(1)
بين الخنساء وأنتيجونا ذكرى وعبرة
بين الخنساء وأنتيجونا ذكرى وعبرة
...................................................
أتذكر حكاية ترويها الكتب أن الحجاج الثقفى وأثناء حروبه الطويلة لتثبيت دعائم البيت الأموى وفى عهد عبدالملك بن مروان وشهرته الطاغية فى سفك الدماء للبيت العلوى الذى يناوئ الأمويين فى الملك والخلافة ،قد أسر ثلاثة رجال رجل وابنه وشقيق زوجته وحضرت الزوجة لاسترضاء الثقفى أن يفرج عنهم،لكن الثقفى طلب منها أن تطلب الإفراج عن واحد منهم ،فسكتت المرأة قليلًا ثم قالت: الزوج موجود والابن مولود والأخ مفقود ،أطلب الإفراج عن أخى
.
فتعجب الثقفى لمنطقها وأفرج عن الثلاثة
فتعجب الثقفى لمنطقها وأفرج عن الثلاثة
.
هذه الحكاية ماتفتأ تلح على ذاكرتى كلما إشتجر الأمر بينى وبين أشقائى ،فأصمت وأعفو لمن أضجرنى .
(2)
خنساء العرب أخت صخر التى ملأت الدنيا شعرًا وبكاءًا ورثاءًا لموت أخيها صخر الذى أحبته حبًا ملك عليها حياتها وأنطقها بقصائد عصماء فى ديوان الشعر العربى لاتنسى وتعد من مفاخر أشعار العرب.وأذكر من قصائدها:
يؤرقني التــذكـــر حين أمسـي فأصبــح قــد بليت بفــرط نكـــس
هذه الحكاية ماتفتأ تلح على ذاكرتى كلما إشتجر الأمر بينى وبين أشقائى ،فأصمت وأعفو لمن أضجرنى .
(2)
خنساء العرب أخت صخر التى ملأت الدنيا شعرًا وبكاءًا ورثاءًا لموت أخيها صخر الذى أحبته حبًا ملك عليها حياتها وأنطقها بقصائد عصماء فى ديوان الشعر العربى لاتنسى وتعد من مفاخر أشعار العرب.وأذكر من قصائدها:
يؤرقني التــذكـــر حين أمسـي فأصبــح قــد بليت بفــرط نكـــس
علــى صخر وأي فتى كصخر ليــوم كـــريهــة ،وطعــان حلــس
وللخصــم الألـــــد اذا تعـــدى ليــأخــذ حــق مظــلــوم بــقــنــس
فلــم أر مثلـــه رزءا لجــــــن ولــــم أمثـــلـــه رزءا لأنــــــــس
أشــد على صروف الـدهر أيدا وأفصـل فــي الخطـوب بغيـر لبس
وضيـف طـارق ، أو مستـجيـر يـروع قــلبــــه من كــــل جـــرس
فـــأكــرمــه ، وآمنـه فــأمسـى خـليــا بــالـــه مـــن كـــــل بـــؤس
يذكرني طلـوع الشمس صخرا وأذكــره لـــكـــل غـــروب شـمــس
ولــولا كثـرة البــاكين حولـــي علــى إخــوانــهــم ، لقتــلت نفسـي
ولـكن لا أزال أرى عـجـــولا وبــاكيـــة تنــــوح ليـــــوم نـحــس
أراهـا والهـــا تـبــكـي أخـاها عـشيــة رزئــه ، أو غـــب أمــــس
ومــا يبكون مثل أخي ، ولكن أعــزي النـفــس عنـــه بـالتـأســـي
فــلا والله لا أنســاك ، حـتــى أفــارق مهجتــي ، ويـشـق رمسـي
فقـد ودعــت يـوم فـراق صخر أبـــي حســـان لذاتـــي ، وأنســـي
فيا لهفتـي عليه ، ولهـف أمــي أيصبح في الضريح ، وفيه يمسي
(3)
أنتيجونا ..مسرحية سوفوكليس ترجمة طه حسين
أمر الملك كريون بعدم دفن بولينيس وألا يبكى عليه وأن يكون جسمه بالعراء فريسة للكلاب وسباع الطير ويوافق مجلس الشيوخ على هذا الأمر المخزى والمشين .
لكن شقيقته أنتيجونا ترفض هذا الأمر
"وتقول لأختها أسمينا :
أريد أن أوارى أخى وأخاك ،أجل هو أخوك وإن حجدت ذلك وأنكرته ،كذلك لن يلومنى الناس لأنى تركته غير مقبور .
أنتيجونا: لن ألح عليك بعد ،ولئن أردت الآن أن تشاركينى فيما أريد فعله فأنا لهذه الشركة رافضة ،افعلى ماتؤثرين .
أما أنا فموارية أخى ،فإذا أديت هذا الواجل فما أجمل بى أن أموت ،ولئن مت فإنما صديقة لحقت بصديقها.
سأودى واجبا عدلا ملؤه التقوى ،لأن الوقت الذى سأروق فيه إلى الموتى أطول من الوقت الذى سأروق فيه إلى الأحياء ،فسأكون قرينته أبد الدهر ."
وقامت أنتيجونا بمخالفة أمر السلطة الحاكمة ودفنت جثة بولينيس ولم تهدأ السلطة فعاقبتها بالحبس فى قبر ذى قبة لتموت ولتدفن حية فى المأوى ،لكن أنتيجونا عاجلته هذا الموت بشنق نفسها .
فالأخ هو شقيق الروح وملاذ الأخت والصدر الرحب الذى يضمها .
(4)
خنساء تونس الخضراء ...حبيبة شقيقها والتى تربطهما الروح والدم والذكريات
خنساء تونس الخضراء ..لاتنى تبكى أخاها وتشقى لرحيله وتنزعج أشد الأنزعاج لفراقه .
خنساء تونس الخضراء ..تكتب مرثية من قلب حزين أشد الحزن .
فلنقرأ ..هذا الشجن الأليم المؤلم .
فِي الذِّكْرَى الأُولىَ لِرَحِيلِكَ
يَا شُكْرِي
أَعْتَرِف
أعْتَرِفُ أنّ رَحِيلَكَ شَجَّني
بَعْثَرَني,بَدَّدَني, شَقَّني
فَطَرَني, شَتَّتَني
وما عُدتُ أنَا
بَلْ شَتَات بَقَايَا
وَ بَقَايَا شَتَات
تَرْفُضُ مَا تَبَقَّى مِنْ عُمْرٍ
وَ انْتِصَار
كُنْتَ حُرُوفًا لِلُغَتِي الَّتي
انْدَثَرَتْ
وَ تَاهَتْ مَعَهَا أَلحْاَنُ لَيْلِي
وَ النَّهَار
أَعْتَرِفُ أنَّنِي اشْتَااااقُكَ
جِدًّا
وَ أَحْتَاااااجُكَ جِدًّا
وَ أنَّنِي بَقَايَا احْتِضَار
ما عاد يُغْرِينِي صَباحِي
وَ لا قَهْوَتِي وَ لا حَتَّى
المَسَاء
مَا عَادَتْ تُشَذِّبُنِي أَمَانِيَّ
وَ لاَ الرَّجَاء
أعْتَرِفُ أنَّكَ كُنْتَ
انْتِصَارَاتِي
دُرُوبِي وَكُلَّ أَزْمِنَتِي
يَا ذَاكِرَتِي الّتِي سُحِقَتْ
يَا مَاضِيَّ الَّذِي انْدَثَر
رِفْقًا بِقَلْبِي السَّقِيمِ
فَأَنَا بَعْضٌ مِنْ بَعْضٍ
بِلاَ مَاضِي وَلاَ ذَاكِرَة
وَ لاَ حَتَّى أَمَل
أَعْتَرِفُ أَنَّكَ كُنْتَ حُرُوفِي
لُغَتِي,
وَكُلَّ الجُمَل(5)
يذكرني طلـوع الشمس صخرا وأذكــره لـــكـــل غـــروب شـمــس
ولــولا كثـرة البــاكين حولـــي علــى إخــوانــهــم ، لقتــلت نفسـي
الخنساء ،دائمًا، فى حالة حزن شديدة الوقع على النفس ،فإن أصبحت تذكرت صخرًا وتظل طوال اليوم تقتفى أثره فى الحياة التى عايشها وهو ينتقل من هن وهناك.
وتغرب الشمس ويزداد الألم فى صدر الخنساء ،ولو كثرة الباكيات على إخوانهم من حولها أنهت حياتها ،فالألم لايطاق لهذا الفراق المر الشديد المرارة .
وتأتينا خنساء تونس وتذرف الدموع الثقال ويحتل الحزن مساحات الصدر وتكتب :
إليك يا شكري
لا أجيد لغة الحياة بدونك و قد كنتَ حروفَها ..فجميع اللغات ضاعت بِرحيلك
و ضاااااع الكلام
°°°°°
لن أقول إني سأفتقدك لأنك ستكون فيّ..بين أضلعي ..و أوردتي...لن أقول إني سأشتاقك...لأن ما أحس به بعدك سيكون أكبر من كل اشتياق...فقط أريدك أن تعرف أنني سأكون غريبة من دونك...سوف لن يعرفني أحد في البلدة...سيقولون أخت شكري...لكن أين شكري؟ سأكون نكرة لكل من يراني ...ها أنا يتيمة من جديد....فقد كنت لي الأب و الأم و الأخ الصغير المدلل. و العزيز الغالي الحبيب...كنت لي ضحكة الحياة التي طالما افتقدتها...كنت لي الملجأ و المرفأ حين تتعب سفني و تريد أن ترتاح...
كيف رحلت يا شكري و تركتني أتجرع مرارة الحزن و الوجع....
ااااااااااااااااااه يا وجعي.....اااااااااااه...اااااااااااه...
مازلت لم أشفَ من اللوعة التي تركها فيّ توأم الروح محمد الهادي...ااااااااه...لم تمض خمسة أشهر و يفجعنا القدر فيك ياااا شكري...
حزيييينة أنا حد الموت ...حزيييينة ....
اااااااااااااه...ضاااااااااع الكلام....ضاع... فَحُزني أكبر من كل كلام الدنيا
اااااااااااااااااااه......................ما أصعب فراقك يا شكري...
رحمك الله و جعل مثواك الجنة
لن أنساك يا شكري..لقد كنت معي و أصبحت الآن فيّ..في كياني و بين أضلعي و جوارحي...
لا شيء تغير بعدك يا شكري...فالسماء هي السماء و البلدة هي البلدة و الحياة هي الحياة...لكن لا طعم لأي شيء بدونك..
لا شيء تغير سوى أنني احتااااااااجك أكثر ..و أحس باليتم و الغربة أكثر...
سأنتظرك كل عشية تطرق بابي لنشرب القهوة سويا..لنضحك و نتسارّ...و تلعب مع ياسمين كعادتك ..سننتظرك أنا و ياسمين تخفف عنا وحدة النهار...و تملأ البيت مرحا و سعادة..
ما أكبر مصيبتي بفقدانك يا شكري...الآن فقط أحسست و تأكدتُ أنك كنت تمثل الجزء الأكبر من عالمي الذي انهار برحيلك...
الرحمة يا ربي..ارحمني يا ربي و ألهمني الصبر على فقدان العزيز الغالي
رحمك الله و برد ثراك و جعل مثواك الجنة
يا شوكو...لن أنسااااااك و سأحبك أكثر...
(6)
حالكٌ يازمن التعاسة
وماتت كل الورود
وأينعت أشواك الشراسة
حالكٌ وليلك طويلٌ
والنهار ممعن ٌفى نعاسه.
هكذا أقول وأنشد مرات ومرات ،فماعادت للوجوه البشاشة .
خنساء تونس ..يهطل حزنها المدرار فيغرق الأرواح فى حزن شفيف .
أراها مسربلةً بليلٍ تلاطمت ظلماته ،وأسمعها عبر الفيافى والقفار والوديان وطول المسافات وقد مر أربعون يومًا على الرحيل تنزف روحها :
يَا يَوْمَكَ الأرْبَعين
يا نَزْفِيَ و الحِكَايَة
يَا ذاكِرَةَ اليَوْمِ الأخِيرِ
يا رَسْمِيَ البَعيدَ
يَا طِفْلِيَ الكَبِير
يا وَجَعِي
يا حُزْنِيَ المَشْرُوخَ
يا عُمْرًا ضَاعَ منِّي
فِي الدُّرُوبِ الآفِلَة
وَدَاعًا...يا تَوْأَمَ الرُّوحِ
وَدَاعًا
سَيَرْسُمكَ الخَيَالُ
فِي لَياَلِيَّ البَارِدَة
أَسْتَلْهِمُ دِفْئًا
مِنْ ضَحِكَاتِنَا الغَابِرَة
وَدَاعًا
يَا جُرْحِيَ النَّازِف
يَا نِصْفِيَ المَشْطُورَ
فِي صَمْتٍ
يَا كِبْرِيَ وَ الْألَم
وَدَاعًا
يَا شَجَنَ الرُّوحِ
يَا شَجَنِي
سَأنْزِفُكَ رِحْلَةً
لِحَكَايَانَا الجَمِيلَة
وَ أكْتُبُكَ قَصِيدَةً حَزِينَة
كُلَّمَا أشْرَقَتِ الشَّمْسُ
تُورِقُ بِيَ الذِّكْرَى
عَلَى شُطْآنِ القَلْبِ
تَنْثُرُ أَوْرَاقَهَا
عَلَى الضِّفاَفِ البَعِيدَة
يَفِيضُ بِيَ الحَنِينُ
وَ يَكْتُبُنِي جُرْحِيَ
وَ اللَّيْلُ
فِي سُهْدِكَ وَ الِبعَاد
وَدَاعًا
يَا فَرَحًا مَاتَ فِيَّ
وَ انْكَسَر
وَ غَابَ يَنْشُدُ طَيْفَكَ
الَّذِي لَنْ يَجِيء
وَدَاعًا
وَدَاعًا...يَا ذَاكِرَة َالشَّجَن
أعُودُ وَحْدِي
غَرِيبَةً لِلدِّيَارٍ البَعِيدَة
مِثْلَمَا جِئْتُ
مِثْلَ المَوْتِ
مِثُلَ النِّهَايَاتِ
يُدُمِينِي شَوْقِي إِلَيْكَ
يُمَزِّقُنِي
فَأَحْتَضِنُ حُزْنِي
عِنْدَ الفَجْرِ
وَ...وَ أنَام
(7)
وكان صباحا وكان مساءا
والموت بالمرصاد ..والخنساء تودع شقيقيها بنزيف الروح ودم المهج.
ويعصف بالفؤاد هذا الحزن الخريفى وتتناثر أوراقه على رصيف الحياة .
وها هو العيد يمر علينا ولم نذق فرحته ولم تشغلنا بهجته .
فمعذرة يا أشقاء الروح والدم
محمد الهادى ...وشكرى
كانت الخنساء تزور ويتردد فى مآقيها الدموع ويرتوى قلبها المكلوم بعطر أيام تولت .
وها هو صلاح عبدالصبور يقول:
زرنا موتانا في يوم العيد
وقرأنا فاتحة القرآن، ولملمنا أهداب الذكرى
| |
وبسطناها في حضن المقبرة الريفية
| |
وجلسنا، كسرنا خبزاً وشجوناً
| |
وتساقينا دمعاً و أنيناً
| |
وتصافحنا، وتواعدنا، وذوي قربانا
| |
أن نلقى موتانا
| |
في يوم العيد القادم.
| |
يا موتانا
| |
كانت أطيافكم تأتينا عبر حقول القمح الممتدة
| |
ما بين تلال القرية حيث ينام الموتى
| |
و البيت الواطئ في سفح الأجران
| |
كانت نسمات الليل تعيركم ريشاً سحرياً
| |
موعدكم كنا نترقبه في شوق هدهده الاطمئنان
| |
حين الأصوات تموت،
| |
ويجمد ظل المصباح الزيتي على الجدران
| |
سنشم طراوة أنفاسكم حول الموقد وسنسمع طقطقة الأصوات كمشي ملاك وسنان
| |
هل جئتم تأنسون بنا؟
| |
هل نعطيكم طرفاً من مرقدنا؟
| |
هل ندفئكم فينا من برد الليل؟
| |
نتدفأ فيكم من خوف الوحده
| |
حتى يدنو ضوء الفجر،
| |
و يعلو الديك سقوف البلدة
| |
فنقول لكم في صوت مختلج بالعرفان
| |
عودوا يا موتانا
| |
سندبر في منحنيات الساعات هنيهات
| |
نلقاكم فيها، قد لا تشبع جوعاًن أو تروي ظمأ
| |
لكن لقم من تذكار،
| |
حتى نلقاكم في ليل آت.
| |
مرت أيام يا موتانا ، مرت أعوام
| |
يا شمس الحاضرة الجرداء الصلدة
| |
يا قاسية القلب النار
| |
لم أنضجت الأيام ذوائبنا بلهيبك
| |
حتى صرنا أحطاب محترقات حتى جف الدمع الديان على خد الورق العطشان
| |
حتى جف الدمع المستخفي في أغوار الأجفان
| |
عفواً يا موتانا
| |
أصبحنا لا نلقاكم إلا يوم العيد
| |
لما أدركتم انا صرنا أحطاباً في صخر الشارع ملقاة
| |
أصبحتم لا تأتون إلينا رغم الحب الظمآن
| |
قد نذكركم مرات عبر العام
| |
كما نذاكر حلماً لم يتمهل في العين
| |
لكن ضجيج الحاضرة الصخرية
| |
لا يعفنا حتى أن نقرأ فاتحة القرآن
| |
أو نطبع أوجهكم في أنفسنا، و نلم ملامحكم
| |
ونخبئها طي الجفن.
| |
يا موتانا
| |
ذكراكم قوت القلب
| |
في أيام عزت فيها الأقوات
| |
لا تنسونا .. حتى نلقاكم
| |
لا تنسونا .. حتى نلقاكم
|
وتقول :
صباح الخير محمد
الهادي
أترشف قهوتي هذا
الصباح و لا أعرف مذاقها..لا أرى غير يدي تمتد للفنجان و تصل فمي في حركة لا
إرادية..
أسمع عصافير كثيرة على نافذتي تصورتها يوما تغني و تحيّيني تحية الصباح الرقيقة
لكني اكتشف الآن أنها تنتحب معي و تفتقد فرحا كان هنا
هذ الكون الشاسع كم نظرتَ إليه..و كم نظرنا لنفس السماء و نفس الافق..كم كانت لنا نفس الآمال و الأماني
هذه الأشجار في حديقتي كم لامستَ أوراقها و أنت تشيد بجمالها ..
هذا البيت ..هذ المطبخ ..كم جلست فيه و نحن نترشف القهوة و نتحدث..كم لاعبتَ أطفالي صغارا..و كم أحببتهم كبارا
و هذه أنا ...كم خفتَ علي و كم رجوتَني أن أعتني بصحتي من أجلك
و هذه أنا... كم أحس أنني وحيدة .غريبة و أنت لستَ معي
أسمع عصافير كثيرة على نافذتي تصورتها يوما تغني و تحيّيني تحية الصباح الرقيقة
لكني اكتشف الآن أنها تنتحب معي و تفتقد فرحا كان هنا
هذ الكون الشاسع كم نظرتَ إليه..و كم نظرنا لنفس السماء و نفس الافق..كم كانت لنا نفس الآمال و الأماني
هذه الأشجار في حديقتي كم لامستَ أوراقها و أنت تشيد بجمالها ..
هذا البيت ..هذ المطبخ ..كم جلست فيه و نحن نترشف القهوة و نتحدث..كم لاعبتَ أطفالي صغارا..و كم أحببتهم كبارا
و هذه أنا ...كم خفتَ علي و كم رجوتَني أن أعتني بصحتي من أجلك
و هذه أنا... كم أحس أنني وحيدة .غريبة و أنت لستَ معي
رحمك الله و ألهمنا
الصبر جميعا
(9)
الرحيل ..الرحيل ..هذا الذى يتشبث بنا ويقتنص منا أرواحنا ،فيعلو الوجوم الوجوه وتموت البهجة فى سويداء القلب .
الرحيل ..الرحيل..
وقصيدة غنائية فى الطريق للعظيم بابلو نيرودا :
فى الشاء الأزرق
أعدو
بجوادى
دون أن أدرى
أجول
منحنى الكوكب
الرمال
يطرزها
شريط سحرى
من الزبد
طرق
تحفها
أشجار الطلح ،
أكوام متربة ،
روابى ،
تلال عدائية ،
شجيرات برية
يلفها ،اسم الشتاء .
أيها الراحل لاترح ولاتغدو
أنت
فى الطرقات،
فى الضباب موجود.
راحل
متوجه ليس إلى اتجاه ،
ليس إلى موعد ،
بل ليس إلا
إلى عطر الأرض
،بل ليس إلى الشتاء
فى الطرقات.
لذلك أروح الهوينا
أعبرالصمت
ويبدو
أن أحدا
لايرافقنى .
كذب
تغلق الوحدة
عيونه
أفواهه.
...................
أيها الراحل ،
ليس ضبابا،
ليس صمتا،ليس موتا،رفيقك فى الطريق
بل أنت نفسك وحيواتك الكثيرة ."
.........................................................
ويشتعل حريق الذكرى متوهجا فى بؤبؤالعين وتعصف رياح الشوق إلى الشقيقين الراحلين ،وفى أعماق الوحدة ينثال الدم :
نحتاج القليل
منك
°°°°
أكتب إليك
اليوم
لأسأل عنك يا توأم الروح
كيف أصبحت؟
هل سألت عنا
كيف قضينا الأيام بدونك؟
لا تحزن
نحن بخير...لا
ينقصنا إلا قليلٌ منك..
نعم حتى القليل
منك يكفينا
الكل يسأل
عنك..
يدميهم
الانتظار
لا شيء تغير
هنا ..
غير أننا
احترقنا بنار الفراق..
لا شيء تغير
هنا..
غير أن النوى
يقتلنا...
و يرمينا بقايا
احتراق
أعود لِبيتي
غريبة ...
و قد تركتك
هناك
... ما أقساني...
كيف تركتك
وحيدا هناك؟
كيف لم أفتكك
من براثن الغربة
و المجهول؟
ناديتك هذا
الصباح و لم تجبني
عرفتُ حينها
أنك انقطعت عني
و إلى الأبد
°°°°°°
. رحمك الله و
ألهمني الصبر ..
الصبر منك يا
ربي..
الصبر منك يا
ربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق