فى
أكتوبر سنة 2005م بالعدد61 من مجلة الرافعى الأدبية الصادرة بترخيص من
المجلس الأعلى للصحافة والتى تصدرها مديرية الشباب والرياضة بمحافظة
الغربية ومقرها طنطا ، نشرتُ مقالة على صفحتين ص 17،16 بعنوان "أرض الخوف والليل الذى طغى "
كان مقالاً مقلقاً مفزعاً وصادماً ،"شكل تهديداً للأمن العام" كما أورت بذلك تقارير مباحث أمن الدولة بالغربية .
وكونى محامياً ،غلّ يدهم من القبض علىّ.
وتم توجيه لوم شديد وقاسِ لرئيس مجلس الإدارة "وكيل الوزارة" والتنبيه"مستقبلاً" بإرسال البروفة النهائية للمجلة قبل طبعها .
ولم يكن المقال سوى صرخة قوية فى وجه الطغيان .
وهذا المقال،الذى يُنشر لأول مرة على النت ،أهديه لأستاذتنا الجليلة منيرة الفهرى ، فكلانا أراد وطناً حراً جميلاً ترفرف عليه راية الحرية والعدالة الإجتماعية والعيش الكريم والكرامة الإنسانية.
تشابهت القلوب وإتحدت العقول ،كانت الثورة حلماً ثم صارت واقعاً،ندعو الله أن يجنبها العراقيل وتؤتى ثمارها المنشودة.
كان مقالاً مقلقاً مفزعاً وصادماً ،"شكل تهديداً للأمن العام" كما أورت بذلك تقارير مباحث أمن الدولة بالغربية .
وكونى محامياً ،غلّ يدهم من القبض علىّ.
وتم توجيه لوم شديد وقاسِ لرئيس مجلس الإدارة "وكيل الوزارة" والتنبيه"مستقبلاً" بإرسال البروفة النهائية للمجلة قبل طبعها .
ولم يكن المقال سوى صرخة قوية فى وجه الطغيان .
وهذا المقال،الذى يُنشر لأول مرة على النت ،أهديه لأستاذتنا الجليلة منيرة الفهرى ، فكلانا أراد وطناً حراً جميلاً ترفرف عليه راية الحرية والعدالة الإجتماعية والعيش الكريم والكرامة الإنسانية.
تشابهت القلوب وإتحدت العقول ،كانت الثورة حلماً ثم صارت واقعاً،ندعو الله أن يجنبها العراقيل وتؤتى ثمارها المنشودة.
**************************
أرض الخوف ..أرض الرعب. أرض الكذب..أرض المهازل ..أرض الضياع.النفوس الضائعة والعقول التائهة.زالمتبلدة. نعيش فى الألفيةالثالثة ،التى سيطرت عليها أحلام القياصرة وطموحات الأكاسرة .
الهيمنة الأمريكية الطاغية التى صارت تحلل وتحرم وتغير فى البلاد وفى العباد وفى الحياة .
الليل الأمريكى الطويل الذى يزداد قتامةً وسواداً وظلمةً.
الليل الأمريكى الذى يتسرب إلى كافة مناحى الحياة ويسيطر عليها .
الليل الأمريكى الذى جعل الأرض كلها ظلمة وسواداً وقتامةً .
وفى الليل المدلهم تتحرك كافة الأشباح وتخرج الشياطين من القماقم وتعوى الوحوش وتنهش الأعراض والأرواح،تهدم ..تحطم .تسحق كى تشكل عالماً جديداً وجغرافية جديدة وبشراً جداً.
هذا هو الوحش الطاغى الكاسر،وتلك الحيوانات الوديعة الأليفة المنكسرة التى ألفت السكينة والخمول والكسل والكذب.
هذا الحمل الوديع المعد للذبح ..دائماً لايملك من أمره شيئاً ولامن حياته موقفاً.
سالنى صديق عزيز:
مانهاية الطريق؟
ضحكت وكان ضحكى بكاءًا،
وهل ياصديقى العزيز، عرفنا الطريق حتى نعرف منتهاه.
نحن بداية ولانهاية ،نحن غموض ونزداد يوماً بعد يوم غموضاً أكثر ،نزداد جهلاً وتسطيحاً.
ويعاود صديقى العزيز السؤال:
من نحن وإلى أين نسير؟
وأتوقف كثيراً وتعترينى الدهشة ويتلاشى الصمت المطبق بداخلى وتسبح روحى محلقةً ..
فعلاً من نحن ؟
وإلى أين نسير؟
ويجىء الرد قاطعاً وحاسماً،بأن الواقع والحياة قد فقدت معناها وأن الصراع قد حسم لصالح اليد العليا والذراع القوية الطويلة والليل الذى طغى .
أصبحت ألوف الشموع واعواد الثقاب لاتصنع ضوءاً..حتى الضوء الضعيف لم يعد له أهمية ،ولم يعد له مكاناً.
إنهارت منظومة القيم وأصبح الكذب هوالصراط المستقيم الذى نسير عليه ..
أصبح الماء الذى نشربه ..
أصبح الغذاء الذى نقتاته..
إنه الدماء التى تسرى فى عروقنا ..
الكذب صار الهواء الذى نتفسه والنور الذى نبصره منذ سنوات طويلة ..
إنها سنوات عجاف مريرة ومرة .
قال لنا الحكام :أننا سنسير وسنصع أمجاداً كما صنع الأقدمون "بناة الأهرام" حضارة السبعة آلاف عاماً ويزيد.
حضارة السبعة آلاف عاماً التى توقفنا عندها ولم نتحرك قيد أنملة .
تم النهب لأموالنا وأرواحنا .
سرقة أحلامنا من بين صدورنا.
فى يوم من أيام المجد وموسكو تقف فى مواجهة واشنطن مواجهة مستمرة. العملاقان اللذان يسيطران على الكرة الرضية والفضاء الذى يحيط بها. سنوات الحرب الباردة . هرب أحد المثقفين الروس من بلده المترامى الأطراف آنذاك. والذى قيل له :
لماذا تهرب من إحدى الدولتين العظميين اللذان يحكمان العالم؟
كان رده قاطعاً:أريد أن أحمى أولادى من بلد صار غذاءه اليومى "الكذب"!
لكن الكذب صار علينا قدراً مقدوراً.
الكذب علينا صار أمراً مفضياً . من القمة إلى القاع ،الكل يكذب.
الجوع ينهش النفوس .
الفساد صار أرضاً خصبةً ومحيطاً طامياً نغرق فيه.
التخلف مرتعنا الوخيم ،والمستنقع القذر المعد لنا.
الفقر شعار المرحلة والبطالة أغنية حزينة . المعونات تتساقط علينا .
زبالة الدول وأغذية الكلاب والقطط والأدويةالتى لها فئران تجارب .
الحزن.. أكوام وأكوام..
أرضنا لم تعد تنبت الزهور .
ضاعت مصانعنا ، وبيعت لكل مرتزق وأفاق,
صارت بلادنا نهيبة لكل مقامر وأرضنا تنتج لنا فساداً لانهاية له .
الدول الكبرى تخترق حياتنا وتدمرنفوسنا .
نضحك على انفسنا ونقول :مازلنا مصريين قلباً وعقلاً شكلاً وموضوعاً .
والحقيقة المفجعة ..أننا فقدنا الهوية ،وفقدنا الشكل والمضمون.
أصبحنا ياسادة خارج التاريخ وخارج الجغرافيا. اصبحنا، ياسادة، عجزة عميان مقطوعى اللسان . هذا الليل الطويل متى ينجلى؟
أتأمل محسوراً حياتنا .
هذا الهم اليومى !
طوابير الخبز فى طول البلاد وعرضها ،فى بلد زراعى كما يقال!
هذا العذاب اليومى وملاحقة الروح قبل خروجها. والعيش فى بلد يلفظ أنفاسه الأخيرة .
الكذب الذى ترفعه الحكومات ،والمشاكل التى تم حلها والحياة الرغدة السعيدة التى يحياها المواطنون!!!
الكثيرالكثير من الكذب والنهب المستمر لعقولنا وأرواحنا ..
لكن مصر الكذب السقوط المريع.
والانهيار لكل شيىء والضياع لكل شيىء.
كنت أتحدث مع صديق عن هذا الذى يؤرقنى ويأخذ بيدى إلى حفرى قبرى .
لم يسكت صديقى بل أجاب :أنه كان حاضراً مؤتمر القمة"ضمن وفد رسمى" بالجزائر مارس 2005م ،وتأكد لديه وبما لايدع مجالاً للشك أو الريب،أن البلاد العربية جميعها ..لاشىء لاشىء ،وأننا خراف معدة للذبح وللسقوط المهين وللثورات الشعبية التى لاتبقى ولاتذر. ياسادة ...أقول بقلب دامع حزين:
هل تاملتم الجوع والفقر والمرض والإفلاس . الضياع هو المستقبل المشرق الزاهر لأولادنا إن قدر لهم العيش.
همنا اليومى ..كيف نستطيع العيش؟
كيف نستطيع العيش والعدو رابض بأرضنا وارواحنا؟
كلما نظرت وأمعنت النظر فى واقعنا وحياتنا ،أحزن حزناً شديداً .
العراق سرق من بين أيدينا وشاركنا العدو فى سرقته، وكما سرقت فلسطين من قبل؟
سوريا والطريق المستقيم للإستقامة كما يريد العدو وإلا الغزو والتفكيك.
لبنان على شفا حفرة من الضياع.
الأردن وما أدراك ما الأردن؟
السودان الشقيق وعما قريب سيصير دويلات متعددة الجنوب والشمال ودارفور .
ثم المشيخات ..والليل الأمريكى المهيمن والمسيطر والحاكم بأمره .
آه من هذا الحزن القاتل ..
الألم يعصرنى ويسحقنى .دول المغرب العربى..المغرب تونس الجزائر ليبيا ،
أين هم على الساحة ؟
ويعيدنى للواقع ويشدنى إليه شداً ويملأ عقلى وقلبى صوت الحرية القادم والثورة على الأبواب.
ثورة الجياع.
ثورة المقهورين ..
ويأتينى، من بعيد ،الصوت الشجى .. صوت فيروز تصدح ..تشدو ..تزرع،فى كيانى الأمل :
سوف نحيا .........