بحث هذه المدونة الإلكترونية
الاثنين، 17 نوفمبر 2014
ثلوج سانت كاترين (14)
(14)
سانت كاترين 1982م
وذات ليلة والقمربدراً والهدوء بشمل الكون من حولنا والخيام (مربع ناقص ضلع )والحراسة الليلية فى حالة استعداد قصوى تنفيذاً للأوامر ..
كنت جالساً وحدى أمام الخيمة ، العساكر نائمون والصمت هدير صاخب من حولى .
.يستيقظ مصطفى ويدنو منى : مشغول بإيه ؟يقول لى ..فأدعوه إلى الجلوس وأنادى عسكرى الخدمة أن يمدنا بكوبين من الشاى وكعادة مصطقى يشعل سيجارة لنفسه ويقدم لى سيجارة ..وأقول له :
كنا طلبة وطالبات بجامعة القاهرة ،والحديث عن حرب أكتوبر والتدخل الأمريكى الصارخ والضغط على مصر لقبول أوضاع عسكرية مهينة ومحاولة إلهاء الشعب عن مشاكل حرب أكتوبر وإثارة ماضى ثورة 1952م والنبش فى الأوراق واستدعاء الذاكرة التآمرية وعودة محمد نجيب إلى الحياة السياسية ،وتنامى المد الدينى الجهادى وشكرى مصطفى والحديث عن الخلافة وجاهلية المجتمع وغزو الجلابيب البيضاء واللحى للحرم الجامعى وصعود أمن الدولة إلى القمة ،ونشاة نادى الفكر الناصرى برئاسة الدكتور رفعت المحجوب .
لكن سيطرة السياسة على الحياة الجامعية لم تمنع من توهج مواهب أدبية وشعرية ، بدت كالشهب ، على قنديل المولود فى 5/4/1953-بكفر الشيخ ،ورحل عن دنيانا 17/7/1975إثر حادث مروع إذ صدمته سيارة طائشة ، فى عز الظهيرة ، محققة نبوئته .
فى جامعة القاهرة ، والغليان الطافح فى كل مكان ، وهزيمة يونيو 1967المدوية الساحقة تدق الأبواب وبقسوة ، والطلاب يحلمون بيوم النصر ويستعجلونه ، كانت سيناء مدنسة بالعدو الصهيونى والعالم الحر يتفرج على خيبتنا وهزيمتنا ،ورغم العبور إلا أنه كان منقوصاً.
جامعة القاهرة ،الإسم المدوى والصرح الخالد خلود الأهرام ، نفخر بها ونهيم بأروقتها ، ونكاد لا نفترق عنها إلا لنعود إليها ، وحركة الطلاب لا تنتهى ما بين مجلات الحائط والندوات والمحاضرات ، والأساتذة الدكاترة مع الطلاب لا يفترقون .
إنه الهم الوطنى والقومى ، إنها مصر العروبة ، مصر المحروسة ، مصر الحضارة والتاريخ .
على يوسف قنديل، شاعر كلية الطب ،النابغة الذى حمل مشعل الشعر وهاجا ، وتركه أشد توهجا ، ابن القرية المصرية ، أتى من ساحة الفقراء وبيوتهم وشوارعهم وحواريهم وأزقتها الأشد فقرا ، كأنه الفارس المنتظر ، بعبقريته وتفوقه ونبوغه ينتزع له مكانا ومنزلة وموقعا متميزا فى ساحة الشعر .
كم حسب السنين
أيها المنتظر؟
منذ بدء الظلام
قابع فى المقر
ما الذى ترتجى ؟
أرتجى مشرقا
قادما من سفر
هل شحذ ت العيون
كى ترى طلعته ؟
منذ بدء الظلام
قد فقدت البصر
أنا مهنتى :
إحتضان الأمل
مامعانى الأمل ؟
أن وجه الصباح
سوف ،وما ،يطل
الغريب ..الغريب
أن وجه الصباح
كل يوم يجىء
فاعلن ..فاعلن
فاعلن
فاعلن
كنت أسمع أشعاره ، والبصيرة المستيقظة المستنفرة ، وقصائده المشحونة بالكشف عما سيكون وما تؤول إليه الأمور ، كانت خارج السياق والسباحة السهلة فى نهر الشعارات والأناشيد العاهرة والتراتيل التى تكرس الواقع المزيف ، والنضال الكلامى فى غياب منظومة الفكر الثورى ، نتبادل القصائد بلهفة وشوق .
هذا الشاعر النابغة الذى وددت أن أراه ، وسعيت ورائه ولم يسعفنى وقتى وزمنى ، للسفر من طنطا إلى القاهرة يوميا ، والإرتباط بمواعيد القطارات ، فلم تكن لدينا القدرة على إمتطاء السيارات ، فقد كانت ترفاً وحلماً صعب المنال.
وفؤجئت بمصرعه من الأصدقاء، والحزن يمزق نياط القلب وتهمى الدموع تهدأ من نار الألم المتوحش والضارى .
وفى لحظة التمرد والثورة ، وفى إخضرار أوردتى ،وشهوة الحياة ، ونضارة السؤال ، لماذا يموت على ؟؟؟
ألأنه الشاعر المقتحم مساحات الظلام ؟؟
ألأنه إخترق التواطؤ الصامت على عهر القصيدة ؟
لماذا يموت الشاعر ؟؟؟؟
تفجر فىَ السؤال ،ولم أجد إجابة .
وسنواتى العشرون ، ترهقنى وتزلزل يقينى .
ويرد علىّ مصطفى ..هكذا كتب علينا أن نكون أكبر من حقيقتنا ..هذا قول صديق طفولتك ألبير كامى !!
ألم تقل لى ذلك!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رسالة أحدث
رسالة أقدم
الصفحة الرئيسية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق