بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 9 أبريل 2016

ذاكرة تأبى النسيان

مهداة إلى الروائى الكبير محسن يونس
.......................
أتذكر فى فترة المراهقة المتأخرة حين كان رأسى يثمل بصور المغامرات ،وسيكون هذا دأبى مستقبلا. .
سأذهب إلى هناك كثيرا. .وأعشق هذه وأكره ذاك وأبكى أحيانا وأبتسم أحيانا أخرى .
سأعيش حرا سعيدا منطلقا إلى سماوات المتعة واللذة
وتبهرنى الأضواء ويمتلأ صدرى بالحماس والنشوة.

وحدى..تقودنى قدماى فى الطريق إلى السينما وترحب بى أشجار النخيل وأشجار الزينة المنتشرة فى الحدائق .
وأسعى فى شارع الجلاء تدفعنى الرغبة في اللحاق بحفلة الساعة السادسة مساء فى سينما أمير. لعرض فيلم عودة الابن الضال للمخرج العظيم يوسف شاهين.
ويوسف شاهين من المخرجين الكبار المحترمين، صاحب قضية كبرى وهدف نبيل وعشق جارف لمصر المحروسة ..لايحب أفلامه أصدقائى ولا زملائى. يصرخون فى وجهى :
ده رجل معقد ولابنفهم منه حاجة !!!
وأتأملهم صامتا ساكنا معقود اللسان.
ولكنى أفهمه جيدا وأتمتع بأفلامه وأحرص على مشاهدتها حين عرضها.

واقف أمام شباك التذاكر. .طالبا تذكرة فى الصالة وادخل فرحا مسرورا، فالصالة بها أعداد قليلة منتشرة فى المقاعد، وتعلونى إبتسامة وكأنى سأشاهد الفيلم وحدى دون ضجيج من الدرجة الثالثة، الترسو.
كنت أدخلها مع أصدقائى لمشاهدة أفلام ملك الترسو فريد شوقى والذين معه، وأصوات المتفرجين صارخة تهيب بالبطل فريد شوقى ألا يدخل المنزل فالعصابة تنتظره للفتك به وتمزيقه شر ممزق.
وتختفي الأضواء ويعم الظلام الدامس. .ويبدأ عرض الفيلم الأجنبى. .ثم تبدأ الإستراحة وبعدها يبدأ عرض فيلم عودة الابن الضال. وسط سكون قاتل وهدوء حذر. .فالمتفرجون قليلون فى الصالة والبلكون واللوج وقلة موجودة فى الترسو ،لا صوت لهم ولاحركة.
وأكتم أنفاسى ..عيناى مصوبتان على الشاشة ورأسى ثابت وظهرى مستقيم وعقلى يسبح مع الأحداث متابعا ألا تفوته لقطة أو تغمض عليه كلمة أوتشرد منه حركة.
قمة الانتباه والتركيز والتفاعل. .
فمن أراد أن يشاهد أفلام يوسف شاهين أن يكون مستعدا تمام الاستعداد، فمثله لا يلقى القول جزافا أو يقدم لقطة غير مدروسة أو غيرهادفة . يعرف ماذا يكتب ويعرف ماذا يقدم. .صاحب رؤية وقضية يطرحها ويدافع عنها.

وتأسرنى اللقطات المبهرة والتصوير المتقن المحكم والحوار بين محمود المليجى وماجدة الرومى، فاتنتى وحبيبتى ومطربتى الأثيرة، وتصعد روحى مع الأحداث. .وتأتى النهاية.
ساعات أقوم من النوم قلبى حزين.
وأردد مع ماجدة الرومى باكيا ماحدث لنا من هزيمة مرة مريرة فى 67.
فى الصيف السابع والستين. .الذى لم ينته من تاريخنا طعمه المر المريروآثاره المدمرة الماحقة ،حتى اللحظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق