بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 19 يناير 2017

روايات عربية وأجنبية فى قفص الإتهام

إلى بياتريس فى عليائها
"
قومى ...سأهديك تيجانًا مرصعةً
وأشترى لك مافى البحر من درر
وأشترى لك بلدانا بأكملها
وأشترى لك ضوء الشمس والقمر
"
نزار قبانى

لا أزعم ولم يخطر ببالى أن أكون ناقدًا أدبيًا ،فللنقد أصوله وعوالمه ومدارسه ..وأتذكر حكاية رويت عن العالمى نجيب محفوظ ،أنه عندما شاهد أعدادا من مجلة فصول الفصلية وتحتوى على دراسات وأبحاث عن النقد الأدبى تبسم ضاحكًاوساخرًا وقال:
ياااااااااااه هو النقد صعب كدا!!!!!!!!!!!!!!!!
فعلًا عندما تطالع بعض أعداد فصول لوجدت نفسك حائرًا ومرعوبًا من الدراسات الملغزة وكأنك تقرأ لوغارتمات وتشاهد مربعات ودوائرا ومصطلحات تقف أمامها عاجزا ويرتد البصر منك حسيرًا أسفا.
بصراحة ..قراءاتى فى الأدب ،قراءة متذوق وعاشق فمن ثم أكتب عما يجيش بصدرى ويدور بعقلى وعن ظروف الشراء للرواية والأوقات التى تمكنت فيها من قراءة الرواية وعن التراكم الثقافى الذى تشبعت به طوال سنوات عمرى وحتى هذه اللحظة .
بكل بساطة وبدون فذلكة وبدون تعقيد وتقعر ..
سأكتب عن روايات عربية نالت من الشهرة مالاتستحقها لمجرد الطعن فيها وفى مؤلفها وأخرى رائدة فى زمانها ويسبقها مجدها العالى..
كذلك عن روايات أجنبية مترجمة .
 السيدة بوفارى ..جوستاف فلوبير

...................
جذوة شغف تشتعل بداخلى ولاتنطفىء مهما كانت شدة ريح القسوة النقدية المتصاعدة ضد العمل الروائى الملعون.
هناك ومن جانبى تفاهم عميق يصاحبه رضاء مشفوع بالرحمة قبل مؤلف العمل الروائى الملعون المطرود من ساحة النقد البناء إلى ساحة الإعدام بمقصلة الخروج عن المألوف والأعراف والتقاليد وهتك منظومة القيم .
جوستاف فلوبير. .الروائى الفرنسى ذائع الصيت. .وروايته الفذة مدام بوفارى التى قام على ترجمتها الدكتور محمد مندور ونشرتها كما أذكر مطبوعة كتابى لحلمى مراد فى جزئين من كتاب الجيب ثم أعادت نشرهما روايات الهلال وملحق سجل كامل لمحاكمة الرواية ومؤلفها. .
عشت ساعات مع هذه الرواية وسجلا حافلا من محاكمة غير عادلة لعمل روائى ينتقد واقعا رديئا ويسعى للخروج من فاجعة قاصمة لكارثة تتكرر دون مواجهة ناجعة.
زوجة الطبيب المشغول عنها معظم الوقت ومحاولاتها البائسة فى إقتناص لحظات الفرح التى تصادف عزوف تام عن الذوبان فيها أو الاقتراب منها، فتنغمس فى علاقات مشبوهة وتسقط فى مستنقع الغواية والفجور وتنحدر من سيىء لأسوأ. .وتسعى إلى التخلص من حياتها.
شاهدت فيلما فرنسيا عن هذه الرواية ..ولكن صدى هذه الرواية ظهر واضحا عند تشيكوف فى قصته الجرادة وعلى ورق سلوفان ليوسف إدريس. .والتشابه يكاد لا يختلف. .فكلهم أطباء وزوجاتهم ملولات ضيقات الصدر يبحثن عن متعة ولذة. وحياة.
رواية عصفت بصاحبها ..وكتبت له الخلود.







وليمة لأعشاب البحر ..حيدر حيدر
.......................
وليمة لأعشاب البحر. .أشعلت حربا شعواء وانقسم المثقفون حيالها. .بين مؤيد وبين معارض، بين لاعن وبين مادح.
نشرتها الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن روايات الإبداع العربى.

وليمة لأعشاب البحر. .قرأتها مرة بعد مرة. .رواية طويلة مملة تحكى عن حرب التحرير الجزائرية. .نشرها السورى حيدر حيدر ولم تلق اهتماما ن قديا. .وحين نشرتها الهيئة العامة لقصور الثقافة أصبحت القنبلة التى هزت عروش النقاد والكتاب.
ذات صباح رمادى . .طالعت جريدة الشعب التى تصدر عن حزب العمل بقيادة إبراهيم شكرى..والصفحة الأولى مانشيت العناوين أعلى الصفحة وبخط عريض جدا."من يقاتل معى فى سبيل الله. ...."
قلت لنفسى :ها نحن سنحرر فلسطين. .
ثم قرأت مقالة ضخمة بالصفحة الثالثة بقلم دكتور الأشعة محمد عباس. .يصب نقدا جارحا ومشينا على وليمة لأعشاب البحر. .وعبر صفحة كاملة يسحق كاتبها ويصفه بالمروق والخروج من الملة ويدعو لمقاتلته والقضاء عليه لماتحتويه من التعرض للذات الإلهية من إهانات وأيضا النبى محمد صلى الله عليه وسلم.
وطار صيت الرواية الملعونة وأصبحت حديث القاضى والداني وسعى الكثيرون للبحث عنها وهى الرواية خاملة الذكر.
ومحمد عباس. .طبيب أشعة وله مركز عباس سكان بمدينة طنطا وكتب الكثير الكثير من المقالات المناوئة للسلطة وهو قيادى فى حزب العمل. .ونشر عدة كتب ضد أمن الدولة.
المهم أن الرواية الملعونة حازت شهرة فى الحقل الثقافى لم يكن يحلم مؤلفها ،فى يوم من الأيام، أن تحظى بكل هذا الاهتمام الغير مسبوق.

والآن وبعد سنوات من هذه الضجة المفتعلة عن الرواية، ولاأبرئ محمد عباس من إحداث ضجة مفتعلة بقصد شهرة صاحبها ووضعه فى مصاف الروائيين العظام والمضطهدين فكريا. .ومن جانب آخر توجيه إتهام صريح للسلطة بنشر الكفر والإلحاد. .ومن جانب ثالث التوزيع الفلكى لجريدة الشعب التى لم تكن سوى نشرة رديئة ورقيعة ومسفة ،لما يدور فى مصر ،والمتراكمة بلا بيع.









برهان العسل ...سلوى النعيمى
....................
تجبرنى ذاكرتى الخؤونة إلا أنسى رائعة كفاكيس"
فى انتظار البرابرة "قرأتها مترجمة لأكثر من مترجم واستعذبت ترجمة شاعرنا ومترجمنا الكبير رفعت سلام فى ترجمته الكاملة لأعمال كفاكيس ،لهذه القصيدة الفارهة . مالذى ننتظر ،ونحن محتشدون فى الساحة العامة ؟
من المنتظر وصول البرابرة اليوم .

لماذا لايحدث أى شىء فى مجلس الشيوخ ؟
لماذا يجلس الشيوخ هناك دون سن القوانين ؟
لأن البرابرة سيأتون اليوم .
فأى قوانين يسنها الشيوخ الآن ؟
فعندما يصل البرابرة ،سيتولون سن القوانين
..........................

.........................
..........................
والآن ماالذى سيحل بنا بلا برابرة ؟
لقد كان هؤلاء الناس، نوعا من الحل.
.

حاولت أن أنقل بعض أبيات هذه القصيدة ،ثم ختمتها بالتساؤل المدوى .
لا أستغرب وجود هذه السطور السابقة، وأنا سأكتب عن رواية ملعونة وخارجة عن المعتاد والمألوف ،فزعمى أن جميع الأشكال الأدبية تتضافر بعضها مع البعض ,
أو فلنقل أنها تداع لأفكارمتجانسة تثقل العقل وتشغله .
أو أنها مقدمة خطرت على بالى فكتبتها دون وجود رابط بينها وبين ما أكتبه .

الكتابة عن الجنس رجس من عمل الشيطان وفعل محرم عظيم التحريم ومحظور حظرا تاما الكتابة عنه وإلا خدشت حياء المجتمع الفاضل وتنكبت السبيل وخرقت منظومة الآداب والأخلاق العامة وكان مصيرك قفص الإتهام والحبس بين جدران أربعة ..كمجرم إرتكب جريمة شنعاء .
وأخجل وأنا متعاط للقانون وساهر على تطبيقه ومحاولة تبرير الفعل الآثم لمرتكبه ،أن أقف موقف الناقم والناقد والرافض لمحاكمة الخيال وسحقه ومحقه وتجريحه ووضعه فى قانون العقوبات .
الخيال فرصة ثمينة للعقل البشرى وانعتاق للروح من أسر الجسد .
برهان العسل ..محاولة جريئة لتحطيم الأسوار الفولاذية حول الحديث عن الجنس والولوج إلى هذا العالم السحرى المشتهى والممتع والاصل الأصيل لإستعمار الكون وعدم فناء البشرية .
من منا لم يقرأ ،فى صباه ،عن الجنس ؟
من منا لم يتلصص ويطأطأ أذنيه لكى يلتقط كلمة من هنا أو هناك عن هذا العالم الغامض المحفوف بالمخاطر والمحوط بالأسرار ؟
عن نفسى ..وفى سنوات التكوين ..قرأت الكثير والكثير عن هذا العالم الغامض لكتابات تافهة مثيرة ومهيجة وأخرى رصينة وموضوعية وعلمية بحتة .
سلوى النعيمى ..كاتبة سورية تعيش فى فرنسا ..أحزنها أنها عندما تتحدث عن الجنس فى مجتمع ما يعتريها الخجل للحديث باللغة العربية فتتحدث عنه بلغة أجنبية .
سلوى النعيمى ..حاولت الولوج لهذا العالم الغامض ..فى يومنا هذا ..بالعودة إلى التراث العربى والعالمى للكتابة عن هذا العالم الغامض.
قرأت هذا الرواية أو قل الكتاب منجما منشورا فى موقع على الأنترنت ..ثم إبتعت الكتاب وضممته لرفوف مكتبتى مع الروايات الملعونة.
سلوى النعيمى ..خاضت فى تراث جنسى مكتوب ومنشور لأئمة الفقه الإسلامى ..مئات الكتب ..رضى عنها المجتمع حين نشرها وتقبلها بقبول حسن ،ولكن فى عصرنا وأيامنا أصبحت اللعنة والجريمة والمصيبة التى تهز أركان المجتمع وتقوض دعائمه الأخلاقية والتربوية ..
سلوى النعيمى ، ومن وجهة نظرى المتواضعة ،لم تكتب رواية ،فللرواية عالمها الخاص ،وإنما هى رحلة قراءة مع كتب الجنس العربى ..
وأزعم أن الثورة التى قوبلت بها هذه الرواية وكاتبتها ،كما هو مكتوب على غلافها الخارجى أو ما أزعم أنها رحلة أو جولة سياحية مرحبة فيها بما كتبه الأقدمون ولاعنة ماتراه وتسمعه لواقع آنى مأزوم ومقموع ومقهور ،هى ثورة مفتعلة لأدعياء الفضيلة والنقاد المزيفين والقراء المفلسين فكريا وأدبيا وحراس القيم والأخلاق المنتهكة ،كل لحظة أمام أعينهم ،جعلت من هذا الكتاب أيقونة ثورة تحريضية للتحررمن الكبت المفروض عن الولوج لعالم الجنس ووضعت كاتبته فى مصاف الروائيين العظام المضطهدين فكريا .