بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 26 يناير 2016

مرثية عشق قديم


(1)


أيقنت فى سالف أيامى ،
أن حزنى عقيم
وأن ما نلقاه لانبغيه
ومانبغيه لانلقاه
وأن قاربى لن يستطيع الوصول إلى مرفأ الأمان
وأن قلبى يظل جمرة مشتعلة بالألم
وأن ألمى يملأ كل روحى
أعرف حبيبتى
أنك حزينة ..حزينة ..حزينة
وأن أشجار الخوف تنمو وتترعرع
وأن الوصول والتواصل
مستحيل
مستحيل


(2)


مثلما يأتى الموت بغتة 
يأتى الحزن فجأة 
ويجلدنى الحنين إليك
وأصبو لهمساتك الحنونة الودودة
ولمساتك العاشقة .
(3)


ذات مساءٍ 
خِلتُ أننى فقدتك 
ومنذ هذا المساء
يعتصرنى الألم
واحتفظت بأمل ومعجزة تتحقق
لكن الخوف نفذ إلى جسدى شظايا
حطمنى وتركنى أشلاءًا
هباءًا منثورًا.


(4)

ذات مساءِ
خِلتُ أننى فقدتك
ورحت أطالع صورتك فى قلبى
وجدتك حبيبتى
بعيدةً بعيدةً
إختلط الماضى بالحاضر
والحاضر بالمستقبل
وسعى المشيب إلى روحى
وأحرقنى اللهيب
وصرتُ رمادًا تذروه الرياح.
(5)

وتأكدت أخيرًا
أننى فقدتك
وأننى واهم
أبحث عن الوهم
وأننى محطم
أجمع أشلائى المتناثرة
وأننى مهزوم
مهزوم
مهزوم.

(6)


أنا لا أريدك 
فابتعدى عنى
أنا أسعى للخلاص منك
أنا لا أريدك ..لا أريدك
سأحمل روحى على كفى
وأطهر نفسى وعقلى
أنا
لا
أريدك.

فى صحبة أستاذ جليل.. ذكريات وأحاديث


1
منذ مايقرب من أربعين عامًا، تعرفت على أستاذ جليل ،وكان اللقاء بمكتب أستاذى المرحوم حلمى العقاد المحامى، كنت شابًا طموحًا يدفعني طموحى للبحث عن المستحيل وتغرينى ثقافاتى، آنذاك، التعرف على الشعراء والأدباء والمثقفين وأحمل فى صدرى نهمًا معرفيًا لابهدأ ولايشبع ولايرتوى.
عرفنى أستاذى بالدكتور عبد الوهاب كامل. .وأوكل لى قضيته والتعامل معه بشأنها.
ولا أنسى كلامه وهو يقول لى:
الدكتور عبدالوهاب كامل زى حالاتك وتقدر تتفاهم معاه!!!!!
وكان يعنى رحمة الله عليه أن الدكتور عبدالوهاب كامل عائد من روسيا بعد حصوله على درجة الدكتوراه في علم النفس وأننى من الشيوعيين وفقًا لكلام خطيب بنته الملازم أول شرطة أسامة المراسى والذى علا نجمه وهوى بعد ثورة25 يناير 2011 مع حبيب العدلى. وكان بأمن الدولة.
المهم. .أن علاقتى بالدكتور عبد الوهاب كامل لم تنته ولكن إستمرت منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي وحتى الآن.
اليوم...ولحسن الصدف تقابلت معه وهو خارج من نادى طنطا الرياضى وانا داخل ،فأستوقفته وطلبت منه العودة معى لشرب الشاى وتبادل الأحاديث. .ولبى الدعوة راضيًا وقرر أنه عزمنى على الشاى. ..وطال الحديث بيننا لساعتين.
ولى عودة. .....

2
الدكتور عبد الوهاب كامل ومنذ ذلك التاريخ صار صديقا عزيزا يمتاز بالصدق والعفوية والثقافة الرفيعة ويوم نقلت مكتبى فى أوائل التسعينيات من القرن الماضي فى شارع المديرية بطنطا، لم يكن يمر يوم أو يومان إلا وأجد سكرتيرة المكتب تطرق الباب وتقول:
الدكتور عبدالوهاب كامل.
فأقوم من على مكتبى لاستقباله وأجلس بجواره ويمتد الحديث فى كل ما يدور حولنا.
والدكتور عبد الوهاب كامل ..تدرج في كلية التربية جامعة طنطا حتى صار عميدا لها.
والآن. .الأمين العام للجنة العليا لترقيات الدكاترة للحصول على درجة أستاذ مساعد ودرجة الأستاذية.
3
نظرا لاهتمامى بالتعليم ونشاطى التطوعى فى مجالس الآباء وعضويتى التى حتى تاريخه مستمرة.
وعلاقتى بكلية الآداب والتربية بجامعة طنطا علاقة وثيقة جدا لم تنقطع رغم المشاغل الكثيرة.
فالدعوات لحضور المؤاتمرت العلمية والأدبية تصلنى ولزاما على تلبيتها لثرائها الفكرى والثقافة والعلمى.
كان قسم رياض الأطفال من عظيم اهتمامى ورئيسه الدكتور محمد متولى قنديل من أرق الناس خلقا واحسنهم علما.
كنت عضوا فعالا وحضورى الندوات وتعرفى على المناهج الدراسية والدكاترة وطلاب الدراسات العليا وطلبة وطلاب القسم .
وفى خلال هذه الفترة. .تعرفت على الدكتور صلاح ترك الأستاذ بكلية الآداب بالوادي الجديد وكنا معا نحضر الندوات والمؤتمرات ويتم تكريم الفائزين من الطلاب والطالبات وأيضا كتاب مصر ومبدعيها، محفوظ عبدالرحمن ويعقوب الشارونى ومحمد جبريل وغيرهم.
كان الدكتور عبد الوهاب كامل. .عميد الكلية ونجم الندوات يديرها بحب وأريحية وبساطة والابتسامة لاتغادر وجهه.
تستمر الندوات عدة ساعات وتناقش فيها كل الاسئلة ثم يتم التكريم وسط مهرجان الفرح والسرور.
وتم تكريمى وسط تهليل الطلبة والتصفيق وأصعد المنصة ويقابلنى الدكتور عبد الوهاب كامل فاتحا ذراعيه مهللا وضاحكا ومقدما إياى :
صديقى وأخى العزيز الأستاذ الجليل عبدالرؤوف النوبهى المحامى الذى شرف الندوة وشرف كليتنا.
ثم يسلمنى شهادة تقدير أعتز بها مع شهادات أخرى حصلت عليها فى أعوام لاحقة.


4
توطدت العلاقة بيننا، ويمتاز الدكتور عبدالوهاب كامل ببشاشة وجه متألقة واستقبال حار لمن يعرفه ولغة عذبة وابتسامة كالشمس ساطعة فى كبد السماء وثقافة موسوعية علاوة على دراسته فى علوم النفس وأبحاثه العديدة.
أصدر كتابه الأول فى سنة 1978م وأهدانى إياه. .
الأحاديث بيننا لاتنتهى بعدما صرت المكلف بقضيته وما أكثر اللقاءات التى تجمعنا وتدور المناقشات الجادة فى فترة دراسته في روسيا والاتحاد السوفيتي آنذاك أحد القوتين العظميين فى الكرة الأرضية،كنت مدفوعا دفعا أن أعرف كيف يعيش شعب الاتحاد السوفيتي؟
ففى خلال دراستى بكلية الحقوق جامعة القاهرة.من سنة 1973م .سنوات الجمر والثورة التى تمور بعقلى وحرصى على النبش فى ذاكرة التاريخ ومعرفة حقائق الواقع وتجلياته في مصر والعالم .
وتصادقت مع الجماعات الإسلامية في الجامعة وتعرفت على من صاروا قيادات فى السنوات اللاحقة مختار نوح وعبدالمنعم أبو فتوح وغيرهم وحضرت ندواتهم وعشت بينهم سنتين ولكن لم أستطع الصمود معهم لجمودهم الفكرى وفقرهم الثقافى وحلمهم المستحيل فى عودة الخلافة الإسلامية وتحكمهم القاهر فى فرض الوصاية على العقل من قراءة أو كتابة أو أحاديث أو صداقة.
ونظام السادات قد وفر لهم الأجواء ومنحهم الفرص فى الانتشارالواسع حتى أصبح عبدالمنعم أبوالفتوح رئيس إتحادطلاب جامعةالقاهرة.
ومن كان رئيس إتحاد طلاب جامعة القاهرة يصبح رئيس إتحاد طلاب جامعات مصر .
إستقوت هذه الجماعات بمعونة ومدد من السلطات الحاكمة وصار يطبعون كتيبات عن سيد قطب والبنا والهضيبى والمودودى ووحيد خان ..عندى منها الكثير حتى تاريخه .
كنت أشعر أنه نظام إستبدادى حديدى وقفص حديدى، من دخله فعليه أن يترك نفسه بين أياديهم يشكلونه فكريا وثقافيا ومظهريا وحياتيا ،كما يريدون ،وما عليك إلا السمع والطاعة ولاتجادل ولاتعترض ولاتمتنع عما يفرضونه عليك.
وخرجت من سجنهم الحديدى غير مأسوف على، فأنا متمرد عليهم وأحاول الاحتفاظ بحريتى معشوقتى.

5
كانت لقاءاتى بالدكتور عبد الوهاب كامل من أمتع اللقاءات لحيويتها ودفئها وبساطتها وثرائها العلمى والفكرى.
أنكشه فى موضوع ما ثم أنتظر فيض المعلومات والمقارنات والوضوح والشرح وضرب الأمثلة .
سألته مرة عن أيام دراسته فى روسيا فى سبعينيات القرن الماضى ،فقال:
حاولت الحصول على أكبر قدر من العلم على الأقل في مجال تخصصى، فقد كنت متقنا للغة الروسية وتعاملى مع الشعب الروسى وهو شعب عظيم جدا، محب لفعل الخير ومتعاون إلى أقصى درجة، فلو سألت عن طريق أو مكان لوجدت الكثير منهم يدلونك إلى ماتريد ووجوههم مبتسمة.
قاطعته.. هل قرأت الأدب الروسى؟
رد غاضبا :
طبعا دستافسيكى وجوجول وغيرهم قرأت الكثير والكثير.
قاطعته مرة ثانية هل زرت البولشوى؟
نظر إلى ساخرا ممتعضا وقال:
الريبراتوار كاملا. .فالعثور على تذكرة شيء عزيز المنال. .كنت استمتع أى استمتاع واضحك مع مايدور على المسرح حتى أن الجالسين بجوارى ينظرون إلى عجبا. .ولسان حالهم يقول هل هذا الأجنبى يتجاوب مع الرواية ؟ ولوكلمونى لقلت لهم طبعا انا أتجاوب وأفهم لأنى أعرف لغتكم حق المعرفة.
وأعظم هدية تقدمها لإمرأة أن تعطيها تذكرة للبولشوى.
قلت له :
ما رأيك في الشيوعية؟
تأملنى جيدا ثم قال:
قال راسل إذا أردت أن تتعلم الشيوعية فاذهب إلى السربون، وإذا أردت أن تكره الشيوعية فاذهب إلى روسيا .
كل شيىء متاح إلا إنتقاد الحزب، فلاحرية سياسية.
6
قلت:
برتراند راسل ابن حضارة استعمارية متوحشة شربت دماء شعوب العالم ونهبت ثرواتهم ودمرت حضاراتهم وصنعت عقولا تدين بالولاء لهم وولابد أن يكون ممن يكرهون الشيوعية ويشمتون فيها ويوجهون سهامهم المسمومة وهو سليل أسرة ارستقراطية تربى فى مجتمع الوفرة والليبرالية السياسية والسلطة التى تنتقل بين حزبين، العمال والمحافظين،وكلاهما لايختلف عن الآخر وهو أقدم الملكيات الحاكمة. .أما روسيا. ...
فقاطعنى سيادته قائلا:
هذا فيلسوف ويرى الأمور بعين محايدة ..ثم هذا رأيك وله كل الاحترام. ...ثم صمت قليلا واستطرد مكملا:
لقد عشت في بطرسبرج وتقابلت مع من يقودون الآن روسيا فلاديمير بوتين على سبيل المثال. .كان مسؤولا مع أخرين عن البعثات الأجنبية وكان شابا صغيرا فالفرق بيننا فى السن حوالى 15 سنة أو أكثر.
المهم. .أن الشعب الروسى شعب متعاون جدا ومحب للشعوب الأخرى ما دخل دولة إلا وأقام المشروعات العملاقة في مصر مثلا السد العالي والحديد والصلب بحلوان. ....فقلت مضيفا:ومصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى والأسلحة فى حرب اكتوبر 73..عدا الجانب الثقافى فى نشر الأدب والثقافة والعلوم الإنسانية والاجتماعية والثقافية والموسيقية والفنون الجميلة مترجمة للعربية. .
كنت أمر على المركز الثقافى الروسى للحصول على أعمال بوشكين وجوركى وتولستوى وتورجينيف. ......ودستوفيسكى والمجلات العلمية المتخصصة في مجال التعليم و التربية والزراعة والتصنيع، شعب يعشق ثقافة البناء والتعمير والتنوير
يضحك ويغرق فى الضحك وقول:
أما أمريكا إذا دخلت دولة قلبت حياتها رأسا على عقب فلا مشاريع ولاخدمات ولايحزنون ونشر ثقافة الهدم والفرقة والتحزب وفن إراقة الدماء .