بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 فبراير 2015

سعاد حسنى



ذاكرة تأبى النسيان



فى بداية الصباالغض ،كنت أذهب إلى السينما وأدخل الترسو مع زملائى ، التذكرة بخمسة وثلاثين مليماً مصريا..
وهذا المبلغ  فى ستينيات القرن الماضى_ يُمثل ثروة ،إذ كان أجر العامل اليومى ستين مليماً أى مايعادل ستة قرش صاغ.
السينما بعيدة عن قريتنا بحوالى 3كيلو متر ،نمشيها أنا وزملائى، لنحضر حفلة من 6إلى 9مساءً.
ولن أنسى فيلم حسن ونعيمة ..هذا الفيلم الذى أبدعت  فيه سعاد حسنى ..همتُ بها وعشقتُ جمالها ..
وما من فيلم لها إلا وجمعت ثمن تذكرة الترسو.. لكى أشاهد فيلمها وأعود سيراً على الأقدام ،معجباً بها وبشقاوتها وخفة ظلها .
ولا أنسى.. فيلم زوجتى والكلب والقاهرة 30 والكرنك ورائعتها الخالدة "شفيقة ومتولى" والكثير من أفلامها التى شاهدتها وتأبى _الآن _ذاكرتى الخؤون ذكر أسمائها.

النويهى وقضية الشعر الجديد

ذاكرة تأبى النسيان
***
بضاعتى فقيرة ،وأحاول تقديمها ،فى الحقل الأدبى ،متهيّباً السقوط والزلل.
فمن أنا بين ملوك الكلام؟
فى بداية سن الإخضرار والوهج،كنت أهيم بشعراء الرومانسية وخاصة شعراء أبوللو.
ثم طالعت دواوين شعرائنا المحدثين ..والصراع بين الشعر العمودى والشعر الجديد (الشعر الحر)أو شعر التفعيلة .فقد كان الدكتور /محمد النويهى (هو ابن عم والدى ،وأعتبره عمى ) رحمنا الله وإياه وإياكم ،من الذين أخذوا بيدى إلى عوالم الثقافة والفكر والسياسة.
كان مدافعاً صلباً عن إبداع الشعر الجديد،صلاح عبدالصبور ومحمد إبراهيم أبو سنة وأحمد عبدالمعطى حجازى وآخرين وأخريات.. يضيق الحصر عن ذكرهم.
بل بعد وفاته فى سنة 1981 م ذهبت إلى منزله فى المعادى بالقاهرة ،وأخذت أبحث فى مكتبته الضخمة جداً ،فوجدت الكثير من كتب د/طه حسين ،مهداة إلى تلميذه النابغة /محمد النويهى وعليها بصمة خاتم ..طه حسين.
ومن ضمن ما استرعى انتباهى ديوان لصلاح عبدالصبور ، ربما أحلام الفارس القديم ،وبخط الدكتور النويهى ،على إحدى قصائده كلمة "الله "،كما نقولها.. إعجاباً وتقديراً، لعمل جميل.
المهم ..كانت كلمة الخوراج ..والتى أعنيها أى الخارجين عن الأنساق التقليدية فى الإبداع،فقد كان نقده ،فى ثقافة الناقد الأدبى ،ناراً حارقة لمدارس التقليد والتبعية لعصور تولت .
كان الدكتور النويهى.. من الرواد القلائل فى نقد المناهج الأدبية التقليدية والبحث عن مناهج جديدة فى النقد الأدبى ،بل أصبحت دراسته الفارقة عن نفسية أبى نواس ..من أول الأعمال النقدية فى تطبيق الدراسات النفسية المعاصرة ..على" أبو نواس" ثم أتبعه بكتابه عن "شخصية بشار بن برد."ودراسته "قضية الشعر الجديد.

قرأتُ أشعار مدرسة أبوللو ثم السياب ونازك وعبدالصبور وعبدالمعطى حجازى ،وهمّى الأول والأخير ،التحصيل والتكوين الفكرى والثقافى والسياسى.
حاولت التدقيق، فى كل قصيدة ،باحثاً عن مفردة جديدة أو استلهام لموروث ثقافى أودينى ،سواء أكان شرقياً أو غربياً .
أعجبنى جداً محمود درويش وأمل دنقل و"أبوسنة"وعبدالصبور والسياب ونازك ونزار صاحب اللغة الجريئة والصور الشعرية الرائعة والرائدة .
لا أنسى ديوانه "طفولة نهد" ،هذا الديوان الذى شغل الناس والنقاد ،طويلاً .

سقطة لاتغتفر




بصراحة أجد نفسى مُبدعاً فى نقدى للنصوص الأدبية،وأقرأ مايقع تحت عينى من نصوص مرةً بعد المرة ،حتى تتشبع روحى ثم أجد قلمى يحثنى على الكتابة.فأجد ما أكتبه إبداعاً يجاور النص الأدبى المنقود.
هناك نقاد أفذاذ للأدب، قرأت لهم ،كنت أجرى وراء أعمال د.طه حسين ثم د.محمد النويهى ود.شكرى عياد ود.عبدالقادر القط وآخرين.
كنت أجد لدى هؤلاء ثقافةً راقية وتحليلاً نقدياً متعمقاًوإضاءات فكرية للعمل الأدبى ،تحثنى على القراءة والمتابعة.
د.محمد النويهى وكما أزعم ،أول من نادى بالنقد الثقافى للعمل الأدبى فى كتابه العمدة( ثقافة الناقد الأدبى ). كان أبلغ وأقسى وأعمق رد على المدرسة التقليدية فى نقد الأدب.
النقد الأدبى المعاصر وكما أزعم ،تاه فى التنظيرات والمبهمات والجداول والمثلثات والدوائر ،فبقدر حرصى على قراءة كتب نقاد الأدب ،بقدر حرصى على شراء مجلة فصول الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب،إلا أن بعض دراساتها المأدلجة ،أقف حيالها عاجزاً عن فهمها والتعاطف معها.
نقاد الأدب اليوم ،وكما تعكرت حياتنا واضطربت أحوالنا وتاهت معالمنا ،تاهوا وانسحبوا من المواجهة الحقيقية إلى الصمت أو المجاملة ،ولن أنسى ما حييت دراسة د.حسن حنفى عن رواية لإذاعية مشهورة ،نشرتها مجلة القاهرة فى تسعينيات القرن الماضى ،فقد كانت سقطة  لاتغتفر لرجل أقدره وأجله.

فى حضرة الموت



لا أملك إلا الخشوع والخضوع والرضى ولا أنسى قول الله جلّ وعلا لرسوله الكريم "إنك ميت وإنهم ميتون "سورة الزمر ، فالموت على رقاب العباد دائر.
وكم كنت حزيناً لا لموت أمى ولكن لفراقها الذى يطول
"فكل ذى أوبة يؤوب وغائب الموت لايؤوب"
سنوات الطفولة والشباب والمشيب عشتها لا أفارقها ولا أبتعد عنها ..مرتبط بها إرتباط الروح بالجسد .. أراها شامخة لاتنحنى ولاتنكسر أمام ويلات الحياة ، عزيزة بنفسها ،قوية بإيمانها ،مرهوبة الجانب ،باسمة الوجه ،عفيفة اللفظ ،سخية اليد ،طاهرة القلب ،نقية السريرة .
تأثيرها فى تكوين شخصيتى، عبر سنى عمرى، لها النصيب الأوفر والأعمق ، تعلمت منها ما أعاننى على سلوك الطريق المستقيم والكفاح المستمر ومقاومة العجز والرتوب والإنغماس فى تحصيل العلوم والفنون وتحكيم العقل وهدوء الأعصاب ومقارعة الحجة بالحجة وطهارة اليدوالقلب واللسان..
لقد فقدت صديقةً غاليةً ومربيةً أريبةً ومعلمةً قديرةً وعقلاً واعياً وقلباً ،يسع الكون ومن فيه ومافيه، وحكمةً وموعظةً حسنةً لا تضيع فى خضم الأحداث .
29/7/2012

الأحد، 8 فبراير 2015

صفصافة الروح

هى صفصافة الروح ،
خضراء ما جفت أوراقها يوماً.
سلوا التاريخ 
عن صفصافة أثمرت فى القلب 
"...حبّاً *وعنباً وقضباً* وزيتوناً ونخلاً* وحدائق غُلباً *وفاكهةً وأبّاً"
سلوا التاريخ 
عن صفصافة خضراء ،
لم تزل وستبقى بضفائرها السخية .
لم تنحن للريح السموم من الجنوب أو الشمال . 
هى سماءٌ لايطالها ظمأ العابرين 
ولاشهوة مسلولة.
هى الخلود 
رغم الحروب والمكائد والمشانق... والسدود
صفصافة الروح ذات الضفائر 
خضراء ..خضراء ..خضراء

الجبلاوى..نبوءة عن زمن قادم

نشرت بملتقى الأدباء والمبدعين العرب فى 25/2/2012م


منذ كتب نجيب محفوظ رائعته أولاد حارتنا وما ثار حولها من أقاويل وجدل وجدال ورفض وقبول ومدح وذم إلا أن الجبلاوى وأولاده صاروا رموزاً حية فى ضمائرنا، مهما تعاقبت الأيام والسنون .

فجبلاوى ،محفوظ، جبار فى البيت والجميع حياله لاشيء وأختار أدهم كى يدير الوقف رغم رفض باقى الإخوة ، وهو العادل ويراعى مصلحة الجميع حتى وإن بدت قاسية "هذه إرادتى وماعليك إلا السمع والطاعة ".

وتأتى سباعية ربيع عقب الباب كى تعيد قراءة هذه الدرة فى الألفية الثالثة وتلقى بظلال جديدة مغايرة ،لما استقر فى وجداننا حين طالعنا أولاد حارتنا .

لكن هذه أسرة طيبة جداً ..!
                                "لا يهم أن كان نصفها مرضى نفسيين
                                          يعانون من كوابيس
                               يصرخون في منتصف العناء على أشباح
                                     لا شك أنهم ممتلئون ومشحونون
                                         في عيادات باهظة الوجع !"


يصنع فيها الأب مايشاء دون معارضة أو ممانعة ..وبدلاً من أن يقوم "الرجل الغليظ مفتول الساعدين" بقتل جبلاوى "ربيع عقب الباب" ،نجد أن أحد الأبناء وهو الذى لاقى منه الأمرين ، يتصدى له ويهشم رأسه ..ويقوم جبلاوى "الأب" بتسليم ابنه المدافع عنه إلى الشرطة كى ينال عقابه ..

فالجبلاوى/الأب /القهر/ السيطرة /الهيمنة/العبودية لن يموت وسيظل مهيمناً على مقاليد الأمور ،حتى وإن ضحى بجميع أبنائه .

ويكفى تدليلاً على ذلك الفقرة الأولى والسابعة" وكأن البداية والنهاية دائرة محكمة الإغلاق على حياتنا وأرواحنا ومصائرنا، وكأن الزمن واقف لايريم ولايتحرك ، وكأن الحاضر الآنى هو الماضى التعيس" وماتشير إليه من ظلام سيأتى وسواد يسيطر على كل شىء والبحث عن حضن دافىء وحلم مستحيل التحقيق بألا تشح السنابل أو تتلف الكرمةأوتجف مياه النيل .

أهى نبوءة عن زمن قادم أم زمن نعيش فيه ويعيش فينا؟؟؟!! 


رائع هذا الظلام
ثقيل الثياب
لكن سوادها يجعلني أرتخي أكثر
أبحث عن جلباب أبي لأنام مستدفئا
لا أخاف شح السنابل
تلف الكرمة
أو جفاف النيل

______________________

أسرة طيبة جدا ..! / ربيع عبد الرحمن

رائع هذا الظلام
ثقيل الثياب
لكن سوادها يجعلني أرتخي أكثر
أبحث عن جلباب أبي لأنام مستدفئا
لا أخاف شح السنابل
تلف الكرمة
أو جفاف النيل
لا يهم أن لطمني أمام أم الأولاد
أو حتى صغاري
ونعتني بلفظة امرأة حين استبد برأيه
ألا يرى كم أنا محب
وحضاريّ
حين أناقش امرأتي في أمر تربية الأولاد
لا يهم أن يكون لي رأى
أو ربطني مع بهائمه في زريبة منعزلة
من أجل أن يربي الأولاد و الأعمام و الأخوة
و الزوجات كما يحب
فنحن أسرة طيبة

يشهد الله كم هو عادل إلى أقصى حد
لا يهم أن أعطى أحد الأخوة بلا حساب
فهو حنون يضنيه البكاء
بينما لم يقدم لآخر أي شيء
بل عنفه و صده و لطمه على مؤخرته
و قفاه !
لا يهم
فنحن أسرة طيبة

لا يهم أن كان نصفها مرضى نفسيين
يعانون من كوابيس
يصرخون في منتصف العناء على أشباح
لا شك أنهم ممتلئون ومشحونون
في عيادات باهظة الوجع !
لا يهم كل هذا
فأنا لا أخاف شح السنابل
تلف الكرمة
أو جفاف النيل
فبأى حق أزأر أو أتذمر
إلا أن أكون معدوم الأصل و الفصل !!
نحن أسرة طيبة
إلى أقصى حدود الله
نعرف ما لنا و ما علينا
والفضل عائد لرب أسرتنا
فهو برغم حكمته
وصبره الطويل
قد ينسى حين أتكلم دون إذنه
لغة الكلام
فيضربني من غيظه بفأس طالها
أو يطاردني في الغيطان
لا أنسى أبدا
يوم لطمني أمام أم الأولاد
و الأخوة من حولنا يرتجفون
لا يهم أن أحست زوجتي بالإهانة
فتقدمتني
كأنها تزود عني
فما كان منه إلا أن التقط ( صفيحة كبيرة )
و نزل بها على أم رأسها
لا تهم خيوط الدم
تروى الأرض تحت أقدامنا
و لا الخمس عشرة غرزة
و عاهة تلازمها حتى الممات
لا يهم كل هذا
فنحن أسرة طيبة
لا تخاف شح السنابل
تلف الكرمة
أو جفاف النيل
فبأى حق نزأر أو نتذمر !

لكن الذي همّني
تخلي الأخوة و الأعمام
حين اصطدم بهذا الرجل الغليظ
المفتول الساعدين
بأحد أجران القمح
أرداه غارقا في دمه
و هم عاقدون سواعدهم
يشهدون
أو كأنهم ينتظرون لمن تكون الغلبة
وهم في حيرة من أمرهم
فأسرعت إلي قضيب حديدي قريب
و أفلحت في تفتيت رأس الرجل
بل هاجمت الأعمام و الأخوة
لم يمنعني عنهم إلا هو
فتركت القضيب يهوي إلي الأرض
ألقيت بنفسي في أحضانه صارخا
ليحملني بعد ذلك
إلي قسم الشرطة كي أنال عقوبتي

رائع هذا الظلام
ثقيل الثياب
لكن سوادها يجعلني أرتخي أكثر
أبحث عن جلباب أبي لأنام مستدفئا
لا أخاف شح السنابل
تلف الكرمة
أو جفاف النيل !

شكاوى المصرى غير الفصيح



(1)

""هذا الكتاب مثال للفصاحة ،فتعابيره غاية فى الرشاقة والبلاغة ؛وموضوعه هو أن شخصا فصيحا ألقى تسع خطب فى ثوب شكاو من أبدع وأروع ما قيل بسبب حادث ظلم وقع له.ومحور هذه الخطب مدح العدل وذم دناءة الموظفين ،ولكن التعابير التى كانت تتدفق من فم الخطيب جعلتنا نكاد ننسى الغرض التى قيلت من أجله......................
...........................................

شكاوى الفلاح الفصيح وقعت أحداث هذه القصة فى عهد الملك نب كا ورع أحد ملوك هراكليو بوليس (أهناس المدينة الحالية )ويحمل لقب خيتى وقد حكم البلاد فى نهاية الألف الثالثة قبل الميلاد وتتلخص القصة فى أن فلاحاً من مقاطعة الفيوم من إقليم وادى النطرون كان يسكن ببلدة تسمى حقل النطرون .واتفق أن هذا الفلاح وجد مخازن غلاله تكاد تكون خاوية ،فحمل حميره محصولات قريته واتجه نحو أهناس طلبا للمبادلة . وقد كان عليه أن يمر فى طريقه إلى العاصمة بمنزل تحوتى نخت أحد موظفى رنزى الذى كان المدير العظيم لبيت الملك.وقد راقت الحمير فى عين تحوتى نخت فدبر حيلة للإستيلاء عليها عنوة هو وأتباعه،فاتخذ من أكل أحد الحمير بضع سيقان من القمح، سببا فى ضرب الفلاح ضربا مبرحا واغتصاب حميره وقد مكث بباب تحوتى نخت أربعة أيام يرجو فيها إرجاع حميره ولكن بدون جدوى .ولما علم الفلاح بشهرة عدالة رنزى المدير العظيم لبيت الملك ولىّ شطر المدينة ليشكو إليه ما حاق به ؛ولحسن حظ الفلاح صادف المدير العظيم لبيت الملك وهو يتأهب لركوب قاربه فأخذ يقص عليه ما أصابه بلغة فصيحة مما استرعى سمعه فأرسل أحد خدمه ليسمع قصة الفلاح ،ولما عاد وأخبر رنزى بسرقة تحوتى للحمير.............."
د.سليم حسن. موسوعة مصر القديمة .الجزء الثانى ص 436وما بعدها. طبعة سنة 2000م مكتبة الأسرة

(2)

المصرى فى عصور الفراعين الظالمين!!!! لايأبه أن يطالب بحقوقه ما وجد إلى ذلك من سبيل ،كان بليغا وحصيفا وفصيحا ،يمتلك الثقافة وناصية اللغة وسداد الرأى وقوة الحرص على إقامة العدل ومقاومة الظلم ،فالموظفون وأكثر من خمسة آلاف سنة، هم.. هم.. يستشرى فيهم الفساد إستشراء النار فى الحطب والدم فى العروق .
***********

الزمن واقف ..لاحراك ولاحركة والمشاكل كماهى، فلاجديد ،والشكاوى لاتنفد والظلم قائم على قدم وساق.

ما أشبه الليلة بالبارحة!!!أقصد من خمسة آلاف سنة !!!
*****************

كان الأجداد_ فى عصر القهر والظلم والفراعين الآلهة التى تملك وتحكم وتسيطر وتهيمن _أصحاء العقل ، ثاقبى النظرة، فصحاء اللغة ،حازمين فى مطالبهم ،عاقدين العزم على الوصول إلى مبتغاهم ،لايقبلون ظلماً ولايرضحون لقهر ولايستمرأون العذاب والذل والضيم.

كان الأجداد رغم ما يشيعه المغرضون من انحطاط ووثنية وتخلف لعصور زاهرة ، يمتلكون النبل والقيم الرفيعة والثقافة وحضارة مشرقة خالدة ،يفنى الزمان ولاتفنى ولاتبيد.
كان الأجداد أسوياء النفس والعقل ،يعرفون مالهم وماعليهم ،حاسمين فى قراراتهم ،جادين فى سعيهم .

(3)

لامبو ..المصرى المعاصر ..هذا الذى صار وصمة عار فوق جبين حضارة خالدة ،اعتوره المرض ونخر فيه الخراب وتحطمت نفسيته وتشتت أفكاره وساءت لغته وانحطت ثقافته وانكسرت إرادته .

لامبو ..المصرى المعاصر ..صناعة الحرية والديمقراطية والعلم والإيمان والطهارة والشفافية والثورية والشورى واللهاث الدينى السطحى ...متهافت الرأى ،واهن الإرادة ،عليل العقل،يعانى شتى الأمراض النفسية والعقد المرضية ،أين أنتم ياعلماء النفس و الصحة النفسية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

لامبو المصرى ..أصابه المرض المزمن الذى لابرء منه ،الوسواس القهرى.
هذا المرض التى يصيب الشخصية باضطرابات نفسية لاشفاء منها ،هونتيجة حتمية للقلق المزمن التى يعيشه الشخص ،فلا أمن ولا آمان ،ولاحاضر ولامستقبل ،ولا راحة ولا طمأنينة ،ولاثقة ولا هدوء، إنها كآبات لاتعد ولاتحصى .

عبر سنوات عجاف ...تم تصنيع شخصية مصرية مريضة ،أصابها وابل الأمراض الفتاكة .
عبر سنوات عجاف ..انهزمت الشخصية المصرية الأصيلةوتحولت إلى شخصيةهلامية مضطربة هشة مترددة خانعة منكسرة .
عبر سنوات عجاف ...........كانت الحرب والاحتراب والفتنة الطائفية وجماعات العنف المسلح والتسلط الدينى والفقرالمدقع والجهل والمرض والقهرالسياسى والفكرى والدينى والتخلف ،جميعهم وقود الجحيم الذى اصطلى فيه المصرى لامبو وأمثاله. 
كان النتاج .. شخصية عاجزة ..شخصية مترددة ..شخصية مقهورة ..شخصية كئيبة مكتئبة..شخصية معذبة لنفسها ولغيرها.
ويقول علماء النفس ..أن سمات أصحاب الوسواس القهرى ..التردد وعدم القدرة على الحسم وصعوبة اتخاذ القرارات اليومية والشك والتأمل المزعج فى أحداث الحياة اليومية.
الإحساس الطاغى بالمسؤلية ويقصد بها أن هذه الشخصية تستشعر بمسؤليتها عن أمور ليس فى مقدورها أن تكون مسؤولة عنها، وربما كان هذا الإحساس ناجما عن الذنب التى يجتاحها ويسيطر عليها.

لامبو المصرى فى عهد الثورة والديمقراطية والصحوة الكبرىواليقظة الدينية ،تشوهت قيّمه ونفسيته وتسلط عليه الذنب القهار، فلم يعد قادراً على الفعل الإيجابى ،صار شخصية منشغلة ليل نهار بالحرص على النظافة وطهارة الثوب والترتيب والدقة ،شاعراً شعوراً ناقصاً بعدم اكتماله ، لايمل التكرار والمراجعة، عاجزاً ومشلولاً عن الحركة فى أى اتجاه .. حتى ولو كان فى الاتجاه الخاطىء !!!

(4) 

لامبو .........وعريضته العجيبة .. .حصاد سنوات غابرة وأحداث دامية وواقع مزرى .

متى يستطيع لامبو كتابة عريضته "العجيبة" ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

سؤال قد تجيب عنه السنون القادمة !!

نشرت بملتقى الأدباء والمبدعين العرب ..فى 13/9/2008م
____________________
لامبو .. وعريضته العبقرية !!!
ربيع عقب الباب


لم يكن " لامبو " قد وصل إلى قرار ، في أمر كتابة عريضته ، إلى السيد مدير مباحث أمن الدولة ، حين كان ما يزال يبحث ، عن طريقة مبتكرة ، لجعل الأمر يبدو وكأنه غير عادى ؛ رغم عاديته ، فكلما لامس ورقة ، وقربها من أنفه الضخم ، أسقطها فورا .. وهو يتأفف ، ويسرع صوب الحمام .. حيث يظل لساعة أو ربما أكثر من ساعتين ، فقط ليخلص يديه مما علق بها ، من هذه الورقة التعسة .. ثم ينسحب ، وهو يفرك عينيه ؛ و قد نسى تماما ، لم ظل بالحمام كل هذا الوقت ؟!!
ربما كان رأسه الأصلع يتفنن في صياغة ما ، تكون قادرة على جذب الانتباه ، وسرقة تعاطفهم معه ، ومع قضيته ، التي أصبحت ولله الحمد ، قضية ما يقرب من خمسين شخصا بل عائلة في مدينته الصغيرة .. كلهم كان يود بالفعل ، لو تمكن من حل الأزمة ، خاصة بعد تفننه في تزكية وإرساء قواعد لها، حتى غدت قضية عامة ، وواجبة .. بل فرض واجب على كل مسلم و مسلمة ، و مسيحي ومسيحية ، شيوعي ، و شيعي ، درزي ، أو ناصري.. وعلى الجميع أن يسارعوا فورا .. ودون إبطاء ، في إثبات حسن نواياهم .. من عدمه ، و ابتكار الطريف من الخطط ، و ليس هذا فقط ، بل التحرك الإيجابي لصالح هذا المستهدف من قبل قوى خارجية ؛ و إلا استهدفوا هم ، وكانوا عرضة لمداهماته التي تأتى مع مواعيد نومهم ، و ربما فجرا على أقل تقدير ، مما يضطرهم لإخلاء الحمامات فورا .. وعقب عبوره بالعناق مرة أو المصافحة مرات ،و إخلاء رؤوسهم من أي رغاء ، أو كلام فارغ يشغلونها به ؛ حتى لو كان التفكير في خبز الوجبة المقبلة !!!
و أخيرا قر قراره ، بعد معاناة رهيبة ، على اقتناء ورقة بردى ، كلف أحد أصدقائه بشحنها من العاصمة ، بعد أن أكد عليه بعدم ملامستها ، بل إرغام البائع الموسكى طبعا - نسبة إلى سوق الموسكى الشهير -على عدم الاقتراب منها ، مهما كان الأمر . و تنهد أخيرا بارتياح ، وهو يفكر في المرحلة التالية ، و كأنه بالفعل كتب ما يطمح ، و ما عليه إلا حملها داخل قرطاس ، و اقتحام المبنى الشهير ، و عدم الاهتمام ، ولو بالنظر فى وجوه من يعترضون طريقه ، حتى لو كان أعتى مباحثيه ؛ ليقف أخيرا بين يدي الرئيس ، الذى سوف يتخلى عن مقعده ، وربما عن وقاره ، حين يرى ورقة البردي بين يديه .. وهنا سطت على عقله فكرة أكثر حساسية ، ألا وهى كيفية التخلص من صلعته التي على ما يبدو سوف تجرده من أي احترام ينشده أمام الرجل ، وعليه فورا الوصول إلى حيلة ما؛ لتناسب الموقف الجلل ، و يعتدل الكون أمام ناظريه ، فلا يصح أن يحمل ورقة البردي شخص أصلع ، وقد تناسى تماما كهنة آمون ، وكيف كانوا يحلقون رؤوسهم على الزيرو . و بالفعل كان يخوض فى سيرة أجداده العظام .. وغير العظام ، و ما كانوا يثبتون على رؤوسهم من قلانيس ، أو أغطية مختلفة ، مرورا بمينا موحد القطرين ، و انتهاء بسادى مفرق القطرين . رأى صورا عجيبة و رهيبة في ذات الوقت ، بداية من تاج حتشبسوت، و مرورا .. بالشال ، و العمامة ، و الكاب الميرى ، والخوذة البيزنطية ، و البورية ، و الغطاء النابليوني ، وبرنيطة تشرشل ، وحيزبون ايزنهاور ، و عفريتة روتشليد فى مؤتمر بال الشهير، وهدية هرقل لأمرؤ القيس ، و التي أودت بحياته عقب لبسها ، مع أنه لم يكن يشكو الصلع ، حتى استقر على أن أنسب ما يلائم ورقة البردي تاج الملكة نفرتارى - زوج أحمس وأخته - الذي تطل الحية منه إلى جوار زهرة اللوتس التي تشبه قمع الجاز ؛ فربما كانت مادة تخويف ، ورهبة تنال من الرئيس . وعند هذا الحد انتهى من حسم هذه النقطة ، فأسرع صوب حمام مسجد أبى القاسم الذي كان يختلج بالمصلين ، الذين لم يتركوه يهنأ بغسل يديه كما يجب ، وكأن يديه من كانتا في رحلة البحث عن قرار في الأمر ، و عليه بدا الانتظار صعبا ومرعبا ، فغادر المسجد على وجه الريح ، و اندفع بكل قوة صوب مسكنه المسكين ، و قد شمر بنطاله حتى الركبة ، فبدت رجلاه متنافرتين تماما ، و ظهر على الملأ السبب الرئيسي في عرجه الدائم ، والذي كان نتيجة إصابته بشلل أطفال ، أتى على واحدة دون أخرى ، و بسببه سب أمه مليون مرة ، حتى بعد رحيلها إلى العالم السفلى !!!!
عبر باب الحمام مع آذان العشاء ، و لم يخرج منه إلا مع آذان الفجر ، وكل ما فعله ، و الله شهيد وكيل ، غسل يديه إلى الرسخين ، وربما طوح على وجهه بكبشة ماء فى آخر الأمر ، و كح كحة واحدة ، واستلقى على الأريكة منهارا ، وقد أصيب بالشلل التام !

كانت لحظة وصول الورقة لحظة عبقرية ، يؤرخ لها ، فقامت الدنيا و لم تقعد ثانية ، حتى أنه اضطر إلى معاداة كل من سولت له نفسه الاقتراب من الورقة ، أو محاولة النظر إليها . التف حوله الكثير من الأقارب و الأصدقاء ، لمشاهدة هذا الحدث العبقري ، و الجميع يتكتم ضحكة أو صرخة ،أو بسمة استهزاء ، و كأنهم أمام ملك رهيب يخشى غضبه أو مجرد التلويح به . هذا كله لم يمنع أحد المشاكسين من الضراط بلسانه و شفتيه ، وهو يسرع بشكل متعمد لإزالة أي سوء فهم :" لم تكتب شيئا إلى الآن .. نعم .. أنت لم تكتب شيئا ".
و تداخل فى بعضه ، وهو ينهره ، رافعا رجله المشلولة ، مع ذراعه ، و طرح رقبته للخلف :" يا أخي .. انتظر .. لم العجلة .. يا أخي ". وهو يجز على كلمة يا أخي بشكل مؤلم ؛ فتوقف العالم تماما عن التنفس ، ربما مبالغة منهم ، وربما بالفعل عن خوف حقيقي من عصبيته ، و إشفاقا عليه . بعد كثير وقت اكتشف أمرا أعاقه . أولا أنه اضطر لمصافحة كل هذا الجمع ، وهذا في حد ذاته ، يستلزم زيارة الحمام لبعض الوقت ، و الأمر الآخر ، بأي شيء يكتب ؟!!!!!
القلم لن يصلح لورقة البردي الفرعونية ، و الريشة أيضا لن تصلح بأية حال ، و عليه أن يسرع بجلب بعض أوراق الحلفا المعترف بها ، لمثل هذا النوع من الشكاوى ؛ ليستقيم الأمر ، و تنتهي المسألة . وحين كاشفهم بما يجرى في رأسه الأصلع ، كانوا ينهالون عليه ضربا ، بالأيدي والأرجل ، والنعال ، و الألسنة التي كانت تعزف لحنا ضراطيا غير مسبوق . و انصرف الحشد ، بينما حط باكيا و بحرقة ، ليس من ألم الضرب أو السخرية التي منه نالت ، و لكن لأنهم لم يشهدوا بعد كيف يتحدث إلى رئيس مباحث أمن الدولة . جرت دموعه بحرا مملحا . حين كان يحاول مسح عينيه .. توقفت كفه ، بلها تجمدت ؛ فقد تذكر أن عليه عمل زيارة سريعة للحمام أولا ؛ حتى يمكن من إزالة ، ومحو دموعه التي بات يشك في تلوثها !!!!

عيني عينك !! / ربيع عقب الباب


كانت رائحة نفاذة تزكم الأنوف ،
تأتي من توكتوك يعانق طوار الطريق ،
بينما كان صاحبه يفترش بجواره الأرض ،
ويعرض بضاعته - التى تشبه أوراق الملوخية - فى جسارة ،
ثم يلتقط مطواته المرشوقة لاعبا بها كحاوٍ
: " تعالوا علىّ .. من قال هات ".

______________

سبعة وثلاثون كلمة 

من مآثرالثورات عبر التاريخ فضح المستور والذى ظل زمناً يتوراى بين الشقوق .

ربما كان صاحب التوتوك هو من يسعى لهدم بنيان أفراد ساروافى طريق الضلال،واستهوتهم شياطين الإنس . هم قلة منحرفة باعوا ضمائرهم ففقدوا إنسانيتهم ،وساعدهم على غيهم سلطة غشيمة ترى أن الصلاح للأمة هو غيبوبة الشعب ،فلايمكن لسكران أو مسطول أو تائه أن يعرف حقوقه وماله وماعليه.


خلال سنوات طويلة ..أصبحت المخدرات بكافة أنواعها غذاءاً شعبياً له محبوه وموزعوه يتقاتلون ليل نهار للعمل على نشره بين شباب الأمة،ولم تكن السلطات الأمنية جادة فى القضاء عليه ،فانتشرت انتشار النار فى الهشيم ،فهى مشغولة فى تتبع عورات الناس وحماية النظام من أصحاب العقول الذي كانوا بمنأى عن وسائل تدميرالعقل.

ومن مآثر الثورات أن نرى الآن كم الفضائح والسرقات والنهب المستتر لأموال الشعب من أعمدة النظام الذي كانوا أكثر بشاعة وشراسة فى تدمير أمة بأكملها .

ومن مآثر الثورات أن نشاهد العقيد القذافى وهو يُلقى بياناته الثورية وهو راكب التوتوك وبيده شمسية .


ومن مآثر أديبنا القدير ربيع عقب الباب أن يختصر ،لنا، فساد سنوات طويلة .. فى قصة قصيرة من سبعة وثلاثين كلمة.

_____________
نشرت بملتقى الأدباء والمبدعين العرب..فى 8/4/2011م 

عبث النويهى

 تشريفة..ربيع عقب الباب

الجرذان المشقوقة الصدور في الكابوس ..
تلك التى أطارت النوم من عينيي ..
كانت نفس الجرذان التي هاجمت الحارة ..
صباح اليوم ؛
بحثا عن المواطن الذي تجاسر أمام تشريفة ..
السيد الوزير ، و ألقى بأولاده عرايا .. وبلا ورقة توت !
و المدهش في الأمر أنهم حين عادوا به .. كان عاريا ..
وبين أسنانه أحد أولاده !!

_______________________

عبث النويهى
*******
(1)
الفقر والقهر يسحقان الشخصية الربيعية ،فالفقر له تجليات مباشرة مختلفة قاصمة للشخصية ،فليس الفقر المادى هو المشكلة وإنما ما يستتبعه من فقر روحى وانحطاط إنسانى وقمع قاهر لكل قدرات ومهارات الإنسان التى يصبو إلى تحقيقها ،فيحيله فى نهاية المطاف إلى كتلة بشرية متوحشة قادرة على افتراس نفسها وذويها .
فالواقع الآنى، هذا الإخطبوط متعدد الأذرع والعاصر لمواطنيه بقسوة وعنف وسحق ومحق وإذلال وقهر ،يصنع وحوشاً تأكل نفسها وذويها ولا تقترب من عروشه المتعالية الحصينة بالفساد والمفسدين .

(2)
اللجنة ..لصنع الله إبراهيم ،الروائى الكبير ...صاحب تلك الرائحة وبيروت بيروت ونجمة أغسطس وذات والتلصص وأمريكانللى وأخيراً العمامة والقبعة .
كانت اللجنة من الأعمال المتفردة باستشراف مستقبل، يأكل الإنسان فيه نفسه .
هذه اللجنة الإخطبوطية التى تحاكم وتأمر وتقهر وتذل وتهيمن على مقاليد الحياة .
كان استشرافاً لواقع ساحق ماحق، لمواطن شريف يسعى من أقصى المدينة يبحث عن العدل والحق .

(3)
الطاعون.. هذا العمل الرائد، للفرنسى /ألبير كامو ،والجرذان التى سيطرت على المدينة ،إنهم طاعون اللحظة التى يقضى على الأخضر واليابس.
إنهم يتناسلون بصورة سرطانية لايمكن إيقافها ،إنهم ينتشرون فى كل مناحى الحياة ويٌخربون الوجود ،بل يسطوون على أحلام الناس وعقولهم .

(4)
الشخصية الربيعية ،أذهلها الفقر والمرض والقهر ،فقدت أبسط مبادىء التعامل الإنسانى ،فقدت عقلها ،فقدت وجودها ،فقدت قيمها وحضارتها ،فقدت كل شىء ،عادوا عراة ..الإنسان الأول بكل مباذله وتصوراته وأفعاله وتوحشه وعنفه ،فلم يعد يملك سوى جسد عار و أسنان تفترس ودماء تسيل .
سلطة متسلطة مسيطرة قاهرة لاهم لها سوى أمنها وبهرجها وزركشتها وقدرتها على العصر والعنف والعقاب .


(5)
تشريفة ..اسم مراوغ يضعه القاص عنوانا لعمله الفارق ،فالتشريفة هو حلول شخصية مرموقة لقرية أو نجع أو مدينة ،يحوطها العسس والجرذان من كل جانب ،ويدافعون عنها بالحديد والنار إذا تطلب الأمر .
تشريفة ..اسم على مسمى ..فهاهوالشخصية المرموقة ، الإنسان العارى من كل شىء وأى شىء، يطل علينا ..إنه يُشرّف حياتنا ..إننا نراه ونسمعه ونمعن النظر فيه .
إنه التشريفة ...التى صنعها الواقع الآنى بكل حماقاته ومهازله وهيمنته وجهله وعنفه وتسلطه وقمعه لكل رأى ،وحجره على كل فكر ،والتصفية الجسدية لمن تسول له نفسه على التذمر. 

شال الحمام

شال اليمام 
حط اليمام 
ليل الظلم حطمنى 
وبعثرنى 
أشلاءاً وأشلاءا



سعيت فى أرض الله 
أبحث عن يمامة روحى
طال السفر 
ولم أنثن 
ولم أنحن
ولم تنكسر همتى 



ذات صباح
حملتنى الريح 
شاهدت سماءاً وردية 
وأرضاً خضراء 
وشعوباً حرة 


شال اليمام 
حط اليمام 

أوديب الصرى..قراءة ثقافية

طفل !! ربيع عقب الباب

طفل
مارد احتل المدينة فى الربيع الماضي ..
لم يغادر بعد ،
و لم يزل يقف على بواباتها ،
ويلوح بقوة ساعده ،
وهو يقهقه : ثلاث إجابات أريد ..
من يستطع حل لغزها ، قهرني وحرر المدينة ".
الغريب أنه فوجىء اليوم بطفل يدنو منه ،
وهو يتمتم :" أنا عندي حل لغزك .. فهل تضمن لي ،
أن تكون صادقا ، و تبتعد عن هنا ؟!".
ولم ينتظر إجابة المارد ، واقترب من كعبه ،
فأبصر غطاء كأنه للعبة ،
جذبه ، فأطاعه .. وهنا أبصر كتلة من الأسلاك ..
بنفس البراءة كان يجذبها ، و يبذل مجهودا فى
سحبها بقوة .. وهنا أحدث تمزيقا لها ، فأصدرت فرقعة ،
وخطوط ضوء وامضة ، وتناثرت كتل نار .. فهلل الطفل ،
وابتعد مدبدبا؛ بينما كان المارد يتساقط ..
رويدا .. رويدا !!
_________________________________________

أوديب الصرى..قراءة ثقافية

أوديب المصرى.

قراءة ثقافية 

بين رغبة التعبير وشهوة النقد ومتعة القراءة ..أجدنى مسوقاً إلى حتفى بكامل إرادتى .
الحتف هو المهالك التى تصيب المرء وتنال منه، ولامناص من معاندة الرغبة والإنسياق والتماهى مع النص المقروء.

وها أنا أعود بعد حين من الوقت الطويل ،كنتُ فيه أنأى بسطورى عن الكتابة عن "ربيع عقب الباب" ،رغم قراءاتى لكل مايكتبه فى ملتقانا ،ملتمساً من نفسى ،البعد عن مناطق الزلل ومواطن الشبهة وكتابات المجاملة الغثة والرديئة فى كثير من الأحايين..


(1)
مرحلة الطفولة البريئة ،وهى إحدى مراحل العمر البشرى ،بها نبدأ الحياة ،وكما يقول علماء النفس ،وبها ننتهى ،فالشيخوخة طفولة متأخرة .
رمز الطفل فى الأدب العربى والعالمى ..رمز البراءة والطهارة ولا أنسى رائعة محمود دياب "أحزان مدينة" إن لم تخنى الذاكرة الخؤون ،كما لا أنسى" الشمندورة" للراحل خليل قاسم ..والكثير من القصص والروايات التى يضيق المكان ،عن ذكرها .
كان الطفل ..هو القاص وهو السارد وهو الحقيقة الناصعة التى لاتزويق فيها ولابهرج ولانفاق ولاتضليل ولاتجميل لوجوه أقبح من القبح ذاته.

والأسطورة الخالدة ، هذه التى لم أمل سماعها من جدتى أم أبى رحمهما الله وغفر لهما،الملك والطفل.
الملك الذين أوهمته الحاشية المنافقة والمضللة ،فى كل العصور ،بثوب من خيوط الشمس ،لم يلبسه أحد من العالمين ،وها هم أقنعوه بإرتدائه للثوب المعجزة .ويخرج الملك ويراه جموع الشعب المقهور والمكموم وحواليه الحاشية المضللة والكاذبة ..ويصمت الجميع ،وفجأة من بين الجموع المحتشدة ..
تصرخ الطفولة البريئة "الملك ..عريان" فالملك لم تستره حتى ورقة التوت!


(2)
ومن أعماق التاريخ.. يأتينا "أوديب ملكاً".. للمسرحى اليونانى سوفوكليس ،هذه المسرحية ..التى قرأتها مراراً وتكراراً.. بترجمة الدكتور طه حسين .وفى سطور قليلة.. أقص بعضاً منها:
تدور احداث المسرحية في طيبة ، حيث أنذرت الآلهة.. الملك لايوس، أنه سيقتل على يد ابن له .. وبمجرد أن ولدت زوجته صبياً ،جن جنونه .. وأمر بقتله .. فأخذه الخادم الذي أُمر بذلك وذهب به إلى مملكه كورنتس .. ولكنهأشفق عليه، فسلمه إلى أحد خدم الملك كورنتس وهو بدوره سلمه إلى الملك .. الذي رباه حتى كبر وأصبح شاباً ..

وتناثرت الشائعات عن أصل الشاب لذى رباه ملك كورنتس ،وأنه ليس من صلبه ،فهام أوديب على وجهه .. وخرج ليستشير الآلهه .. فأخبرته أنه إذا عاد إلى موطنه ، فسيقتل أباه ويتزوج أمه .. فقرر عدم الرجوع إلى مدينة كورنتس ،ظناً منه أنها مسقط رأسه الأصلى.. وقرر السفر إلى طيبة ، وهو لا يعلم .ما ينتظره من مصيرمعتم.
وفي طريقة نشب عراك بينه وبين رجل وحراسه .. فقتلهم جميعاً .. وواصل طريقه إلى طيبة .. وقبل دخوله المدينة ، يجد وحشاً كاسراً سيىءالخلقة يسد الطريق ولا يسمح بدخول أي عابر إلا بعد أن يجيب على سؤال يطرحه .. فإذا لم يحل اللغز قتله على الفور. .. ولكن أوديب استطاع ان يحل اللغز.. فخر الوحش الكاسر صريعاً.. وكان ملك طيبة، قد قرر أنه إذا استطاع إنسان ما أن يخلص المدينة من هذا الوحش الكاسر، سيكون ملكاً لطيبة … فصار أوديب ملكا لطيبة حتى يؤوب الملك من سفره.. وبعد أيام .جاء خبر موت الملك وحراسه على يد مجهول..فأصبح أوديب ملك البلاد وتزوج الملكة السابقة وأنجب منها............................"



(3)
كعب أخيل ..هذا الذى لم يستطع أحد هزيمته ،لأنه لايدرك سر قوته القاهرة التى توجد فى كعب رجله ..ولن ينهزم أخيل إلا لمن يستطيع الوصول إلى كعبه، ويتمكن من ضربه ،وهنا سيخر أخيل ..مهزوماً مندحراً.


(4)
طفل "عقب الباب "ومارده.

ثلاث أسئلة ..لم نر منها سؤالاً ،وكأن الغموض، ركناً ركيناً من الأقصوصة ،ولم نر ملكاً ولاشعباً،وكأننى بالمارد وقد كتم على أنفاس البشر ،وسجنهم فى سجن كبير.. لايستطيعون منه خروجاً أو حركة ولم نسمع منه همهمة أو نأمة ..جغرافيا شاسعة شاسعة من الأرض والبشر ..ولاأحد..ولا أحد..ولا أحد!!!

الطفل /الحقيقة /الصدق /التاريخ ..فى مواجهة مارد الحاضر المتوحش والمسيطر والمهيمن .

طفل الحقيقة ،وجهاً لوجه ،أمام مارد الفتك والدمار ،كاتم أنفاس الشعوب ،وقاهر السلطات ،ومذل الأمم ،ومغتصب الأوطان ،وناهب الثروات،وصانع القرارات المصيرية لأوطان المعمورة،الذى يعيث فى الأرض.. فساداً وفتكاً ونهباً وتغييراً وتبديلاً،صاحب حضارة همجية، نصيبها من العلم والتكنولوجيا ، كثيرٌ ،ومن الدماروالمحق والسحق والحرق، أكثر وأكثر وأكثر.

طفل المعرفة ..المدرك لمواطن الضعف والقوة ،فى ماردٍ غير صادق وغير شريف وغير واعٍ لسلوك همجى يرتضيه ،ولاملتزم بوعد ..مسيطر محتل غادر موهوم بقوته المصنوعة ،خالٍ من القيم النبيلة والسلوك القويم.

طفل المعرفة ..هذا الذى لم يأل جهداً فى الإنقضاض على الهمجية والتسلط ..ويرديها فناءً ونهاية 
ً ،فهو الأعلم بمواطن الضعف والقوة.
(5)

قصاصنا القدير ..ربيع عقب الباب.
متى يولد هذا الطفل،طفل الحقيقة والمعرفة ،الذى لايخشى مارداً ولاسلطاناً .؟؟!!


(6)
متى؟؟!
___________
نشرت بملتقى الأدباء والمبدعين العرب فى 3/2/2009م

السبت، 7 فبراير 2015

الموت بينهما


صحوت ،اليوم ،
ورأسى مشغول ولسانى يُردد:




"صوتٌ واهن"
أين عطاياك يارب الكون؟
ها أنذا أتعثر مابين البابين
ها أنذا أسقط فى المابين
قرّبت ،فأعطيت،
حتى بللت الشفتين بماء التنسيم،
وأنبتّ الريحان على الكتفين
ثم منعت:
قنا وقد الجفوة فى القلب ،وياحرق العينين
فى مللى أتقلب ياربى ،
أتلقّى كل صباح خنجر ضجرى فى صدرى مسموم
الحدين
أين هداياك؟ أين فُجاءاتُك؟
أين ملاكك ذو المنقار الذهبى؟
[كان يوافينى فى أعقاب الليل المسحور ،
وفى ألم كاللذة ياربى ،
ينزعنى من ندامى دار الندوة ،
يرفعنى منهوك البدن شتيت الروح،
يُحلق بى حتى يُلقينى فى بطن الغار ....]
وكئيباً مرتعد الجنبين
يطول مكوثى ...
أتخيّل عند ئذ أنى نسىٌ منسىٌ،
حتى تسحقنى وطأتك النورانية ...
لا أتحدث عنها ياربى ،
هى سرٌ مختومُ بين القلبين
فإذا فارفت قُبيل صياح الديك ،
تبقّت من كلماتك بضعة أصداءٍ فى الأذنين
وتبقّى من نورك
ومضُ شعاعٍ مكسورٍفى العينين.
___________________
صلاح عبدالصبور
ديوان "إبحار فى الذاكرة "

ظلى المتعب


سبعة ومعها عشرون 
تاه الطريق
فلم تشفع لى نظراتى
أن يطرق الباب رفيق
.................
على سرير ٍ
يستلقى ظلى متعباً
ويهمس قلبى :
إلى متى ؟؟
...........
فى موكب الهزيمة
تنتشى روحى
وتسألنى :
هل من صديق؟؟
.....
سبعة وعشرون يوماً
يحاصرنى البياض
وورودٌ تذوى
كى تمدنى بالحياة
......
يعاندنى قلبى
ويأبى السكون
ويهجر الموت
ويسعى للحياة
.....
وها أنا أعود
متوكئاً على جرح قلبى
أهش به أحلامى
ولى فيه مآربٌ أخرى .

ضياع


تجهمت روحى
وانكسرت همتى 
وضاقت بى الأرض
فلم أجد متسعاً
وغفوت كليلاً حزيناً.
....
بين اليقظة والنوم
رأيتنى أرى أبى بصحبة ابن الفارض
ويبتسم أبى
ويقدمنى :
هذا ابنى ياسلطان العاشقين .
خذ بيده فقد غشاه اليأس
وفى بحر لجى متلاطم يسعى للنجاة.
لاتدعه ياسيد العاشقين
فلذة كبدى ،أخشى أن يضيع
واختفى أبى .
.........
وأخذ بيدى سلطان العاشقين .

سقوط ..قصة قصيرة جداً .. للقاصة منار يوسف




سقوطك المدوي من دمي، كان آخر ما سمعته ،قبل أن أمضي نحو بلادي البعيدة.

...............
سقوط
وخزة فى عمق الروح ،توقظ فينا أحاسيس الدهشة .

هذا التكثيف والاقتصاد فى اللغة 14كلمة يكتبان سفراً من أسفار المعاناة والاحباط .



منار يوسف

تكتب بدمها ،بنزيف روحها .

اختيارها للكلمات موفقٌ إلى أقصى حد ،

بداية بالسقوط ونهاية بالبلاد البعيدة .

إنه الهروب من واقع أليم ومؤلم وقاسٍ.

إنها المحاولة الأخيرة للتصالح مع الذات
 المجروحة .

لم يكن شيئاً عادياً ،وإنما يسكن الدم والروح .

هو المتفرد فى صورته ،الساكن فى الدم ،المهيمن على الروح .

هو الوطن الذى تعيش فيه .

لكن ..ماالعمل ؟

صار ملوثاً،مؤذياً ،منفراً ،سقط فى جب يوسف

،ولايوجد السيارة الذين ينقذونه ويبيعونه حتى

بثمن بخس .
إنه الرحيل إلى بلاد بعيدة ،إلى ذات تتشرنق حول نفسها .

لكن سيأتى اليوم الذى تعود منار .

إلى وطن وحبيب وروح ودم طاهر يسرى فى العروق .

إلى روح تهيم ،عشقاً وتذوب رقةً ، فى شمسه وظله ومائه وترابه وطينه وهوائه .
لن يسقط ..مادام هناك من يعشق .

الشخصية الطُظية فى القاهرة الجديدة

إهداء للأستاذة ماجى نور الدين 
بما لها علىّ من خير عميم .
وصفحات الملتقى شاهدةٌ عليه.
___________________

(1)
القاهرة الجديدة ونجيب محفوظ
____________
بالأمس وقمر الحزن يملأ السماء والبرد يتسلل إلى عظامى ..يأبى إلا أن يسكن فيها ..ومصرنا الحبيبة تسير فوق الشوك والخناجر والجراح والألغام والآلام ..وروحى حزينة حتى الموت ،قمت من بين أكداس الكتب التى تحيط بالجدران الأربعة بحجرة مكتبى وفتحت التليفزيون بشاشته العريضة جداً فالعين تعبت وكلت.
شاهدت حمدى أحمد فى دور محجوب عبدالدايم صاحب المقولة الشهيرة "
طظ" فى رواية نجيب محفوظ .
هذه الرواية الحارقة المدمرة الصاعقة التى أتعبتنى حين قرأتها فى سنوات التكوين والعمر الأخضر وما شدنى إليها حتى السطر الأخير منها :
"
وابتسم الرفاق ،الأصدقاء الأعداء وتبادلوا نظرة ذات معنى ،وكأنهم يتساءلون معاً:
" ماذا تخبىء لنا أيها الغد؟!"
.
هذه الرواية التى نشرها نجيب محفوظ سنة 1945م بعد نشره كفاح طيبة فى نفس السنة .
المهم ..سرحت مع الفيلم وسعاد حسنى وأحمد مظهر وتوفيق الدقن ،ودار بعقلى أفكار كثيرة ما هذا العفن الذى تعيش فيه مصر فى تلك الحقبة ؟
لكن الثورى على طه أنقذنى من أفكارى ..
وقلت لنفسى :من الذى يقبل أن يكون قواداً وبهذا الشكل المهين ؟
إنه محجوب عبدالدايم ..هذا الشخصية 
"الطظية " الذى لايعرف قيماً ولاخلقاً ،ضحية الفقر الدكر فى مجتمع بشع غاية البشاعة .
وقلت لنفسى :
ربما تكون هذه الشخصية من بين أفكار نجيب محفوظ ولا وجود لها فى الواقع!
إلا أننى تذكرت أن نجيب محفوظ قد أكد على واقعية هذه الشخصية وليست من الخيال .
وتعود بى ذاكرتى التى تأبى النسيان إلى ما قرأته فى دراسة فارقة ،صدرت فى سلسلة نجيب محفوظ التى تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب ،تحت عنوان "
قفص الحريم "باميلا ألجريتو دييوليو،ترجمة محمد الجندى ،مراجعة د.محمد عنانى .سنة 2011م الكتاب رقم 11
وبص31"تذكر فاطمة موسى محمود أن "
نجيب محفوظ مر بأكبر اختبار عندما عرضت عليه عند تخرجه توظيفة حكومية ولكن بشرط الزواج من عشيقة وكيل وزارة فى إحدى الوزرات التى كان محفوظ قد تقدم إليها"فخضع لهذا العرض ولم يعلن زواجه لأسرته مما أدى أيضاً لعزلته عن أصحابه نتيجة لهذا التصرف الغريب .وتذكر فاطمة موسى أن "نجيب محفوظ كان عليه أن يغمض عينيه ويغادر المنزل عندما كان وكيل الوزارة يزور بيته".


(2)
الشخصية الطُظية فى القاهرة الجديدة المعاصرة
___________________

ويبدو أن شخصية طُظ سيطرت على نجيب محفوظ ،الخارج على الأعراف والتقاليد وقيامه بدور حقير ،كما سبق أن أوضحنا ،فيرسم الشخصية الطظية بإتقان وبراعة ،وكأنى به يحاول أن يتنصل مما إرتكبه هو"شخصياً ،من تصرف شديد الغرابة ،عظيم الفجور واعترافه بذلك فى أحاديثه ،محاولاً تطهير روحه من دنس فظيع شديد الفظاعة ،أقدم عليه فى لحظة ضعف .
ويبدو أن الشخصية الطظية حية ،بيننا ،تقتات من كرامتنا وأمننا وتسعى كالحيات والأفاعى فى أرواحنا وشواعنا وحوارينا .
وفى صفحات رواية القاهرة الجديدة وفى ص10
"فسأله أحمد بدير :
- وأنت يأستاذ محجوب ما رأيك فى المناظرة ؟
فأجابه بهدوء:
طُظ
__هل المبادئ ضرورية ؟
__طُظ..
_غير ضرورية إذاً؟
__طُظ..
__فى أيهما ؟!
__ طُظ ..
__وهل لك رأى ما؟
__طُظ..
__وهل طُظ هذه رأى يرى؟
فقال محجوب بهدوئه المصطنع :
__هى المثل الأعلى .."
وفى إحدى جلساتنا المعتادة ،كنا مجموعة من أطباء ،محامين ،قضاة ،أساتذة جامعيين ،مهندسين،محاسبين ،إلخ .
مجموعة تكاد تشمل طوائف المجتمع يعتنقون العديد من الأفكار والتيارات السياسية ،إلا أن أحدهم يميل ميلاً شديداً إلى جماعات الإسلام السياسى ،
ولكن بحكم وظيفته المرموقة يحاول أن يخفيها ويلتحتف بمبدأ التقية ويعتصم بالصمت أكثر الوقت ،وإذا طُلب منه الكلام يهمهم ويتأتأ وبصعوبة بالغة نتبين مخارج الحروف وقد يمضى الوقت ولانعرف رأيه فيما نتحاور فيه.
وبعد مجزرة العريش وسقوط الضحايا المدنيين والعسكريين والشرطيين والنفوس ثائرة والمرارة فى طعم كل شىء نتناوله ويدخل بطوننا .
دار الحديث عما يجب عمله وأدلى كل ٌمنا برأيه إلا أن هذا "الأحد" ولأول مرة نرى الكلام ينساب من فمه ،وكأن عقدة اللسان قد حُلّت ،فأخذ بناصية الحديث قائلاً: 
وإيه يعنى إللى بيحصل شىء عادى وممكن يحصل كل يوم وربما الجيش هو إللى بيعمل كده أو المخابرات عشان البلد تظل مولعة ..
وسيطرت الدهشة على الجميع ..فأنبرى أحدنا زاعقاً فيه:
إنت ملتك إيه !!؟؟إيه الكلام الفارغ ده .!!هو إنت شمتان بدل ماتتوجع زينا ..فعلاً إنتم تستهلوا الإبادة .
وعلى الفور كان حضور الشخصية الطظية ،التى لاخُلق لها ولاقيم ولامبادئ ، تتسلط على رأسى وتأخذنى إلى "القاهرة الجديدة المعاصرة "التى يسعى إليها نفرٌ منا ،غاب عنهم العقل واستحكم الغباء فى تصرفاتهم ،وأصبحت" 
طظ هى مثلهم الأعلى "لما يجاهدون فى الوصول إليه وتحقيقه بالنار والحديد والاستقواء بالخارج لهدم كيان مصر .

(3)
إحسان شحاتة ومهدى عاكف
______________

مهدي عاكف ،مرشد الإخوان السابق، يقول :
طظ في مصر وأبو مصر واللي في مصر.
(جريدة روزاليوسف بتاريخ 9-4-2006)
لا أختلف مع أحد أن لفظة طُظ ،بحرفيها الطاء المضمومة والظاء المسكونة ،شغلتنى فترة من الزمن ،كنت أفتش فى المعاجم والقواميس اللغوية عما تعنيه ،وغُلبت وغُلب حمارى ،فقد قطعت أشواطاً كثيرة فى البحث وأعيانى البحث ..فلذت بالصمت لحين أجد معناها .
نعم ..إذا دب فى قلبه الاستهانة بأشخاص يتحكمون فيه ،لا يملك إلا أن يقول لنفسه:
طُظ فيهم وفى أبوهم ،وإذا حوصر ولم يجد مفراً لايجد إلا طُظ تنفلت من بين شفتيه عالية مدوية .
ولا أظن أن نجيب محفوظ اخترع هذه اللفظة فى روايته القاهرة الجديدة ،فبالتأكيد كانت على كل الألسن وتتدوالها جميع طبقات الشعب ،من كثرة المظالم التى تملأحياته والوطن تحت أقدام الإستعمار الإنجليزى القذر .

ومحجوب عبدالدايم يتغزل فى لفظة طُظ ،أكاد أسمعها وهى تخرج من بين شفتيه مثقلة بالتنغيم والتطريب ،فقد وردت فى رواية القاهرة الجديد مئات المرات .
وما أقدم عليه محجوب عبدالدايم ،من الأعمال المشينة والانحطاط المرفوض الذى تأباه النفس الشريفة والعقل السليم ،لكن فى لحظة التعصب لفكرة ما يتم إغفال كل الجوانب الأخرى حتى المتعلقة بالحياة ذاتها ،كالذى يفجر نفسه لقتل أعدائه .
أزعم أن إحسان شحاتة ماتت بداخلها منظومة القيم والمبادئ الطاهرة الشريفة ولم تر إلا الانقياد لعواطفها الخبيثة الخسيسة ،كذلك محجوب عبدالدايم ، فتم التزواج بينهما وكلاهما يعلم حق العلم ،الوساخة والخساسة والتدنى، الغارقين فيه.

ولكن ما الذى يدعو مهدى عاكف إلى طُظ محجوب عبدالديم بعدما يزيد عن 
ستين عاماً ويستدعيها من بين دفتى رواية القاهرة الجديدة ؟؟
سؤال راودنى طويلاً وأنا أقرأ جريدة روزا اليوسف ،آنذاك،وقد أحتفظ بهذا العدد "الثمين "ضمن مقتنياتى لفرائد الأحاديث وخرائد المقالات !!!
لقد ظهرت جلية من إجابات مهدى عاكف ،على الأسئلة المطروحة عليه ،العجرفة والتعالى والاستهانة والاستعلاء والتعصب لما يعتقده ويدين به ،وكأنه الوحيد الذى يمتلك الحقيقة المطلقة دون خلق الله أجمعين .
طظ فى مصر وأبو مصر وإللى فى مصر ..هكذا خرجت من بين شفتى مرشد الإخوان" المسلمين " ولم ينكرها بل صارت علامة مميزة للإخوان "المسلمين" .
تمنيت ،فى وقت ما ،أن يضعوها شعاراً لهم فهو حقيقٌ بهم ويليق بفكرهم وخستهم ونذالتهم .

(4)


نجيب محفوظ يتذكر


كتابات نقدية كثيرة عن أعمال نجيب محفوظ،وأحاديث صحفية لاحصر لها يُدلى بها نجيب محفوظ ودراسات متخصصة عن أعمال نجيب محفوظ .
منذ وعيت القراءة ..دأبت على قراءة أعمال نجيب محفوظ ..لايفوتنى رواية أو قصة قصيرة إلا وأسعى للحصول عليهما .فنجيب محفوظ أمير الرواية العربية بل ومليكها المتوج بجائزة نوبل العالمية .

نجيب محفوظ ملأ الدنيا وشغل الناس . 
وأعود إلى مكتبتى ..منقباً عن ما كُتب عن نجيب محفوظ ،فأجد تلالاُ من الكتب والدراسات فى مجلات متنوعة وأحسبنى وقت صدورها قد طالعتها بالقدرالذى يُتاح لى من الوقت والاهتمام .
قلتُ فى المقالة الأولى ..أنا لم أصدق ماأثبتته باميلا فى كتابها قفص الحريم وتشككت فيما هو منسوب لمحفوظ لكن الدراسة موجودة والكتاب أيضاً.

  • وما قالته فاطمة موسى محمود، مذكور فى دراستها باللغة الإنجليزية سنة 1981م .
  • وأتصفح عدة دراسات عن نجيب محفوظ ،سابقة على هذا التاريخ أو لاحقة عليه ،صدرت باللغة العربية ،فلم أجد ذكراً أو تلميحاً لما ذكرته فاطمة موسى .

وأفتح كتاب "نجيب محفوظ يتذكر" لجمال الغيطانى وفى الصفحة رقم 5 يكتب نجيب محفوظ وبخط يده :هذا الكتاب أغنانى عن التفكير فى كتابة سيرة ذاتية لما يحوية من حقائق جوهرية وأساسية فى مسيرة حياتى فضلاً عن أن مؤلفه يعتبر ركناً من سيرتى الذاتية " 5نوفمبر 1987نجيب محفوظ 
شخصية محجوب عبدالدايم ليست شخصية خيالية بل هى شخصية من لحم ودم ..هكذا أكد نجيب محفوظ .
إنما الغريب فى الأمر أن أى نجيب محفوظ لم يتذكر ما قالته فاطمة موسى مع أنه قرر أن الكتاب يحوى حقائق جوهرية وأساسية فى مسيرة حياته..
إذن ما السبب فى تناسى ذكر تلك الحقيقة ؟
هل هى مقصودة أم الخجل من ذكرها أم ...............؟ الله أعلم
وبالرجوع إلى كتابات نقدية متنوعة عن أدب نجيب محفوظ ،لم أجد ذكراً لحقيقة محجوب عبدالدايم " بطل "فضيحة فى القاهرة " ثم تغير العنوان إلى "القاهرة الجديدة "وعندما أخرج أبو سيف الفيلم "سماه "القاهرة 30" 
.



(5)
النقاد والقاهرة الجديدة

شق نجيب محفوظ طريقه الشاق لإرساء قواعد رواية عربية ،وقت أن كانت المحاولات السابقة عليه ،تجاهد فى تعبيد هذا الطريق ..
وما قام برصده الدكتور جابر عصفور فى كتاباته العديدة ،من أن هناك محاولات عديدة للرواية العربية فى بعض أقطار العالم العربى .فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين،ولكنها كانت محاولات متوسطة القيمة وضعيفة التأثير .

كانت ثلاثيته المصرية "عبث الأقدار ،رادوبيس،كفاح طيبة " بداية ناضجة أشاد بها نقاد عصره ..ثم بدأ نجيب محفوظ فى السير فى الإتجاه الواقعى بروايته "القاهرة الجديدة "وفقاً لما أثبته من أن الطبعة الأولى للقاهرة الجديدة سنة1945م .
ويذكر الدكتور على شلش فى كتابه "
نجيب محفوظ..الطريق والصدى .كتاب الثقافة الجديدة ،الهيئة المصرية لقصور الثقافة، طبعة ديسمبر 1993م ،ص135
أن نجيب محفوظ قدّم تاريخ الكتابة على تاريخ النشر فقدّم "القاهرة الجديدة "على "خان الخليلى ".

وكتب عن هذه الرواية ستة عشر كاتباً من مصر والأقطار العربية ..وجميعهم أشادوا بها .
وما يهمنى أن سيد قطب فى كتابه "
كتب وشخصيات" قد أشاد بها ،بل ووجه اللوم إلى النقاد"من دلائل غفلة النقد فى مصر التى تحدثت عنها فى كلمة سابقة ،أن تمر هذه الرواية القصصية "القاهرة الجديدة"دون أن تثير ضجة أدبية أو ضجة اجتماعية" ويستطرد "...والقاهرة الجديدة شأنها شأن خان الخليلى للمؤلف نفسه لاتقل أهمية فى عالم الرواية القصصية فى الأدب العربى عن شأن أهل الكهف ،وشهرزاد لتوفيق الحكيم فى عالم الرواية التمثيلية "ثم يواصل ".....ولكن كان على النقد اليقظ فى مصر -لولا غفلة النقد فى مصر - أن يكشف أن أعمال نجيب محفوظ هى نقطة البدء الحقيقية فى إبداع رواية قصصية عربية أصيلة .
فلأول مرة يبدو الطعم المحلى والعطر القومى فى عمل فنى له صفة إنسانية ؛فى الوقت الذى لايهبط مستواه عن المتوسط من الناحية الفنية المطلقة ............
القاهرة الجديدة ..
هى قصة المجتمع المصرى الحديث ،ومايضطرب فى كيانه من عوامل ،ومايصطدم فى أعماقه من اتجاهات .
قصة الصراع بين الروح والمادة ،بين العقائد الدينية والخلقية والاجتماعية والعلمية ،بين الفضيلة والرذيلة ،بين الغنى والفقر ،بين الحب والمال ..فى مضمار الحياة "

وهذه المقالة الطويلة أو الدراسة النقدية..نشرت فى مجلة الرسالة فى 30ديسمبر 1946م ثم تم تجميعها مع دراسات أخرى فى كتاب "كتب وشخصيات"



(6)

سيد قطب والقاهرة الجديدة 

لامفر ،من الاعتراف، بأن سيد قطب من أوائل النقاد الذين وقفوا وساندوا نجيب محفوظ فى بدايته الأولى .
وكان قلم وفكر سيد قطب مرهوناً بالنقد البناءوالاهتمام المتنامى والراصد لأعمال نجيب محفوظ ،فقد نالت رواية "خان الخليلى" تقديراً واستحساناً فقال :
"
وهذه القصة "خان الخليلى"تستحق أن تفرد لها صفحة خاصة فى سجل القصة المصرية الحديثة........إنما تستحق هذه الصفحة ،لأنها خطوة حاسمة فى طريقنا إلى أدب قومى واضح السمات متميز المعالم ،ذى روح مصرية خالصة من تأثير الشوائب الأجنبية - مع انتفاعه بها- نستطيع أن نقدمه - مع قوميته الخاصة - على مائدة العالمية ،فلايندغم فيها ولايفقد طابعه وعنوانه؛فى الوقت الذى يؤدى رسالته الإنسانية ويحمل الطابع الإنسانى العام ،ويساير نظائره فى الآداب الأخرى .
وهذه الظاهرة حديثة العهد فى الأدب المصرى المعاصر ،لم تبرز وتتضح إلا فى أعمال قليلة من بين الكثرة الغالبة لأعمال الأدباء المصريين ،وهى فى هذه القصة أشد بروزاً وأكثر وضوحاً فمن واجب النقد إذن أن يسجل هذه الخطوة ويزكيها"

المرجع السابق ص218،217 
وفى حكم صارم ..يقول عن القاهرة الجديدة "
فى القاهرة الجديدة نبدأ وننتهى ،ونحن أمام جيل من الناس ومجتمع قابل للزوال ،فلاتبقى إلا بعض الملامح الإنسانية الخالدة " ص250 المرجع السابق.

ما استرعى انتباهى وشده بقوة ،أن المجتمع القابل للزوال الذى بشّر به سيد قطب ،عاد ،وبشراسة لامثيل لها وبضراوة لافكاك منها ،مع الجيل الذى صنعته أعمال سيد قطب الدينية ..معالم فى الطريق وغيرها من الدراسات ،بعد تآلفه الروحى والفكرى مع كتابات "أبو الأعلى المودودى ".

هذا الكتاب القنبلة الذى زرع الدمار فى النفوس وأحدث فكراً متطرفاً إرهابياً عالمياً ،نما وتنامى عبر سنوات طويلة ،فكان الحصاد المر ونهاية مؤسفة لناقد بارع من نقادنا الأفذاذ فى حياتنا الأدبية والفكرية .

فهل شخصية محجوب عبدالدايم ..التى لاتأبه إلا لنفسها وذاتهاوجشعها للسلطة والمال وإطاحتها بكل القيم والمبادئ فى سبيل تحقيق ماتهفو إليه وتسعى ،قد خلقت مجتمع "الإخوان المسلمون "الذى شكّل لنفسه منظومة فكرية وعقائدية وإجتماعية وأنانية و"دوجما "تخالف أبسط قواعد الإنسانية ؟؟!

ولماذا انغلق الإخوان المسلمون فى جيتو "كالجيتو اليهودى " فى مجتمع مفتوح يمور بشتى التيارات الفكرية والعقائدية ؟؟؟

ولماذا نقرأ فى حديث "المرشد العام " كلمة طُظ ..المثل الأعلى لمحجوب عبدالدايم ..دون غيرها من شخصيات القاهرة الجديدة؟؟؟!
وبالتأكيد.. كانت أعمال نجيب محفوظ من ضمن التكوين الفكرى والثقافى للجيتو الإخوانى ،تأسياً واقتداءً بمفكرهم وسيدهم وفيلسوفهم !
ولماذ انقلبوا علي "نجيب محفوظ" فى أواخر حياته وأرسلوا من يقوم بذبحه؟؟!!



(7)
الشخصية الطُظية تعود من جديد

لم ينضب المخزون القصصى من ذاكرة نجيب محفوظ ،وظلت شخصية محجوب عبدالدايم هاجسه الذى يقلقه الحين بعد الآخر .
وكما أسلفنا مافعله نجيب محفوظ فى حياته الواقعية ،قام به محجوب عبدالدايم فى روايته "القاهرة الجديدة .
وأؤكد أن نجيب محفوظ وبعد فعلته الشنعاء فى حق نفسه والانحدار الذى هيمن عليه وقاده إلى مستنقع العفن والانحطاط ،لم يبرأ منه ربما طوال حياته .
فكان مدعاة للتنغيص عليه وألماً لم يُشف منه.
فى سنة 1979م ..وفى مجموعته القصصية "
الشيطان يعظ" الصادرة عن دار مصر للطباعة "مكتبة مصر"، الطبعة الأولى ، ينشر نجيب محفوظ "قصته القصيرة "أيوب "من ص 204 حتى ص249

عبدالحميد حسنى ،هذا المريض الذى ملك كل شىء وصار محط العيون والأفئدة ..المليونير الذى صار حديث المدينة ..ويفتك به مرضٌ نفسى عُضال يُقعده عن ملازمة أعماله ويصير قعيد السرير لايفارقه ..ويعجز الأطباء فى شفائه .
وفجأة يظهر ،بعد ربع قرن من آخر لقاء بينهما ، صديقه وزميله الدكتور جلال أبو السعود ،الطبيب البارع ، الذى يدله على طريق الشفاء ..ويدفعه دفعاً أن يكون متسقاً مع نفسه صادقاً معها ،فلايكذب عليها ولا يحاول خداعها ..فالشرور تأتى بالشرور وتزلزل الروح وتهدمها وتهزمها وتمرضها ،ففى نهاية الأمر،الإنسان روح ..وما الجسد إلا وعاءٌ لها .

ويحكى له الدكتور جلال أبو السعود عن يومياته التى يكتبها عن حياته ،مُطهراً إياها من الأكاذيب ،مجاهداً فى الإفصاح عما يؤلمه ويشقيه ويرهقه ..
ويفيق عبدالحميد حسنى من أكاذيبه والزيف الذى يتمرمغ فيه ويستعرض حياته الأولى ويحكى للدكتور جلال أبو السعود حقيقة نفسه ،ودفينة روحه ،مكتشفاً أساس مرضه الحقيقى ويقول : 
كنت مراجعاً بحسابات الأشغال ،وكان مقاولاً ممن يتعاملون مع الوزارة ،ندت عنه كلمة فوجدتنى أمام إغراء لم يعرض لى من قبل ،اقتلعنى من مستقر حياتى ،اكتشفت أننى أنطوى على رغبات أخرى غير رغبات الثقافة والسعادة البريئة ،ثمة حياة أفضل ،ترددت طويلاً ثم مددت يدى وكان لى منطقى أيضاً المستمد من مناخ فاسد ،وتوهمت أنى أطبقه بحرية كاملة "ويواصل تشريح حياته والاعتراف بمكنونه أمام الدكتور جلال أبو السعود، فيقول :عشق المقاول راقصة أجنبية ،لم يكن من الميسور فى ذلك الوقت أن تمد إقامتها فى مصر ما لم تتزوج من مصرى ..(ثم بعد صمت)..قبلت أن أتزوج منها سراً نظير هبة محترمة..." بتلك الهبة فتحت مكتب للإستيراد ......بدأت بالتهريب نظراً لتشدد القوانين فى تلك الأيام ،ثم فتحت المكتب بعد ذلك ،ثم انفجر النجاح بعد الانفتاح حتى بلغت ثروتى السائلة خمسة ملايين من الجنيهات" ص241،240

ويتلقف أحد مخرجينا هذه القصة ..ويصنع منها فيلماً عظيماً ،بقيادة الرائع عمر الشريف والعبقرى فؤاد المهندس والقديرة مديحة يسرى وآخرين .
إنه محجوب عبدالدايم الجديد لكن اسمه 
عبدالحميد حسنى ..صنيع الانفتاح فى عهد الرئيس المؤمن محمد أنور السادات !!!

لكن هل برأ نجيب محفوظ من أزمته ؟
أزعم..أنه مات وهى بين جنباته تؤلمه أشد الألم ولم يتطهر منها ،رغم استماتته فى التحرر منها .