بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 مايو 2016

صاحبى العجوز


كنت فى سنواتى الأولى أذهب إلى كتاب القرية لحفظ القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة. .وفى ذهابى وإيابى أمر على منزل فخيم جدا ويجلس، على دكة خشبية تحته حاشية نظيفة، رجل عجوز يرتدى جلبابا ابيض وطاقية قماش بيضاء ولحيته قصيرة بيضاء ووجهه أبيص مشرب بحمرة خفيغة. .أنظر نحوه ثم أواصل سيرى.
وفى يوم نادانى وسألنى عن إسمى فقلت له. .فقال :كم حفظت من القرآن؟
قلت جزء عم وتبارك وقد سمع.
فابتسم إبتسامة وردية وباركنى مشجعا إياى.
وهكذا تصاحبت عليه فقد كنت فى سن أحفاده. .ومرت الأيام والسنون وذهبت إلى المدرسة الإبتدائى وتغير طريقى لكن لم أنس وجه هذا العجوز المبتسم.
وأثناء حديثى مع جدتى أم أبى حكيت لها عن هذا العجوز الطيب الذى يضحك معى ويستمع لبعض سور القرآن أنلوها عليه فيثنى على ويدعو لى بالتوفيق.
وأتوجه بالكلام لجدتى :
ليه قاعد لوحده ؟
ترد جدتى : ده يعتبر زى جدك وكان عايش في مصر. .عالم من علماء الأزهر الشريف زميل شيخ الأزهر الشيخ شلتوت وكان له صيت وشهرة ولكنه ساب كل ده وجه عاش فى بيته والكل يحترمه ويخافوا منه لعلو مكانته والغريب إنه صاحبك وبيتكلم معاك وتقعد جنبه. .دا محدش من ولاده ولاقرايبه ولا أحفاده بيقرب منه. .
وتمر سنوات عمرى وينتقل صاحبى العجوز إلى مثواه الأخير ويشيعه كبار العلماء ويدفن فى مقبرته التى شيدها أثناء حياته. .وأمر اليوم على هذه المقبرة التى تقع على الطريق مباشرة وأتذكر صاحبى العجوز طيب الذكر وأدعو له بالرحمة.

أيام لاتنسى

بالتأكيد الكنيسة المصرية من أعرق الكنائس ...أدافع عنها كما أدافع عن المساجد، هما تاريخى وحياتى.
عشت صغيرا وتربيت بين عائلة مسيحية أرذوكسية وكانت أمى وخالتى صفية وخالتى فيكتوريا أخوات لأمى الوحيدة التي مات أبوها وتركها مع أخيها الطفل وأمهما. .ثم أعقب موت الأب موت الأخ الصغير ثم تزوجت الأم وعاشت أمى بين أسرة زوج أمها وأسرة أبيها ولما بلغت 15 ونصف سنة تزوجت والدى وكنت ابنهما البكرى ثم أتى من بعدى بنتان وأربعة ذكور.
كانت خالاتى صفية وفيكتوريا مع أمى معظم اليوم لايفترقن ،فى الخبيز والطبيخ والغسيل وتقليم الدرة ونقاوة الرز وتشريش البصل وجمع القطن. .وفى الزيارات العائلية والمناسبات الحزينة والمفرحة والأعياد.
تربيت مع أولادهما بشرى وهيلانة وعايدة ورفيق وملاك.

أصوم معهم صوم العدرة، كما كانوا يصومون معنا شهر رمضان، فلم نرهم يأكلون أمامنا طوال صيامنا.
والدى مع جدو حبيب والد فيكتوريا وصفية وسمير وإبراهيم وجد بشرى وعايدة وهيلانة ..
تذهب أمى مع خالاتى فيكتوريا وصفية يوم الأحد إلى كنيسة الملاك. .وتعود معهن. .سعيدات مبتسسمات ضاحكات.
تحكى أمى. .عندما شاهدنى القسيس بالكنيسة مع صفية وفيكتوريا رحب بى ترحيبا جميلا وقال لى :
نورتى بيت الرب.
وفى مرة طلبت الذهاب معهن، ورحت ممسكا بيد عايدة جميلة الجميلات والتى أخاف عليها من النسمة. .وحضرت الصلاة ورحت أردد :
كيرياليسون. .كيرياليسون.
أيام لاتنسى وسنوات خضراء فى ضميرى وعمرى.