن بلد قح.
إنه المثقف العربى ذائع الصيت والبحاثة الكبير صاحب (مفهوم النص )، هذه الدراسة الفذة ،
مجده الخالد ومصرعه الشاهد.
إنه الأستاذ الدكتور المغترب.. قهراً وقسرً عن مصره الوطن والأهل.
إنه نصرحامد أبوزيد ..ابن قحافة ميلاده ومقامه وإقامته .
بمدينة طنطا بلد العارف بالله السيد أحمد البدوى ، بمحافظة الغربية ، بمصر المحروسة .
لست أدرى من أين أبدأ?
أأبدأ من النهاية المفجعة أم من البداية المشرقة.
ليكن الحديث عن الشيخ نصر، ممتدا وموصولا،
بين حرية التفكير ودعوى التكفير ،
بين تحرير العقل وحد الردة ،
بين تجليات الظهور وغياهب الإختفاء.
استيقظت على صوت زوجتى وهى تقول لى الدكتور نصر على التليفون ،
قلت لها: الساعة كام ؟
قالت: الساعة 12
أهلا ياأستاذنا الجليل ..هذه ليلة القدر لسماع صوتك .
ودار الحديث عن المؤتمر الذى كنت أزمع عقده عن الدكتور النويهى لمرور 15سنة على وفاته وذلك بقاعة المؤتمرات الكبرى بمبنى المحافظة وتشترك فيه كل القيادات الثقافية وأساتذة الجامعات وعلى رأسهم د/حسن حنفى ،د/محمد خلف الله ،د/نصر حامد أبوزيد ،ود/حمدى السكوت والنخبة المثقفة من أقاليم مصر المحروسة .
كان الوقت ليلا يوم 15/3/1995 وكنت قد شاورته بشأن هذا التكريم والمهرجان الثقافى الكبير وموافقة الجهات المختصة على إقامته بصورة مشرفة وتحمل تكاليفه ومطبوعاته .
ولثقتى المفرطة فى الدكتور نصر ،فالحديث يدور بيننا فى كل شيىء ،وقد يمتد ساعات مثمرة وثرية .
كنت كثيرا وبعد عودتى ليلا من مكتبى ،أتصل به ليبدأ حوار لا ينتهى .
فمحكمة الجيزةالإبتدائية ولاية على النفس للمسلمين ، تنظر الدعوى المقامة ضده وزوجته الدكتورة إبتهال يونس الدعوى رقم 5991لسنة 1993شرعى كلى الدائرة 11وذلك بالتفريق بينهما، وتستطرد صحيفة الدعوى أن الدكتور /نصر وقد ارتد عن الإسلام طبقا لما قرره الفقهاء العدول، فإن زواجه من الدكتورة إبتهال يكون قد انفسخ بمجرد هذه الردة ،ويتعين لذلك التفرقة بينهما بأسرع وقت ،منعا لمنكر واقع ومشهود.
وبجلسة 27/1/1994 صدر الحكم بعدم قبول الدعوى.
لكن تم إستئنافها وقيدت برقم 287لسنة 111قضائية استئناف عالى القاهرة ،والدعوى تتداول أمام المحكمة .
دار الحديث عن ظروفها وحكم محكمة أول درجة ،وصحيفة الإستئناف ومدى تهرأ أسبابه وافتقادها المنطق والتماسك القانونى.
إنسانا يشع صدقا وحبا وذكاءا نادرا وعبقرية .
مصريا عربيا مسلما ، ريفيا أصيلا وابن بلد قح.
إنه المثقف العربى ذائع الصيت والبحاثة الكبير صاحب (مفهوم النص )، هذه الدراسة الفذة ،
مجده الخالد ومصرعه الشاهد.
إنه الأستاذ الدكتور المغترب.. قهراً وقسرً عن مصره الوطن والأهل.
إنه نصرحامد أبوزيد ..ابن قحافة ميلاده ومقامه وإقامته .
بمدينة طنطا بلد العارف بالله السيد أحمد البدوى ، بمحافظة الغربية ، بمصر المحروسة .
لست أدرى من أين أبدأ?
أأبدأ من النهاية المفجعة أم من البداية المشرقة.
ليكن الحديث عن الشيخ نصر، ممتدا وموصولا،
بين حرية التفكير ودعوى التكفير ،
بين تحرير العقل وحد الردة ،
بين تجليات الظهور وغياهب الإختفاء.
استيقظت على صوت زوجتى وهى تقول لى الدكتور نصر على التليفون ،
قلت لها: الساعة كام ؟
قالت: الساعة 12
أهلا ياأستاذنا الجليل ..هذه ليلة القدر لسماع صوتك .
ودار الحديث عن المؤتمر الذى كنت أزمع عقده عن الدكتور النويهى لمرور 15سنة على وفاته وذلك بقاعة المؤتمرات الكبرى بمبنى المحافظة وتشترك فيه كل القيادات الثقافية وأساتذة الجامعات وعلى رأسهم د/حسن حنفى ،د/محمد خلف الله ،د/نصر حامد أبوزيد ،ود/حمدى السكوت والنخبة المثقفة من أقاليم مصر المحروسة .
كان الوقت ليلا يوم 15/3/1995 وكنت قد شاورته بشأن هذا التكريم والمهرجان الثقافى الكبير وموافقة الجهات المختصة على إقامته بصورة مشرفة وتحمل تكاليفه ومطبوعاته .
ولثقتى المفرطة فى الدكتور نصر ،فالحديث يدور بيننا فى كل شيىء ،وقد يمتد ساعات مثمرة وثرية .
كنت كثيرا وبعد عودتى ليلا من مكتبى ،أتصل به ليبدأ حوار لا ينتهى .
فمحكمة الجيزةالإبتدائية ولاية على النفس للمسلمين ، تنظر الدعوى المقامة ضده وزوجته الدكتورة إبتهال يونس الدعوى رقم 5991لسنة 1993شرعى كلى الدائرة 11وذلك بالتفريق بينهما، وتستطرد صحيفة الدعوى أن الدكتور /نصر وقد ارتد عن الإسلام طبقا لما قرره الفقهاء العدول، فإن زواجه من الدكتورة إبتهال يكون قد انفسخ بمجرد هذه الردة ،ويتعين لذلك التفرقة بينهما بأسرع وقت ،منعا لمنكر واقع ومشهود.
وبجلسة 27/1/1994 صدر الحكم بعدم قبول الدعوى.
لكن تم إستئنافها وقيدت برقم 287لسنة 111قضائية استئناف عالى القاهرة ،والدعوى تتداول أمام المحكمة .
دار الحديث عن ظروفها وحكم محكمة أول درجة ،وصحيفة الإستئناف ومدى تهرأ أسبابه وافتقادها المنطق والتماسك القانونى.
موقع الوراق
30/11/2006م
(15)
بعض أعمال الدكتور نصرحامد أبوزيد
بعض أعمال الدكتور نصرحامد أبوزيد
1-قضية المجاز فى القرآن عند المعتزلة .رسالة الماجستير جامة القاهرة كلية الآداب سنة 1976ونشرت تحت عنوان الإتجاه العقلى فى التفسير ،دار التنوير ببيروت سنة 1982
2-قلسفة التأويل ،دراسة فى تأويل القرآن عند محيى الدين بن عربى ،رسالة الدكتوراة ،جامعة القاهرة كلية الاداب ونشرت ببيروت دار التنوير سنة 1983
3-مفهوم النص ، دراسة فى علوم القرآن ، الهيئة المصرية للكتاب ، مصر سنة 1990
4-إشكاليات القراءة وآليات التأويل ،الهيئة العامة لقصورا لثقافة ،مصر سنة 1991
5-نقد الخطاب الدينى ، الطبعة الثانية 1994دار سينا للنشر ،مصر
6-الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية ،دارسينا للنشر 1992
7-التفكير فى زمن التكفير ،دارسينا للنشر 1995مصر
8-البوشيدو ، المكونات التقليدية للثقافة اليابانية ،ترجمة، دار سعاد الصباح مصر 1993
9-هكذا تكلم ابن عربى ،الهيئة المصريةالعامة للكتاب ،مصر 2002
10-دوائر الخوف وقضية المرأة،لم أستطع الحصول عليه .
دراسات أخرى كثيرة منشورة فى مجلة النهج تصدر فى سوريا ،وقضايا فكرية تصدر فى مصر ،ومجلة أدب ونقد تصدرعن حزب التجمع بمصر.
وهناك دراسة نقدية لمجمل أعمال الدكتور نصر ،للدكتور حسن حنفى ،مجلة الإجتهاد العدد23سنة 6 دار الإجتهاد ببيروت حوالى 90صفحة ونشرت فى سنة 1994
دارسة الدكتور نصر كما أكد فى مفهوم النص هذه الدراسة الفذة،وسببت المشاكل والنهاية المفجعة ..تؤكد على العقل فى فهم النص وطرح كل التفسيرات التى لصقت بالنص الأصلى وصارت مقدسة كالنص الأصلى،بمعنى آخر طرح سلطة النصوص ودراسة القرآن دراسة لغوية نصية بوصفه نصاً مقدساً ،له منبعه الإلهى ،وحركية النص فى المجتمع وتأثيره فى تشكيل ثقافة المجتمع .
الدكتور نصريؤمن بالمصدر الإلهى للقران ،وفى إحدى لقاءاتى معه سألته :
هل تعتقد بأن القرآن نص إلهى?
رد وبسرعة: إنه نص إلهى .
ومن الذين يؤمنون بعظمة الدين الإسلامى وتفوقه وعقلانيته وتفرده .
وصراعه مع العمائم والسلفيين كان الضربة القاصمة لمشروعه التحررى من سلطة التفاسير الرجعية والمكررة والمفروضة دون إتاحة تأويل جديد يتفق ومعطيات الثقافة المعاصرة .
وأؤكد بصفة شخصية ومن لقاءاتى به والحوارات المتعددة ..أن الدكتور نصر لو قدر له أن يستمر فى مشروعه التحررى وعقلنة النصوص وأن العقل فوق النقل وأن النص يظل مؤثراً مع حركية المجتمع وتطلعه إلى مثل جديدة وحضارة وتقدم.
كان صراعه يستند إلى كتاب الدكتور النويهى فى دراساته الخطيرة "نحو ثورة فى الفكر الدينى " والمتضمن إعادة النظر فى الكثير من القضايا واعتبار النص القرآنى نصاً فاعلاً وليس ثابتاً ،
مثال ذلك ، قضية الميراث وعدم الأخذ حاليا بنصفية الأنثى فى الميراث، لأن الواقع تجاوزه وأن المرأة ترث مثل الرجل ،وأيضا أن الإسلام دين الزوجة الواحدة ولاتعدد فى الإسلام إلا بشروط قاسية وأن الطلاق لايتم إلا على يد المحكمة ولايصبح حقاً مطلقاً للرجل ولابد من تقييده للظروف التى ألمت بالمجتمع.
و هناك دراسةغير منشورة كان الدكتور النويهى قد كتبها وقدمها إلى لجنة تشريعية ،فقد كان أحد أعضائها،بشأن قانون الأسرة وطالب بتغيير العديد من المواد المعمول بها، بل إلغاء القوانين السابقة وتقنين قوانين جديدة بعيدة عن الرجعية والسلفية وتحكم الفقه المالكى والشافعى والحنبلى والحنفى فى حياتنا .
ولابد من ثورة تشريعية ولايمكن الإرتكان فى حل مشاكلنا على تراث القدماء،إذ أنهم وبفقههم كانوا يقدمون حلولاً لمجتمعاتهم وليس لمجتمعاتنا ومشاكلنا ،لابد من الإجتهاد .
أما عن الردة المنسوبة للدكتور نصر ..خلص فى أنه يسب الصحابة الأطهار و الأئمة الصالحين وينادى بطرح تأويل جديد والخروج من سيطرة النصوص ،وأنه ينكر ألوهية المصدر القرآنى ،والدفاع عن الماركسية والعلمانية ونفى صفة الإلحاد عنهما ،الدفاع عن سليمان رشدى ،وإنكار مبدأ أن الله هو الخالق لكل شيىء وإنكار الغيب والعداوة الشديدة لنصوص القرآن والسنة .
30/11/2006م
موقع الوراق
عندما كتبت عن "ساعة الفجر الحزينة " بموقع الوراق ،وكان الشاعر السورى الكبير زهير ظاظا ،المشرف على الموقع ..
وبتاريخ 19/7/2010م
كتب قصيدته الفارقة فى ذكرى وفاة الدكتور نصر حامد أبوزيد
أنشرها مع هذا الملف ..وله منى كل تقدير واحترام.
جـلـسـت وحـيـدا أستعيد حياتي***وأنـظـر فـي أشـواكـها عثراتي
ودونـي قصاصات الجرائد حول ما***أثـيـر عـلـى نصر من الشبهاتأقـارن مـا بـيـن الرجال وفيهمو***رجـال إذا قـيـسـوا من الحشرات
ومـا قـال فـيـها نصر حامد ميتا***أحـق بـهـا حـيـا بـغـيـر قناة
أفتش في الصحف الصباح عسى أرى***رثــاء كـريـم أو نـعـيّ أبـاة
قـحـافـة طنطا طوحت بابنك العلا***فـهـل حـمل الجثمان في الطرقات
وهـل أنـت فيما قيل عنه مع العدا***لـحـفـنـة أوهـام ومـفـتريات
فـإن تـحـسـبيه صفحة قد طويتها***فـإن لـه فـي الـدهـر جيش حماة
وقـد حـفـظـتْ في قلبها وسجلّها***دمـشـق لـنـصر أجمل الصفحات
وهـم سـألـونـي أن ألـملمَ دمعهم***فـلـبـّيـتُ في نصرٍ وفي حرماتي
وبـيـنـي وبـيـن السائلين وقبره***وتـمـثـالـه مـسـتـنقع النكرات
ولـولا أذاهـم مـا نـعـمـنا بنبله***ولا طـولـت فـي رسـمه نظراتي
ومـن حـسـنات الجهل أنك عارف***بـمـا هـو عـادى أثمن الحسنات
وألـم ألـقـه إلا كـتـابـا وكـاتبا***ولـم أرو مـن آثـاره الـعـطرات
عـلـى قـبر نصرٍ كل مصرٍ حديقةٌ***وكـلُّ شـريـف صـادق العبراتلمرور ثلاث سنوات ،على وفاة المرحوم الأستاذ الدكتور نصر حامد أبو زيد ..سأقوم بنشر كل ماكتبته عنه فى المواقع الأدبية منذ 2005م وحتى تاريخه .
واضعاً فى الاعتبار أن الكاتب سواء أكان مبدعاً فى أى مجال من مجالات الأدب والشعر والموسيقى والمسرح و.... ،أو باحثاً فى العلوم الإنسانية ،أو ناقداً أومترجماً أو مؤرخاًأو .....يظل حتى بعد مماته عرضةً للنقد سواء اختلفنا معه أو شايعناه فيما انتهى إليه .وبتاريخ 19/7/2010م
كتب قصيدته الفارقة فى ذكرى وفاة الدكتور نصر حامد أبوزيد
أنشرها مع هذا الملف ..وله منى كل تقدير واحترام.
جـلـسـت وحـيـدا أستعيد حياتي***وأنـظـر فـي أشـواكـها عثراتي
ودونـي قصاصات الجرائد حول ما***أثـيـر عـلـى نصر من الشبهاتأقـارن مـا بـيـن الرجال وفيهمو***رجـال إذا قـيـسـوا من الحشرات
ومـا قـال فـيـها نصر حامد ميتا***أحـق بـهـا حـيـا بـغـيـر قناة
أفتش في الصحف الصباح عسى أرى***رثــاء كـريـم أو نـعـيّ أبـاة
قـحـافـة طنطا طوحت بابنك العلا***فـهـل حـمل الجثمان في الطرقات
وهـل أنـت فيما قيل عنه مع العدا***لـحـفـنـة أوهـام ومـفـتريات
فـإن تـحـسـبيه صفحة قد طويتها***فـإن لـه فـي الـدهـر جيش حماة
وقـد حـفـظـتْ في قلبها وسجلّها***دمـشـق لـنـصر أجمل الصفحات
وهـم سـألـونـي أن ألـملمَ دمعهم***فـلـبـّيـتُ في نصرٍ وفي حرماتي
وبـيـنـي وبـيـن السائلين وقبره***وتـمـثـالـه مـسـتـنقع النكرات
ولـولا أذاهـم مـا نـعـمـنا بنبله***ولا طـولـت فـي رسـمه نظراتي
ومـن حـسـنات الجهل أنك عارف***بـمـا هـو عـادى أثمن الحسنات
وألـم ألـقـه إلا كـتـابـا وكـاتبا***ولـم أرو مـن آثـاره الـعـطرات
عـلـى قـبر نصرٍ كل مصرٍ حديقةٌ***وكـلُّ شـريـف صـادق العبراتلمرور ثلاث سنوات ،على وفاة المرحوم الأستاذ الدكتور نصر حامد أبو زيد ..سأقوم بنشر كل ماكتبته عنه فى المواقع الأدبية منذ 2005م وحتى تاريخه .
فهو وإن فارق الدنيا ،ولحق بالرفيق الأعلى ،فكتاباته وأبحاثه حيةً بيننا لا تموت ،مهما تعاقبت السنون والأيام.
ولنا الحق كل الحق فى مناقشتها ونقدها .
ساعة الفجر الحزينة
***************
عبدالرؤوف النويهى
6 - يوليو - 2010
موقع الوراق
************
وليهنأ الجبناء ..هكذا قالت لى نفسى ،لما آتانى الخبر الذى هزنى .
مات الدكتور نصر .
لم أستوعب الخبر ،وعاودت التساؤل ،من مات؟؟
فقال لى محدثى :مات الدكتور نصر حامد أبو زيد،.اليوم الإثنين 5/7/2010م وسيدفن بقحافة بطنطا.
أحسست برعدة تشملنى ودموع حارقة تسيل على وجهى ،وقلت لمحدثى :
إنا لله وإنا إليه راجعون .
رحم الله الدكتور نصر.. وجزاه خيراً لما عاناه من ألم الغربة والحسرة من غلاظ القلب ،أنصاف المثقفين وسدنة الفكر المتحجر ،لا أكثر الله منهم، وقصّر أعمارهم .
عانى الكثير والكثير ،وشاركته آلامه وأحزانه وخيبة أمله ،من عقول خربة ونفوس مريضة وألسن حداد وأقوال سقيمة ،
إنها السيدة الفاضلة الدكتورة إبتهال يونس ،زوجة الدكتور نصر ، جزاها الله بكل خير .
(1)
سلام عليك ياصديق
سلام عليك ياصديق
والله ..نصر حامد أبو زيد ، أكثر منى إيماناً،وأكثر منى تديناً ،وأكثر منى إلتزاما بالدين وأحكامه.
والله ..عرفتُ هذا الرجل، وكم كنت سعيداُ به وبأبحاثه وكتبه وصحبته.
لكن تسييس الدين وهجومه الشرس على مرتزقة الفكر البين بين ورجال كل العصور وشركات توظيف الأموال وشيوخ ملوك البترول الذين يحرمون ويحللون متى اقتضت الحاجة ..كانت الشرارة التى ألبتهم عليه وسددوا السهام إلى نحره ،بدعوى أقامها أحد الذين لم يقرأوا ولم يفهموا ماكتبه هذا الباحث القدير وأساؤوا فهم كل ما كتبه .
ورغم ماحدث من حكم هو والبطلان سواء .
ورغم قوله مراراً وتكراراً ونشره بالصحف ،أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ..إلا أن أصحاب المصالح والملتحفين بدين الله ،زوراً وبهتاناً ،أصموا السمع وكفروه ونددوا به على المنابر .
ودارت الدوائر على من قاد هذه الحملة الشعواء "عبدالصبور شاهين "وكتابه" أبى آدم "وتقديمه إلى المحاكمة بذات الأسباب التى حوكم بها نصر حامد أبو زيد ، وتداولت الدعوى بالجلسات ،وكاد الحبل أن يلتف حول عنقه بالردة والتفريق ،إلا أن السلطة لم ترد أن يزداد الطين بلة،فأصدرت تشريعاً يقصر دعاوى الحسبة على شكوى يتم تقديمها للنائب العام، ثم يتم التحقيق فيها بمعرفته ،وله أن يصدر القرار بالحفظ أو المحاكمة . وطلب الأزهر فى تقريره من عبدالصبور شاهين بتعديل بعض السطور ..وما أشبه الليلة بالبارحة وما حدث للشعر الجاهلى لطه حسين ، ببعض التعديلات ..وصدر الحكم برفض الدعوى ..
(2)
ويبقى العقل مرشداَ ودليلاَ
ويبقى العقل مرشداَ ودليلاَ
فى لحظة ما ،وأثناء محاكمة الدكتور/ نصر حامد أبو زيد،شعرتُ بهزيمة ماحقة، طالت روحى وعلقمت فمى ،فلم أعد استطعم شيئاً ،وأبت بطنى هضم الطعام.
الليل موعدنا..شعارنا الذى نختم به أحاديثناالليلية ..فقد كان الدكتور نصر ،يقتطع من وقته الثمين ،دقائق قد تستمر إلى ساعة أو أقل قليلاً. نتكلم فيها عما يجرى حولنا ،وآخر ما قرأنا .....إلخ.
كان كتابه "التفكير فى زمن التكفير " من كتبه التى أهدانيها ،بإهداء جليل من مفكر جليل
.( إلى الأخ العزيز الأستاذ
عبدالرؤوف النويهى
مع المودة والإعزاز.
نصر
19/4/1995م)
وحكى لى حكاية : فى يوم من الأيام ،قام أحد أصدقائى بدعوتى لأذهب معه عند أقاربه الذين غاب عنهم طويلاً ،ويرغب فى رؤيتهم والإطمئنان على أحوالهم،وصمم وبقوة على اصطحابى معه، فحددت له يوماً،وكان يوم جمعة.
وذهبت معه وجلسنا عند أقاربه الذين إحتفوا بنا إحتفاءً لانظير له.
ثم دعى الداعى إلى صلاة الجمعة ،فقمنا جميعاً للصلاة ،فى المسجد الكبير بالقرية ..وتبين لى أن هناك بعض من كان يدرسون فى الكلية (كلية الآداب جامعةالقاهرة )من أهل القرية.
وطلبوا منى إعتلاء المنبر لإلقاء خطبة الجمعة ،تكريماً لى ولكونى أستاذاً لهم ،فى قسم الدراسات العربية الإسلامية،ولم تكن زوبعة القضايا قد اشتعلت بعد ،فامتنعت ..لأننى لم أكن مستعداً بموضوع الخطبة.
وقام خطيب المسجد بإعتلاء المنبر ،وأخذ يخطب ويتشدق ويحكى عن القصص القرآنى ،والحكايات الخرافية التى جمعها المفسرون من بطون الروايات التوراتية ،والتى لايقبلها عقل ولايحكمها منطق.
وأكثر من نصف ساعة.. لم أجد كلمة واحدة عاقلة، اللهم إلا الخرافات والأباطيل والحكايات التى لارأس لها ولاذنب.
ودار بذهنى آنذاك ..بقى إنت يانصر وأمثالك...عايزين تدعو الناس إلى طرح كل هذه الخرافات والحكايات والتفاهات!! دا من يوم كتاب الشعر الجاهلى لطه حسين حتى اللحظة ،لم نستطع أن نلمس القشرة الخارجية لعقول الناس،إذن كم يكفى من الزمن ..حتى نخترق هذه القشرة لنصل إلى عقولهم!!!
فقلت له على الفور :طيب والعمل؟؟
هل سنترك الخرافة تتحكم فينا ؟
قال لى :أبداً هى محاولات فردية ،المجتمع فى حاجة إلى يقظة ،يعنى عمك (الدكتور /محمد النويهى)لما كتب بعض المقالات فى مجلة الآداب البيروتية وكان بيطالب فيها بثورة فكرية دينية إجتماعية تربوية ،إتهموه بالكفر."
هذه الحكاية لم أنسها أبداً،لأننى كنت_ أخيراً_أصلى الجمعة فى أحد المساجد وقام خطيب المسجد وأخذ يخطب خطبة الجمعة ،وكان يتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وفجأة قال :حتى الصحابة رضوان الله عليهم .كانوا يقتمسون مخاط النبى !!بل بوله أيضاً ويدعكون به وجوههم بل ويشربونه!!
وظهرت كلمات د/نصر ..تملأ عقلى وتهزنى هزاً ..وسيل الفتاوى المريضة، إرضاع الكبير ،وغيرها من خرافات وخزعبلات !!
(3)
....وللحديث بقية
....وللحديث بقية
فى عصر الوراق الذهبى ،لم يكن يمر وقت إلا وكانت الحوارات الجادة والمواضيع المتميزة هى المطروحة على بساط البحث ،مما جعل الوراق مقصداً مرغوباً للشعراء والكتاب والباحثين بل وقصده الأساتذة الكبار ومنهم على سبيل المثال الأستاذ الدكتور أبو يعرب المرزوقى أستاذ الفلسفة بالجامعة التونسية ورده على الأستاذ يحيى رفاعى ،ولن أطيل فجميع مواضيع هذا العصر الذهبى موجودة وتحت عين الجميع .
من يقتل الغذامى تقرباً لله؟ هذا الملف الرائع الذى فتحه على صفحات الوراق الأخ والصديق الشاعر الكبير زهير ظاظا ،بمجلس أصوات من العالم،يوم 29/6/2006م كتبتُ فيه عن ا"غتيال مثقف عربى "ولم يكن دفاعاً عن الأخ والكبير المرحوم بإذن الله نصر حامد أبو زيد ،وإنما سطور قليلة عنه وعن حياته وعن مؤلفاته .
اليوم ..وبعد موته فى ساعة الفجر الجزينة صباح الإثنين 5/7/2010م ،أحاول الحديث عنه ،فلقد أخطأ قارئوه القراءة ،وأضافوا من عندهم مالم يقله ، وكانت القراءات المبتسرة والمغرضة هى السائد والمألوف . بل ركن بعضهم بحسن نية إلى بعض هذه الكتابات دون الرجوع إلى المصدر المنقول عنه لتبيان صحة ماقيل والثابت كتابةً ،بل الإرتكان عليه ،فلايُعقل أن يؤخذ من كتاب تبلغ عدد صفحاته مايقرب من 400من القطع الكبير ،كلمات لاتزيد سطوره عن صفحة ،ثم ينهال السيل الجارف تحقيراً وتزييفاً وطعناً فى الشرف والعرض والدين .
ألا يكفى قول الله تعالى "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "
فكتابه مفهوم النص ..دراسة فى علوم القرآن الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 1990م عن سلسلة دراسات أدبية ،قد أخذ حقه فى الكتابة عنه ولم يكن بالكتاب المشهور آنذاك ،وكما قرر لى صديق بالهيئة "طبعة احسن كتاب بالهيئة لاتزيد عن 2000أو 3000نسخة ،بل هناك مرتجع من النسخ "
قامت الحرب بين نصر والتيار الإسلامى الذى يُحلل ويحرم ،متى اقضت الحاجة ،ولوى عنق الفتاوى إرضاءأ لأصحاب السلطة و أصحاب الجاه ،وأصحاب شركات توظيف الأموال والحضور والمباركة لمشاريعهم الوهمية وسلب أموال الناس بشعارات براقة وأساليب قذرة ،وكشوف البركة التى نشرتها الجرائد، "الريان والسعد وسواهم" وشن حملة قاسية ضد هؤلاء العلماء الأفذاذ الذين باركوا الصلح مع العدو الصهيونى باسم الإسلام وكانوا من قبل يدعوننا للجهاد والتضحية والقتال وبذل الدم والروح والمال باسم الإسلام والعدو هو العدو لم يتغير ولم يكف عن سحق وحرق وهدم وقتل وتعذيب المواطن العربى فى فلسطين ولبنان وكطاردة الثوار فى شتى بقاع الأرض وتصفيتهم جسدياً واحتلال الأرض وانتهاك العرض ويظل الأقصى حبيسا وحزيناً تحت ثلة الأوغاد الصهاينة.
ويظل كتاب مفهوم النص فى فترينات مكتبات الهيئة يلتمس من يقرأ ولكن لاجدوى .ويظهر كتاب نقد الخطاب الدينى ويرصد فيه نصر أبو زيد مهازل علماء الدين الذين وسعت بطونهم وعقولهم كل شيىء، فهم المؤيدون لأكثر الأنظمة العربية رجعية واستبداداً وتستغلهم الحكومات وتغدق عليهم بالمناصب المرموقة والجاه والمال، كى يكونوا الخطاب الدينى باسم الإسلام فى كتم الأنفاس للمطالبين بالعدل وقطع ألسنة المعارضين لإستبداد القياصرة الجدد والطغيان والقهر.
وأصبح كتاب نقد الخطاب الدينى من الكتب التى كشفت عورة علماء توظيف الأموال،واستغلال الدين لمصلحة هذه الشركات النصابة والمتاجرة باسم الإسلام عياناً جهاراً وتحت سمع وبصر الحكومة .
أصبح كتاب نقد الخطاب الدينى ودراسات نصر حامد أبو زيد فى مجلة قضايا فكرية التى أصدرها وأشرف عليها محمود أمين العالم ،النار الحارقة لأفكار مسمومة تهدد الوطن وتغتصب أموال الناس بالباطل .
أصبح كتاب نقد الخطاب الدينى من الكتب التى لابد من حرقها وقطع لسان كاتبها ويده .
وهكذا تم تبييت النية للقضاء على نصر حامد أبو زيد .
وأقيمت الدعوى 5991لسنة 1993شرعى كلى للتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة إبتهال يونس وذلك لردة نصر حامد أبو زيد عن الدين الإسلامى .
وصار الأمر كما رسمه العلماء الأفذاذ!!!!
(4)
دعوة كريمة
دعوة كريمة
نحن أمة لا تقرأ وإذا وجدنا كتاباً طرحناه جانباً ، ومن المؤكد أننا نعتمد على الآخرين فيما يجب أن نعرفه .
وما أشبه اليوم بالبارحة ،وما حدث من ثورة ضد رواية حيدر حيدر "وليمة لأعشاب البحر " وتأكيد الأعلام الذين هتفوا ضد الرواية ، أنهم لم يطلعوا على هذه القذارة !!!!!
قلتُ ..أن كتاب مفهوم النص ..دراسة فى علوم القرآن قد تلفقه المغرضون وشنوا حملة تكفير وتحقير لمؤلفه وأنهالوا سباً وقذفاً وأشك فى أنهم لم ينظروا صفحاته، وإنما هى قراءات إنتقائية لما يخدم الغرض ويحقق الهدف ،ويعتمد على النقل دون أن يعرف من الكاتب بل ننقل من ويكبيبيديا المعلومات، وكأن ماكتب فيها هو الحق و الصدق المبين.
وسبق أن عرض الأستاذ الكريم الدكتور يحيى مصرى ماكتبته الويكيبيديا ،والثابت بها أن الأقوال المنسوب صدورها من الدكتور نصر.. أتت غفلاً من ذكر المراجع والصفحات كما تقتضى الأمانة والدقة العلمية .
وكتاب مفهوم النص و نقد الخطاب الدينى والكثير من دراسات الدكتور نصر ،موجودة عندى ،فمن كان قريباً من طنطا فليكتب لى ويشرفنى بحضوره ليقوم بتصوير ما يشاء من كتب ودراسات ،حتى يكون على بينة من الأمر ،ويرتكن إلى ما خطته يد نصر ،دون الإفتئات عليه أو وصمه بما ليس فيه،فلقد قرأت معظم ماكتبه الدكتور نصر ،مراراً وتكراراً ،ولم أجد فيه سوى ما قاله :
"لم تعد قضيتنا اليوم حماية تراثنا من الضياع وثقافتنا من التشتت .وإن كانت تلك قضية مهمة فى كل زمان بالنسبة لكل الأمم .لكن الذى نريد أن نقوله أنها ليست القضية الأولى فى هذه المرحلةالذى وصل فيهاالتهديد إلى "الوجود "ذاته.
لقد أصبح التحالف بين العدو الخارجى متمثلاً فى الإمبريالية العالمية والصهيونية الإسرائيلية وبين القوى الرجعية المسيطرة فى الداخل حقيقة بارزة لكل ذى عينين.
وعلى ذلك أصبح موقفنا اليوم هو الدفاع عن وجودنا ذاته بعد أن أفلح العدو أو كاد فى اختراق الصفوف فى محاولة نهائية لتشكيل وعينا،أو بالأحرى فى محاولة لسلبنا وعينا الحقيقى ليزودنا _عبر مؤسساته الثقافية والإعلامية _ بوعى زائف يضمن استسلامنا النهائى لخططه وتبعيتنا المطلقة له على جميع المستويات"
مفهوم النص ص 16 طبعة 1990م الهيئة المصرية العامة للكتاب .مصر .
(5)
قراءة النصوص الدينية
قراءة النصوص الدينية
"أصبح فى حكم الحقائق المسلم بصحتها أن الفكر البشرى ،أى فكر بما فى ذلك الفكر الدينى ،نتاج طبيعى لمجمل الظروف التاريخية والحقائق الإجتماعية لعصره.
وليس معنى ذلك أنه نتاج سلبى ،بل الأحرى القول إن الفكر الجدير حقاص بهذا الاسم هو الفكر الإيجابى الذى يتصدى لحقائق العصر الذى ينتمى إليه بالتحليل والتفسير والتقويم ،ويسعى إلى الكشف عن عناصر التقدم ومساندتها ،وعزل عناصر التخلف ومحاربتها .
والفكر الذى يكتفى بتبرير الواقع والدفاع عنه ،إنما ينتمى إلى مجال الفكر على سبيل المجاز لا الحقيقة .
ولامجال هنا للحديث عن الفكر الذى يسعى إلى الارتداد بالواقع الاجتماعى والتاريخى إلى عصور سابقة .
فليس ذلك فكراً على الاطلاق ،إذ الفكر فى جوهره وحقيقته حركة لاكتشاف المجهول إنطلاقاً من آفاق المعلوم.
وليس الفكر الدينى بمعزل عن القوانين التى تحكم حركة الفكر البشرى عموماً ذلك أنه لايكتسب من موضوعه -الدين -قداسته وإطلاقه.
ولابد هنا من التمييز بين" الدين " والفكر الدينى ،فالدين هو مجموعة النصوص المقدسة الثابتة تاريخياً ،فى حين أن الفكر الدينى هو الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص وتأويلها واستخراج دلالتها.
ومن الطبيعى أن تختلف الاجتهادات من عصر إلى عصر ،بل ومن الطبيعى أيضاً أن تختلف من بيئة -واقع اجتماعى تاريخى جغرافى عرقى محدد -إلى بيئة فى غطار بعينه ،وأن تتعدد الالجتهادات بنفس القدر من مفكر إلى مفكر داخل البيئة المعينة .
كل ذلك اصبح فى حكم الحقائق المسلم بصحتها،والتى كافح رواد النهضة والتنوير طويلاً من اجل إقرارها وتثبيتها فى تربة ثقافتنا. فعل ذلك - كل فى مجال نشاطه المعرفى وتخصصه - الطهطاوى والافغانى ومحمد عبده ولطفى السيد وطه حسين وعلى عبد الرازق وقاسم امين وسلامة موسى والعقاد واحمد أمين وأمين الخولى وغيرهم كثيرون .
لكن ثمة سؤالاً مؤلماً جارحاً يفرض نفسه ونحن فى زخم الاحتفال بأولئك الرواد أو ببعضهم :
كيف استطاع الفكر الدينى المعاصر أن يخفى تلك الحقائق ويحاول أن يهيل عليها تراب النسيان لحساب إطلاقية تقارب حدود القداسة بنسبها إلى نفسه بطريقة غير مباشرة ؟؟"
نقد الخطاب الدينى .. الدكتور نصر حامد أبو زيد ..سينا للنشر ..الطبعة الثانية 1994م ص 197
(6)
سيقول المغرضون وأصحاب الكراسى المزورة
سيقول المغرضون وأصحاب الكراسى المزورة
حاول الدكتور نصر حامد أبو زيد ،المضى قدمأ فى مشروعه الفكرى ،فقد كانت دراسته الأولى عن الاتجاه العقلى فى التفسير (دراسة فى قضية المجاز عند المعتزلة )..
كان العقل رائده وإمامه متخذاً من أبى العلاء المعرى أستاذاً (كذب الظن لا إمام سوى العقل) .
وكثيراً ما أكد- لى - على قيادة العقل والتمسك به ،ناقداً ما انتهى إليه الإمام الغزالى (حجة الإسلام ) فيما قرره من أن الغزالى أراد العودة فى إحيائه إلى الماضى لحل معضلات الحاضر وأن النص القرآنى بحر من الأسرار والعلوم لايكاد يحيط بها العقل الإنسانى، فهى تبدو لديه كقشور يلتقط منها بعض السوانح السطحية ،وكان صدامه مع ابن رشد فى كتابه تهافت الفلاسفة والنيل من العقل.
ويؤكد الدكتور نصر فى مفهوم النص :
"إن البحث عن مفهوم النص ليس فى حقيقته إلا بحثاً عن ماهية القرآن وطبيعته بوصفه نصاً لغوياً.وهو بحث عن القرآن من حيث "هو كتاب العربية الأكبر ،وأثرها الأدبى الخالد...
فالقرآن كتاب الفن العربى الأقدس ،سواء نظر إليه الناظر على أنه كذلك فى الدين أم لا.
وهذا الدرس الأدبى للقرآن فى ذلك المستوى الفنى ،دون نظر إلى اعتبار دينى ، هو مانعتده وتعتده معنا الأمم العربية أصلاً ،العربية اختلاطاً،مقصداً أول ،وغرضاً أبعد ،يجب أن يسبق كل غرض ويتقدم كل مقصد.
ثم لكل ذى غرض أو صاحب مقصد بعد الوفاء بهذا الدرس الأدبى ان يعمد إلى ذلك الكتاب فيأخذ منه مايشاء ويقتبس منه مايريد فيما أحب من تشريع ،أو اعتقاد،أو أخلق ،أو اصلاح اجتماعى ،أو غير ذلك.
وليس من شيىء من هذه الأغراض الثانية يتحقق على وجهه إلا حين يعتمد على تلك الدراسة الأدبية لكتاب العربية الأوحد دراسة صحيحة كاملة مفهمة له"
أمين الخولى :دائرة المعارف الإسلامية ،مادة تفسير ) ص 13،12 من مفهوم النص طبعة 1990 الهيئة المصرية العامة للكتاب.
وفى محاولة الدكتور نصر الدؤوبة فى تجديد الفكر الدينى و الابتعاد عن الاجابات الجاهزة المتداولة والمألوفة والتى لاتعطى جديداً وتقف عند حدود الدراسات التى طال عليها الأمد
نراه يواصل شرحه وتوضيحه لما يسعى إليه ،مع إداركه الكامل أن مايسعى إليه قد يصطدم مع جمود الفكر وركود العقل وسوف يعاقب على مايقوله
وتأكيده مراراً وتكراراً ،على أنه لايمتلك الحقيقة ولايزعمها ،وإنما هو إجتهاد قد يشوبه الخطأ ويعتريه النقصان ،إلا أن الجمود الفكرى وركود العقل قد أعدا العدة للنيل من محاولته ، وقد كان .
يقول الدكتور نصر مواصلاً دفاعه عن فكره وفكرته :
"إن البحث عن عن مفهوم النص لايزعم الإجابة عن كل هذه الهموم والتصدى لها تصدياً شاملاً ،ولكنه بداية للبحث العلمى فى مجال شائك يبدو أنه لم يعد فيه مجال لقول جديد .
سيقول المغرضون وأصحاب الكراسى المزورة - على حد قول الكندى فيلسوف الإسلام الأول- ليس لهذه التساؤلات من معنى إلا التشكيك فى العقيدة ،وسيقولون أن هذه ليست أسئلة جديدة ،بل هى قديمة أجاب عنها العلماء كل فى مجال تخصصه فالاجابة عنها من قبيل تحصيل الحاصل ،ولكن على الباحث أن يعرض عن كل ذلك،ويمضى فى طريقه طارحاً السؤال تلو السؤال باحثاًعن إجابة لكل سؤال ،متباعداً قدر الإمكان عن الاجابات الجاهزة التى لاتضيف إلى وعينا بموضوع الدرس جديداً .
والباحث هنا لايزعم امتلاكه للحقيقة بألف ولام العهد ،وإنما يزعم أنه بسبيله للبحث عنها ومقاربتها بالقدر الممكن علمياً وإنسانياً .
وغنى عن القول أن الباحث على وعى بخطر التشويش الأيدلوجى النابع من موقفه من الواقع الذى يعيش فيه ويتفاعل معه بوصفه مواطناً .
ويدرك أن عليه أن يقلل من تاثير هذا الخطر على قدر مايستطيع . ويكفى الوعى الدائم به مانعاً من الانزلاق إلى مهاوى التحليلات الأيدلوجية ،إذ لايقع فيه حتى الأذقان إلا من ينكرونه ويزعمون لأنفسهم تجرداً وموضوعية ونزاهة لاتليق إلا بالحق المطلق المجرد،وأنى لنا ذلك!!!)
المرجع السابق ص27،26
(7)
أنا ملحد
أنا ملحد
فات على منتقدى _الدكتور نصر _ ومكفريه ،القراءة الجادة والمتزنة ،قراءة أهل العلم والأدب والإختصاص ، وإنما سمعوا وماعقلوا ،وقرأوا سطور بُتترت من سياقها ، وأقاموا الدنيا وأقعدوها بل حملوا مشاعر الغوغاء وأفكارهم ومسحوا باسمه وكتاباته الطرقات والشوارع والحارات ،ونالوا منه ويؤسفنى جداً جداً ما قرأته لأحد منتقديه وهو أحد من يزعمون أنهم أهل العلم وحراس العقيدة ألا وهو الدكتور إسماعيل سالم فى كتيبه "نقض مطاعن نصر أبو زيد فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين "
"إن نصر أبوزيد كافر يخرج عن الملة " ص59
"على كل مسلم غيور على دينه أن يرفع دعوى أو يشارك فى إقامتها ضد الدكتور نصر حامد أبوزيد لإيقافه عن التدريس ،لأنه يدرس الكفر فى قسم اللغة العربية"ص60
" على جميع الطلاب -طلاب الدكتور نصر أبو زيد - أن يمتثلوا أمر الله فلا يجالسوه للعلم ولا للتلقى على يديه مادام معتقداً فى هذه الطعون ضد القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين فليمتثل طلاب الدكتور نصر أمر الله نفسه بعدم الجلوس بين يدى المستهزئين بكتاب الله وآياته هذا ليس مستهزئاً فقط بل طاعناً فى الدين وإلا صاروا كفاراً مثله "ص59-60
لم يتمهل الدكتور الجليل المكفراتى ويدافع دفاع العلماء عما يعتقده وعما يؤمن به ولكنه جمع فى سلة واحدة بين القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين وساوى بينهم فى القداسة والتبجيل ،ولهذا لعمرى تفاهة النقد وإنحطاط الأسلوب .
يذكر التاريخ أن الأستاذ الجليل العالم الفاضل محمد فريد وجدى وقد أصدر أحد الكتاب كتاباً"أنا ملحد" فقام الأستاذ العالم الجليل بالرد عليه فى كتابه"لماذا أنا مؤمن "ولم يقل كلمة سيئة فى كاتب كتاب "أنا ملحد" بل ينعته بالأخ الفاضل والأستاذ الكريم.
(8)
هموم الفكر النصرى.
هموم الفكر النصرى.
فى طبعته الأولى 1993م والتصدير بالمقدمة فى 19من ديسمبر 1993 قدم الدكتور إسماعيل سالم الأستاذ المساعد للفقه المقارن بكلية العلوم جامعة القاهرة ،أطناناً من السباب المقذع والاتهامات الباطلة .
ويطالب بمحاكمة هذا المؤلف (د.نصر حامد أبوزيد)أمام القضاء واستتابته فإن تاب وإلا حكم القضاء بقتله حداً وأخذت أمواله لبيت المسلمين!!!
وتلقف الأمر وتمت الاستجابة الفورية من رواد مسجد النور ومسجد الخلفاء الراشدين ،بل يتمادى ويكتب:
"ثم يتلقف الحلقة أخيراً من سمى بنصر أبو زيد وهو يدرس لأبناء المسلمين وبناتهم علوم القرآن وطرفاً من أصول الفقه فيطعن فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين ويخرج جيلاً كافراً آخذاً راتبه من أموال المسلمين"
وفى طبعته الثانية سنة 1994م والتصدير بالمقدمة للطبعة الثانية المكتوبة فى يوم الأحد 19من ديسمبر 1994 ص8 يكتب الدكتور المكفراتى وبثقة:
"وكان لابد لى أن أرجع بنفسى إلى كتب نصر أبو زيد هذا وحصلت على كتابى (مفهوم النص، والإمام الشافعى ) وهالنى مافيها من كفر صراح ،وردة ظاهرة وتطاول على القرآن والسنة ،بل وعلى الله ذاته!!! والأدهى والأمر أن المؤلف الزنديق يدرس هذا الكفر لطلبته !!ولايزال!!"
أنا فى دهشة من أمرى ،من هذا النابغة المكفراتى الذى يقرر وبكل يقين أنه تحصل على كتابى مفهوم النص والإمام الشافعى وهالنى .............إلخ
إذن كيف أثار الدنيا ولم يقعدها وسيل الطوفان السبابى والإتهامات بالجملة لكتابين لم يقرأهما ولم يكن قد تحصل عليهما ؟؟؟؟!!
كيف يتم إصدار الحكم دون الإطلاع على أوراق الدعوى ؟؟؟
من الصعب على أستاذ مساعد الفقه المقارن أن يكون بهذه السذاجة والغفلة التى لايقع فيها تلميذ فى التعليم الأساسى !!!
لكن ماعلينا ..ونعود إلى ماكتبه الدكتور نصر حامد أبو زيد :
" وإذاكان النص القرآنى هو نص القرآن فإن الهدف الثانى لهذه الدراسة يتمثل فى محاولة تحديد موضوعى للإسلام ،مفهوم يتجاوز الطروح الأيديولوجية من القوى الإجتماعية والسياسية المختلفة فى الواقع السياسى العربى الإسلامى .
إن الباحث فى مجال الدراسات الإسلامية أو فى مجال علوم القرآن لايستطيع أن يتجاهل هذا الصراع الدائر أو يغمض عينيه عنه تحت أى دعوى أكاديمية .
وهل يستطيع الباحث أن يتجاهل المد المتزايد لفكر الجماعات الإسلامية فى المجتمع رغم كل ماتلقاه هذه الجماعات من اضطهاد وماتحاصرها به المؤسسات الرسمية من تشويش إعلامى ؟؟
وهل يمكن للباحث أن يتجاهل أن الدعوة للدين تتحول على يد هذه الجماعات أحياً إلى نونع من الإرهاب الفكرى ؟؟
وهل يستطيع الباحث أن يتجاهل تلك النابتة التى نبتت تناقش قضايا عفى عليها الزمن ،وصارت من التراث القديم ،وذلك حين يوضع الدين مقابلاً للعلم فى مناقشات ومحاضرات وندوات ومؤلفات عن الإسلام والعلمانية حيث ينبرى رجال الدين لمهاجمة العلمانية وينبرى العلمانيون للدفاع عنها ؟؟
وهل يستطيع الباحث أخيرأ أن يتجاهل الإعلام الرسمى الدينى بكل مايمارسه من تخريب فى وعى الناس حين يحاصرهم بالأحاديث والمناقشات والأفلام والفتاوى التى تُغيّب الناس عن قضاياهم الحقيقية ،وتُفسر الدين لصالح القوى المسيطرة المتحالفة مع أعداء الوطن والدين؟؟
أليس مما له دلالته فى هذا الصدد أن تكون القدس - وبها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثانى الحرمين- تحت سيطرة الصهاينة ،ويبارك علماؤنا الصلح مع العدو أو مباركة صامتة ؟؟
ولكن حين يتجرأ مفكر على إنكار "حديث الذبابة " يتصدى لهم كبيرهم فيقيم الدنيا ولايقعدها . وحين يناجى كاتب فى بلواء المرض ومحنته ربه وينشر مناجاته تلك تثور ثائرة الشيوخ لأن الإنسان تجرأ على ربه.
هؤلاء العلماء الأفذاذ باركوا الصلح مع العدو باسم الإسلام وكانوا من قبل يدعوننا للجهاد والتضحية باسم الإسلام والعدو هو العدو لم يتغير ولم يكف عن عدوانه على الأنفس والأرض.
أليس هؤلاء العلماء ذاتهم هم الذين عقدوا المؤتمرات ودبجوا الخطب والمقالات لإثبات ان الإسلام دين الإشتراكية والعدالة الإجتماعية ،وهم ذاتهم الذين عادوا فى عصر الإنفتاح يؤكدون لنا أن الله جعل بعضنا فوق بعض درجات ليتخذ بعضنا بعضاً سخريا ،ولايجدون للدرجات تأويلاً سوى التفاوت الإقتصادى والإجتماعى ؟؟
أليس هؤلاء العلماء هم الذين يؤيدون أكثر الأنظمة العربية رجعية وتحالفاً مع أعداء الإسلام ،ولايجدون غضاضة فى الأخذ من أموالهم وهم يعلمون أنها أموال المسلمين الذين تستغلهم هذه الحكومات وتقهرهم باسم الإسلام . أو بالأحرى بالتفسير الرجعى للإسلام ؟؟
إن من حقنا -والحال كذلك- أن تساءل فى جدية وإخلاص وموضوعية :ماهو الإسلام ؟؟
والسؤال يكتسب مشروعيته من تلك الفوضى الفكرية التى تسيطر على المفاهيم الدينية فى ثقافتنا نتيجة الإختلاف الرؤى والتوجهات فى الواقع الثقافى من جهة،ونتيجة لتعدد الاحتهادات والتأويلات فى التراث من جهة أخرى . وإذا كانت مثل هذه الاختلافات قد أدت فى الماضى إلى نوع من اللادرية انتههت إلىىتحريم الفكر ذاته ،وغلق باب الإحتهاد ،فإن غايتنا من طرح السؤال الوصول إلى فهم موضوعى لماهية الإسلام .
كلنا يتحدث عن الإسلام ،وعن رأى الإسلام وحكم الإسلام ،ولكن يبدو من هذه الأحاديث أننا نتحدث عن مفهوم لم نتفق على تحديده ولو فى الحدود الدنيا من الإتفاق.
ولقد أدى هذا التعارض المفهومى فى الماضى إلى أن ذهب قاضى البصرة عبيد الله ابن الحسن إلى التسوية بين كل الآراء وبين كل الإجتهادات مهما تضاربت وتناقضت."
ص 24،23،22 مفهوم النص المرجع السالف الإشارة إليه.
(9)
رجل يقول: ربى الله
استدراك على ماسبق ،فطبعة كتاب "نقض مطاعن نصر أبوزيد فى القرآن والسنة والصحابة وأئمة المسلمين " الطبعة الأولى سنة 1993م والمقدمة لهذه الطبعة مكتوبة فى 25إبريل سنة 1993م ،أما الطبعة الثانية مزيدة بتقارير العلماء المقدمة فى قضية نصر أبوزيد وكانت سنة 1994 م والمقدمة لهذه الطبعة مكتوبة 19ديسمبر 1993م .
عودة إلى الدكتور المكفراتى ولسانه الذى ينقط شهداً وعسلاً ورغم مقدمته للطبعة الأولى لكتيبه فى 25إبريل 1993م ،فقد أفاق من سباته العميق وتنبه أن هناك "مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى " وجاهد جهاد الأبطال والمناضلين والصالحين وحصل عليهما ،وامتشق سيفه الباتر وكتب تقريرأ عن بعض الأقوال التى فى كتب الدكتور نصر حامد أبوزيد المكتوبة فى 2/12/1993م
الدهشة تتملكنى والحيرة تهد كيانى ،ووجدتنى كاتباً تعليقاً على هذا التقرير الملحق بالطبعة الثانية سنة 1994م أقول فيه: كيف كتب الدكتور إسماعيل سالم كتيبه دون الإطلاع على الكتابين ؟؟
ثم وبعد خراب مالطة وبعد تهييج الدنيا ورفع الدعاوى يكتب تقريره !!!
حقاً وصدقاً.. هذا أحد العلماء الذين يسيرون فى الركب دون تبيان إلى أين يؤدى الطريق، إنه أحد أصحاب الغرض وسوء الطوية .
يبدو أن كل من كتب عن مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى ودراسات الدكتور نصر ،حاول وبكل الوسائل القيام بعملية قص ولزق لكتاباته والتضليل فى النقل ولقد حاولت تتبع الأقوال المنسوبة للدكتور نصر فى كتابات السادة العلماء الأفاضل فما وجدت إلا التدليس والتزوير لأقواله والإضافة عليها وتحويرها بما يلائم الغرض والنية .
وخير مثال .. المقالة المذكورة فى المداخلة التى عرضها السيد الأستاذ تركى السفر .. فلقد إختلط الأمر على كاتبها بين كتاب مفهوم النص ونقد الخطاب الدينى ،فما كتبه فى الفقرة الأولى خلطة بين أقوال الكاتب وتفسيراته السقيمة وبين كتاب مفهوم النص ونقد الفكر الدينى ، بل الصفحات التى ذكرها ليست صحيحة (أمامى الطبعة الأولى من كتاب مفهوم النص سنة 1990م وأيضا الطبعة الأولى والثانية لكتاب نقد الخطاب الدينى ). وأيضاً الفقرة الثانية ومانقله عن كتاب نقد الخطاب الدينى .
ويبدو أن السادة العلماء الذين شواهم الدكتور نصر وجلدهم فى مقالاته ودراساته وكتبه ومواقفهم المتذبذبة المزرية ،قد جمعتهم وجعلتهم كيدِ واحدة ولغةِ واحدة ولسانِ واحدِ للرد المغرض والفاسد على كتابات الدكتور نصر، بل وتكفيره وكما قال الدكتور إسماعيل سالم ""أن ماجاء بكتبه يحط به إلى درجة الزندقة ولايجعله فى درجة المرتد فقط
. فقد صرح مراراً فى الصحف أنه مسلم ينطق بالشهادتين مع مافى كتبه من أمور قاطعة بأنه من أعدى أعداء الإسلام المنكرين لما جاء فى القرآن والسنة مما علم بالضرورة " نقض مطاعن ...ص92
رجل يصرح بإسلامه وإيمانه - فى الصحف السيارة - ورغم النطق بالشهادتين إلا أن السادة العلماء أجمعوا جمعهم وخططوا لقتله معنوياً وأدبياً وفكرياً ،بل وتصفيته جسدياً إن أمكن!!!
(10)
صفحات من كتاب "نقد الخطاب الدينى "
صفحات من كتاب "نقد الخطاب الدينى "
."إن تركيز الخطاب الدينى على حاكمية النصوص فى مجالات الواقع والفكر كافة ،و مايعلنه من قصر الاجتهاد على الفروع دون الأصول،ومع تحديد مجال الاجتهاد على النصوص الفرعية -الأحاديث - دون النص الأساسى -القرآن - يؤدى إلى تحديد كل من النص والواقع معاً
فإذا أضفنا إلى ذلك مايطرحه الخطاب الدينى أحياناً من اجتهادات لا تخرج عن مجال الترجيح بين آراء الفقهاء واجتهاداتهم واختيار بعضها،أدركنا أن هذا الخطاب فى الواقع يريد أن يرتد بالمجتمع إلى الخلف لا أن يحقق تقدمه كما يزعم ،والماضى الذى يريدنا أن نرتد إليه ليس الماضى الذى كان مزدهراً بالحيوية الفكرية والعقلية ،التى تؤمن بالتعدد وتحتمل الخلاف ،بل الماضى الذى ارتضى التقليد بديلاً عن الاجتهاد ،واكتفى بالتكرار بديلاً عن الإبداع .
ولايظهر الماضى الجميل حين يظهر إلا فى معرض لتفاخر والزهو على العقل الأوروبى وحضارته المادية التى أقامها على مااستفاده من العقل الإسلامى ،كما مر بنا من تحليلاتنا .
وأخيراً ينتهى الخطاب الدينى إلى الانغلاق فى دائرة النصوص بعد أن جمدها وقضى على حيويتها ،ويصدق قول القائل "احتمينا بالنصوص فدخل اللصوص" وذلك حين يقضى على أهم وأخطر ما أقره الفقهاء من مبادئ عقلية : المصالح المرسلة والمقاصد الكلية ،،فيعيدها إلى النصوص مرة أخرى ،وبالمفهوم الذى يطرحه لها ،مع أنها مبادئ لتأويل النصوص.
الواقع إذن هو الأصل ولاسبيل لإهداره ،من الواقع ،تكون النص ،ومن لغته وثقافته صيغت مفاهيمه ،ومن خلال حركته بفعالية البشر تتجدد دلالته ،فالواقع أولاً والواقع ثانياً ،والواقع اخيراً.
وإهدار الواقع لحساب نص جامد ثابت المعنى والدلالة يحول كليهما إلى أسطورة ،يتحول النص إلى أسطورة عن طريق إهدار بعده الإنسانى والتركيز على بعده الغيبى ،الأمر الذى يفسح المجال لتساؤلات عقيمة عن طبيعة النص هناك،وعن شكله ونمط الخط المكتوببه،
وهل تنطقه الملائكة بالعربية أو بغيرها ،إلى لآخر ذلك من أسئلة عقيمة يمتلئ بها الخطاب الدينى الإعلامى بشكل خاص ،ويتحول الواقع إلى أسطورة نتيجة لتثبيت المعانى والدلالات ولإضفاء طابع نهائى عليها تأسيساً على مصدرها الغيبى ،ثم فرض المعنى الثابت الأزلى المفترض على الواقع الاجتماعى الإنسانى ،والنتيجة الحتمية لذلك إهدار النص والواقع معاً واستبدال الأسطورة بهما ،وهكذا يحكم علينا الخطاب الدينى أن ندور حول انفسنا فى دائة مفرغة ،ويقضى من ثم بكيفية حادة على إمكانات استقطار الدلالات الممكنة والملائمة لوضعنا التاريخى والاجتماعى ."
نقد الخطاب الدينى ..الطبعة الثانية ..سيناللنشر131،130
(11)
وقال له صاحبه وهو يحاوره
وقال له صاحبه وهو يحاوره
وقال له صاحبه وهو يحاوره : قرأت لك ماكتبته عن الدكتور نصر وأغبطك على هذ الحب والتقدير الذى تكنه للدكتور نصر ومحاولتك الجادة فى توضيح ماغمض فى مشروعه الفكرى وما تجتهد فيه من الرد على نظرية القص واللزق والتى سار على دربها منتقدو نصر ومكفروه ،لكننى وجدتك تقف كثيراً أمام ماكتبه الدكتور إسماعيل سالم،وكأنك تبرئ الآخرين من قضية تكفيره وردته .
قلت لصاحبى : لقد ظلم الدكتور نصر، ظلماً عظيماً وكما قال أستاذنا السعدى "موت فى الغربة وقتل مجانى داخل الوطن "
وما أعظم ما قاله ،ووالله لقد بكيت حين قرأت قصيدته ،فما أصدق هذه المشاعر الفياضة من شاعر كبير زهير ظاظا.
عـلـى قـبر نصرٍ كل مصرٍ حديقةٌ ***وكـلُّ شـريـف صـادق العبرات
وما أهمنى وأثّر فىّ ما كتبه الدكتور إسماعيل سالم ،واتهامه الدكتور نصر بالكفر والزندقة والردة . فلقد أنكر الدكتور عبد الصبور شاهين .. أنه لم يُكفر الدكتور نصر.!!!
يقول المكفراتى،ص101 "فإذا كانت النصوص تعنى بعبارة نصر أبو زيد نفسه القرآن والسنة فاسمعه يقول متمرداً على الله ورسوله ،داعياً لعصيان الإله ،منادياً بالتحرر الكامل من سلطة القرآن والسنة ،وهذا نص كلامه فى آخر صفحة من كتاب الإمام الشافعى : قد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان فى عالمنا،علينا أن نقوم بهذا الآن قبل أن يجرفنا الطوفان"
وأعود إلى ماكتبه الدكتور فى كتابه "الإمام الشافعى وتأسيس الأديولوجية الوسطية " طبعة أولى 1992م سينا للنشر ،ص 110
" ....فإذا أضفنا إلى ذلك مواقف الشافعى الاجتهادية تدور فى أغلبها فى دائرة المحافظة على الثابت والمستقر ،تسعى إلى تكريس الماضى بإضفاء طابع دينى أزلى - كما رأينا فى اجتهاداته فى ميراث العبد،وفى ميراث الأخت الوحيدة ،وفى مسألة الغراس- أدركنا السياق الأيديولوجى الذى يدور فيه خطابه كله.إنه السياق الذى صاغه الأشعرى من بعدفى نسق متكامل ،ثم جاء الغزالى بعد ذلك فأضفى عليه أبعاداً فلسفية أخلاقية كتب لها الاستمرر والشيوع والهيمنة على مجمل الخطاب الدينى حتى عصرنا هذا. وهكذا ظل العقل العربى الاسلامى يعتمد سلطة النصوص ، بعد أن تمت صياغة الذاكرة فى عصر التدوين -عصر الشافعى - طبقاً لآليات الاسترجاع والترديد .وتحولت الاتجاهات الأخرى فى بنية الثقافة -والتى أرادت صياغة الذكرة طبقاً لآليلت الاستنتاج الحر من الطبيعة والواقع الحى- كالاعتزال والفلسفة العقلية إلى اتجاهات هامشية . وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها بل من كل سلطة تعوق مسيرة الانسان فى عالمنا .علينا أن نقوم بهذا الآن وفوراً قبل أن يجرفنا الطوفان ."
حقيقة الأمر أن مافعله أستاذ الفقه المقارن !!!،هى القراءة الخاطئة والمدلسة والتى لوت عنق كلمات الدكتور نصر وجعلتها مسخاً مشوهاً لايمت لأصل كلمات الدكتور نصر بثمة صلة .
فالنصوص التى قصدها الدكتور نصر واضحة كل الوضوح ولا تعنى بأى حال من الأحوال ،القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وإنما تعنى النصوص التى كتبها الشافعى والأشعرى والغزالى والتى حازت قوة وهيمنة وشيوعاً وسيطرة على العقل العربى الاسلامى، ليس فقط فى عصرها وإنما ظلت مسيطرة حتى العصر الحديث.
ويأمل الدكتور نصر التحرر ليس فقط من هذه النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة العقل العربى الإسلامى فى عالمنا المعاصر ،وعدم الاعتماد على ماسلف من نصوص كتبها السابقون ولأى سلطة معاصرة ترفع راية إلغاء العقل ورجعية الفكر وترديد أقوال السابقين .
فلكل عصر مفكروه وفقهاؤه وهمومه ومشاكله والحلول التى توافق مقتضيات العصر ، ولن يتجمد الفكر والاجتهاد وإلا توقفنا وتخلفنا عن الركب وجرفنا طوفان التخلف والجمود.
هذا ياصاحبى ما يريده الدكتور نصر ،أما ما كتبه الدكتور المكفراتى من قراءة سطحية متعجلة ومغرضة لاتلتمس الحق بل سيل من القاذورات التى لاتركن إلى الموضوعية والنقد العلمى .
بل وتتنافى مع سماحة الدين الإسلامى والسنة النبوية الشريفة .
وهذه بعض اتهاماته وجرائمه " فهل يقول مثل هذا القول إلا مرتد كافر ؟!!بل زنديق؟!! " ..
فانظر شدة حماسه ،وعاطفته الجياشة للتمرد على الله وعصيان أمره ،وقد غفل هذا المسكين الكفور ...."ص102،101
(12)
قلت ذات يوم
قلت ذات يوم
مرتد العصر الحديث ،صديقى وأخى الأستاذالدكتور /نصر أبو زيد.
هذا المفكر والمثقف الذى اغتالته مفاهيم فكرية رأت فى مفهوم نصه (مفهوم النص)كتابه.. الذى كان سبباً فى وقوفه فى وجه الريح العاصف ،وعلى إثره كانت الأحكام القضائية،وغربته خارج مصر و العالم العربى الإسلامى !!وإقامته فى إحدى البلاد الأوروبية، التى طالت وستطول.
حاول د.نصر.. أن يطرح النص القرآنى من خلال العقل ويناقشه وبنص كلامه"أن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً"
وقلت له _آنذاك _أن ما تطرحه مكمن الخطورة،ولن يتقبله العقل العربى الإسلامى بسهولة ،وستكون الحرب الضروس.
وقد تحقق وبشراسة ما كان يتوقعه وأتوقعه من حرب ضروس ،نالت منه ومن كتبه وأبحاثه.
ولا أنسى المرحوم الدكتور /محمد النويهى (ابن عم والدى يرحمهما الله)ومقالته الإصلاحية فى مجلة الآداب البيروتية ، التى فى حينها،ستينيات وسبعينيات القرن الماضى ،مثلت خطورة فكرية ،جنت على سمعته كباحث متميز ومثقف عربى لايبارى،وبعد وفاته سنة 1981م، صدرت هذه المقالات فى كتاب "نحو ثورة فى الفكر الدينى".
وفى أخريات حياته ،كان عضواً فى لجنة تعديل قوانين الأسرة التى طالبت بها السيدة جيهان زوجة الرئيس الراحل أنور السادات.
وقدم دراسة خطيرة ،طالب فيها بإعمال العقل وطرح المشكلات الحياتية وإيجاد الحلول لها وفقاً للواقع ...
وكانت لدىّ نسخة وحيدة ..وجدتها بمكتبته، أعطيتها للدكتور /نصر ،لقراءتها وكتابة دراسة حول ما طرحه الدكتور النويهى ،وقت حاولت فى منتصف التسعينيات ،إقامة مهرجان ثقافى وفكرى حول فكره وأبحاثه.
ثم جرت فى النهر مياه كثيرة وعلت الأمواج والحكم بارتداد د/نصر والتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة إبتهال يونس ،ثم توقف المهرجان ولأجل غير مسمى .
ولا أنسى ماكتبه فى "مفهوم النص"ص11 طبعة 1990م الهيئة المصرية العامة للكتاب .مصر
"لنا أن نقول أن الحضارة المصرية القديمة هى حضارة "مابعد الموت"، وأن الحضارة اليونانية هى حضارة "العقل"،أما الحضارة العربية والإسلامية فهى حضارة" النص".
(13)
صفحتان ونصف صفحة
صفحتان ونصف صفحة
وأشكر ابنتى بسمة.. المحامية.. لكتابة هذه السطور، التى تتجاوز صفحتين من ..مفهوم النص ..طبعة 1990م -ص29،28،27الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
."إن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى .والمقصود بذلك أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد عن العشرين عاماً،واذا كانت هذه الحقيقة تبدو بديهية ومتفقا عليها.
فإن الإيمان بوجود ميتافيزيقى سابق للنص يعود لكى يطمس هذه الحقيقة البديهية ويعكر_من ثم_إمكانية الفهم العلمى لظاهرة النص.
أن الايمان بالمصدر الإلهى للنص, ومن ثم لامكانية أى وجود سابق لوجوده العينى فى الواقع والثقافة,أمر لايتعارض مع تحليل النص من خلال فهم الثقافة التى ينتمى اليها.
ولنقل بعبارة أخرى أن الله سبحانه وتعالى حين أوحى للرسول(صلى الله علية وسلم)بالقرآن اختار النظام اللغوى الخاص بالمستقبل الأول.
وليس اختيار اللغة اختياراً لوعاء فارغ وإن كان هذا مايؤكده الخطاب الدينى المعاصر, ذلك أن اللغة أهم أدوات الجماعة فى ادراك العالم وتنظيمه.
وعلى ذلك لايمكن أن نتحدث عن لغة مفارقة للثقافة والواقع, ولايمكن من ثم أن نتحدث عن نص مفارق للثقافة والواقع أيضا مادام أنه نص داخل اطار النظام اللغوى للثقافة.
ان ألوهية مصدر النص لاتنفى واقعية محتواه ولاتنفى من ثم انتماءه إلى ثقافة البشر.
إن القرآن يصف نفسه بأنه رسالة, والرسالة تمثل علاقة اتصال بين مرسل ومستقبل من خلال شفرة, أو نظام لغوى.
ولما كان المرسل فى حالة القرآن لايمكن أن يكون موضوعا للدرس العلمى, فمن الطبيعى أن يكون المدخل العلمى لدرس النص القرآنى مدخل الواقع والثقافة, الواقع الذى ينتظم حركة البشر المخاطبين بالنص وينتظم المستقبل الأول للنص وهو الرسول, والثقافة التى تتجسد فى اللغة.
بهذا المعنى يكون البدء فى دراسة النص بالثقافة والواقع بمثابة بدء بالحقائق الامبريقية, ومن تحليل هذه الحقائق يمكن أن نصل الى فهم علمى لظاهرة النص.
ان القول بأن النص منتج ثقافى يكون فى هذه الحالة قضية بديهية لاتحتاج لاثبات.
ومع ذلك فان هذه القضية تحتاج فى ثقافتنا الى تأكيد متواصل نأمل أن تقوم به هذه الدراسة.
لكن القول بأن النص منتج ثقافى يمثل بالنسة للقرآن مرحلة التكون والاكتمال, وهى مرحلة صار النص بعدها منتجا للثقافة, بمعنى أنه صار هو النص المهيمن المسيطر الذى تقاس عليه النصوص الأخرى وتتحدد به مشروعيتها.
إن الفارق بين المرحلتين فى تاريخ النص هو الفارق بين استمداده من الثقافة وتعبيره عنها وبين امداده للثقافة وتغييره لها.
ولكن علينا دائما أن نكون على وعى بأن القول بوجود مرحلتين فى تاريخ النص لايعنى أنهما مرحلتان متقابلتان متعارضتان, فالنص فى مرحلته الأولى_ فى تعبيره عن الثقافة_ لم يكن مجرد حامل سلبى لها, فقد كانت له فعاليته الخاصة_ بوصفه نصا _ فى تجسيد الثقافة والواقع, وهى فعالية لاتعكسهما عكسا آليا, بل تجسدهما تجسيدا بنائيا, أى تجسيدا يعيد بناء معطياتهما فى نسق جديد.
وفى المرحلة الثانية ليس المقصود بأن النص منتج للثقافة تحويل الثقافة الى صدى سلبى للنص, فللثقافة أيضا آلياتها الخاصة فى التعامل مع النص وذلك باعادة قراءته وتأويله.
ان العلاقة بين النص والثقافة علاقة جدلية معقدة تتجاوز كل الأطروحات الأيديولوجية فى ثقافتنا المعاصرة عن النص. ومن أجل الكشف عن بعض جوانب هذا التداخل العلاقى بين النص والثقافة تعتمد هذه الدراسة بصفة أساسية المدخل اللغوى.
ولما كانت اللغة نظاما للعلامات,فانها بالضرورة نظام يعيد تقديم العالم بشكل رمزى, انها وسيط من خلاله يتحول العالم المادى والأفكار الذهنية الى رموز.
والنصوص اللغوية ليست الا طرائق لتمثيل الواقع والكشف عنه بفعالية خاصة, لكن للغة وظيفة أخرى الى جانب وظيفتها العامة السابقة, تلك هى وظيفتها الاتصالية التى تفترض علاقة بين متكلم ومخاطب وبين مرسل ومستقبل.
واذا كانت الوظيفة الاعلامية الاتصالية للغة لاتنفصل عن طبيعتها الرمزية فان وظيفة النص فى الثقافة_ وهى وظيفة اعلامية بوصف النص رسالة كما سبقت الاشارة_ لاتنفصل كذلك عن النظام اللغوى الذى ينتمى اليه, ومن ثم لاتنفصل عن مجال الثقافة والواقع.
ان اختيار منهج التحليل اللغوى فى فهم النص والوصول الى مفهوم عنه ليس اختيارا عشوائيا نابعا من التردد بين مناهج عديدة متاحة, بل الأحرى القول انه المنهج الوحيد الممكن من حيث تلاؤمه مع موضوع الدرس ومادته.
ان موضوع الدرس هو ( الاسلام), ولاخلاف بين علماء الأمة على خلاف مناهجهم واتجاهاتهم قديما وحديثا ،أن الاسلام يقوم على أصلين هما ( القرآن) و( الحديث) النبوى الصحيح. هذه حقيقة لايمكن التشكيك فى سلامتها.
الحقيقة الثانية التى لايمكن التشكيك فى سلامتها كذلك أن هذه النصوص لم تلق كاملة ونهائية فى لحظة واحدة, بل هى نصوص لغوية تشكلت خلال فترة زادت على العشرين عاما.
وحين نقول (تشكلت) فأننا نقصد وجودها المتعين فى الواقع والثقافة بقطع النظر عن أى وجود سابق لهما فى العلم الالهى أو فى اللوح المحفوظ."
(14)
اغتيال مثقف عربى
اغتيال مثقف عربى
أخا وصديقا ومثقفا وباحثا لايشق له غبار.
إنسانا يشع صدقا وحبا وذكاءا نادرا وعبقرية .
مصريا عربيا مسلما ، ريفيا أصيلا وابن بلد قح.
إنه المثقف العربى ذائع الصيت والبحاثة الكبير صاحب (مفهوم النص )، هذه الدراسة الفذة ،
مجده الخالد ومصرعه الشاهد.
إنه الأستاذ الدكتور المغترب.. قهراً وقسرً عن مصره الوطن والأهل.
إنه نصرحامد أبوزيد ..ابن قحافة ميلاده ومقامه وإقامته .
بمدينة طنطا بلد العارف بالله السيد أحمد البدوى ، بمحافظة الغربية ، بمصر المحروسة .
لست أدرى من أين أبدأ?
أأبدأ من النهاية المفجعة أم من البداية المشرقة.
ليكن الحديث عن الشيخ نصر، ممتدا وموصولا،
بين حرية التفكير ودعوى التكفير ،
بين تحرير العقل وحد الردة ،
بين تجليات الظهور وغياهب الإختفاء.
استيقظت على صوت زوجتى وهى تقول لى الدكتور نصر على التليفون ،
قلت لها: الساعة كام ؟
قالت: الساعة 12
أهلا ياأستاذنا الجليل ..هذه ليلة القدر لسماع صوتك .
ودار الحديث عن المؤتمر الذى كنت أزمع عقده عن الدكتور النويهى لمرور 15سنة على وفاته وذلك بقاعة المؤتمرات الكبرى بمبنى المحافظة وتشترك فيه كل القيادات الثقافية وأساتذة الجامعات وعلى رأسهم د/حسن حنفى ،د/محمد خلف الله ،د/نصر حامد أبوزيد ،ود/حمدى السكوت والنخبة المثقفة من أقاليم مصر المحروسة .
كان الوقت ليلا يوم 15/3/1995 وكنت قد شاورته بشأن هذا التكريم والمهرجان الثقافى الكبير وموافقة الجهات المختصة على إقامته بصورة مشرفة وتحمل تكاليفه ومطبوعاته .
ولثقتى المفرطة فى الدكتور نصر ،فالحديث يدور بيننا فى كل شيىء ،وقد يمتد ساعات مثمرة وثرية .
كنت كثيرا وبعد عودتى ليلا من مكتبى ،أتصل به ليبدأ حوار لا ينتهى .
فمحكمة الجيزةالإبتدائية ولاية على النفس للمسلمين ، تنظر الدعوى المقامة ضده وزوجته الدكتورة إبتهال يونس الدعوى رقم 5991لسنة 1993شرعى كلى الدائرة 11وذلك بالتفريق بينهما، وتستطرد صحيفة الدعوى أن الدكتور /نصر وقد ارتد عن الإسلام طبقا لما قرره الفقهاء العدول، فإن زواجه من الدكتورة إبتهال يكون قد انفسخ بمجرد هذه الردة ،ويتعين لذلك التفرقة بينهما بأسرع وقت ،منعا لمنكر واقع ومشهود.
وبجلسة 27/1/1994 صدر الحكم بعدم قبول الدعوى.
لكن تم إستئنافها وقيدت برقم 287لسنة 111قضائية استئناف عالى القاهرة ،والدعوى تتداول أمام المحكمة .
دار الحديث عن ظروفها وحكم محكمة أول درجة ،وصحيفة الإستئناف ومدى تهرأ أسبابه وافتقادها المنطق والتماسك القانونى.
إنسانا يشع صدقا وحبا وذكاءا نادرا وعبقرية .
مصريا عربيا مسلما ، ريفيا أصيلا وابن بلد قح.
إنه المثقف العربى ذائع الصيت والبحاثة الكبير صاحب (مفهوم النص )، هذه الدراسة الفذة ،
مجده الخالد ومصرعه الشاهد.
إنه الأستاذ الدكتور المغترب.. قهراً وقسرً عن مصره الوطن والأهل.
إنه نصرحامد أبوزيد ..ابن قحافة ميلاده ومقامه وإقامته .
بمدينة طنطا بلد العارف بالله السيد أحمد البدوى ، بمحافظة الغربية ، بمصر المحروسة .
لست أدرى من أين أبدأ?
أأبدأ من النهاية المفجعة أم من البداية المشرقة.
ليكن الحديث عن الشيخ نصر، ممتدا وموصولا،
بين حرية التفكير ودعوى التكفير ،
بين تحرير العقل وحد الردة ،
بين تجليات الظهور وغياهب الإختفاء.
استيقظت على صوت زوجتى وهى تقول لى الدكتور نصر على التليفون ،
قلت لها: الساعة كام ؟
قالت: الساعة 12
أهلا ياأستاذنا الجليل ..هذه ليلة القدر لسماع صوتك .
ودار الحديث عن المؤتمر الذى كنت أزمع عقده عن الدكتور النويهى لمرور 15سنة على وفاته وذلك بقاعة المؤتمرات الكبرى بمبنى المحافظة وتشترك فيه كل القيادات الثقافية وأساتذة الجامعات وعلى رأسهم د/حسن حنفى ،د/محمد خلف الله ،د/نصر حامد أبوزيد ،ود/حمدى السكوت والنخبة المثقفة من أقاليم مصر المحروسة .
كان الوقت ليلا يوم 15/3/1995 وكنت قد شاورته بشأن هذا التكريم والمهرجان الثقافى الكبير وموافقة الجهات المختصة على إقامته بصورة مشرفة وتحمل تكاليفه ومطبوعاته .
ولثقتى المفرطة فى الدكتور نصر ،فالحديث يدور بيننا فى كل شيىء ،وقد يمتد ساعات مثمرة وثرية .
كنت كثيرا وبعد عودتى ليلا من مكتبى ،أتصل به ليبدأ حوار لا ينتهى .
فمحكمة الجيزةالإبتدائية ولاية على النفس للمسلمين ، تنظر الدعوى المقامة ضده وزوجته الدكتورة إبتهال يونس الدعوى رقم 5991لسنة 1993شرعى كلى الدائرة 11وذلك بالتفريق بينهما، وتستطرد صحيفة الدعوى أن الدكتور /نصر وقد ارتد عن الإسلام طبقا لما قرره الفقهاء العدول، فإن زواجه من الدكتورة إبتهال يكون قد انفسخ بمجرد هذه الردة ،ويتعين لذلك التفرقة بينهما بأسرع وقت ،منعا لمنكر واقع ومشهود.
وبجلسة 27/1/1994 صدر الحكم بعدم قبول الدعوى.
لكن تم إستئنافها وقيدت برقم 287لسنة 111قضائية استئناف عالى القاهرة ،والدعوى تتداول أمام المحكمة .
دار الحديث عن ظروفها وحكم محكمة أول درجة ،وصحيفة الإستئناف ومدى تهرأ أسبابه وافتقادها المنطق والتماسك القانونى.
موقع الوراق
30/11/2006م
(15)
بعض أعمال الدكتور نصرحامد أبوزيد
بعض أعمال الدكتور نصرحامد أبوزيد
1-قضية المجاز فى القرآن عند المعتزلة .رسالة الماجستير جامة القاهرة كلية الآداب سنة 1976ونشرت تحت عنوان الإتجاه العقلى فى التفسير ،دار التنوير ببيروت سنة 1982
2-قلسفة التأويل ،دراسة فى تأويل القرآن عند محيى الدين بن عربى ،رسالة الدكتوراة ،جامعة القاهرة كلية الاداب ونشرت ببيروت دار التنوير سنة 1983
3-مفهوم النص ، دراسة فى علوم القرآن ، الهيئة المصرية للكتاب ، مصر سنة 1990
4-إشكاليات القراءة وآليات التأويل ،الهيئة العامة لقصورا لثقافة ،مصر سنة 1991
5-نقد الخطاب الدينى ، الطبعة الثانية 1994دار سينا للنشر ،مصر
6-الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية ،دارسينا للنشر 1992
7-التفكير فى زمن التكفير ،دارسينا للنشر 1995مصر
8-البوشيدو ، المكونات التقليدية للثقافة اليابانية ،ترجمة، دار سعاد الصباح مصر 1993
9-هكذا تكلم ابن عربى ،الهيئة المصريةالعامة للكتاب ،مصر 2002
10-دوائر الخوف وقضية المرأة،لم أستطع الحصول عليه .
دراسات أخرى كثيرة منشورة فى مجلة النهج تصدر فى سوريا ،وقضايا فكرية تصدر فى مصر ،ومجلة أدب ونقد تصدرعن حزب التجمع بمصر.
وهناك دراسة نقدية لمجمل أعمال الدكتور نصر ،للدكتور حسن حنفى ،مجلة الإجتهاد العدد23سنة 6 دار الإجتهاد ببيروت حوالى 90صفحة ونشرت فى سنة 1994
دارسة الدكتور نصر كما أكد فى مفهوم النص هذه الدراسة الفذة،وسببت المشاكل والنهاية المفجعة ..تؤكد على العقل فى فهم النص وطرح كل التفسيرات التى لصقت بالنص الأصلى وصارت مقدسة كالنص الأصلى،بمعنى آخر طرح سلطة النصوص ودراسة القرآن دراسة لغوية نصية بوصفه نصاً مقدساً ،له منبعه الإلهى ،وحركية النص فى المجتمع وتأثيره فى تشكيل ثقافة المجتمع .
الدكتور نصريؤمن بالمصدر الإلهى للقران ،وفى إحدى لقاءاتى معه سألته :
هل تعتقد بأن القرآن نص إلهى?
رد وبسرعة: إنه نص إلهى .
ومن الذين يؤمنون بعظمة الدين الإسلامى وتفوقه وعقلانيته وتفرده .
وصراعه مع العمائم والسلفيين كان الضربة القاصمة لمشروعه التحررى من سلطة التفاسير الرجعية والمكررة والمفروضة دون إتاحة تأويل جديد يتفق ومعطيات الثقافة المعاصرة .
وأؤكد بصفة شخصية ومن لقاءاتى به والحوارات المتعددة ..أن الدكتور نصر لو قدر له أن يستمر فى مشروعه التحررى وعقلنة النصوص وأن العقل فوق النقل وأن النص يظل مؤثراً مع حركية المجتمع وتطلعه إلى مثل جديدة وحضارة وتقدم.
كان صراعه يستند إلى كتاب الدكتور النويهى فى دراساته الخطيرة "نحو ثورة فى الفكر الدينى " والمتضمن إعادة النظر فى الكثير من القضايا واعتبار النص القرآنى نصاً فاعلاً وليس ثابتاً ،
مثال ذلك ، قضية الميراث وعدم الأخذ حاليا بنصفية الأنثى فى الميراث، لأن الواقع تجاوزه وأن المرأة ترث مثل الرجل ،وأيضا أن الإسلام دين الزوجة الواحدة ولاتعدد فى الإسلام إلا بشروط قاسية وأن الطلاق لايتم إلا على يد المحكمة ولايصبح حقاً مطلقاً للرجل ولابد من تقييده للظروف التى ألمت بالمجتمع.
و هناك دراسةغير منشورة كان الدكتور النويهى قد كتبها وقدمها إلى لجنة تشريعية ،فقد كان أحد أعضائها،بشأن قانون الأسرة وطالب بتغيير العديد من المواد المعمول بها، بل إلغاء القوانين السابقة وتقنين قوانين جديدة بعيدة عن الرجعية والسلفية وتحكم الفقه المالكى والشافعى والحنبلى والحنفى فى حياتنا .
ولابد من ثورة تشريعية ولايمكن الإرتكان فى حل مشاكلنا على تراث القدماء،إذ أنهم وبفقههم كانوا يقدمون حلولاً لمجتمعاتهم وليس لمجتمعاتنا ومشاكلنا ،لابد من الإجتهاد .
أما عن الردة المنسوبة للدكتور نصر ..خلص فى أنه يسب الصحابة الأطهار و الأئمة الصالحين وينادى بطرح تأويل جديد والخروج من سيطرة النصوص ،وأنه ينكر ألوهية المصدر القرآنى ،والدفاع عن الماركسية والعلمانية ونفى صفة الإلحاد عنهما ،الدفاع عن سليمان رشدى ،وإنكار مبدأ أن الله هو الخالق لكل شيىء وإنكار الغيب والعداوة الشديدة لنصوص القرآن والسنة .
30/11/2006م
موقع الوراق
عندما كتبت عن "ساعة الفجر الحزينة " بموقع الوراق ،وكان الشاعر السورى الكبير زهير ظاظا ،المشرف على الموقع ..
وبتاريخ 19/7/2010م
كتب قصيدته الفارقة فى ذكرى وفاة الدكتور نصر حامد أبوزيد
أنشرها مع هذا الملف ..وله منى كل تقدير واحترام.
جـلـسـت وحـيـدا أستعيد حياتي***وأنـظـر فـي أشـواكـها عثراتي
ودونـي قصاصات الجرائد حول ما***أثـيـر عـلـى نصر من الشبهاتأقـارن مـا بـيـن الرجال وفيهمو***رجـال إذا قـيـسـوا من الحشرات
ومـا قـال فـيـها نصر حامد ميتا***أحـق بـهـا حـيـا بـغـيـر قناة
أفتش في الصحف الصباح عسى أرى***رثــاء كـريـم أو نـعـيّ أبـاة
قـحـافـة طنطا طوحت بابنك العلا***فـهـل حـمل الجثمان في الطرقات
وهـل أنـت فيما قيل عنه مع العدا***لـحـفـنـة أوهـام ومـفـتريات
فـإن تـحـسـبيه صفحة قد طويتها***فـإن لـه فـي الـدهـر جيش حماة
وقـد حـفـظـتْ في قلبها وسجلّها***دمـشـق لـنـصر أجمل الصفحات
وهـم سـألـونـي أن ألـملمَ دمعهم***فـلـبـّيـتُ في نصرٍ وفي حرماتي
وبـيـنـي وبـيـن السائلين وقبره***وتـمـثـالـه مـسـتـنقع النكرات
ولـولا أذاهـم مـا نـعـمـنا بنبله***ولا طـولـت فـي رسـمه نظراتي
ومـن حـسـنات الجهل أنك عارف***بـمـا هـو عـادى أثمن الحسنات
وألـم ألـقـه إلا كـتـابـا وكـاتبا***ولـم أرو مـن آثـاره الـعـطرات
عـلـى قـبر نصرٍ كل مصرٍ حديقةٌ***وكـلُّ شـريـف صـادق العبرات
وبتاريخ 19/7/2010م
كتب قصيدته الفارقة فى ذكرى وفاة الدكتور نصر حامد أبوزيد
أنشرها مع هذا الملف ..وله منى كل تقدير واحترام.
جـلـسـت وحـيـدا أستعيد حياتي***وأنـظـر فـي أشـواكـها عثراتي
ودونـي قصاصات الجرائد حول ما***أثـيـر عـلـى نصر من الشبهاتأقـارن مـا بـيـن الرجال وفيهمو***رجـال إذا قـيـسـوا من الحشرات
ومـا قـال فـيـها نصر حامد ميتا***أحـق بـهـا حـيـا بـغـيـر قناة
أفتش في الصحف الصباح عسى أرى***رثــاء كـريـم أو نـعـيّ أبـاة
قـحـافـة طنطا طوحت بابنك العلا***فـهـل حـمل الجثمان في الطرقات
وهـل أنـت فيما قيل عنه مع العدا***لـحـفـنـة أوهـام ومـفـتريات
فـإن تـحـسـبيه صفحة قد طويتها***فـإن لـه فـي الـدهـر جيش حماة
وقـد حـفـظـتْ في قلبها وسجلّها***دمـشـق لـنـصر أجمل الصفحات
وهـم سـألـونـي أن ألـملمَ دمعهم***فـلـبـّيـتُ في نصرٍ وفي حرماتي
وبـيـنـي وبـيـن السائلين وقبره***وتـمـثـالـه مـسـتـنقع النكرات
ولـولا أذاهـم مـا نـعـمـنا بنبله***ولا طـولـت فـي رسـمه نظراتي
ومـن حـسـنات الجهل أنك عارف***بـمـا هـو عـادى أثمن الحسنات
وألـم ألـقـه إلا كـتـابـا وكـاتبا***ولـم أرو مـن آثـاره الـعـطرات
عـلـى قـبر نصرٍ كل مصرٍ حديقةٌ***وكـلُّ شـريـف صـادق العبرات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق