بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 يونيو 2017

حكايات الليل والنهار


التاريخ حكاياتٌ ترويها الأجيالُ جيلًا بعد جيل ،منذ فجر الضمير الإنساني وتوثيق حكايات الليل والنهار لاتنتهي .
تاريخٌ مغرقٌ فى القدم يطرح تساؤلات لما حدث فى الماضي البعيد البعيد ،عبر حضارات بائدة ،لكنها خلفت آثارًا وتراثًا مرئيا ومكتوبًا ومنحوتًا .
حكاياتُ الليل والنهار ..تاريخٌ يُروى،ملتمسًا السعي نحو تقييم الواقع المعايش وفيما يدور في عالمنا ،شرقه وغربه وشماله وجنوبه.
كتاباتٌ من القلب الموجوع ،ومن العقل الذى يعيش الوجيعة والمأساة لواقعنا المتخلف وكأننا خارج التاريخ.
لو تأملنا مايدور على الساحة العالمية ،وبعين فاحصة وعقل واع مدرك لتبين لنا مدى التخبط والفوضى والليل الطويل الذى لافجر له.
حكاياتُ الليل والنهار ..إطلالة فكرية وأدبية وسياسية وإجتماعية وعلمية وثقافية ولكل مايجيش به الصدر من أفراح وأتراح وهموم ومباهج.
إنها أوراق منثورة فى وجه الريح العاصف الذي يجتاح واقعنا وبقسوة .
إنها وقفة الذات مع نفسها ومع ذوات الآخرين ومع الحاضر الآني ،بكل حصاده الحلو والمر ،وما يستشرفه العقل من مستقبل زاهر لأوطان تعيش فينا .
إنها وقفة قبل المنحدر وشهادة صادقة عما نعانيه .
إنها حكايات الليل والنهار ..ثم التطلع لمستقبل زاهر مرسوم بعناية لزمن قادم.
أنها كتابات خضراء فى زمن الجدب والقحط والبوار وسرعة الانحدار نحو التمزق والتشرذم والفناء.
إنها محاولة للنهوض من جديد فى عالم الكبار الأقوياء المهيمنين على مقاليد الأمور .
إنها المشاركة الفعالة فى صنع حياة أفضل لشعوبنا المغلوبة على أمرها وقياداتها العابثة بمصائرها عبر عقود وعقود.
إنها ...
حكايات الليل والنهار.عبر رحلة التاريخ الممتد في عمق وادي النيل وصناعة الحضارة ديدن المصري ودأبه ، فلم تكل يداه عن العمل الشاق المنتج لعناصر الحياة وكتابة تاريخه على جدران المعابد ولفافات البردى.
في زيارة قمت بها وزوجتي في فبراير 2012م عشت بين التراث الإنساني الخالد بالأقصر وأسوان ،جال بخاطري خاطر ..هكذا صنع القدماء ، فماذا فعلنا نحن ؟!
كانت حتشبسوت في معبدها الأنيق تنظر إلينا في دهشة وانكسار ..لم يفت نفرتيتي طرح هذا التساؤل :
مالذي جرى حتى تدخل مصر في دوامة لاتنتهي من صراعات وانشقاقات وتدهور وتخبط وإفلاس ؟
مابين تاريخين ..أين العلاج الناجع ؟
وتهمس لي نفرتيتي :

اقرؤا التاريخ جيدا ثم تعالوا لنطرح الحلول.
علينا_ سيدتي الجليلة سلوى _ تنفيذ الهمسة ..فربما كانت سفينة الإنقاذ قبل الغرق.

عشت سنوات طويلة مع القراءات في شتى مجالات الأدب والفكر والتاريخ .
كنت مشغولا بالحضارات القديمة ، قيامها وازدهارها وعوامل سقوطها..ودارت الأيام والسنون وحصلت على الدراسة النقدية التاريخية لجيبون عن إزدهار وسقوط الحضارة الرومانية ..ثلاثة مجلدات مختصرة للدراسة الأصلية كبيرة الحجم .
وسعيت للبحث عن باقي الحضارات في العالم القديم ..
لكن اللافت للنظر تشابه عوامل سقوطها في مشرق الأرض ومغربها..وسأحاول_ سيدتي _ الحديث عن هذا الكتاب مستقبلا.

طقوس العشق والغربة ...تجليات نقدية


بياتريس
"حقول من العشق ،
أنت.
فادخلي في مسام الجلد
واسكني في وجه روحي"

______________________________
استهلال لابد منه

الإنحياز لجوهر الإنسان والدفاع عن إنسانيه والحفر عن الجذور العميقة للوجدان الإنساني المتوراية تحت طبقات الغبار اليومي ،لهي القضية الأولى التى حملت مسؤوليتها ماجي نور الدين وصارت توليها كل اهتمامها .

إنها سليلة حضارة إنسانية خالدة ،فجر الضمير والوجود الإنساني الشامخ.

إنها النبع الصافي الذي يمدنا بأسباب الحياة ،بأنماط أنثوية تذوب ولها وعشقا وحبا للحياة .

إنها العائدة وبقوة لجذورها ،مثلما قالت إحدى جداتها :

"
إن قلبي يخفق سريعا ،
عندما أذكر حبي لك،
ولايجعلني أسير كبني الإنسان،
بل أفزع من مكانه .
ولايجعلني أتزين بلباس،
أو أتحلى بمروحتي ،
إني لا أضع كحلا في عيني ،
ولا أعطر نفسي قط
(لاتنظري بل عودي إلى البيت)
هكذا يحدثني ،غالبا ،قلبي كلما ذكرته
لا تلعبن دور المجنون ياقلبي؛
لماذ تلعب دور الرجل المخبول؟
اهدأ إلى أن يأتي لك المحبوب
ولاتجعلن القوم يقولون عني ،
إنها امرأة قد أقعدها الحب .
كن ثابتا كلما ذكرته ،
أنت ياقلبي ولاترخين لنفسك العنان."

من أوراق شستر بيتي ،أغان غزلية ،مصر القديمة ،سليم حسن ج 18 ص174

إنها تستحضر الموروث من التراث الغزلي المضيء وتتكأ عليه رغبة منها، أن يتجاوز أبناء الحاضر إملاقهم الروحي والفكري وأن ينبشوا فى أعماقهم عن الإنسان بعشقه وجماله وصفاء روحه وأن تصبو أرواحهم إلى صبوات مشروعة ومتاحة .

إنها تغوص إلى عمق النفس الإنسانية وجوهرها وتصبح واعية بتوحدها مع بني البشر ومع الكون بأسره ،وبهذه المقدرة الفذة وبالثقة التي تتحلى بها ،تعمل على خلق الصور التي تدهشنا وتسلبنا عواطفنا وتعبر عن النظام الكلي الأشمل في عمق الشعور الإنساني الذي خلق في أحسن تقويم.

في قلب المواجهة الشرسة لتقلبات العصر وتغيرات الواقع الذى اجتاح كل شيء ،من أعماق الجذور التي تمدنا بالحياة واحتراق المشاعر والعواطف السامية وتفحمها ،تقف
ماجي نور الدين متحدية هذا العقم وهذا الإفلاس وهذا التدهور ،منددة بهذا الجفاف والبوار الذى أكل الأخضر من مساحات حياتنا وإنسانياتنا وعواطفنا والقلب المتحجر والروح الخاملة الخامدة التى هبت عليها الريح فأطفأت وهجها وتوهجها وتألقها .

إنها رحلة العشق والجمال والحلم بإنسان آب لإنسانيته ووعيه وجماله وحريته وصحوته من غيبوبة قاهرة هيمنت عليه طويلا .

إنها سباحة في بحر العواطف المشبوبة .

هكذا ستكون رحلتي
بقاربي الصغير في هذا البحر الذي لاساحل له..ملتمسا الحصول على بعض لآلئه ودرره الثمينة .

فلنبدأ الرحلة :

(1)

لم تكن الرومانسية وليدة اليوم، بل هي نظرية أدبية ومدرسة نقدية ومذهب فكري منذ عدة عقود مضت ،وأصبحت تعني كل الأشياء المرتبطة بالخيال الجامح والغرام الملتهب والسباحة في عمق الروح الإنساني والوجود البشري ولم تقتصر على الشعر فقط ،وإنما في النثر والمسرح والرواية .

ويقول مصطفى صادق الرافعي عن الشعر والشاعر:
"والشاعر الحقيق بهذا الاسم أى الذي يغلب على الشعر ويفتح مغاليقه ويهتدي إلى أسراره ويأخذ بغاية الصنعة فيه ،تراه يضع نفسه في مكان مايعانيه من الأشياء ومايتعاطى وصفه منها ثم يفكر بعقله على أنه عقل هذا الشيءمضافا إليه الإنسانية العالية ،وبهذا تنطوي على الوجود فتخرج الأشياء في خلقة جميلة من معانيها وتصبح هذه النفس خليقة أخرى لكل معنى داخلها أو اتصل بها .ومن ثم فلاريب أن نفس الشاعر العظيم تكاد تكون حاسة من حواس الكون ...

ويسترسل الرافعي قائلا:
وليست الفكرة شعرا إذا جاءت كما هي في العلم والمعرفة ،فهي في ذلك علم وفلسفة ،وإنما الشعر في تصوير خصائص الجمال الكامنة في هذه الفكرة على دقة ولطافة ."

وليتسع الوقت بنا كي نبهج الروح بما يصير شعرا صافيا .

تقول ماجي نور الدين:

& من مروج القلب أقطف لعينيك
باقات من أزاهير الشوق ،،
ولك أطلقت أسراب الوجد شاديات بالهوى
فوق الغمام .... ،،
حبك يحمل فؤادي إلى أبراج العشق والنقاء
فاقترب .. اقترب ... كي أذوب عشقا وحنانا
على شفتيك .... !!!

& عندما أفكر فيك ..
أجدني برعم ياسميني ندي يتمايل على نبض
قلبك الحاني ،،
أجدني نغمة حالمة تتناثر من فؤادك
تراتيل نقاء صباحية ،،
أجدني طفلة النور التي تولد من رحم الحب
على يديك فتحيل المساء إلى صخب لا ينتهي ،،
تعال لنقرع أجراس أشواقنا ليعود لليلنا هذا الصخب
الذي كنا نعشق ....!!!

& على حدود الشوق ...
علقت كل حقائب أحزاني ..
وأبقيت حقيبة العشق .،،
لاستخرج الحنان الرابض في كفيك ..
وطفل الهوى يلهو وسط حدائق الفرح
إني احترفت الموت عشقا على شفتيك .!!

& أيها المتسلل إلى وحدتي وسكون ليلي بنعومة
ماذا أقول والكلمات لم تعد تغربها مشاعري ..؟!
فلقد أصبحت نديم كلماتي وصمتي
وأن لطيفك وحشة قوية حين يغيب ...
وأن المسافات الزمنية التي كانت تفصل بين غيابك
وطيفك تمر بطيئة متوترة بالشوق واللهفة ..
ولكن ...قل لي : كيف أخبرك أكثر ... من أنت ؟!

& في هذه الليلة ...
سأعلق أرجوحة العشق بين الروح والقلب
وسأهدهد طفل قلبك وأغني لك ...
وسأغلق أنوار القلب وإلى أحلامي فيك ...!!

(2)

هذا البوح الإنساني الراقي الذي يفتح مغاليق القلب وتسري الدماء الحارة في جنباته ويستلهم ذوقه وصدى عاطفته ويترك النفس على سجيتها واتباع الفطرة والطبع الخالص.
هذا البوح الذي يشكل عملا أدبيا راقيا.

ويقول الدكتور عزالدين إسماعيل :

"العمل الأدبي هو التعبير عن تجربة شعورية في صورة موهبة ،فالعمل الأدبي وحده مؤلف من الشعور الحقيقي والتعبير، والانفعال بالتجربة الشعورية يسبق التعبير عنها"

ومن ثم كانت الرومانسية في مجملها دعوة صريحة إلي سبر أغوار خلجات النفوس والتأملات الفكرية وهزات العواطف الوجدانية والبعد عن التكلف والتخذلق والتصنع والدعوة إلى البساطة وصدق التعبيرونصاعة اللغة ودقة البيان .

وماجي نور الدين .. .قصيدة طويلة لانهاية لها ،تمكنت ببراعة تحسد عليها ،عبر كتاباته النثرية الشعرية الفارقة، أن تنطلق بحاستها الفنية الرفيعة وعاطفتها الجياشة وخيالها البديع ،أن تكتب نثرا وموسيقى وصورا شعرية فاتنة، وأن توقظ فينا لذة عاطفية وروحا خلابة واشتهاءا لايبيد ولايفنى.

أقول.. إنها متتالية شعرية راقية تستلهم كتاباتها من نبع صاف رائق وجدول رقراق ،فلم تضع عنوانا لما تنشره من أريج وشذى وعطر فواح ،وقد عييت كثيرا ،طوال متابعتي لكتاباتها الحالمة الوجدانية الغزلية الجانجة إلى الحب الصوفي ،فالحب لديها متعة للروح لا للجسد رغم ما يشيع فيه من ألفاظ الحنان والعشق والشوق والحرمان والعذاب والأرق ، فلم أعثر على عنوان لما تنشره إلا قليلا قليلا.


وخماسيتها التي نشرتها تؤكد هذا المنحى الذي تسلكه في سخائها العاطفي المسترسل بلا قيود .

تقول :
"من مروج القلب أقطف لعينيك
باقات من أزاهير الشوق ،،
ولك أطلقت أسراب الوجد شاديات بالهوى
فوق الغمام .... ،،
حبك يحمل فؤادي إلى أبراج العشق والنقاء
فاقترب .. اقترب ... كي أذوب عشقا وحنانا
على شفتيك .... !!!"

هنا أتوقف عند دقة الوصف وروعة اللفظ" مروج القلب " " باقات من أزاهير الشوق""أسراب الوجد"
لغة فاتنة تعيد إلى ذاكرتي ماكتبته نازك الملائكة للنهر العاشق .

(3)

تقول ماجي نور الدين :

"حبك يحمل فؤادي إلى أبراج العشق والنقاء"

ولكن هذا الحب الذى تاه في تعريفه الفلاسفة ..كيف يكون؟؟؟

ويسمع تساؤلي نزار قباني فيرسل لي ورقة كتب فيها:

"ما هو الحب؟
سألنا عنه أهل البر والتقوى ...ولكن دون جدوى
سألنا عنه أهل الرأي والفتوى..ولكن دون جوى
وسألنا عنه أهل الكأس والنجوى ..ولكن دون جدوى
وسألنا عنه أهله :
ترك البيت صغيرا ..
وعلى راحته يحمل عصفورا وغصنا
وسألنا ،كل من عاصره ،عن سنه
فأجابوا ساخرين :
ومتى كان الهوى يعرف سنا؟؟
"

لحظة التفكير العميق التي تمتلأ بها الروح للبحث عن الحبيب ،يبدأ التحول من إنسان إلى برعم ياسميني ندي ، تهزه نبضات قلب الحبيب ونغمة حالمة متناثرة ...
ثم تصير طفلة النور الذي تولد من رحم الحب ..
هكذا يبدأ توظيف الأساطير ،تحول الكائنات في الملاحم الإغريقية واليونانية .

فلنقرأ هذا الجمال الفني :


"عندما أفكر فيك ..
أجدني برعما ياسمينيا نديا يتمايل على نبض
قلبك الحاني ،،
أجدني نغمة حالمة تتناثر من فؤادك
تراتيل نقاء صباحية ،،
أجدني طفلة النور التي تولد من رحم الحب
على يديك فتحيل المساء إلى صخب لا ينتهي ،،
تعال لنقرع أجراس أشواقنا ليعود لليلنا هذا الصخب
الذي كنا نعشق ....!!!"


وأهتف بالعاشقة /طفلة النور :

أنت لست إمرأة عادية
إنك الدهشة والتخمين
والآتي الذي لاينتظر
كيف وفي لحظة كشف وتجلي
تخرجين الماء من قلب الحجر ؟
كيف في لمسة هدب
تجعلين القمر الواحد مليون قمر؟

نزار قباني

(4)
& على حدود الشوق ...
علقت كل حقائب أحزاني ..
وأبقيت حقيبة العشق .،،
لاستخرج الحنان الرابض في كفيك ..
وطفل الهوى يلهو وسط حدائق الفرح
إني احترفت الموت عشقا على شفتيك .!!

هذا السفر في العشق والوصول إلى حدود الشوق وترك كل الحقائب الحزينة التى تحمل الذكريات المؤلمة والإبقاء على حقيبة واحدة ،ألا وهي حقيبة العشق كي تستخرج،من كفي المعشوق، الحنان الراوي لغلة العطش وطفل الهوى "كيوبيد الغرام" هذا اللاهي في حدائق الفرح،والتمني بالموت عشقا على شفتي المعشوق.
ما أبرعها من صورة فنية مرسومة بعناية لعاشقة مغرمة ومعشوق فاتن !

ويحمد للكاتبة استخدام الأفعال في زمن المضارع"أبقيت ،أستخرج،احترفت " بعدما علقت "فعل ماضي" حقائب الأحزان ،لكي تنقلنا من زمن مضى إلى زمن الحضور والتألق .


أود الانتباه إلى أن هذه القراءة لنصوص ماجي نور الدين ،هي قراءة إنتقائية "
لأن أية قراءة ليس في وسعها أن تتحول من الانتقاء إلى المتابعة الكلية ،وكل ماتقوم به لتوسيع دائرة الانتقائية ،هو أن توجهها إلى الظواهر ذات الطبيعة الانتشارية ،بحيث يكون الجزء معبرا عن الكل ،لأن هذا الجزء لم يكن انتشاريا فحسب ،وإنما كان ذا حضور لازم يكاد يفوق سواه من الظواهر التعبيرية التي لها حضور واضح " الدكتور محمد عبد المطلب

إن الناظر في النصوص المنشورة على صفحة ماجي نور الدين بالفيسبوك وماتنشره بموقع ملتقى الأدباء والمبدعين العرب يلاحظ ملحظا هاما وضروريا، أن النفس الطويل في حالة العشق والشوق لاتبرح الكاتبة، وإنما هي حالة شعورية مهيمنة على حياتها ،
فكأنها قصيدة حب تمشي على قدمين تنثر عبيرها الفواح أينما كانت .

ومن نصوصها المنشورة :

- عندما ألمحك طيفا وتتساقط حروفك كزخات المطر
في أوردتي ... أصبح تلك الانثي الاستثنائية ،،
فأغرم بك أكثر ..!!
-- منذ إبحارك إلى شواطىء حلمي جعلت روحي تدور
في فلكك .. وأحاسيسي تغفو فوق ضفافك ... فأتوسد
مقلتيك و التحف أشواقك ...!!

-- في مساء خلا منك يتحول نبضي ويتموسق على
صفحة السماء .. فيتوغل بك عشقا يتطاير ليرسم على
شفتيك .. آهة شوقي و بسمة ثغري .!!
-- دعني أتسرب من خجلي لدمائك دون مضايقة ..
دعني آتيك على مهل بمراس .. بسذاجة طهري
بطفولة قلبي ... أتندى ،، لا أطلب شيئا تعطيني
فاسمك محفور بجبيني ... لا بدء لحبك لا حدا ..!!

تتحدث عن الأنثى الإستثنائية التى لاتشبه من نراه من إناث ، إنها جوهرة ..قلّ أن ترى لها مثيلا ،في خفقان القلوب بين الضلوع . وتطل من ذاكرتي ماكتبه الشاعر محمد الشهاوي عن المرأة الإستثنائية ..يقول :
""
هي مدينة تشبه الشمس
إلا أفولا
على شاطى الألق المترقرق
مفعمة بلهيب الوضاءة
مترعة بأريج الأنوثة
تسلم أعضاءها ليد السحر
ترسم في جسمها الغض
أحلى الأساطير
ماذا يقول لسان المزامير عنها
إذا ما أراد لنا
أن يقولا
هي مدينة تشبه المستحيلا..""
.....

لكني مفتون بهذه الروح الخضراء التي تسخو في عطاياها ، وأقول :
"عندما تضحكين
يبتسم وجه المدينة
وتركض السنون خلفي
وخطوتي ، في سباق العشق ، خيول صاهلة.
تغدو المسافات بددا
وتشعل نارها في القلب
وتصهرني بسحرها
حريقا بلا إنطفاء."

(5)

"المعاني القائمة في صدور الناس،المتصورة في أذهانهم ،والمتخلجة في نفوسهم ،والمتصلة بخواطرهم ،والحادثة عن فكرهم مستورة خفية ،وبعيدة وحشية،ومحجوبة مكنونة ،وموجدة في معنى معدومة ،لايعرف الإنسان ضمير صاحبه ،ولاحاجة أخيه وخليطه،ولامعنى شريكه والمعاون له على أموره ،وعلى مالايبلغه من حاجات نفسه إلا بغيره،وإنما يحيىي تلك المعاني ذكرهم لها ،وإخبارهم عنها ،واستعمالهم إياها ،وهذه الخصال هي التي تقربها من الفهم ،وتجليها للعقل ،وتجعل الخفي منها ظاهرا ،والغائب شاهدا ،والبعيد قريبا .
وهي التي تلخص الملتبس ،وتحل المنعقد ،وتجعل المهمل مقيدا،والمقيد مطلقا ،والمجهول معروفا،والوحشي مألوفا،والغفل موسوما ،والموسوم معلوما،وعلى قدر وضوح الدلالة وصواب الإشارة ،وحسن الاختصار ،ودقة المدخل ،يكون إظهار المعنى . وكلما كانت الدلالة أوضح وأفصح ،وكانت الإشارة أبين وأنور كان أنفع وأجدى . والدلالة الظاهرة على المعنى الخفي هي البيان ......والبيان اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى ،وهتك الحجاب دون الضمير ،حتى يفضي السامع إلى حقيقته ،ويهجم على محصوله كائنا ماكان هذا البيان،ومن أي جنس كان ذلك الدليل ،لأن مدار الأمر والغاية التى إليها يجري القائل والسامع إنما هو الفهم والإفهام ،فبأي شيء بلغت الأفهام ،وأوضحت عن المعنى ،فذلك هو البيان "

 عبد السلام هارون

حاولت في هذا الاقتباس الطويل بعض الشيء، أن أرتكن على أن النثر الفني الذي يخلب النفوس ويمتع العقل ويبهج الروح ،إنما هو البيان ومحصول الثقافة عند القائل واستجابة المتلقى بوعي وإدراك وفهم وتفهم .

ومن خلال متابعتي للمنشور من نصوص ماجي نور الدين ومقدرتها في رسم المشاعر بالحروف والكلمات وانبعاث الموسيقى بين سطورها، محلقة بالروح فى سماوات إبداعها ،بهذا البيان الرفيع .

تكتب ماجي نور الدين :

ياسيد الحلم ...
كيف حبك المتموسق على أروقة النزف ولغة
موجات حنينك تخطف أشرعتي نحو يم اشراقاتك
النورانية الرابضة على غيمة حلمي ..؟!
** حنين عينيك سفني نحو وطن على أهبة الرحيل
في عمق غرامك نبيذ البوح سيعتق من نزف
شرفات عينيك ...!!
** سأعيد ترتيب كتابة تاريخ وجودك في دمي
حين أنزفك من رحم الأبجدية ..،،
ودعني أرتب زمن العشاق وحروف الحنان
على أرفف الانتظار إلى حين قدومك إلى ساحات
عشقي ..
لتتحرر ممالك وجودك على خارطة جسد أنهكته
لعبة التخفي من أسر الغرام .

(6)
هذا التأليف الموسيقى الخلاب الذى برع فيه الموسيقيون ألا وهوقالب الصوناتة وتعني العزف منفردا على آلة من آلات الموسيقى "البيانو".

ولبيتهوفن ،هذا الموسيقي الأعظم في تاريخ الموسيقى، صوناتة مشهورة تحت اسم متداول "ضياء القمر"والتي أستمع إليها اللحظة ، والمكونة من ثلاث حركات تذهب بالوجدان إيما مذهب ،إنفعالات وأحاسيس ومشاعر،وتتماوج فيه النفس بين إنبساط ورقة وعذوبة وانفعال قاس.. ولاتتجاوز خمسة عشر دقيقة ..فهي دفقة شعورية موسيقية خلابة .

ومن خلال متابعتي لنصوص ماجي نور الدين ،المتذوقة للموسيقى الكلاسيك ،يتأكد لي أنها مفتونة بقالب الصوناتة ،موسيقى وشعر، وكأنها الدفقة الشعورية المتوهجة للروح العاشقة التى تسبح في سماوات الشوق والعشق والفتنة .

تكتب :
العمر يمضي بين حقولك
بارد هو ليلي عندما يخلو منك
وزهرة لهفتي تتفتح ببستاني
وقلبي المعلق بين طوفانك وغيابك
يسألني .....:
عن شعاع يتسلل في روحي
يستبق حضورك الهائل ...
وتلعثم قلبي في فضاءات حضورك
عندما أرى زرقة ابتسامتك التي تشبه
نصوع فجرك ببابي ....
أركض إليك عاشقة ...
تعتق نبيذ الحنان على شرفات عينيك
فأنت اكتمالي وشهقة الهمس ورعشة الخجل
حينما تهامسني ... تدللني ..،
فتعال لنحيل صمت الليالي إلى ضجيج الهمس
لأحبو على صدرك ... لتكتمل فصول الوجد
لأكون قبيلتك ووحي أسرارك ..
وهطول حنانك على شاطىء أحزانك
تعال ... فلقد هيأت لك روحي
حين صادرت جميع هواجسي
لأكون لك الشطظ±ن والمد والجزر
وضجيج سرك وروعة طوفانك .

إن هذا الانسجام بين الشكل والمضمون نجده في هذه المقطوعة الثرية شديدة الثراء الجمالي ،إنها كالمغناطيس الذى يجذبنا جذبا رقيقا نحو جوهر الإنسان الروحي ..
قرأت هذه الصوناتة أو المقطوعة أو النص ،فجميعها تؤدي إلى ما أسعى إليه من وعي بصورة جمالية فائقة الجمال والفتنة الفنية .

وأزعم أن ما أكتبه ،هو كتابة متذوق محب للكلمة في أسمى درجات بيانها ورفعتها ،ولا يخطر ببالي أنها كتابة ناقد متمكن من أدوات النقد ،فللنقد رجاله وأدواته .

ولست أدري لماذا تذكرت إحدى السونيتات رقم (75) لشكسبير ،ترجمة كمال الديب:
هكذا أنت لي ،مثلما القوت للجسد الحي ،قوت الحياة
مطر موسمي يهل على الأرص يخصب أعراقها.
وأنا بين أمرين في حيرة تتنازعني الرغبات
مثلما تتنازع شخصا بخيلا قوى ثروة نالها
فهو يزهو بها برهة ،يشتهي أن تراها العيون
ثم يخطفه خوف أن يستبيها الزمان
وأنا برهة أشتهي أن نكون معا وحدنا ،وأكون
لحظة لاهفا أن يرى الكون أنا معا ،عاشقان،
ثم تخطفني ،لحظة ،نشوة أن نكون معا،أن أراك،
فتكون لعيني ،لي ، متعة،كوثرا ، وغذاء
وأنا أذوب حنينا وجوعا إلى نظرة منك ،لارغبة في امتلاك
لا ،ولا لاهثا خلف فيض الملذات ،خلف البهاء
غير مانلته منك،أو ينبغي أن أنال بمحض رضاك
وكذا يذهب العمر بي ؛أتضور جوعا وأغرق في طيبات الولائم
فأنا متخم كل شيء لدىّ أو معدم أخمص البطن ،لانعمة ولاغنائم.