بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 يناير 2015

بهجة الإبداع ..وهذا الغثاء!

بهجة الإبداع ..وهذا الغثاء !!

"كان ياما كان ملاح،
زرع حديقة على شاطئ البحر 
وجعل نفسه بستانياً.
الحديقة أزهرت ،
أما البستانى 
فانطلق فى بحار الله "أنطونيو ماتشادو



(1)


من الثابت تاريخياً ، أن الإبداع الثقافى فى أى بلد من البلدان ، إنما يعبر عن حقيقة هذا الشعب ،وإمتتازه وتميزه واستحقاقه وبجدارة؛ أن يكون شعباً راقياً متحضراً .
وليس الإبداع الثقافى إلا ثقافة الشعب المستمدة من أرضه وسمائه وطينه وترابه وهوائه ومائه ومشاكله وهمومه وتطلعاته وسموه ،
هو التراكم المعرفى عبر عصوره المختلفة .
المبدعون حقاً ..هم الذين يحملون المشاعل فى وسط هذا الليل المتزاحم .
،وهم الذين يرسمون الطريق الواضح الجلى ،وهم الأقدر عل التنبؤ بما سيكون .
هم الأوسع إدراكاً ومعرفةً، والزارعون فى وجدان الشعب الجمال والحب والخير والسمو والرفعة والرقى والتحضر .
فالأدب هو أنفاس الحياة ورحيقها الآخاذ.
هم الذين يفتحون كل الأبواب ويكتشفون المجهول من خبايا النفوس .
وهم الذين يقودون المجتمع إلى الأجمل والأسمى والأعظم والأفضل ،فإذا انحسرت عنهم صفات الإبداع وتلاشت من عقولهم فكرة القيادة ،وصاروا يتخبطون فى تيه الجهل وسمادير التوهم ..أصبحوا عبئأ ثقيلاً وهماً مكروهاً ،وواقعاً يتبرأ منه الجميع ،لأنهم يمثلون وبلا أدنى شك إنحداراً ثقافياً شاملاً،ومرضا مزمنا،ً ينبغى الشفاء منه .

الثقافة هى ماتجعلنا نشعر بأننا أحياء ،فالثقافة هى الحياة .
ومن تأتى الثقافة ؟؟
أليس الإبداع هو الرافد المتجدد ..إنها الحياة المتجددة .فعندما نقف أمام آثار الذين سبقونا ..نقف بخشوع وشموخ ونهتف :ماكان لهذه الحضارة أن تُباد ..إنها السعى الحثيث نجو الجمال والخلود.
كل مبدع فى أى فن من الفنون ،هو فى الحقيقة قائد وباحث وناقد ..إبداعه الحق هو منارة من المنارات الهادية فى ليل الظلمات والخناجر ..تسمو به النفس وتشمخ به العقول ويستأثر بالوجدان .
إنه يمسك بمبضع الجراح النطاسى ويزيل التشوهات النفسية والإنحرافات الوجدانية ويصنع المعجزات، فى هذا الجسد، أقصد العقل، ويسير به إلى إنسانيته التى فقدها عبر عصور التخلف والمرض والجهل ،يعود به إلى بكارة الحياة .

ومن ثم كان المبدع دنيا من الثقافات المتنوعة وعالماً من الفنون ،الإبداع ساحة القتال ،والقلم هو سيلة الدفاع واللغة جنوده وسلاحه الباتر والقاطع، وهدفه غرس القيم وبعث الأخلاق وتربية الضمير وترقيق المشاعر .

(2)

كلما أمعنت النظر وأطلت التحديق ،فى ما تجود به قرائح المبدعين ،غمرتنى السعادة الحقة وهزتنى التساؤلات ..البداية والنهاية ،الحاضر والمستقبل ،الحب والكره،الموت والحياة .

من أنا ومن أكون ؟
كيف تكون للحياة معنى ؟؟

أزعم أن ما من إنسان أتى إلى هذه الدنيا إلا وله رسالة يؤديها ..هى دين لابد من سداده والوفاء به ،حتى الأشرار لهم رسالة يقومون بها.

فلولا الشر ماسعينا نحو الخير .
ولولا الأمراض ما اكتشفنا الدواء .
ولولا الظلمة ماحرصنا على اختراع الأنوار .

وبمرور السنين تأكد لى، أن المبدعين هم أصحابى وأهلى وعشيرتى التى تأوينى من هجير الواقع وسخافة البشر ..وهم الصفوة الذين ألوذ بإبداعاتهم وأحتمى بسطورهم وأهيم عشقاً وسعياً وراء كتاباتهم .وأنضوى تحت ظلهم .

إن مات صوتى على اليابسة ،
فاحملوه إلى البحر 
واتركوه وحيداً على الشاطئ.
احملوه إلى البحر
وعينوه قبطاناً
على سفينة حربية بيضاء.
أيا صوتى ،
تزينك علامة البحر :
فوق القلب مرساة ،
وفوق المرساة نجمة ،
وفوق النجمة الريح،
وفوق الريح الشراع.




رافاييل ألبرتى 

(3)

وأتوه فى بحار الأدب العالمى ،المعين الذى لاينضب ،وأخترق الفيافى وأهيم فى المفازات ،منقباً عن الجمال والحب والبحث عن الإنسان الذى خلقه الله وأودع فيه جلائل الأفعال.

هذا الإنسان الذى فضله الله على جميع مخلوقاته .
كانت أمانة الكلمة هى العبء الأكبر .
كانت أمانة الصدق هى الفاعل الأول فى مسيرة الإنسان .
كانت أمانة الحرية هى أعظم مسؤولية حملها الإنسان على عاتقه .

ما أرق حديقة طاغور الشعرية والأدبية !!

ما أعمق ماكتبه،وكما أزعم، أعظم روائى فى العالم فيودور دوستفيسكى !!

الجريمة والعقاب ..ياله من عمل شامخ !! تأتى عليه السنون وتمر ..وهو باق لاينتهى الحديث عنه .
الإخوة كارامازوف والعبيط والمراهق والمذلون المهانون .......هذا الجمال والعمق والسباحة فى بحر الروح والغوص دون هوادة فى أغوار الإنسان .
كانت كتاباته إيذاناً بسقوط الأباطرة والبحث عن عالم جديد.

حبيبى وصديقى ..تشيكوف ،هذا الطبيب العبقرى ورائعته "الفلاحون " وعنبر 6 ..و..و.. ومسرحياته الخال فانيا وطائر النور س .....
لن أنسى ماحييت رائعته لمن أسرد أحزانى .قصته القصيرة ..قرأتها فى سنواتى الخضراء ..عشت مع الحوذى وحصانه المستمع الجيد لأحزان هذا الرجل فى زمن تقطعت فيه الأرحام وسادت قيم الغدر والنذالة والجشع .
كنت أقرأها بل أكاد أحفظ سطورها ..
ورائعته الأخرى موت موظف والسيدة صاحبة الكلب ..كتابات إدانة لمجتمع يتهاوى عجزاً وانهياراً ..

بل لا أنسى هذا المجلد الضخم الذى أصدرته دار الشرق الجديد كما أذكر .. لقصص العبقرى تشيكوف ترجمة الدكتور القصاص .

كانت كتاباته تطالب بحتمية التغيير واسترجاع الإنسان الذى خلقه الله وأودع فيه جمالاً وخيراً كثيراً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق